أكتوبر شهر التوعية العالمي بسرطان الثدي

وجدان الربيعي
حجم الخط
0

شهر تشرين الأول/اكتوبر من كل عام يكتسي حلة وردية، حيث ترتدي المصابات بسرطان الثدي والمتعافيات منه والداعمات، الوردي من أجل التوعية والتعريف بأهمية الفحص المبكر، وتكثر فيه الندوات الإعلامية والمحاضرات والاحتفالات بالناجيات حيث يتحدثن عن قصصهن مع المرض الخبيث.
سرطان الثدي هو الأكثر انتشارا وشيوعا عن باقي السرطانات، وما زال تشخيصه واكتشافه في بلاد المشرق يسبب أزمة حادة ليس فقط للمريضة فحسب بل حتى لأهلها وأصدقائها. قد تشعر المرأة أن الموت مصيرها لمجرد انها علمت بالإصابة وبالتالي تصبح مرحلة علاجها صعبة وقد تفقد حياتها بسبب الهلع والخوف وليس بسبب المرض، بينما تتضافر كل الجهود في الدول الغربية من أجل مساندة المريضة وأسرتها وتوفر العديد من المؤسسات الصحية والاجتماعية والنفسية والمختصة لمرضى سرطان الثدي كل المعونة المطلوبة لتسهيل الحياة والتخفيف من وطأة الإصابة وأغلب هذه المؤسسات خيرية.
الدراسات الحديثة بينت أنه في بريطانيا تكتشف حوالي 55 ألف حالة سنويا ومنها 11 ألف حالة تؤدي إلى الوفاة، مقارنة بأمريكا حيث تكتشف 200 ألف حالة سنويا تودي تقريبا بحياة 40 ألفا.
في بريطانيا بالنسبة للرجال بدأت تزيد النسب لتصل في العام الماضي إلى 385 خلال سنة ونسبة الوفاة تعدت 50 في المئة وهذه مسألة مقلقة.
أسئلة كثيرة تحير المرأة بعد تشخيص المرض لديها، الدكتور محمد الحجازي الاستشاري في الجراحة العامة وجراحة سرطان الثدي في بريطانيا تحدث لـ”القدس العربي” عن أمور هامة في وقال:
“سرطان الثدي من الأمراض الوراثية، ولو تعرض أحد أفراد الأسرة إلى الإصابة به فيجب ان يجري بقية أفراد الأسرة فحوص “DNA” لمعرفة احتمال الإصابة سرطان الثدي عند الأخوات أو الفتيات في الأسرة، وبالتالي تتم المتابعة والاهتمام تجنبا للإصابة، وبعض السيدات يقمن بإجراء عملية جراحية استباقية حتى لا يصبن بالسرطان كوقاية”.
وعن تاريخ اكتشافه قال: “سرطان الثدي اكتشف منذ زمن بعيد لكنه في ازدياد مقلق. ففي بريطانيا مثلا الدراسات الحديثة التي قدمت إلى البارونة مورغان، المسؤولة عن منظمة خيرية تعنى بمرضى سرطان الثدي وتهتم بمكافحته، بينت ان آخر عشر سنوات سجلت زيادة في الإصابة بالمرض. وعند سؤال البارونة قالت ان المشكلة تكمن في عدم اهتمام الناس بالحركة والتمارين الرياضية مع زيادة الوزن وتناول الكحول والتدخين والضغوط النفسية”.
ويشير الدكتور الحجازي إلى وجود طفرة نوعية في مجال الأبحاث العلمية التي يتوقع لها النجاح لإنقاذ حياة الكثيرات. ففي ألمانيا اكتشف فريق من الباحثين مؤخرا فيروس “EBV” الموجود داخل الخلايا السرطانية والذي لا يمكن رؤيته بفحص الدم العادي، ويضيف: نحن نعلم ان أحد أسباب السرطان هو هذا الفيروس الذي تم اكتشافه داخل الخلية.
وعن الأعراض والفحص الذاتي والتشخيص، فيشير إلى وجود عدد من الخطوات التي ينبغي اعتمادها، وينصح المرأة بعدم إهمال أي تغييرات مهما كانت صغيرة، وإن تتواصل مع المتخصص، إذا لاحظت احمرارا في جلد الثدي، وان شعرت بألم في ثدييها، وتغير في الجلد ونتوءات أو خروج بعض الإفرازات من الحلمة أو حكة مستمرة.
ويرى ان هناك خطأ شائعا لدى الناس مفاده ان السرطان يظهر بين يوم وليلة، ويقول حتى تتحول الخلية إلى سرطانية يجب ان تتكاثر في الخط السرطاني، يعني في كل 300 دورة يحتاج ليوم تقريبا، وحتى يصير حجم السرطان 1 سنتيمتر يحتاج 300 دورة.

سرطان الثدي عند الحامل

وبالنسبة لإكتشاف المرأة الحامل إصابتها بسرطان الثدي، وكيفية العلاج قال: ان تشخيص المرض عند الحامل خطر وصعب، وأنصح المرأة التي تفكر في الإنجاب بمراجعة الطبيب قبل الزواج لتتأكد من عدم وجود مشاكل الثدي.
ويضيف: أثناء الحمل ترتفع الهورمونات الانثوية، ونحن نعلم ان السرطان يتغذى على هذه الهورمونات، فيزيد حجمه ويصعب علاجه. وإذا ظهرت الأعراض في أول ثلاثة شهور من الحمل وأثبتت الفحوص ان الغدد التي تحت الإبط مصابة تنصح المريضة بأن تجهض، أما لو ظهرت الإصابة بعد الثلاثة شهور وكانت الغدد مصابة عندها نعطي الخيار للمريضة وننصحها بالإجهاض، ومن الممكن إنقاذ الطفل في الشهر السادس. وإذا اكتشف المرض في آخر ثلاثة شهور من الحمل فنتفق مع المريضة ان تنتظر حتى الولادة وبعدها يبدأ علاجها.
وتعتبر الجراحة هي الحل الأمثل لاستئصال سرطان الثدي، لكن من الممكن تجنبها إذا كانت المرأة متقدمة في السن، مثلا مريضة عمرها 93 سنة بينت الخزعة ان السرطان من النوع الذي يتفاعل مع الهورمونات الأنثوية وعالجها بالهورمونات وشفت بدون عملية.
ويؤكد على ضرورة التداخل الجراحي لو كان عمر المصابة 35 أو 40 أو 45 إلا إذا كانت المريضة في الدرجة الرابعة وهذا يعني ان السرطان ممتد لكل أنحاء جسمها وهنا الجراحة لا تفيد.
ويلخص دكتور الحجازي بعض الإرشادات الهامة:
– يجب عدم تأجيل علاج سرطان الثدي ست أسابيع بعد الشخيص والاكتشاف.
– تجنب العلاج الكيميائي إلا إذا أثبتنا أن الجسم يتفاعل معه لأنه سيف ذو حدين. نعلم ان الجسم لديه مناعة ذاتية، والكيميائي لو لم يتفاعل مع الخلية السرطانية فانه لا شك سيقتل المناعة الذاتية، وهذه فرصة للخلية السرطانية كي تزداد. من حق المريض ان يختار العلاج بعد ان يجلس مع مختصين لشرح تفاصيل العلاجات.

دعم المجتمع والأسرة

ويؤكد د. الحجازي على وجوب حصول المريضة على دعم الأسرة، وعلى ان تكون ثقة المريضة في نفسها عالية أولا. ففي المجتمعات الغربية تخطط العائلة فورا لرحلة للاستجمام وإذا سقط شعر رأس الأم والزوجة بسبب الكيميائي نجد الأولاد والأب يحلقون رؤوسهم تضامنا معها حتى لا تشعر أنها وحيدة ومختلفة.
ويتابع: “للأسف الشديد مجتمعاتنا الشرقية ما زالت متأخرة وينظرون باستعطاف لمريض السرطان، بينما في الغرب نرى المريض في الإعلام يتحدث عن تجربته بكل رحابة صدر، ويتواصل مع مرضى السرطان ويتحدث بثقة والناس تدعمهم من خلال مشاريع عديدة”.
ويرى ان الوضع في الدول العربية يحتاج إلى المزيد من الجهود الجادة من المؤسسات الحكومية صاحبة الشأن من أجل ان تؤمن مراكز خاصة بمرضى سرطان الثدي وترعى شؤونهم وأخذ العبرة من الدول التي تهتم بالإنسان دون ان يذل أو يتعرض لسوء المعاملة وللأخطاء الطبية أو الشح في المعلومات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية