أردوغان يعرب لـ«البابا» عن قلقه إزاء التنامي السريع لكراهية الإسلام في الغرب

حجم الخط
1

إسطنبول ـ «القدس العربي»: قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه أعرب لـ«البابا فرانسيس» بابا الفاتيكان، عن قلقه المتزايد إزاء التنامي السريع لكراهية الإسلام، مشدداً على ضرورة أخذ تحضيرات تركيا فيما يخص ثقافة العيش المشترك بعين الاعتبار على النطاق العالمي.
ووصل إلى العاصمة التركية أنقرة صباح الجمعة، البابا فرانسيس في مستهل زيارة وصفت بـ»التاريخية» يهدف من خلالها إلى تعزيز الحوار بين الأديان، والتقريب بين الشعوب، ومن المقرر أن تدوم الزيارة مدة ثلاثة أيام يقيم البابا خلالها قداساً في إحدى كنائس إسطنبول.
وقال أردوغان في مؤتمر صحافي مع البابا: «أريد أن أؤكد على ضرورة أخذ توصيات وتحذيرات تركيا بعين الاعتبار فيما يخصّ دعم ثقافة العيش المشترك على نطاق عالمي، كما أعتقد بضرورة أخذ توصياتها وتحذيراتها بشأن التهديدات المتزايدة في الغرب وحساسيات الدول من بعض التطورات في الشرق الأوسط، ولا يجب تجاهل توصيات تركيا ضمن الجدل السياسي اليومي، ونحن نرى ونشعر أن الخطر وشيك، وندعو جميع الإنسانية دون تمييز إلى أخذ التدابير اللازمة حياله».
وأضاف أردوغان: «مع الأسف، العنصرية والتمييز وكراهية الآخر، والإسلاموفوبيا، تتنامى بشكل خطير في الغرب، نرى انتشار الأحكام المسبقة، وتصاعد عدم التسامح إزاء المسلمين الذين يعيشون في الغرب. الناس يتعرضون للتصنيف مسبقا، وبطريقة غير عادلة، بناء على الدين الذي ينتسبون إليه، على أنهم رجعيين، غير متسامحين، محافظين، أو مؤيدين للعنف».
ولفت أردوغان إلى أن مباحثاته مع البابا «لم تتضمن اختلافا في وجهات النظر، إذ نحمل وجهات نظر متطابقة بشأن القضايا الدولية، ومكافحة الإرهاب، واستخدام العنف، وهيمنة المال».
وخاطب أردوغان البابا فرانسيس قائلاً: «إن زيارتكم هذه ستترك أثراً إيجابيا للغاية في العالم الإسلامي دون أدنى شك، وأعتقد أن زيارتكم ستكسر الكثير من الأحكام المسبقة على العالم المسيحي في الوقت نفسه، وإن أقصى مبتغانا أن تكون الزيارة التاريخية هذه، الخطوة الأولى لمسيرة جديدة، والتي أراها تحالفاً للحضارات والسلام العالمي».
وتابع: «حقيقةً، أنا مهتمّ بهذه الزيارة التي قام بها ضيفنا المبجَّل (بابا الفاتيكان) إلى تركيا، وأنا أؤمن بأن هذه الخطوة مهمة وحيوية للغاية من ناحية إذكاء الآمال بتحقيق السلام في منطقتنا والعالم أجمع. كما أعتقد بأن الرسائل التي سيتم إرسالها اليوم من تركيا لن تصل فقط إلى تركيا والفاتيكان، بل ستصل إلى عموم العالم الإسلامي والعالم المسيحي وستلقى أصداء من شأنها أن تعطي دفعةً للأمل بتحقيق السلام».
وبحسب الفاتيكان فإن البابا يهدف من خلال هذه الزيارة إلى تعزيز قنوات الحوار بين الأديان، وتعزيز ثقافة العيش المشترك.
من جهته، قال البابا فرانسيس: «نحن بحاجة إلى الحوار لأننا نمتلك العديد من القيم المشتركة. وفي الوقت نفسه يجب أن يجري الحوار في أجواء من الهدوء وأن يمنح النقاط الخلافية قيمة تمكننا من الاستفادة منها واستخلاص العبر. يجب علينا المضي قدماً وبكل صبر في الجهود المبذولة والرامية لبناء سلام متين. إن السلام المنشود يجب أن يبنى على الأهداف وعلى احترام الحقوق الأساسية المرتبطة بكرامة الإنسانية جمعاء».
دعا البابا إلى الحرية الدينية معتبرا انه «لأمر أساسي أن يتمتع جميع المواطنين في نظر القانون، أيا تكن طائفتهم، بالحقوق نفسها، وقال: «إنه لأمر اساسي ان يتمتع المواطنون المسلمون واليهود والمسيحيون… بالحقوق نفسها ويحترموا الواجبات نفسها».
وأشاد البابا بدور تركيا في استقبال اللاجئين بالمنطقة، قائلاً: «تركيا أبدت كرما كبيرا باستقبالها الكثير من اللاجئين، وتأثرت مباشرة من الحالة المأساوية على حدودها، مساعدة المجتمع الدولي لهؤلاء اللاجئين التزام أخلاقي. علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي أمام الأسباب التي أفرزت هذه المأساة، فضلا عن تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة».
وأضاف: «إن الأعمال الإرهابية ما تزال مستمرة ودون توقف، وخصوصاً في سوريا والعراق، حيث تنتهك أبسط القواعد الإنسانية، وتمارس عمليات التهجير بحق الأقليات، التي لا تقتصر فقط على المسيحيين والإيزيديين، إذ إن مئات الآلاف من الناس ينزحون عن بيوتهم ويتركون أوطانهم، من أجل الفرار بأرواحهم والحفاظ على معتقداتهم».
وفي سياق آخر، قال أردوغان: «وكأن العالم بعدم قيامه بالإجراءات المطلوبة يشجع الانقلابات العسكرية في بعض البلدان، والمجازر، وانتهاكات حقوق الإنسان. إن هذه المواقف ذات المعايير المزدوجة، وهذه المفاهيم الظالمة لا تقتصر على تدمير وجدان العالم الإسلامي وحسب، وإنما إلى إلحاق الضرر بوجدان الإنسانية الساعية إلى تضميد جراح العدالة»، على حد تعبيره.
وأضاف أردوغان: «إن إرهاب الدولة الذي يمارس في غزة بحق الأطفال والنساء الأبرياء، والذي يؤدي إلى الموت مع الأسف لا يثير اهتمام العالم. كما يستمر العالم في تجاهله للهجمات والانتهاكات التي تستهدف المسجد الأقصى، أحد أقدس الأماكن الإسلامية، إن الأسرة الدولية تقف متفرجة أمام القيود المفروضة على أصحاب الديانات المختلفة وحرياتهم هناك».
وبعد لقائه إردوغان، سيلتقي البابا رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، كما سيزور رئاسة الشؤون الدينية، ويلتقي رئيسها محمد غورمز، حيث سيعقد الجانبان مؤتمرا صحتفيا مشتركا.
ومن المقرر أن يتوجه البابا بعد ذلك إلى إسطنبول، حيث يزور جامع السلطان أحمد، ومتحف آيا صوفيا، كما يشارك البابا في القداس الذي سيقام في كنيسة الروح القدس، في منطقة شيشلي، في المدينة.

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلمى:

    كلنا لآدم و حواء , و ربنا و خالقنا واحد لكننا ننسى أو نتناسى. حوار الحضارات و الثقافات متطلب في هذا الزمن الذي تنهشه ذئاب العنصرية و التعصب الأعمى

إشترك في قائمتنا البريدية