الرباط – « القدس العربي» : دخل أساتذة التعليم العالي في المغرب على خط الاحتجاجات المتواصلة بقطاع التعليم منذ شهور مع تلويح بإمكانية أن تهدد الاحتجاجات الدخول الجامعي المقبل وفترة الامتحانات. وأعلن المنضوون في النقابة الوطنية للتعليم العالي اعتزامهم إطلاق خطوات احتجاجية تصاعدية تبتدئ بإضراب مدة يومين 29 و30 أيار/ مايو الجاري مع تلويح بإمكانية أن تتسع الإحتجاجات لتشمل كل الأنشطة من مقاطعة تصحيح الامتحانات والمداولات والندوات والمناقشات واللقاءات العلمية، في كل الهياكل واللجن بمؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث بالجامعات. ويأتي هذا القرار بعد أن عرف تفعيل إجراءات اتفاق بين النقابة المذكورة ووزير التعليم العالي، سعيد أمزازي، تعثرات؛ إذ أخبر أمزازي المكتب الوطني للنقابة خلال لقاء جمعهما أن أجرأة الإتفاق مع النقابة الوطنية للتعليم بخصوص بعض نقاط ملفها المطلبي «تستوجب وقتاً إضافياً وحواراً داخل الحكومة».
وقال محمد أبو النصر، نائب الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي: «لا يمكن أن يكون هناك تقدم وتنمية وديمقراطية دون جامعة، أكثر من تسع سنوات ونحن نجتر المطالب نفسها. والآن نتجه في اتجاه التصعيد. هذه معركة ستبتدئ بإضراب 48 ساعة وقد تنتهي بالعصف بالامتحانات عبر مقاطعة عملية التصحيح ومقاطعة الدخول الجامعي المقبل». وأوضح في تصريح لـ«القدس العربي»، أن «هناك مطالب عالقة منذ سنوات تتعلق بالزيادة في الأجور وهي مجمدة منذ سنة 2003 لدرجة أن وضعية الأستاذ الباحث اليوم تراجعت بشكل خطير إلى جانب الطبقات الوسطى، وهناك زيادة في الأسعار وتكاليف العيش وتراجع للخدمات العمومية، فأكثر من ثلث أجر الأستاذ الباحث يضعه لتأدية فاتورة تدريس الأطفال، هناك بلترة للأستاذ الباحث والدولة لا تقوم بشيء لتحسين وضعه، المهام الجديدة تكلف الباحث أكثر، وميزانية الجامعة لا تستطيع التكلف بكل مهام البحث العلمي، طالبنا بإضافة درجة في الترقية لكي يكون تحفيزاً للأستاذة، كان هناك اتفاق ثم تراجعت الحكومة عن ذلك»، وقال إن «هناك أساتذة إذا طلبوا التقاعد النسبي سيكون لهم أجر أفضل مما إذا ظلوا يشتغلون، وهذا سيخلق خصاص وليس هناك من يعوضهم، فنتمنى ألا يتم هدر مزيد من الطاقات». واعتبرت النقابة أن ما جاء على لسان الوزير خلال اللقاء بخصوص المهلة الزمنية لأجرأة بعض نقط الملف المطلبي وحاجتها لحوار داخل الحكومة أنها بمثابة «تراجع» و»استخفاف أو غياب للوعي بخصوص الأزمة الخطيرة التي يتخبط فيها التعليم عــموماً والتعليم العالي وتكوين الأطر على وجه الخصوص»، وبأن «التراجع» يمس «مصداقية الحكومة ومصداقية الحوار الاجتماعي بصفة عامة»، حسب ما جاء في نص البلاغ الذي تلقت «الــقدس العربي» في نسخة منه. وإلى جانب المطالب المرتبطة بالترقية وتحسين شروط البحث العلمي، أثارت نقابة التعليم العالي أن إضراباتها تهدف كذلك إلى الدفــاع عن الحرية الأكاديمية وحرية المبادرة للأساتذة الباحثين في إطار عملهم ودفع الوزارة للتراجع عن مذكرتها الصادرة بــخصوص «تنظيم التظاهرات بالجامعة» إضافة لتبويء التربية والتكوين مكانة الأولوية كما هي حال الدول النامية باعـــتبارها مجالاً استراتيجياً وسيادياً.
ويعد مجال التعليم إحدى بؤر الاحتجاجات في المغرب، فقد تصدر قضايا الـــشأن العام التي شدت الانتباه إليها خلال الشهور الأخيرة خصوصاً بفعل المظاهرات الحاشدة لأساتذة التعاقد، وهم يعدون بالآلاف، وقد حظيت احتجاجاتهم التي عرفت في عدة محطات تدخلات أمنية لفض اعتصامات ليلية أمام البرلمان، تغطية واسعة لوسائل إعلام دولية ومحلية، وما فتئت احتجاجات هذه الفئة تتوارى قليلاً عن المشهد حتى انضمت خمس نقابات تعليمية أخرى لحملة الاحتجاجات كل سبت في رمضان، وتلتها مؤخراً فئة أســـاتذة التعليم العالي من خلال البلاغ الأخير لنقابتهم الذي يتوعد بأن يعلو موج الاحتجاجات في قـــطاع التعليم ليصل أساتذة التعليم العالي.