أول ما يتبادر إلى الذهن عند سماع مصطلح «الدولة العميقة» في العراق، هو التساؤل عن حقيقة وجود «دولة» أصلا في العراق، حيث تهيمن قوى وجماعات طائفية وإثنية على مؤسسات الدولة الرسمية، ابتداء من الجيش وصولا لما يعرف بـ»المكاتب الاقتصادية» التي اخترعها الحشد الشعبي في الموصل ومناطق أخرى لتأمين تمويله في المناطق التي استعاد السيطرة عليها من تنظيم الدولة.
إخفاقات التيار الصدري مهدت الطريق لضمور نفوذه واضمحلال فرص استمرار حكومة الكاظمي، التي طالب مقتدى الصدر بتمديدها
نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق، الذي أسس شبكة قوية من الموالين له، سواء من الضباط أو قادة الحشد الشعبي، وحوّل السيطرة على أجهزة أمنية، كالرد السريع ومكافحة الإرهاب من الأمريكيين إلى معسكره، منذ تولى رئاسة الوزراء، يستعيد هذه الأيام قدرا كبيرا من سطوته التي خفت نسبيا مع تولي الكاظمي رئاسة الوزراء، كونه حليف خصمه اللدود مقتدى الصدر.
ويعتبر البعض أن الصدر كان له النفوذ الأكبر في ما يسمى بالدولة العميقة خلال عهد الكاظمي، ويبدو أن اختيار محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء هو إيذان بعودة المالكي للعب دور رئيس في الحكومة المقبلة، وحصل هذا نتيجة لأخطاء وإخفاقات جسيمة متراكمة، ارتكبها الصدر في الشهور الأخيرة، أولها فشله في الحصول على النصاب اللازم لتشكيل حكومة عندما كانت كتلته أكبر الكتل المنفردة، بعد إصراره على رفض التحالف مع الفرقاء الشيعة الآخرين، ما استدعى ردة فعل من «الإطار التنسيقي» الذي عمل على إعاقة جهود الصدر بالخروج عن إجماع البيت الشيعي، ومن ثم ونتيجة لهذا، ذهب الصدر لتقديم استقالة كتلته من البرلمان، وهو الخطأ الجسيم الآخر، الذي حاول تلافيه بسلسلة من التظاهرات والاقتحامات لمراكز الدولة السيادية، انتهت بالهجوم المسلح على المنطقة الخضراء، ليخرج بعدها بساعات بموقف مضطرب جديد، ويسحب أنصاره، بل يوبخهم مشبها إياهم بـ»الميليشيات الوقحة»، وهو ما جرّ عليه انتقادات كبيرة وتململا داخل أوساط التيار الصدري نفسه، كما تظهر تسجيلات صوتية مسربة، لكن تخبط الصدر آنذاك يعود في جزء كبير منه إلى جهود الإطار التنسيقي، وعلاقته بمؤسسة المرجعية، التي ضغطت على الصدر، كما أشارت الأنباء لإيقاف هذا الاقتتال «الشيعي الشيعي»، وعاد الصدر وبعد اعتزاله الرابع للسياسة، إلى لغة الشارع لكن بشكل خجول هذه المرة، مستثمرا ذكرى «حراك تشرين» الإصلاحي، وهنا يبدو أن التيار تلقى ضربة أخيرة قاصمة، إذ نأى الكثيرون من أعضاء حراك تشرين عن الصدريين، ورفضوا استخدامهم مجددا من قبل الصدريين ، واستقلوا بتظاهراتهم عن الصدريين، وخرجت أصوات بارزة في الحراك الإصلاحي كالنائب السابق فائق الشيخ علي تهاجم التيار، إذ بدأ يكشف عن خلافات عميقة دارت في ساحات التظاهر مع الصدريين فقال في أحد تعليقاته، «لقد حاول ثوار تشرين الأبطال ثني الصدريين ومنعهم من رفع هذه المطالبات، ودارت جدالات عنيفة، غير أن الصدريين أشهروا الحراب والهراوات والآلات الجارحة والمؤذية في وجوه ثوار تشرين، فضلا عن تلويحهم باستخدام الأسلحة، وأرغموهم وقمعوهم». هذا أدى في المحصلة إلى تفتيت الحركة الاحتجاجية، وهدم ركيزة أساسية كان يعتمد عليها الصدريون في مواجهة الإطار التنسيقي، وهي حركة التظاهر التي طالما استخدموا مطالبها المدنية كغطاء لنشاط زعيم شيعي معمم، وصلت تدخلاته في العمل السياسي لدرجة جعلت البعض يعتبره تدخلا يماثل دور الولي الفقيه في العمل السياسي!
إخفاقات التيار إذن مهدت الطريق لضمور نفوذه واضمحلال فرص استمرار حكومة الكاظمي، التي طالب الصدر بتمديدها، لأنه يعرف أنه من دونها سيمنح المالكي فرصة كبيرة لسحب البساط ونقل الهيمنة إلى ما يعرف بالدولة العميقة، إن صحت التسمية، من الصدر/الكاظمي إلى المالكي/ السوداني.
*كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
يلعب الصدر كحليف ومتوسط الرأي في البيت الشيعي، يبدوا انه يصبح لا السعودية ولا ايران بينما النفاق والخداع هو السياسية التي تقود العالم في كل وجهاته.
مقتدى الصدر خرب موضوع الإصلاح برمته عن طريق إستئثاره بالقرار !
يجب أن يكون لتيار الصدر مجلس رئاسي منتخب له الحق بالمشاركة في القرار !! ولا حول ولا قوة الا بالله