يتنافس 4 آلاف مرشح هذه الأيام على 598 مقعداً في الجمعية الوطنية، وهي البرلمان الأدنى في مصر. وينتمي معظم المرشحين لحزب “مستقبل وطن”، المؤيد للرئيس السيسي. لا توجد معارضة تتنافس، ويبدو الوضع مريحاً للحكم ظاهراً؛ ولكنه –عملياً- مدخل لمشاكل مقلقة.
قال حسن نفاع، المحاضر الشهير في العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مؤخراً، إن البرلمان المصري كف عن أن يكون ذراعاً تشريعية، وهو يسير على الخط مع الذراع التنفيذية، أو بكلمات بسيطة: البرلمان ينفذ كلمة الرئيس. ثمة مؤشرات مقلقة أخرى تأتي من بلاد النيل: حالة الطوارئ في الدولة تمدد تلقائياً، وهي تحظر المظاهرات. في نيسان من هذا العام، سن قانون مكافحة الإرهاب، الذي يوسع أسباب الاعتقالات، واستخدم –عملياً- ضد الصحافيين والمثقفين والأكاديميين ومعارضي النظام. بعد شهر من ذلك، في أيار، وسع الرئيس صلاحياته بحيث يتمكن من منع أي نوع من التجمهر الخاص أو العام.
يتبين من منشورات من خارج مصر بأن نحو 60 ألف معتقل سياسي في الدولة. وتوجه أكثر من 50 من أعضاء الكونغرس الأمريكي الديمقراطيين للرئيس السيسي بطلب لتحريرهم، وألمحوا بأنهم سيؤيدون تقييم موقفهم من مصر وفقاً لمستوى احترام حقوق الإنسان. ونقل مئات البرلمانيين الأوروبيين لمصر مطلباً مشابهاً. رد السيسي على مثل هذه المطالب غير مرة بالاستخفاف، وقال لمنتقديه: “لا تعلمونا ما هي حقوق الإنسان”. ليس صعباً التخمين كيف ينوي الرد على دعوة دولية لتحرير السجناء السياسيين في مصر. ومع ذلك، فإن انتصاراً ديمقراطياً في الانتخابات للرئاسة الأمريكية كفيل بأن يشدد الضغط، مثل الضغط الذي مارسه الرئيس أوباما على مبارك. وإذا لم يكن هذا بكافٍ، فإن 49 شخصاً أعدموا في غضون عشرة أيام.
إن سيطرة أذرع الأمن في القاهرة متشددة للغاية، ولمدن أخرى في الدولة. حيال قلة المظاهرات في العاصمة، سجل ارتفاع في حجم الاحتجاجات في المحيط، وكلها تطالب بإسقاط السيسي. وانضمت الشبكات الاجتماعية إلى الأصوات وهي تطالب إعلاماً حراً وحماية لحقوق الإنسان والمواطن. يشكك كثيرون بالمعطيات الرسمية التي يقدمها الحكم حول التحسن في الوضع الاقتصادي. ويدعي مدير عام مركز حقوق الفرد، اسر عبد الرازق بأن المؤشرات الاقتصادية الرسمية لا تتوافق والحياة اليومية.
لقد حلم الجمهور المصري بالانفتاح والشفافية بعد إسقاط مبارك الذي اعتبر طاغية. ثمة من يدعي بأن النظام اليوم أكثر تصلباً من أسلافه. الإخوان المسلمون ينفون ويلاحقون، والمعارضة غائبة، والتغييرات في القانون تسمح للسيسي بأن يتولى الحكم كرئيس حتى 2030، وتسمح القوانين بالسيطرة بوسائل تعسفية، بما في ذلك الاعتقالات السياسية والإعدامات.
إن الاستياء في مصر يتعاظم، والهياج هو التحدي للرئيس السيسي. ومثلما يفيد التاريخ غير البعيد، فإن هذا سيلقي بـأثره على المنطقة بأسرها.
بقلم: إسحق ليفانون
إسرائيل اليوم 26/10/2020