من سيهون الأمر سيرى الأزمة السياسية الحالية في تونس سحابة صيف عابرة. أما من سينظر للآثار التي قد تتركها على دول الجوار الإقليمي بالذات، في حال استفحالها وتوسعها، فسيعتبرها بلا شك أبعد من أن تكون كذلك. وفي الحالتين فإن السؤال الأهم هو: ما الذي سيفعله المغاربيون عموما مع ما يعد حتى الآن أزمة داخلية فحسب في تونس؟
هل يرغبون أو يقدرون على التدخل ولو في بعض فصولها وأطوارها؟ وهل يملكون من بعد النظر ما يجعلهم ينتبهون إلى أنهم سيكونون مطالبين، إن أرادوا تحصين دولهم، أن يبادروا لإطفاء الحريق الذي أوشك على الاشتعال في جارتهم، لأن ألسنة اللهب إن اضطرمت بالقرب منهم، فلن يكون مؤكدا بعدها أنها لن تمتد نحوهم؟ أم هل يفضلون متابعة الوضع من بعيد والتهيؤ في أقصى الأحوال لاحتواء أي ارتدادات محتملة له عليهم؟
منذ عقد ما يكاد يخفت الحديث عن استثناء تونس وفرادتها في الإقليم، إلا ليعود من جديد على شكل تساؤلات حارقة ومعلقة، عن مصير تجربتها وقدرتها على الصمود أمام ما تواجهه من مخاطر وضغوط جمة، وما تعيشه من هزات واضطرابات وتوترات عنيفة، مرات تجعل من فرضية انزلاقها إلى المجهول ترجح على باقي الفرضيات. لكن حتى إن اختصر البعض أزمتها السياسية الحالية، أو قدمها فقط على أنها اختلاف حاد بين رؤوس الحكم الثلاثة على فهم طبيعة النظام السياسي الحالي، أو حتى إن اعتبرها آخرون صراعا مفتوحا بين هؤلاء على تقاسم كعكة السلطة، فإن أبعادها الخارجية باتت لا تخفى. ولا يتعلق الأمر فقط بانخراط قوى إقليمية ودولية بشكل فعلي في تلك الصراعات، ومحاولاتها إدارة الدفة في اتجاه من الاتجاهات، بل أيضا في الترابط الوثيق بين ما يستجد داخل تونس، وما يتفاعل في محيطها القريب. فكيف ستتصرف العواصم القريبة من العاصمة التونسية مثلا مع أزمتها الحالية، إن وصلت لأفق مسدود، أو إن خرجت الأوضاع فيها تماما عن السيطرة، وانهارت التجربة الديمقراطية الفريدة في الشمال الافريقي وسقطت لسبب ما؟ وكيف ستكون في تلك الحالة ردود فعلها؟ لن يجزم أحد بأن كل شيء سيظل وقتها على حاله، وأنه لن يكون لذلك الأمر تبعات أو ارتدادات ملحوظة على المنطقة المغاربية بأسرها. ومع أنه قد يكون من المبكر جدا أن يطرح الجزائريون، أو الليبيون، او حتى المغاربة والموريتانيون الآن على أنفسهم سؤالا مثل ذلك، إلا أنه سيكون من المستبعد جدا أن لا تكون دولهم قد وضعت في حساباتها، وبنسبة معقولة حدوث احتمال مثل ذلك.
إن اختصر البعض أزمة تونس الحالية، بأنها اختلاف بين رؤوس الحكم الثلاثة وصراع على تقاسم كعكة السلطة، فإن أبعادها الخارجية باتت لا تخفى
لقد اعتادوا على مدى السنوات العشر الأخيرة على حصول اضطرابات وهزات وتوترات في جارتهم الصغيرة، وظلوا مع ذلك قادرين في كل مرة على التعامل معها بهدوء وبرود، واستطاعوا وبدرجات أن يحدوا من سرعة تمددها وانتقالها إلى دولهم، ويضعفوا من انتشارها وتسربها إليهم بشكل ملحوظ، لكن إلى متى تسلم الجرة؟ وهل سيأتي اليوم الذي تفلت فيه الأمور تماما لتسقط تونس ـ لا سمح الله ـ في أتون فوضى مجهولة العواقب لن يكون بوسع أحد من الجيران أن يتفادى تداعياتها وآثارها المباشرة عليه؟ ليس سهلا على التونسيين أنفسهم أن يتوقعوا أو يتخيلوا مثل ذلك السيناريو الكارثي، حتى إن كانوا غير قادرين الآن على أن يفهموا تماما ما الذي يجري في بلدهم. لكن بغض النظر عن قدرة الرئاسات التونسية الثلاث على تجاوز الأزمة السياسية والدستورية، التي تعمقت برفض الرئيس قيس سعيد قبول الوزراء الجدد الذين عينهم رئيس الحكومة، وصادق البرلمان على تسميتهم ليؤدوا اليمين الدستورية أمامه، فإن تفاعل بعض دول الجوار مع أنباء محاولة تسميمه، كشفت بشكل ما عن تداخل وتشابك واضح بين ما قد يكون الوجه الضيق لتلك الأزمة، التي جاءت أنباء محاولة التسميم في سياقها وبعدها الإقليمي الواسع. والدليل هو ما خلفته المكالمة الهاتفية التي جرت مساء الأربعاء الماضي، حسب ما أعلن عنه في الجزائر وتونس، بين الرئيسين سعيد وتبون من نقاط استفهام عديدة في تونس. فلئن صار من المعتاد أن يتخاطب الرئيسان بشكل متواتر، وأن يتحدث البعض عن علاقة خاصة ووثيقة باتت تجمعهما، فإن الغريب في الأمر أن يأتي أول تأكيد رسمي للمعلومة التي ظهرت على إحدى صفحات التواصل الاجتماعي، ثم في على قناة تلفزيونية محلية، وأفادت بتعرض الرئيس سعيد لمحاولة تسميم، لا من خلال بيان رسمي للرئاسة التونسية، بل عبر بيان من الرئاسة الجزائرية تقول فيه إن «رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أجرى مساء الاربعاء مكالمة هاتفية مع أخيه رئيس الجمهورية التونسية السيد قيس سعيد للاطمئنان على وضعه، بعد نبأ محاولة تسميمه. وقد حمد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الله على سلامة شقيقه الرئيس قيس سعيد بعد أن طمأنه على صحته». لقد جعل ذلك كثيرا من التونسيين يتساءلون عن المغزى من وراء مسارعة الجزائريين تأكيد خبر لم تثبته السلطات التونسية بعد بشكل رسمي، وهل إن الغاية من ذلك كانت أن ترسل الجزائر إشارة رمزية قوية بأنها تقف مع الرئيس سعيد في المعركة الداخلية التي يخوضها مع خصومه السياسيين؟ إن التقارب الواضح بين رئيسيها وتوطد علاقاتها بمختلف أطياف المشهد السياسي التونسي، جعلها وبلا شك في موقع متقدم بالمقارنة مع باقي الدول المغاربية للتعامل مع الأزمة التونسية، لكن ما الذي تفكر به الشقيقة الكبرى وما الذي تريده لجارتها الشرقية بالضبط؟ سيكون من غير المعقول أن يصب أي انفلات محتمل للأوضاع فيها في مصالحها. فهي معنية بالحفاظ على الهدوء على حدودها الشرقية، في وقت تشهد فيه حدودها الغربية نوعا من التوتر وتعرف فيه حدودها الجنوبية حالة من عدم الاستقرار. السؤال هنا هو هل أنها ستسعى لخفض منسوب التوتر الداخلي، من خلال استخدام علاقاتها الجيدة بمختلف الأطراف؟ أم انها ستدعم طرفا على حساب الآخر، وسيكون الرئيس التونسي في تلك الحالة هو حصانها الرابح؟ والأهم إقليميا هل أنها ستقدم في هذا الظرف بالذات على انتزاع مواقف دبلوماسية من جارتها الصغرى، تتقاطع مع تصورها ورؤيتها لبعض القضايا كالنزاع الصحراوي مثلا؟
ربما سيكون من الصعب توقع شيء من ذلك، ففضلا عن تعقد عملية صنع القرار السياسي في تونس، فإن عدم تعليق باقي الدول المغاربية على التطورات الأخيرة عدا المكالمة التي أجراها رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج مع قيس سعيد يوما بعد الإعلان عن مكالمة تبون «للتعبير عن تضامنه مع تونس وشعبها» كما جاء في البيان الرسمي للرئاسة، لا يعني أن تلك الدول لا تنظر باهتمام بالغ لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع هناك. ولأجل ذلك فإن أسبقية أي طرف مغاربي قد لا تعني بالضرورة أنه سيكون في طريق مفتوح للإسهام في حل الأزمة، ولا حتى لتعميقها والاستفادة منها.
كاتب وصحافي من تونس
حسب عنوان المقال الانعكاسات على دول المغرب فلماذا التركيز على الجزائر اذنا؟ هل باقي الدول المغاربية حقيقة ديمقراطية تستمد شرعيتها السياسية من الارادة الشعبية ( باستثناء ليبيا طبعا نظرا للوضع هناك )؟ تونس هي الاستثناء الديمقراطي الوحيد في المنطقة المغاربية و هي ماضية في بناء مؤسساتها الشرعية لان الشعب التونسي هو مصدر السلطات.
لا خوف على تونس لان الجيش التونسي لا يتدخل في الصراع الدائر بين الرءاسات الثلاث و ولاؤه لتونس فقط و ليس لشخص او نظام..اما بخصوص الجزاءر فأينما حلت تحمل في حقيبتها البوليزاريو، و كل هذه الحفاوة بقيس سعيد لها ثمن. اتمنى ان لا يكون على حساب استقرار تونس أو العلاقات الأخوية بين الشعبين التونسي و المغربي..
مواقف الدول المغاربية من بعضها البعض لا تحكمها قواعد الجوار والتضامن بقدر ما توجهها سياسة المحاور المتبعة في المنطقة.
في غياب شبكة من المنافع والمصالح المشتركة، فكل بلد ” يحسب ” لنفسه لا لجاره. والأمثلة على ذلك كثيرة:
1- في شهر نوفمبر 1975، طردت السلطات الجزايرية، دون سابق انذار، 45 الف عائلة مغربية كان أفرادها يقيمون بشكل قانوني في هذا البلد. هذا التصرف الذي يذكر بعمليات التطهير العرقي، حصل في ليلة عيد الأضحى المقدس عند المسلمين.
كان رد فعل الدول المغاربية فاترا ومحتشما وحدها دول المشرق ( الخليج خصوصا ) ساندت المغرب في محنته.
2- خلال سنوات الحرب التي خاضها المغرب لتأمين اقاليمه الصحراوية، كان مئات الجنود المغاربة محتجزين لدى حركة بوليساريو، داخل التراب الجزايري، وقد تكلف باستنطاقهم وتعذيبهم ضباط من الجيش الشعبي الجزايري.
لم أعثر في الارشيفات على بيان واحد، صادر عن بلد مغاربي، يدين هذا التصرف الفظيع.
تحية للكاتب المحترم.
تصحيح : 10000 جزائري و ليس 5000.
اتمني ان تتعافي تونس الحبيبة من هذه الوعكة وان يتعقل الجميع وينظرون الي المستقبل فالحالة التي تعصف بالجميع وليس تونس فقط لابد من التعقل والحكمة فالجميع يعرف ما آلت اليه الاقتصاديات العالم وخاصة دولنا المغاربية فلا داعي للتشنجات الحزبية والتهافت علي كراسي الحكم ،وتونس الذي يعتمد اقتصادها علي السياحة والفلاحة كالمغرب فقد اتبعتهما كرونا اكثر من غيرهما
ما يجري في تونس لا علاقة له بالديموقراطية..و لا تشكل تونس استثناءا في المغرب العربي او غيره.و لو كانت ديموقراطية لما كانت هذه الفوضى السياسية.
لا يوجد شيئ يسمى الدول المغاربية هناك شمال افريقيا او نسمى الدول بمسمياتها , الاتحاد لا يوجد ال في مخيلات بعض الذين كانوا يطمحون في تقاسم ثروات جيرانهم ولما احسوا بالفشل اصيبوا يخيبة امب جعلتهم يهاجمون الجزائر بمناسبة وبدونها ,,استغرب ان الحرب على وشك الاندلاع بين الجيران والسبد نزار ما زال يتحدث عن الاتحاد المغاربي يمكننا الحديث عن تفاهم بين الدول بعد حل مشكل الصحراء والقضاء على الاستعمار في المنطقة وايضا الاغراض التوسعية ودون هذا يبقى الحلم مجرد هذيان
الاشقاء في تونس يعرفون تمام المعرفة طبيعة النظام في الجزائر وهو نظام عسكري غظوب يحسب كل صيحة عليه ولذالك نرى ردود الافعال على تصريحات السيد المرزوقي من وزارة الخارجية ورئاسة البرلمان والنقابة لان المسؤولين لايريدون غظب الجاهلين في الجوار ولهم ذكريات في هجوم قفصة مطلع الثمانينات والكلمة المشهورة لبورقيبة (قلنا كليمة بتنا ف الظليمة) فرد الفعل قد يكون اي شيئ بما في ذالك تحريك الامور في جبل الشعانبي او العبث في الامن الداخلي للبلاد وكذالك الامر بالنسبة للاشقاء في موريتانيا اللذين يعلمون جيدا من قام بالهجوم على نواكشوط عاصمة البلاد منتصف السبعينات حيث تم اسر عدد من جنود ما يسمى الجيش الوطني الشعبي كما يعرف الموريتانيون والتونسيون من وقف بجانبهم لصد العدوان وكانت فكرة العسكر الاساسية هي ترهيب الجيران بحث ان لم يدعموا البلطجة فعلى الاقل يبقون على الحياد اما القذافي فقد كان منخرطا في الاعمال العدوانية على المغرب وموريتانيا عبر دعم البوليزاريو وكان مشاركا بشكل مباشر في هجوم قفصة.
ختاما نتمنى ان تمر تونس الخضراء من هذه المطبات بسلام وان ينعم شعبها بالامن والسلام والازدهار بعيدا عن اي تدخل لاي كان .
ما يجري في تونس عادي جدا فالبلد بدأ يمارس الديمقراطية وله ثان مجتمع مدني في العالم العربي بعد فلسطين وهو منبع الربيع العربي أما المؤامرات الخارجية فستنكشف طال الزمن أو قصر.
أظن أن الارتجاج الذي تعيشه تونس اليوم هو طبيعي بعد مخاض ولادة الثورة المميزة.
تونس هي صغيرة في مساحتها لكن صداها الدولي و شعبها المميز هما أعلى من اي ارتجاج داخلي أو أي تكالب خارجي عليها أو على شعبها.
تونس محاطة بأنضمة شمولية الغير واضحة من الجهتين، ما يجعل تحصين تجربتها الناجحة من كل الارتجاجات و التذخلات مأمورية صعبة لكنها غير عصية على التوانسة.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
تحية كبيرة جدا جدا للكاتب النبيل نزار بولحية مني شخصيا و من متتبعيه الكثر من المغرب على خطه التحريري المميز و الانيق.
العصى التي وضعة في العجلة للمغرب ومن فعلها هو سبب ما يجري في تونس وليبيا وسبب تخلف وتدخل الأجنبي في القضية اللبية كانت القضية الليبية تحل المغاربيا والمنطقة غنية بالنفط والغاز والفوسفاط ولكن الشعوب تعيش الفقر والحروب
يا مغاربة كفي عن التركيز علي انتقاد الجزائر و ركزو علي كيفية محاربة الفقر في المغرب مئات المراركة يعملون حاليا في الجزائر و لم يتلقوا من الشعب الجزائري الا الاحترام …. وتونس يفصلها عنكم البحر و الارض و السماء وثورة الشهداء و الشعب الجزائري لن يتخلي عنها مهما كلفه الثن و لن تسطتيع اي دولة اضعافها لان هناك شعب وطني تونسي لاينحني للملوك