لندن- “القدس العربي”: يناقش الباحث في معهد بروكينغز، شادي حميد بمقال في مجلة “أتلانتك” أن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية قد تكون أي شيء ولكنها ليست غير متماسكة، ففي جوهرها عملية إعادة ترسيم الفروق بين ما هو عدو- صديق من خلال مضاعفة الدعم وبدون شرط للحلفاء مثل السعودية وإسرائيل وتركيز الغضب بشكل كامل على إيران. ويضيف الباحث قائلاً إن رهان ترامب الكبير على الحاكم الفعلي للسعودية الأمير محمد بن سلمان يجعل من اختفاء واحتمال اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول حدثاً “وحشياً”. وبالنسبة لترامب فإن هذا شخصي، فصهره ومستشاره جارد كوشنر عمل على تطوير علاقة مع “م ب س” كما يعرف ولي العهد السهودي حيث رأى فيه شريكاً قوياً لعزل إيران وتخفيف حدة العداء العربي لإسرائيل.
وفي عالم ترامب يجب التعفف عن نقد الأصدقاء من العرب الديكتاتوريين قدر الإمكان، خاصة عندما يتعلق الأمر بأولويات الإدارة المتدنية مثل حقوق الإنسان. ويضيف الكاتب أن سياسة عدم التدخل جرأ وقوى “م ب س” وبنتائج مدمرة خلال العام والنصف الماضي وهو ما ذكر أن منظور الضغط الأمريكي- إن لم يكن الضغط الحقيقي – يقدم ضبطاً على الحلفاء.
وما يثير الدهشة هو الموقف السعودي الذي لم يكن مهتماً بمواجهة الأدلة التي تشير لاغتيال خاشقجي. وخذ مثلاً مقترحات السفير السعودي في واشنطن للسناتور بوب كوركر وهو أن كاميرات القنصلية تنقل الصور مباشرة ولكنها لا تسجل. وهذا ما يجعل التصرف السعودي في هذه الحادثة متهوراً بدرجة كبيرة وأكثر من حملات القمع ضد ألطف النقاد وعدم احترامها المتزايد لحقوق الإنسان في حرب اليمن. ويشير الكاتب الى أن ترامب استثمر رأسمالاً سياسياً ومنح حسن نية واسعة لمحمد بن سلمان بشكل عرضه لنقد واسع. وفي هذا السياق كان رهانه على ولي العهد هو “الرهان الأكبر” في الشرق الأوسط.
رهان وسخرية
وكما كتب المعلق في “اكسيوس” جوناثان سوان “قامت الإدارة الأمريكية بقيادة جارد كوشنر بالمراهنة على “م ب س” صاحب الرؤية – المصلح والسعودية بطريقة لم تفعلها إدارة سابقة”. ولم تبادل السعودية حسن النية بالمثل. وبدلاً من ذلك يقوم “م ب س” بالسخرية من ترامب ويفاخر بقدرته على تمرير أية مشكلة يفتعلها. ومجرد قيام صديق بالتصرف بهذه الطريقة هو مدعاة للشعور بالإهانة خاصة من ترامب نفسه. كل هذا يدمر قرار ترامب إعادة تشكيل الإستراتيجية الأمريكية بحيث تتمحور حول السعودية الجديدة المتغيرة. ولو أخذنا ردة فعل الرئيس الأمريكي نرى انه شعر بالإنزعاج لمجرد الحديث عن موضوع اختفاء خاشقجي حيث قال إنه “قلق بشأن هذا” و “لا أحب مناقشة أمر غير واضح وآمل أن تحل نفسها بنفسها وفي الوقت الحالي لا أحد يعرف أي شيء”.
ومع ترامب لا أحد يعرف إلى أن يقوده حماسه. فقد لا يهتم ترامب باغتيال صحافي بارز لديه إقامة في أمريكا ويكتب في صحيفة “واشنطن بوست” إلا ان الحادث قد يؤدي لصحوة الجانب من ترامب عندما كان مرشحاً ورئيساً الآن والذي عبر فيه عن نفاد صبره بالسعودية واعتمادها العسكري على الولايات المتحدة ففي 2 أكتوبر/ تشرين الأول قال ترامب أمام تجمع من أنصاره بمدينة ساوثهيفن- المسيسبي كلاماً عن حماية أمريكا للسعودية وكيف قال للملك سلمان إنه بدون المساعدة العسكرية الأمريكية لم يكن ليظل في العرش أسبوعين.
غضب من متهورين
ومن المثير للدهشة أن اختفاء خاشقجي لم يؤد إلى إحباط لدى السياسيين الأمريكيين فحسب بل الى الغضب. مثل السناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي قال إن السعودية ستدفع ثمناً باهظاً لو ثبت أنها اغتالت خاشقجي. ويرى الكاتب أن المشكلة في العلاقة التعاقدية نابعة من إقامة تحالفات مع دول لا تشترك مع أمريكا بقيمها ولا تشترك معها في المصالح. ويعتقد حميد أن الإستعانة بالمتعهدين الخارجيين المتهورين الذين لا يحترمون الولايات المتحدة كان دائماً خطأ وأصبح الآن إحراجاً. وحتى من لا يهتمون كثيراً بحقوق الإنسان بالشرق الأوسط فإن اختفاء خاشقجي يطرح أسئلة حول مصداقية حليف يصر على التصرف بهذه الطريقة الصفيقة.
ويرى الكاتب إن كانت سياسة ترامب الخارجية هي عن “أمريكا أولاً” فيجب أن يدفع الحلفاء الذين لا يحترمون أمريكا ولا قيمها ومصالحها ثمناً باهظاً. وما هو هذا الثمن؟ وهو ما يجب أن يتحول إليه الحديث عن مستقبل العلاقات الأمريكية – السعودية. وترامب محق في جزء من كلامه بشأن اعتماد السعودية على أمريكا. وكما قال بروس ريدل من بروكينغز أيضا فسلاح الجو السعودي “يعتمد بشكل كامل في اسطوله من مقاتلات أف15 والأباتشي وتورنيدو على الدعم الأمريكي والبريطاني، ولو أوقفت واشنطن أو لندن دعمهما اللوجيستي فسيتوقف كل الطيران”. وختم بالقول إن الحلفاء السيئين في الشرق الأوسط وهم كثر يمثلون مشاكل للإدارات الأمريكية المتعاقبة وصناع القرار فيها. ويعتقد هؤلاء الحلفاء أن أمريكا قد تشتكي أو تعبر عن قلقها لكن لن تفعل إلا القليل. وعادة ما يتم تناسي أسوأ التجاوزات باسم الأمن القومي، ولكن حان الوقت لمواجهة الخداع السعودي.
هذه الصورة ستبقي في البوم السخرية البشري علي مدي العصور فعلا.كيف ياتي الي بلادهم يستهزء بهم ويسرق اموالهم برضاهم ثم يسافر من عاصمتهم علي كيان غاصب يحتل بلادهم حتي يعطيه نصف الاموال التي لهفها ثم يسافر الي بلده.
وهم يرقصون معه ويخرج الملك بعدها ليصبغ شعره .فعلا مهزلة المهازل والله!