لماذا يعقد لقاء وزراء الخارجية العرب مع وزيري خارجية الولايات المتحدة وإسرائيل في مستعمرة «سديه بوكير» في النقب الشمالي؟ فهذا الكيبوتس كان المكان الذي عاش فيه دايفيد بن غوريون المؤسس الفعلي للدولة العبرية، سنواته الأخيرة، ودفن فيه.
هل صار قبر بن غوريون، حيث سيقف الوزراء العرب منحني الرؤوس أمام ذكرى من أذل بلادهم وطرد الشعب الفلسطيني من وطنه، مكاناً يحج إليه عرب اتفاقيات «أبراهام» من أجل تأكيد ولائهم لقاتل شعوبهم؟
ما جرى في النقب يتجاوز في دلالاته الرمزية كل القمم والمؤتمرات، فإسرائيل تصر على استخدام الرموز في الوقت الذي تمنع فيه الفلسطينيين من الاحتماء برموزهم وذاكرتهم، بل تقوم بتحطيم هذه الرموز بشكل منهجي.
المسألة أبعد من كل الكلام السياسي الذي قيل ويقال. فالذهاب إلى النقب، الذي يتعرض للتطهير العرقي المنظم وتدمر قراه بشكل منهجي، وعقد الاجتماع في ظل مؤسس دولة الأبرتهايد الإسرائيلية، يتجاوز في دلالاته كل الحجج التي قيلت وسوف تقال عن مواجهة «الخطر الإيراني» والتخوّف من تداعيات الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، الذي بات وشيكاً.
فالرمز في اللعبة الإسرائيلية مع عرب التطبيع الخائفين على عروشهم، هو إعلان واضح بأن الوطن العربي خرج من خريطة العالم، وصار كمّاً مهملاً.
بعد سقوط الناصرية على أثر هزيمة الخامس من حزيران- يونيو، وفشل حرب تشرين-أكتوبر، الذي قاد مصر إلى «سلام» منفرد مع إسرائيل، حاول النظام الإقليمي العربي أن يلمّ أشلاءه عبر محور ثلاثي مؤلف من السعودية وسورية ومصر. كان هذا هو محور الحد الأدنى الذي أنتج «مبادرة السلام العربية» التي ألقت بها إسرائيل في سلة المهملات. لكن هذا المحور بدأ يتفكك خلال غزو العراق 2003، وانتهى عملياً مع بدايات انتفاضات الربيع العربي.
تم إغراق الانتفاضات الشعبية المطالبة بالخبز والحرية بالدم، وبدأت مسيرة الثورة المضادة التي كسرت كل المحرمات، ووجدت نفسها وقد ارتمت في الحضن الإسرائيلي.
منذ اتفاقيات «أبراهام» والعالم العربي يتحول إلى فراغ شامل، تحاول إسرائيل أن تملأه. في هذا الفراغ ينمو الخطاب الطائفي- المذهبي السني- الشيعي، وتعاد سيرة ملوك الطوائف الذين كانوا أداة اندثار الأندلس.
غالباً ما قام المثقفون العرب بتشبيه فلسطين بالأندلس، وهو تشبيه خاطئ، لأن فلسطين قاومت ولا تزال تقاوم. لكن لم يخطر في بال أحد أن يشبّه المشرق العربي بأسره بالأندلس.
هل صار حكام العرب هم ملوك النهاية الذين يؤَندَلِسون المشرق العربي، ويقودونه إلى الاندثار؟
لا أستطيع أن أقرأ قمة شرم الشيخ ولقاء وزراء الخارجية العرب مع وزيري خارجية إسرائيل والولايات المتحدة في «سديه بوكير» في النقب، سوى بصفتها إعلان إفلاس وخضوع.
من الواضح أن الأنظمة العربية تلجأ إلى إسرائيل من أجل حمايتها من تداعيات الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني. إسرائيل وأنظمة الاستسلام في مركب واحد أمام الرعب من الانسحاب الأمريكي من المنطقة.
تعابير الخيانة والاستسلام فقدت معانيها، وسوف يأتيك غداً من يحتمي بمنشار بن سلمان، كي يعطيك دروساً في الواقعية والتعددية وضرورة طي صفحة الصراع مع إسرائيل.
نسي الحكام العرب أو قرروا أن يتناسوا كل شيء يتعلق بالمأساة الفلسطينية، لكن إسرائيل لم تنس.
اجتماع «سديه بوكير» هو قمة الإذلال، وهو إذلال رمزي تمارسه إسرائيل، من دون مراعاة حلفائها الجدد.
يذهبون للحج أمام قبر مؤسس النكبة، وأول رئيس لوزراء دولة قامت بطرد فلسطين من فلسطين، وهناك سوف تنحني الهامات أمام «النبي المسلح». حكام العرب يعلمون أنهم سيكونون في حضرة نبي كاذب، وأمام من رسم الخطة «دالت» للتطهير العرقي الدموي في فلسطين، لكنهم لا يبالون.
إنها أندلس المشرق العربي، متسلطون يعتقدون أنهم يستقوون بإسرائيل على شعوبهم أولاً، وعلى إيران ثانياً، وعلى بعضهم البعض ثالثاً، في محاولة يائسة لإنقاذ عروشهم وكراسيهم.
يتشبهون بملوك الطوائف الذين تحالفوا مع أعدائهم القشتاليين في سبيل حماية أنفسهم من أقرانهم فانتهوا مطرودين من بلادهم.
الخريطة العربية تغرق في رمال صحراء النقب، وتختفي.
نستطيع أن نقول فليذهبوا إلى الجحيم الذي اختاروه. فالمال والنفط والثروة ليست مصدر قوة إلا لمن يحسن استخدامها، ويوظفها في خدمة الناس. أما حين تكون الثروة حكراً على بنية حاكمة مستبدة ومذعورة وخائفة، فإنها تصير أداة ضعف وطريقاً إلى الهلاك.
لم تعد المسألة هي الخوف على فلسطين. خروجهم من لعبة المتاجرة يريح الفلسطينيين شرط ألّا تسقط القيادات الفلسطينية في شرك الفساد والصراعات الداخلية. لكن للأسف، فقد سقطت فلسطين في هذا المستنقع الذي يوحي بأن غيابها هو نتيجة الحلف العربي الإسرائيلي، وهذا ليس صحيحاً.
الخوف ليس على فلسطين، الخوف هو أن يقوم ملوك الطوائف العرب بتحويل المشرق العربي كله إلى أندلس النهاية.
هنيئاً لوزراء الخارجية العرب بهذا اللقاء في «سديه بوكير» أمام قبر بن غوريون، وليس بعيداً عن المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا.
في «سديه بوكير» سوف يتم تثقيف الوزراء العرب في مركز دراسة تراث بن غوريون التابع لجامعة بئر السبع، كما سيتم تعريفهم على الإنجازات النووية الإسرائيلية في مدينة ديمونا، التي تقع جنوب بئر السبع!
اطمئنوا أيها العرب، مصيركم صار في يد إسرائيل، كلوا لحم خروف من الجولان المحتل، واشربوا ماء ثقيلاً مخصباً باليورانيوم من ديمونا، فهذه النهاية تليق بمن جعل التمسك بالسلطة مبدأه، وقمع الحريات شعاره.a
الاستاذ الياس. من الأكثر عداء و كراهية للعرب كافة. إسرائيل ام إيران. ألم تبدأ مسبقا إيران باحتلال الجزر الإماراتية ، جزيرة ابو موسى و الطنب الصغرى و طنب الكبرى أمام أعين العالم و لا احد يحرك ساكنا .
هذا يعتبر سقوط مدوي …كيف لك ان تقارن بين جزيرة طنب وبين قلب العالم الاسلامي والعربي فلسطين العظمي يا هذا ليس لها مثيل لكي تقارن به ..
إيران. لم تؤذي العرب بل العرب هم من أذوها
سعيد أنت تأتي بفذلكات تفنيدية من عندياتك أحيانا وأحيانا من عنديات من يعمل على الاتجار بقضية فلسطين – احتلال الجزر الإماراتية الثلاث من قبل إيران لا يختلف من حيث المبدأ عن احتلال لواء إسكندرون السوري من قبل تركيا ولا يختلف من حيث المبدأ أيضا عن احتلال دولة فلسطين من قبل إسرائيل – تاريخيا هذه كلها أمثلة واقعية ملموسة على الاحتلال بامتياز شاء من شاء وأبى من أبى
الحرب بأوكرانيا ستحدث تغييراً عالميا لصالح الفلسطينيين من باب : الإحتلال هو الإحتلال !
الأهم من هذا هو بإتحاد الفلسطينيين على أهداف واحدة !! ولا حول ولا قوة الا بالله
وفيت وكفيت لله ذرك من كلمات ومن مقال ، دع المطبعون والمنبطحون يحجون لقبور القتلى ومصاصي الدماء ، فلفسطين أهل ورب يحميانها
مقال رائع جدا
سلم قلمك
مقال رائع جدا
سلم قلمك
للحكام العرب الكثير من المواقف المخزية التى تلطخت بها وجوه الامة فلولا النظم العربية
الخانعة ما وصلت اليه قضية فلسطين الى ما هى عليه زد وعد الى موقف الامراء المشايخ من
ثورة الشريف حسين الى تجزئة المشرق العربيى من خلال سايكس وبيكو والتخاذل فى الحرب العربية
ونشاة اسرائيل وان كثرت اكثر تتعب وتنهار قواك ان عاتبت وتذرف الدم ان بكيت
رائع كعادتك عزيزي الياس جزاك الله كل خير علي جهدك في فضح اشباه الرجال و اتفق معك تمامآ فيما تفضلت كما لو ان التاريخ يعيد نفسه فمثل هولاء في الجبن و الذل و انعدام ادني حد من الكرامه و الانسانيه و الدين يذكرنا بمولوك الطوائف خلال الحروب الصليبيه و المغوليه و التتاريه المتحالفين و المتأمرين علي الامه. فلغتهم و أفكارهم و اسبابهم للخيانه واحده. انا مسلم سني و لا اري في إيران كل هذا التهديد المفتعل المبالغ فيه للامه. إيران تريد أن تكون دوله اقليميه مستقله مستعينه بالعلم و العلماء و استخدام امكانياتها و لها الحق في ذلك و الافضل للعربان بان يتعلموا من تجربة إيران و ليس محاربتها و افتعال العدوانيه معها و هي دوله اساسيه في المنطقه و لفت الانظار عن العدو الحقيقي و هو الاحتلال الصهيوني.
أخي أبو خليل، كنا نظن ذلك في الماضي لكن تبين أنه اذا كان ينهش بجسمك ذئبان لايمكنك أن تقول أن أحدهم أقل خطرًا من الأخر. عليك أن تكون قويًا بنفسك وعندها سيبعد الخطر عنك.
حياك الله اخي اسامه و اتفهم موقفك. لكن مالذي يمنع الاعراب من الاخد بأمور القوه و بناء دول قويه مستقله لها مكانتها و احترامها بين الدول و خاصه ان الله انعم علي بلادنا بكل الخير و المتطلبات لذلك؟ لماذا دايمآ يختارون ان يكون موقعهم في الاعراب مفعول بهم و التبعيه سواء للغرب او لروسيا او للصين و الان للدوله الصهيونيه ؟ شخصيا” احترم الدول اللتي تريد العزه و القوه و التقدم و الاستقلال عن التبعية. شخصيا” لا يسعني الا احترام تركيا و إيران بالرغم من التحفظ علي بعض سيساتهم في المنطقه. لكن لو أرادت الانظمه العربيه التعامل الايجابي مع ايران بما يخدم شعوب المنطقه ربما لكان افضل من العداوه المفتعله من اجل اهدار الطاقات و المليارات علي صفقات اسلحه فاسده عف عليها الزمن .لا يمكن للعرب التخلص من إيران كما أن إيران لا يمكنها التخلص من العرب. اعتقد الذي يجمعنا اكثر من الذي يفرقنا.
“إنها أندلس المشرق العربي، متسلطون يعتقدون أنهم يستقوون بإسرائيل على شعوبهم أولاً، وعلى إيران ثانياً، وعلى بعضهم البعض ثالثاً، في محاولة يائسة لإنقاذ عروشهم وكراسيهم.” اوافقك على كل ما ذهبت اليه هنا باستثناء ايران!
عرب بن غوريون يعلمون أن ايران مجرد حذاء هي الاخرى في قدم صهيون، تتحرك في اتجاه معاكس لنتبجة مقررة و مضبوطة!
من يتصور في حلم او يقظة أن تستقل ايران بتهديد حليف لامريكا و اسرائيل دون اذن او توجيه ؟!
ايران لولا اتقان دورها كفزاعة و كمسوغ لانبطاح العرب لصهيون ، لكان مصيرها مصير العراق و سوريا اللتان تتقاسم احتلالهما مع الروس و الامريكان!!
تحية لك استاذ إلياس ..
مقال رائع. الله ما اروع هذه الجملة: هل صار قبر بن غوريون، حيث سيقف الوزراء العرب منحني الرؤوس أمام ذكرى من أذل بلادهم وطرد الشعب الفلسطيني من وطنه، مكاناً يحج إليه عرب اتفاقيات «أبراهام» من أجل تأكيد ولائهم لقاتل شعوبهم؟
لا تتعب نفسك ايها الكاتب المبدع. هل هناك شخص على وجه الارض ممكن ان يقنع فيفي عبده او هيفا وهبي ان ما تقومان به عيب؟ هما بالعكس مقتنعتان تمام الاقتناع ان الرقص والغناء اعمال جليلة ورفيعة الشأن. وكذلك الامر مع هؤلاء