ان تدمير الابراج الفاخرة في غزة ـ «ابراج اكيروف» المحلية ـ على يد سلاح الجو قبيل نهاية حملة «الجرف الصامد» أحدثت صدمة معركة لسكان غزة، بل وربما صدمة أشد من تلك التي اثارها تدمير الاحياء الفقيرة.
في غزة مثلما في كل مكان، يلعب الاقتصاد دورا هاما ـ ولضرب المصالح الاقتصادية يوجد أثر. ولكن العكس ايضا: اذا ارتفع المستوى الاقتصادي لغزة بشكل ذي مغزى، ستقل جدا أيضا رغبة الغزيين في القتال ضد اسرائيل، لانه عندما يكون للناس ما يخسروه، فانهم لا يميلون الى القتال.
قبل حملة «الجرف الصامد» كانت غزة في أسفل الدرك: 1.76 مليون نسمة يعيشون في اكتظاظ هو الثالث في ارتفاعه في العالم، نحو 4.800 نسمة للكيلو متر المربع. البنى التحتية في وضع متهالك، وبالتالي حتى في الازمنة العادية توجد تشويشات كثيرة في شبكات الكهرباء، المياه والمجاري، واضافة الى معدل بطالة 45 في المئة وانتاج للفرج بنحو 1.500 دولار في السنة – اقل من النصف مما في الضفة، واقل من 5 في المئة مما في اسرائيل.
والان لا يوجد للغزيين الكثير ما يخسروه، في ظل الفقر وانعدام الجدوى من وضعهم. ولكن اذا كانت هناك «ابراج اكيروف» اكثر في مجالات الحياة المختلفة، فسيكون لديهم ما يخسروه.
ولعله مثير للعجب، ولكن لغزة توجد امكانيات اقتصادية: تنمية السياحة على طول شاطئ البحر، تنمية مجال الخدمات (بما في ذلك مثلا الدخول الى مجالات التكنولوجيا العليا)، وانتاج الغاز (في اعقاب اكتشاف حقل الغاز البحري الكبير في 1999). وفي المدى القصير، يمكن ايضا توجيه العديد من الاستثمارات وتشغيل العاملين في مجال تنمية البنى التحتية المادية والخدمات العامة.
كيف يمكن رفع مستوى غزة ومن سيفعل ذلك؟ ثمة معنى في هذا فقط اذا ما طرأ تغيير جذري. ليس تسهيل الحصار او فتح معين للمعابر ـ خطوات صغيرة لن تحقق الهدف الحقيقي، بل وستسيء للوضع في المدى البعيد. المطلوب هو اقامة آليات جديدة دولية لاحداث تغيير هائل كون حماس لم تثبت رغبة او قدرة على العمل في مثل هذا الاتجاه، واسرائيل ليست العنوان الصحيح. هذه الاليات تستدعي موافقة عدد من الدول والهيئات الدولية للقيام بالمهامة بجدية.
الحافز للدول التي ستساهم في مثل هذا الجهد سيكون هو أنه باستثمار صغير نسبيا سيكون ممكنا احداث انعطافة سابقة في منطقة مليئة بالنزاعات والتطرف الذي يهدد العالم بأسره.
كل العالم يعنى الان بمسألة كيف التصدي للاسلام المتطرف، وله مصلحة في الا تصل داعش والقاعدة الى المنطقة.
يبدو أنه يجب التركيز على محاولة الدفع الى الامام للموضوع في مستويين وبالتوازي. الاول، سياسي: دخول قوة من الامم المتحدة الى غزة من النوع الذي دخل في دخول يوغسلافيا السابقة في اعوام 1992 – 1995، لتكون تواجدا دوليا وقوة تسمح بالنشاط الاقتصادي.
والثاني، اقتصادي: هيأة دولية، مثل البنك الدولي، تقيم قوة مهامة تنفذ خطط للاستثمار المكثف بحجم مليار دولار في السنة على مدى عدة سنوات. ويحرص بنك مختص بالتنمية على التمويل الذي يأتي من جملة من الدول الغربية والعربية الغنية.
سيحدث مثل هذا النوع من التدخل الدولي تغييرا بالنسبة لنمط التدخل العسكري العادي الذي يقوم به الغرب في الدول الاسلامية.
وهكذا تنشأ سابقة ايجابية لتدخلات اخرى، ايجابية، من الغرب، ووزن مضاد في النشاط المتعاظم للمنظمات الاسلامية المتطرفة.
وينتهي هذا التدخل الدولي مع التقدم في تسوية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين ودمج غزة بالضفة. وبالتالي فان التجربة الغزية كفيلة بان تدفع الى الامام بالتسوية وتشكل نموذجا ايجابيا في السياق الشرق اوسطي.
عيران يشيف
٭ بروفيسور في كلية الاقتصاد برغلس في جامعة تل ابيب ورئيس برنامج الاقتصاد والامن القومي في معهد بحوث الامن القومي
يديعوت 22/9/2014
صحف عبرية
أعطوهم نعوشا يا حكام أوروبا لأن الحرب القادمة قد تتأتى على جميع الصهاينة. الهدنة لن تدوم مع المقاومة الفلسطينية.
الفكرة منطلقة من حرص الاسرائيلي العاقل على البقاء في المنطقة. انهم يعلمون جيدا ان بقائهم مستحيل خاصة مع بقاء اسباب العداء.
اقول للبروفيسور و غيره انه يمكنكم اطالة مدة وجودكم بعض الوقت بالقوة العسكرية او بالسياسة و الاقتصاد و لكن اسرائيل الى زوال لانها ببساطة جسم غريب في المنطقة. حتى دولتكم التاريخية الاولى المبنية على الدين لم تستمر لانها غريبة. و ان شركائكم الذين غرروا بكم تتغير احوالهم و لا يصح الا الصحيح