دكا: تشير مواقف الأطراف المعنية في أزمة أقلية الروهينجا المسلمة إلى أنه من المستبعد في وقت قريب حل أزمتهم وإعادتهم إلى وطنهم في ميانمار، في ظل غياب تحالف دولي يؤمن الشروط المطلوبة لتلك العودة.
مع مرور عامين على بدء المرحلة الراهنة من أزمة الروهينجا، لا يبدي مواطنو ميانمار، الذين لجؤوا إلى مخيمات في منطقة كوكس بازار ببنغلاديش، رغبة بالعودة إلى بلدهم؛ بسبب مخاوف أمنية تراودهم.
اللاعبون الدوليون، خصوصا المنظمات غير الحكومية، اعترضوا على إعادة 235 عائلة من الروهينجا، الخميس الماضي، إلى ميانمار، في خطوة قيل إنها تمت بدعم من الصين، في ظل الخوف والشعور بعدم الثقة السائدين بين اللاجئين.
وللقبول بالعودة إلى بلدهم، يتمسك الروهينجا بمطالب، أهمها الحصول على جنسية ميانمار (تعتبرهم الحكومة لاجئين بنغاليين غير نظاميين)، وضمان أمنهم، والحصول على حق ملكية ممتلكاتهم.
وتعمل الحكومة البنغالية مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) بهدف بدء عملية إعادة هؤلاء اللاجئين إلى بلدهم، وتم تسليم حكومة ميانمار لائحة تتضمن أسماء 55 ألفا من مواطنيها.
ولجأ أكثر من 730 ألف من الروهينجا إلى بنغلاديش، بعد حملة عسكرية بدأها جيش ميانمار في إقليم أراكان (غرب)، في 25 أغسطس/آب 2017، وشهدت عمليات قتل واغتصاب وإحراق متعمد لمنازل الروهينجا.
ووصل عدد اللاجئين الروهينجا جنوب شرقي بنغلاديش إلى 1.1 مليون.
وقال بروفسور العلاقات الدولية في جامعة دكا، محمد شهيد الزمان، إن “العائق الأساسي أمام تقدم المفاوضات بين بنغلاديش وميانمار هو عدم وجود شرط مسبق بانسحاب الجيش من أراكان، قبل عودة لاجئي الروهينجا إلى أراضيهم”.
وأضاف أنه “تم السماح لهذه الفجوة الكبيرة بالظهور إلى العلن، كما لو أن الروهينجا سيكونون معرضين للرمي بالرصاص مرة أخرى، حال السماح بعودتهم إلى ميانمار”.
وطالبت منظمة “هيومان رايتس ووتش”، في بيان، الحكومتين بتعليق خطط إعادة الروهينجا إلى بلدهم، حتى يتم تأمين عودة آمنة طوعية تحفظ كرامتهم.
وتعارض معظم 200 منظمة إغاثة تؤمن المساعدات الإنسانية لمخيمات الروهينجا إعادة الأقلية المسلمة إلى ميانمار ما دام الروهينجا في تردد إزاء تلك الخطوة.
ومكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، في “كوكس بازار”، هو أحد الجهات التي تتعرض لاتهامات بتعقيد الوضع.
في اقتباس نقلته عنه صحيفة بنغالية، تحدث توشار كونا خان، وهو مسؤول بنغالي سابق عمل على قضية الروهينجا في التسعينيات، عن “صعوبة إنهاء أزمة الروهينجا؛ بسبب عراقيل تضعها جهات مستفيدة من معاناتهم”.
وأضاف: “مهمة إعادة الروهينجا إلى بلدهم أصبحت اليوم أمرا أكثر صعوبة؛ جراء المستفيدين الذين يستخدمون صور الروهينجا لجمع تبرعات وأموال”.
وبعد أن استقبلت بنغلاديش لاجئي الروهينجا المشردين، الذين وصلوا أراضيها في حالة صدمة بسبب الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات الميانمارية بحقهم، تداعى المجتمع الدولي لتحمل جزء من المسؤولية لدعمهم ومساعدتهم.
وعرقلت الصين وروسيا مساعي مجلس الأمن الدولي، التي لم تتعد إصدار بيان لحث ميانمار على معالجة الأزمة.
ومنعت الهند دخول الروهينجا إلى أراضيها، ورحلت بعضا ممن نجحوا بالوصول إليها.
ولا تعترف ميانمار بالروهينجا كمواطنين، ولا تصنفهم بنغلاديش كلاجئين، وتسميهم وكالات التنمية “النازحين من ميانمار”، لتبني موقف وسطي في تسمية تلك العرقية.
وتعتبر ميانمار، الواقعة على ممر إستراتيجي يربط جنوب آسيا بجنوبها الشرقي، اقتصادا بكرا، إذ تتمتع بثروات طبيعية كالمعادن والأخشاب وإمكانات سياحية.
وبينما تمتلك الصين النفوذ الأكبر في اقتصاد ميانمار، تنفذ الهند مشروعا ضخما في مجال وسائل المواصلات في أراكان، وهو مشروع “كالادان للنقل متعدد الوسائط”.
وتسعى اليابان أيضا للحصول على استثمارات في الإقليم.
وحسب شهيد الزمان، فإن الولايات المتحدة، التي تمثل إرادة الغرب أيضا، “تعارض احتمال مكافأة الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي”، ولا تلعب دورا في جهود إعادة الروهينجا إلى بلدهم.
أما بكين، التي تخوض حربا اقتصادية ضد واشنطن بعد مواجهات بين البلدين في بحر الصين الجنوبي، فليس لديها أسباب لتقدير أية خطوة أمريكية تتعدى على مجال نفوذها.
إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، الدولة التي تتعرض باستمرار لانتقادات أغلبية أعضاء منظمة التعاون الإسلامي نتيجة احتلالها أراضٍ عربية، هي أحد أبرز الشركاء العسكريين لميانمار.
الجشع تجاه الموارد والمنافع التجارية من جهة و”الإسلاموفوبيا” من جهة أخرى، قد يكونان العاملين المشتركين، اللذين رسما سياسات بعض الدول تجاه قضية الروهينجا؛ حيث تدفع الهوية الدينية للروهينجا الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى اتخاذ موقف حساس من قضيتهم.
وتحدث ألطاف بارفيز، كاتب وباحث في شؤون ميانمار وأزمة العرقيات بالمنطقة، عن الدوافع المحركة لمواقف الدول من قضية الروهينجا.
وقال إن “البعض مدفوع بالمصالح الاقتصادية.. والهوية المسلمة للروهينجا ربما أدت إلى تعاطف أقل مع قضيتهم”.
وأضاف بارفيز أن “الصين قد تكون توصلت إلى اتفاق بشأن إعادة جزئية للروهينجا إلى بلدهم، أما الهند فتحاول الإبقاء على دور فعّال في القضية، عبر تصريحات مساندة لبنغلاديش”.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أي بعد أكثر من عام على بدء حملة ميانمار التي أودت بحياة حوالي 10 آلاف من الروهينجا، تداولت وسائل إعلام أنباء عن بناء سلطات ميانمار مئات المنازل في القرى التي هجرت منها الروهينجا، لتوطين بوذيين من خارج أراكان فيها.
وقضت محكمة العدل الدولية في لاهاي بالسجن مدى الحياة على الجنرال الصربي، راتكو ملاديتش؛ بسبب جرائم مشابهة، بعد أن أمر بقتل نحو ثمانية آلاف رجل وفتى، عام 1995، في ما تُعرف بمجزرة “سريبرنيتسا” في البوسنة.
واستبعد بارفيز احتمالية إعادة الروهينجا إلى بلدهم في وقت قريب، في ظل “الوقائع على الأرض”، بعد اندلاع اشتباكات بين جيش ميانمار ومتمردي “جيش أراكان”.
وتساءل: “أين ستضعهم السلطات (اللاجئين العائدين)، بعد أن اندلعت الحرب في كل مكان”.
الأمم المتحدة، التي تدير 14 بعثة لقوات حفظ السلام في مناطق نزاع بأرجاء العالم، فشلت باتخاذ خطوة مشابهة لإنهاء معاناة الروهينجا؛ بسبب موقف الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن (تمتلك حق النقض).
في هذه الأثناء يستمر معظم لاجئي الروهينجا بالعيش في “كوتوبالونغ”، أكبر مخيم للاجئين في العالم.
ولا توجد حتى الآن إشارة تلوح في الأفق حول صدور موقف موحد لأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل حصول الروهينجا على السلام. (الأناضول)
والله مساكين والأهم من هذا كله ان بابا الفاتيكان زار رئيسة بلدهم ولم يتطرق إلى موضوعهم! أين هي الرأفة والمحبة والسلام مادة الإنجيل العظيم
شكرا جزيلا للقدس العربي
أسوا ما يحصل لجالية مهاجرين أو مواطنين مسلمين تقل عن 10% بأي دولة غير مسلمة أن تتمرد على قوانين وأعراف ومعاملتها كعدو وبالتالي العمالة لأجنبي واستعانة به أو مطالبة بإنفصال حيث لم يحصل نتيجة ذلك إلا مذابح ولاجئين كما علمتنا التجارب، بل المطلوب من الدول الإسلامية تشجيع الجاليات المسلمة مهاجرين أو مواطنين للتعقل والحكمة والإخلاص للدولة التي يعيشون بها والسعي لتحصيل حقوقهم بطرق سلمية وسياسية وقانونية بل والعمل على أن يكونوا جسر لعلاقات صداقة بين دولتهم وبين الدول الإسلامية ثقافياً وتجارياً وعلمياً.