لندن – “القدس العربي”: نشر موقع “بلومبيرغ نيور” مقالا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعا فيه الغرب لمساعدة بلاده على وقف الحرب الأهلية في سوريا. قال إن الطريق المضمون لتحقيق السلام والإستقرار يمر عبر أنقرة.
وجاء في مقالته: “في مثل هذا الوقت من العام الماضي ضرب الجيش التركي مواقع للنظام السوري من أجل وقف هجومه الأخير على إدلب، آخر معقل للمعارضة ومنع التشريد وقتل الأبرياء. وعلى مدى ثمانية أيام أنقذنا حياة الملايين”.
وقال إن الدول التي مدحت تركيا في حينه تناست الأزمة الإنسانية في سوريا، وذلك بسبب انتشار وباء فيروس كورونا و”أصبحت الحرب الأهلية أخبار الأمس، حتى تظهر أزمة الضمير الغربية القادمة”.
وأضاف “في الذكرى العاشرة للانتفاضة السورية، علينا تذكر مئات الآلاف من الناس الذين قتلوا وعذبوا والملايين الذين شردوا- كل هذا لأنهم طالبوا بالديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وقال إن الجهود من نظام بشار الأسد وانصاره لسحق هذه المطالب الشرعية أدت إلى نتائج رهيبة، بما في ذلك الإرهاب والهجرة غير المنظمة. وهناك عدد من الدول تدخلت في الخلاف السوري ولأسباب مختلفة وبذرائع متعددة، لكنها تجاهلت أصل المأساة. وتم التخلي عن بلد مهم في الشرق الأوسط وسط المذبحة المستمرة.
“هناك عدد من الدول تدخلت في الخلاف السوري ولأسباب مختلفة وبذرائع متعددة، لكنها تجاهلت أصل المأساة. وتم التخلي عن بلد مهم في الشرق الأوسط وسط المذبحة المستمرة”
وقال “أنا فخور بالموقف التركي الذي ظل متسقا منذ بداية الحرب الأهلية السورية. ويؤمن الشعب التركي أن خلق نظام سياسي كفيل بتمثيل كل السوريين هو مفتاح السلام والإستقرار. ونرفض أي خطة لا تعالج مطالب الشعب السوري بالكرامة الإنسانية، وخيار كهذا يعمق الأزمة. وفي نفس الوقت، نؤكد على أن الحل السلمي والدائم مستحيل في غياب احترام الوحدة الوطنية والسياسية السورية”.
وقال إن المناطق الآمنة التي أنشأتها تركيا بالتعاون مع حلفائها المحليين هي دليل على التزام الدولة التركية بمستقبل سوريا و “أصبحت هذه المناطق واحات للسلام والإستقرار ومناطق مكتفية ذاتيا. وطبقنا برامج أساسية لإنشاء حكم القانون وتحسين البنى التحتية المدنية، بما في ذلك توفير الطاقة الكهربائية ومياه الشرب وتحسين المدارس والمستشفيات”. وتشرف تركيا على إنشاء مساكن دائمة لمعالجة مشكلة السكن المزمنة في سوريا- وأعلن أردوغان عن جزء من هذه الخطة في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2019.
وأكد أردوغان أن تركيا من خلال هذه الخطوات قامت بحماية أوروبا من الهجرة غير المنظمة والإرهاب وأمنت الحدود الجنوبية للناتو. وقال “تحركاتنا التي تعكس قيمنا وتؤكد زعمنا أن تركيا هي أمل الشعوب المستضعفة وحارسة الأبرياء ومفتاح الحل”. وأضاف أن هناك ثلاث خيارات متوفرة للغرب.
الأول، هو الوقوف على الجانب ومراقبة مقتل المزيد من الأبرياء في سوريا، وهذ لن يضعف فقط الموقف الأخلاقي الغربي بل وسيؤدي لظهور تحديات جديدة من الإرهاب والهجرة غير المنظمة مما سيضر بالأمن الدولي واستقرار أوروبا السياسي.
أما الخيار الثاني، فهو اتخاذ الإجراءات الدبلوماسية والإقتصادية والعسكرية الضرورية والتوصل إلى حل. ولا يوجد هناك سبب يدعونا للإعتقاد ان قادة الغرب لديهم هذه النوايا، ذلك أنهم لم يقدموا أي تحركات جدية خلال السنوات العشر الماضية.
الخيار الثالث والمنطقي، فهو وضع ثقلهم وراء تركيا وأن يصبحوا جزءا من الحل في سوريا، وبثمن أقل وتأثير كبير.
وقال أردوغان “توقعاتنا واضحة، فقد توقعنا بشكل رئيسي من الغرب أن يتبنى موقفا واضحا من قوات حماية الشعب الكردية، فرع بي كي كي في سوريا والتي تهاجم المنطقة الآمنة ويتلاعب بها النظام. ويجب أن يتم تقديم الدعم المناسب للمعارضة السورية الشرعية كضامن للسلام والإستقرار. و “ندعو الدول الغربية أن تتحمل مسؤوليتها وإنهاء الأزمة الإنسانية، لأن الفشل في مشاركة تركيا العبء قد إلى موجات من المهاجرين نحو أوروبا”. وفي النهاية دعا أردوغان الغرب للإستثمار في المناطق الآمنة في سوريا ودعم مطلق لمشروع السلام فيها. و “علينا أن نظهر للعالم أن هناك خيار ديمقراطي مزدهر لمستقبل سوريا”. وقال “أثبتت تركيا ان البلد الوحيد الذي يستطيع القيام بما هو ضروري في سوريا وقيادة الجهود الإنسانية وعلى الخطوط الأمامية ضد الجماعات الإرهابية وتشارك بشكل نشط في الجهود الدبلوماسية. وعلى إدارة جوي بايدن أن تكون صادقة مع تعهدات حملتها الإنتخابية والعمل معنا لإنهاء مأساة سوريا والدفاع عن الديمقراطية. والشعب التركي جاهز لدعم أي مبادرة تخدم مصالح جيراننا السوريين وتسهم في السلام والإستقرار الإقليمي”.