ودّعت تركيا يوم الثلاثاء 7 يونيو 2022 أحد كبار الشعراء وكتّاب أدب الأطفال إلى دار البقاء. لقد توفي مولانا إدريس زنغين؛ أحد كتّاب أدب الأطفال البارزون القلائل الذين نشأوا في تركيا خلال القرن الماضي، عن عمر يناهز 56 عاما أثناء علاجه في ولاية قهرمان مرعش (جنوب). خضع مولانا إدريس لعملية في القلب وجرى تغيير وضع 4 من أوعيته الدموية، لكنه فارق الحياة، على الرغم من كل الجهود التي بذلها الأطباء لإنقاذه.
ولد مولانا إدريس عام 1966 في قضاء أَنديرين التابع لقهرمانْ مرعش، وشارك الآلاف من محبيه في تشييعه من جامع أيوب سلطان التاريخي بولاية إسطنبول. ألّف مولانا إدريس ما يزيد عن 70 كتاباً للأطفال، وتُرجمت كتبه إلى اللغات الألمانية والإنكليزية والصينية واليابانية والفارسية والعربية والأوردية والمجرية، وتحولت بعض حكاياته إلى أفلام رسوم متحركة لتُعرض في القنوات التلفزيونية. وتشرف دار نشر في ألمانيا على ترجمة الكتب التي ألّفها ضمن سلسلة «الرجال الغرباء»، إلى 9 لغات تمهيدا لإصدارها. كما حصل مولانا إدريس على العديد من الجوائز، منها جائزة أدب الأطفال الممنوحة من قبل دار غوكيوزو للنشر عام 1987 عن كتابه الشعري «طفولتي المفعمة بألوان العصافير»، وكذلك جائزة أدب الأطفال من اتحاد الكتّاب الأتراك عام 1998 عن كتابه «متجر الرعب»، فضلا عن جائزة دولية قدمتها مجلة «لغتي التركية» الصادرة في كوسوفو/بريزرن عام 2008، وهي جائزة تمنح للمساهمين في إثراء اللغة التركية.
يعتقد إدريس أن عقول الأطفال والشباب يجب أن تتشكل من خلال الحكايات والألعاب والرسوم المتحركة التي تعكس القيم الخاصة بمنطقتنا
كما حصل مولانا إدريس على لقب «أنجحْ كاتب لأدب الأطفال» عام 2011 من مؤسسة بيريكيم للتعليم، وكان عضواً في مجلس الاستشارات والنشر المعني بكتب الأطفال، الذي تم إنشاؤه برئاسة مصطفى روحي شيرين، أحد أشهر كتّاب أدب الأطفال. وتناولت قصته 5 دراسات علمية جامعية في العاصمة المصرية القاهرة، والعاصمة الألمانية برلين، وولايات إسطنبول وجَناق قلعة وأَرضروم في تركيا. وشارك مولانا إدريس في مؤتمرات وفعاليات مختلفة حول أدب الأطفال في العديد من المدن حول العالم بينها، فرانكفورت ودمشق وكولونيا وبودابست وبريشتينَا ولندن وبكين. وعمل أيضا بصفة مستشار ومؤلف للعديد من الأفلام الوثائقية. وكان لفترة من بين كتّاب النصوص للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. كان مولانا إدريس يؤكد على أهمية تنشئة أجيال المستقبل والدفاع عن حقوقهم، بدلا من الانشغال بشؤون الكبار، وقد أصدر مجلة للأطفال تحمل اسم «تشيتو»، بجانب كتب الحكايات. وكانت المجلة التي نشرت فيها المقالات والقصائد والقصص والذكريات والرسوم الخاصة بالشباب في المراحل الإعدادية والثانوية والجامعية، تتبنى شعار: «إذا كنت ذا عقل فلا تكبر». ويعتقد إدريس أن عقول الأطفال والشباب يجب أن تتشكل من خلال الحكايات والألعاب والرسوم المتحركة التي تعكس القيم الخاصة بمنطقتنا. حزن أطفال تركيا وأولئك الذين كبروا ولا تزال أفئدتهم مفعمة بالطفولة على فقدان مولانا إدريس، صاحب الروح الهادئة والمخلصة والجميلة.
اعتلى مولانا إدريس عرش الآلاف من القلوب بقصائده الشعرية وحكاياته، وقدّم مساهمات كبيرة لأدب الأطفال في العالم إلى أن فارق الحياة وغادر هذه الدنيا الفانية. يمكننا اختصار وصفه بهذه العبارات: كان هادئاً، حزيناً، شاعراً، كريماً، درويشاً، رصيناً، خجولاً، حكيماً، طفلاً، مهموما، مُنكِّتاً، لطيفاً وأنيقاً…
خلاصة الكلام؛ كم من شخصيات جميلة مثل مولانا إدريس يودّعهم المشرق إلى أحضان الأرض، يبذل هؤلاء الأبطال المجهولون في المشرق جهودا حثيثة لكي يتبوأ كل منهم مكانا ما في هذا العالم ولكنهم مع الأسف يغادروننا بصمت، من دون أن يحظوا بالدعم اللازم، لا في بلدانهم ولا على مستوى العالم. بينما كنا جالسين معه ذات يوم، قال لنا أحد الكتّاب الغربيين: «لو أن مولانا إدريس كان كاتباً غربياً، لكان قد استحق جائزة نوبل عن هذه الحكايات الرائعة منذ زمن طويل». لكن لسوء الحظ، هاجر مولانا إدريس إلى دار الخلود، كما عدد كبير من أشهر أدباء المشرق، من دون أن يحصل على جائزة نوبل، لكنه رغم ذلك سيظّل إلى الأبد بطلًا في نظر الناس.
دعونا نختتم مقالنا بأبيات من قصيدة «تأخرت» لأستاذنا الجميل الراحل مولانا إدريس:
آآه كلّ شيء سيبقى هنا إذاً،
هذه الشمس التي تمدنا بالدفء،
المنازل التي بنيناها بحرص،
الأيام التي عشناها لأجل الحب،
مشقّاتنا،
آلامنا العزيزة تلك، والحروب،
كلّها إذن!
ستبقى هنا؟
يعني حياتنا كانت عبثاً،
كان الأجمل أن يكون المرء قلباً حراً».
كاتب تركي
ربما سعيد حظ من لا يأخذ جائزة “صاحب مصنع الداينامايت الفتاك في البشرية” لأن هناك سؤال في الآخرة عن المال “من أين اكتسبه وفيم انفقه!”
اولا” رحمة الله علي المتوفي و شكرا” علي التعريف به.
لكن ماذا ستعمل له جائزه نوبل (بغض النظر عن بعض المال و ربما اكثر شهره و خاصه في الغرب) لكنها لن تطيل في عمره . لماذا يطمح البعض في تقدير و جوائز الغرب اكثر من التقدير و الجوائز المحليه. هل هو استعمار ثقافي ام شعور بالنقص مقارنة بالغرب؟؟؟ من خلال المقال لقد حصل المرحوم علي تقدير وطنه و شعبه و هو الاهم.
له الرحمة فهو من اعلام أكبر دولة اسلاميه في التاريخ…
أنا أم من تركيا و أتعلم لغة عربية في جامعة غازي.
قرأنا حكايات مختلفة من مولانا إدريس مع أطفالنا.
لَقَدْ تَأَسَّفْتُ جِدًّا لهذا خبر سيئ.
أتمنى لو تُرجم بعض حكايةه إلى لغة العربية.