الأناضول- دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دول الخليج لتعزيز التعاون مع بلاده، مؤكدا أن “الكل سيكون رابحاً” من هذه الخطوة.
وحذر الدول العربية من تسرب عناصر “الكيان الموازي” إليها.
جاء هذا خلال لقاء أجرته معه قناة “الجزيرة” القطرية ضمن برنامج “المقابلة”، وبثت الجزء الثاني منه مساء الخميس.
وفي تعليقه على التطورات التي شهدتها العلاقات التركية الخليجية في الآونة الأخيرة، قال أردوغان: “نحن مقربون من الخليج، وعلاقتنا جيدة مع مجلس التعاون الخليجي، وبعد الاجتماع الأخير (الاجتماع الوزاري الخليج التركي بالرياض في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي) قررنا تطويرها بشكل أكبر، وكل أملنا أن نطور تعاوننا الثنائية مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية، والإمارات والكويت والبحرين وعمان، كما طورناها مع قطر”.
وأضاف: “نريد أن نطور علاقتنا مع دول الخليج؛ لأننا إخوة مع هذه الدول، ولدينا الكثير من إمكانات التعاون معهم بدءاً من الصناعات الدفاعية، ومرورا بالاقتصاد والصناعات الغذائية، وحتى في مجال الإنشاءات والبنية التحتية والفوقية”.
وتابع معددا إمكانات التعاون مع دول الخليج: “كما تعلمون نحن في المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث أنظمة المقاولات والإنشاءات المتطورة، ويمكن للمقاولين الأتراك أن يتخذوا مكانهم في هذا الصدد، كما أن تركيا تحتل مكانة متميزة في مجال التكنولوجيا المتقدمة”.
وأردف مشددا: “إن استطعنا (تركيا ودول الخليج) أن نعزز هذا التعاون بيننا؛ فإن المنطقة ستنمو وتزدهر على أساس أن الكل سيكون رابحا”.
وفي 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استضافت العاصمة السعودية الرياض الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وتركيا، بمشاركة وزراء الخارجية من دول الخليج ووزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو.
وفي شأن آخر، حذر أردوغان الدول العربية من تسرب الكيان الموازي بقيادة “فتح الله غولن” إليها.
وقال: “أقول لإخوتي في العالم العربي كونوا على حذر من عناصر الكيان الموازي، من الممكن لهؤلاء أن يتسربوا إليكم أيضا، وإلى كوادر الدولة، فهؤلاء استخدموا الدين قناعا، واستخدموا التعليم قناعا، والآن هم موجودون في كثير من الدول العربية، وهناك من يقدم لهم الإمكانات المختلفة، علينا أن نكون حذرين في هذا النقطة، إذا وقعوا هم (الدول العربية) في نفس الخطأ أيضا فيمكن أن يضطروا لدفع ثمن ذلك في الغد”.
وفي رد على سؤال حول الدول التي تقدم الدعم لعناصر الكيان الموازي، قال الرئيس التركي: “على سبيل المثال مصر”.
وحول ما إذا كان دعم مصر للكيان الموازي هو رد على استضافة تركيا لعناصر جماعة الإخوان المسلمين المعارضة للنظام الحالي في القاهرة، قال أردوغان: “لا نرى هذه النظرة صائبة”.
واستطرد: “نحن نفرق بين الشعب المصري والإدارة المصرية؛ الشعب المصري هو كل شئ بالنسبة لنا، نحب الشعب المصري وكأنه شعبنا؛ لأن الروابط التي تربطنا قوية جدا؛ لذلك قدمنا دائما كل أنواع الدعم لمصر، ومبادئنا السياسية واضحة، نحن ضد الحكومات الانقلابية”.
وتابع: “(عبد الفتاح) السيسي كان وزير دفاع في فريق (محمد) مرسي (أول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا في مصر)، ولكم أن تتخيلوا أن وزير في فريق يستغل سلاح الجيش وقوته للانقلاب على رئيس دولته، لا يمكن القبول بهذا الأمر، نحن إلى جانب كل الحريات وحمايتها، نحن حراس الديمقراطية، والشعب المصري سيجدنا دائما بجانبه في صراعه من أجل الديمقراطية”.
وفي رده عن استفادة تركيا من الاهتمام بقضايا العالم العربي في سوريا والعراق وليبيا، قال أردوغان: “لدينا حدود طولها 911 كلم مع سوريا، و350 كلم مع العراق، ولدينا ارتباط تاريخي مع ليبيا”.
وأردف: “من غير الممكن أن نكون غير مبالين بالتطورات التي تحدث في سوريا مع إننا صبرنا كثيرا، لكن عندما استشهد 53 مواطنا وإخوة لنا في (ولاية) غازي عنتاب (في هجوم نفذه تنظيم داعش على حفل زفاف في أغسطس/ آب الماضي)، قلنا إننا لن نستطيع الوقوف صامتين”.
وتابع: “من جرابلس (شمالي سوريا) دخلنا، وقدمنا الدعم للجيش السوري الحر، ترك داعش جرابلس دون مقاومة، ثم جرت عملية في بلدة الراعي وتركها داعش أيضا، ثم دعم دحر التنظيم في بلدة دابق، واضطر أن ينسحب، والآن الجيش السوري الحر يزحف نحو مدينة الباب بدعم لوجيستي منا وبتعاون مع التحالف الدولي”.
وفي هذا السياق، دعا الرئيس التركي إلى إقامة منطقة حظر جوي شمالي سوريا، وإنشاء “جيش وطني هناك بحيث يكون جيش لهذه المنطقة”، وأكد استعداد بلاده “لتدريب عناصر هذا الجيش وتزويده بالعتاد”.
وقال في هذا الصدد: “يجب إقامة منطقة خالية من الإرهاب والإعلان عن ذلك، حتى يأتي إخواننا السوريين إلى هذه المنطقة بعد توفير الإمكانات لهم هناك، مثل البنية التحتية والفوقية، وتجهيز المرافق التعليمية والاجتماعية”.
وفيما يتعلق بالوضع في العراق، قال الرئيس التركي: “تعلمون أن التطورات التي حدثت في الفترة الأخيرة ليست جيدة وبالأخص التطورات التي تحصل في منطقة كركوك (شمالي العراق)؛ فهي مثيرة للقلق، ونحن نريد أمام التطورات الحاصلة في كركوك أن نمنع التنظيمات الإرهابية من الوصول إلى بلادنا، وفي هذا السياق شاركت قواتنا الأمنية بالمعلومات اللازمة مع الطرف الأمريكي”.
وفي تعليقه على احتجاج رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على تواجد قوات تركية في العراق، قال أردوغان: “أظن أنه الآن ليس في نفس الموقف لقد أظهر بعض التغيير، لكن مرجع قراراتنا هو الآن لقاءنا مع التحالف وتعاوننا معه”.
وتابع: “يجب معرفة أن معسكر بعشيقة (قرب الموصل) موجود هناك وسيبقى، ولا يمكن أن نترك إخواننا من العرق نفسه في تلعفر وكركوك والموصل وحدهم، كما لا يمكننا فتح المجال لحرب مذهبية، إن بدأت حرب مذهبية فلا يمكن وقفها”.
وأضاف مشددا: “ولا يمكن أن نترك (مدينة) سنجار (شمالي العراق) لوحدها؛ لأن سنجار في طريقها أن تصبح قنديل (سلسلة جبال بالإقليم الكردي في شمال العراق) أخرى؛ حيث ينشط إرهابيو بي كا كا، ولا يمكن أن نسمح بأن تكون هناك قنديل أخرى”.
وفي تعليقه على حديثه السابق بأن هناك سايكس بيكو تقسيم جديد للمنطقة، وما هي المعطيات التي لديه بأن المنطقة ستقسم برعاية قوى دولية، قال أردوغان: “نحن مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والعراقية ، لا نريد أبدا أن تُقسم هذه المناطق، وسنستمر في جهدنا في هذا الطريق إلى نهايته، ولا يمكن التنازل عن هذا الأمر”.
ويروي برنامج “المقابلة” سيرة وحياة ومحطات قادة السياسة، ونجوم الفكر والثقافة والفن، ويقدمه الإعلامي السعودي، علي الظفيري.
واستهل البرنامج حلقاته بلقاء الرئيس التركي، وفي الجزء الأول من الحلقة، الخميس الماضي، تحدث أردوغان عن نشأته، وملامح تكون شخصيته، وعوامل تشكله السياسي والفكري.