رأي القدس قليلون هم الذين يراهنون على نجاح خطة كوفي عنان بشأن وقف اعمال القتل في سورية، ولكن اللافت ان الاغلبية الساحقة التي تراهن على فشلها، خاصة في اوساط تحالف ‘اصدقاء سورية’ لا يملكون اي بديل لها في الوقت الراهن على الاقل.اوساط المجلس الوطني السوري المعارض تقول ان اعمال القتل لم تتوقف من قبل النظام منذ اعلان وقف اطلاق النار مطلع الشهر الحالي، وتعزز وجهة نظرها هذه بالقول ان اكثر من الف شخص قتلوا في الاسبوع الاول من هذا الشهر، في المقابل يؤكد المتحدثون باسم النظام ان عصابات وجماعات مسلحة ما زالت تخرق وقف اطلاق النار وتقدم على عمليات عسكرية تستهدف قوات الامن والجيش.الحسم في هذه المسألة هو مهمة قوات المراقبين الدوليين الذين من المفترض ان يرتفع عددهم الى حوالي 300 مراقب في الاسابيع المقبلة على اكثر تقدير، شريطة ان تتعاون السلطات السورية بالكامل معهم، ولا تضع العقبات في طريق مهمتهم.نجاح وقف اطلاق النار يحقن دماء السوريين دون شك، ولكنه يظل المربع الاول في عملية سياسية طويلة من المفترض ان تنطلق بعد تثبيته، فهذا الوقف هو مجرد نقطة من ست نقاط هي محصلة مبادرة كوفي عنان معظمها يواجه معارضة من قبل النظام والمعارضة معا.بعد وقف اطلاق النار من المفترض ان يسمح النظام للسوريين المطالبين بالاصلاحات السياسية والتغيير الديمقراطي بالتظاهر بطريقة سلمية، النظام في المقابل يقول انه سيسمح لمثل هذه المظاهرات طالما انها مرخصة من قبل الحكومة وفق قانون التظاهر، ويهدد بقمع اي مظاهرة غير مرخصة.لا نعتقد ان المعارضة السورية ستأخذ اذن النظام في كل مرة تريد فيها الخروج الى الشارع للتظاهر، كما اننا نجزم ان النظام لن يسمح بمثل هذه المظاهرات في حال التقدم بطلب بتنظيمها، وفي احسن الاحوال سيراوغ ويماطل ويتذرع بالبيروقراطية واجراءاتها المعقدة، وهناك ذرائع كثيرة في هذا الصدد.مؤتمر اصدقاء سورية التمهيدي المصغر الذي انعقد في باريس يوم الخميس الماضي تعاطى مع مبادرة كوفي عنان، وكأنها فشلت فعلا، وبدأ يضع البدائل والخطط لمرحلة ما بعد فشلها، حيث طالبت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية بقرار دولي يدين النظام السوري ويفرض عقوبات عليه على اساس البند السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يبيح استخدام القوة.ما هو اخطر من ذلك ما تحدث عنه السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي عن احتمال لجوء بلاده الى تفعيل المادة الرابعة من ميثاق حلف الناتو للرد على انتهاك الجيش السوري لسيادة بلاده باطلاق النار على معسكرات اللاجئين السوريين، والمقصود بتفعيل هذه المادة ان تتدخل قوات الناتو عسكريا في سورية للدفاع عن دولة عضو اي تركيا تعرضت للعدوان.السيد اردوغان ربما يبالغ كثيرا في الاعتداء السوري، من حيث تضخيمه وهو لا يستحق كل هذه المبالغة، في الوقت نفسه يجب القول ان السلطات السورية ارتكبت خطأ كارثيا عندما اطلقت النار على معسكرات اللاجئين السوريين داخل الاراضي التركية، وهو خطأ يضاف الى ملف كبير من الاخطاء المماثلة.الاوضاع تتجه نحو الانفجار العسكري سواء نجحت خطة عنان او فشلت، فتكرار الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لمطالبه بتسليح المعارضة السورية قد يحقق الشق الاول مما حذر منه الان جوبيه وزير خارجية فرنسا عندما قال ان فشل مهمة عنان قد يؤدي الى حرب اهلية او حرب اقليمية.الحرب الاهلية بدأت في سورية وان كان هناك كثيرون يتعمدون انكارها، اما الحرب الاقليمية فهي تنتظر الموقف الغربي، والامريكي خاصة، تجاه البرامج النووية الايرانية، وفي جميع الاحوال فان المستقبل قاتم بالنسبة لتطورات الاوضاع في سورية في الايام والاسابيع والاشهر المقبلة.Twitter: @abdelbariatwan