القاهرة ـ «القدس العربي»: ما إن تشرق شمس يوم جديد، إلا وتحمل معها نبأ ارتفاع سلعة جديدة، ما أحال حياة الأغلبية الفقيرة لمسلسل من العذاب، وبدوره بادر الدكتور مبروك عطية أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، لوضع روشتة لمواجهة غلاء الأسعار، قائلا: “إذا أردتم ألَّا يصيبنا الله بالغلاء، فازدادوا شكرا لله على الموجود قبل أن يفنى”، حيث قال تعالى” أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ” (الواقعة) وتابع الداعية: يُخاطبنا الله بشكره قبل أن يجعل الماء الذي نشربه ملحا.
أما المعركة الأبرز في صحف أمس الاثنين 8 نوفمبر/تشرين الثاني فكانت موجهة لتيار الإسلام السياسي والقوى السلفية، إذ وجدت تلك القوى كافة نفسها أمام اتهام موجه من وزير الأوقاف، وكتّاب يعادون السلفيين والإخوان، مفاده الاستيلاء على أموال التبرعات الموجودة في المساجد واستخدمها في مآرب أخرى، من بينها الإنفاق على عائلات المحبوسين من التيار الإسلامي.. وحول الأزمة مع إثيوبيا توقع السفير محمد العرابي وزير الخارجية السابق أن سد النهضة لن يكتمل، وأن آبي أحمد سيجد صعوبة في حكم إثيوبيا. ومن تصريحات المسؤولين: أكد المهندس كامل الوزير وزير النقل، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكد أنه لا بد أن نتعاون مع شركائنا العالميين، ووجه بنقل بعض من مصانعهم العالمية للعمل في مصر، وإنشاء صناعات لها، وأنها ستجد كل المعاونة من المصريين. ومن أبرز التقارير الخاصة بالأوضاع في السودان: أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، أن لقاءات وفد الجامعة العربية مع القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وعبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني، كانت إيجابية. وقال زكي إن وفد الجامعة العربية يشعر بأن حل الأزمة وشيك في السودان، لاسيما أنه وجد أرضية مشتركة للتوصل إلى حل. ومن أخبار مقاومة الفيروس القاتل: قال مستشار الرئيس للشؤون الصحية والوقائية الدكتور محمد عوض تاج الدين، إن السلطات الصحية لا تزال تدرس ملف تطعيم الأطفال بلقاح (فايزر) حتى الآن، خاصة أنه اللقاح الوحيد الذي أجيز عالميا لتطعيم الأطفال به. ومن أخبار الحوادث: أجهزت قوات الأمن على تشكيل عصابي يحمل أفراده أسلحة ثقيلة وقد تخصص أفراده في جرائم القتل والخطف والبلطجة. فضلا عن الاتجار بالمواد المخدرة، وتمكنت القوات من القضاء على 12 عنصرا من العناصر الإجرامية في منطقة عرب كيما في أسوان، يتزعم التشكيل حمدي أبوصالح – 39 سنة – الهارب والمحكوم عليه بالإعدام وعدد من أحكام المؤبد.. ومن أبرز ردود أمس الاثنين على الإعلامي إبراهيم عيسى، رد علاء مبارك، بشأن قراءة الصيدلي قرآنأ أثناء ساعات العمل، قال علاء “الحقيقة مش فاهم أيه اللي مزعل الأستاذ إبراهيم عيسى ومعصبة لهذه الدرجة من رجل صيدلي يقرأ القرآن في الأجزخانة.. وأنت مالك”. ومن الأخبار الأخرى، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط 277 كيلوغراما من دواجن «بورغر» وقطع من اللحوم غير صالحة للأكل، كما تم ضبط 1007 من طيور الحمام فاسدة، تمهيدا لطهيها وتقديمها للجمهور في أحد مطاعم القاهرة، وتم التحفظ على صاحب المطعم.
وأما السائل فلا تنهر
ومع قضية الساعة متجسدة في إلغاء التبرع في المساجد بصحبة أحمد الخطيب في “الوطن”: قبل يومين، أصدر وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة، قرارا تاريخيا وشجاعا، ضمن سلسلة من القرارات، التي كشفت وَهْم سنوات طويلة من التديّن المزيف والزائف بفعل التشويه المتعمد. وزير الأوقاف ألغى صناديق التبرعات والنذور من المساجد، التي طالما كانت ولا تزال محل شبهات سرقة ولصوصية، وتوظيف غير شرعي طوال الوقت، وقصرها على مساجد محدودة بعينها، ينظم عملها القانون الذي حدّد لجانا رقابية تشرف عليها. وصف الكاتب القرار بأنه تاريخي وجريء. تاريخي لأنه أنهى سنوات من استغلال تبرعات الناس، إلى ما لم تكن تعلم مآله. تمويل.. إرهاب.. سرقة.. ابتزاز.. تسول.. أي شيء، يمكن أن تتوقعه أو لا تتوقعه، أو يقع خارج دائرة خيالك، كان يمكن أن يحدث بأموال التبرعات للمساجد، رغم صدق مقصد المتبرعين. التبرع للمساجد في بعض الأحيان، بل والكثير أيضا، ابتزاز لجمهور المصلين، من غالبية المسيطرين على بعض بيوت الله. هذا الابتزاز كان منبته الأساسي الدائرة التي أحاطت بالدين لسنوات طويلة، فسرقت من جيوب المواطنين وقوت يومهم، إلى مجهول لم يكونوا يعلمونه. نحن أمام وزارة أوقاف لها بصمة حقيقية في تطوير الخطاب الديني. نحن أمام وزير قدير غيّر من ثياب وزارة بأكملها، فأوقفها على قدميها، ما مكّن الدولة المصرية من السيطرة على التطرّف بشقه المعرفي. تحت يديّ عشرات القصص الموثّقة عيانا من سرقات أموال المتبرعين في المساجد وآلاف القصص غير الموثّقة. هذه القصص تجمعها مشروعية واحدة موثّقة، تجيز سرقة الأموال والحصول عليها باسم العاملين عليها، «العاملين عليها» دليل قرآني استخدمه لصوص التبرعات في المساجد زورا وبهتانا لشرعنة الاستيلاء على أموال التبرّع حسنة الغاية.. فكانت الكارثة، كارثه تشريع الاستيلاء على أموال التبرع باسم الدين، فذهبت للبطون وتمويل جماعات الإرهاب، التي كان التبرع ولا يزال عماد قوامها في التخريب والإفساد.
مسنة ومنقبة
شدد ممدوح الصغير في “الأخبار” على أنه لا صحة لواقعة اعتداء قتيل مذبحة الإسماعيلية على والدة القاتل وشقيقته، فحسب ما يتردد من أحاديث من مقربين، سُجَّلت اعترافاتهم في النيابة، أن والدة القاتل مسنة ومنقبة ولا تخرج من منزلها، وشقيقته لا تُغادر المنزل وملازمة لوالدتها، وشقيقة القتيل للأسف لُوثت سمعتها عبر ربطها بالجريمة، وتداولت الأخبار قصتها بكثرة، وحسب ما علمته من مراسل إحدى الصحف في الإسماعيلية الجميلة بأخلاق من يسكنها، فإن كل ما تردد عن واقعة اعتداء القتيل على والدة وشقيقة القاتل عارٍ تماما من الصحة. وأكد الكاتب أن النيابة خلال فترة وجيزة سوف تعقد محاكمة عاجلة للقاتل، أتوقع خلال أسبوعين، ولن تُطيل المدة، فالوقت مرتبطٌ بالنيابة، التي أصبح في طرفها كل القرائن والمعلومات عن الجريمة من خلال اعترافات القاتل وأسرته والشهود عن الواقعة التي تُعد جريمة واضحة، كل الأدلة تُدين القاتل. وأوضح الكاتب أنه بعد نفي الاعتداء على الأم، صار البعض يُجزم بأن قصة تجمع بين القاتل والقتيل، هي سبب الجريمة، هناك سرٌ يعرفه الاثنان فقط، ويُردد البعض قصة لا أعرف صحتها، بأن هناك غراما فاشلا للقاتل، كان السبب في إدمانه ودخوله المصحة، إذ انصرف لتعاطي المخدرات بجميع أنواعها، أراد أن يهرب من الواقع إلى عالم افتراضي من صُنع حبوب الهلوسة. أيا كانت القصة والحكايات التي تُنسج حول سبب الجريمة، فالقاتل سوف يُحاكم طبقا لاعترافاته، يُضاف إليها أقوال الشهود وفيديو الجريمة، لتكملة الأركان. جريمة الإسماعيلية ربما لم تكن الأخيرة، إذا لم نتحرك ونُعيد تأثير القوى الناعمة على أخلاقيات شباب اليوم وأمل مصر في غدها القريب، سابقا، كانت أعمالنا تهدف لزرع الخير والقيم داخل نفوس الصغار، الأسر اليوم صارت تمنع صغارها من متابعة الأعمال التي صار معظمها مصنفا بأنه ممنوعٌ لأقل من 18 عاما رؤيته، لا أعتقد أن هناك أسرا تستطيع فرض رقابة صارمة على صغارها لمشاغل الحياة.
تجنبا لكارثة
أكد أحمد إبراهيم في “الوطن” أنه في حالة حدوث الأزمات، فإن الدول التي لديها فائض في الغذاء تتوقف عن تصديره حتى توفره أولا لشعوبها، ثم تغلق أبوابها على نفسها، هنا تتعرض الدول المستوردة إلى ضرر كبير.
وحذر الكاتب: نحن في مصر يجب علينا الاستعداد لمواجهة مثل هذه الأزمات قبل وقوعها، حتى على الأقل نخفّف من آثارها. ولذلك طالب الكاتب بإنشاء المجلس الأعلى للإنتاج برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية رجال الإنتاج الحقيقيين من الصناعة والزراعة، الذين أيديهم في النار، حيث يعلمون بالمشكلات التي تواجههم وحلولها. وأكد الكاتب أن هذا المجلس سوف يكون أهم من مجالس وأجهزة وهيئات كثيرة في البلد، ليس لها دور، بل تشكل عبئا على الموازنة العامة، لأن حماية المنتجين ورعايتهم قضية أمن قومي، والحماية ليست فقط بالكلام، ولكن بإجراءات حقيقية على أرض الواقع، والأهم بتغيير فكر بعض المسؤولين من الجباية إلى الإنتاج والاستثمار والمُنتج، سواء كان زراعيا أو صناعيا كبيرا أو صغيرا، يحتاج من دولته أمرين لا ثالث لهما: الأول دعم مستلزمات الإنتاج وتوفيرها بأسعار مخفّضة، ولو أمكن مجانا، لأن دعم الإنتاج هو دعم للشعب كله، يتمثل في إنتاج الغذاء وتوفيره بأسعار مناسبة. الأمر الثاني تسويق منتجاته بأسعار عادلة تحقق له هامش ربح يضمن استمراره وعدم الخسارة، وبالتالي التعثّر والخروج من سوق الإنتاج. ويرى الكاتب أن المنتجين ما زالوا يعانون من أعباء كثيرة تجعل بعضهم يتعثر أو يتّجه للمشروعات الاستهلاكية مثل، العقارات والتوكيلات والاستيراد والكافيهات والمطاعم، باعتبار أن أرباحها سريعة وسهلة وأعباءها خفيفة، بل يمكن إقامتها دون ترخيص، فالذي يفكر في إقامة مشروع إنتاجى يتعرّض لمشكلات كثيرة. إن الفوائد التي تعود على البلد من الإنتاج أضعاف أضعاف ما تتحصّل عليه من الضرائب على مستلزمات الإنتاج، وخلص الكاتب إلى أنه ليس هناك أي دولة حاليا في العالم تفرض مثلا ضرائب عقارية على المزارع والمصانع سوى مصر.
الحكومة بريئة
تفرد سمير رجب في “الجمهورية” بمنح الحكومة صك براءة من الأزمات التي تحيط بالجماهير: عملت الدولة ما عليها وقدمت كل الإمكانات وفتحت السبل كافة أمام الآفاق الواسعة، دون تقييد أو تحديد.. وبالتالي يقع الجزء الآخر من المسؤولية على عاتقنا كشعب.. إذ ينبغي أن نعي جيدا أن الجمهورية الجديدة، لا بد أن تتخلص من ركام الماضي وسلبيات السنين، إذ لن يكون هناك مجال للفساد ولا المفسدين ولا للسلب أو النهب في أي قطاع من القطاعات ما صغر منه وما كبر. وانطلاقا من المفاهيم ذاتها فسوف يستمر التعليم يحتل المرتبة الأولى لدى الجمهورية الجديدة، بحيث لا تتوقف عمليات تطويره، ويستمر البحث دوما عن الوسائل التي توفر للأجيال تلو الأجيال آفاقا أكبر من المعرفة.. والبحث وخوض أسرار الكون. الحال نفسه بالنسبة للصحة، بعد أن أدركنا من خلال هذه الجمهورية التي ما زلنا نعيش أيامها وشهورها، أن العنصرين الأساسيين لاستقرار المجتمع واستثمار عناصره ومصادره بشتى ألوانها وفروعها هما التعليم والصحة، لاسيما وأن لدينا خبرات سابقة ناضجة، يستحيل أن تغفلها سجلات التاريخ مثل القضاء على فيروس سي، ومواجهة فيروس كورونا، بالعلم والشجاعة والتضحيات، ما قلل الخسائر الناجمة عنه.. والتي عبرناها لنستمر في معركة البناء والتشييد، دون أن يمنعنا ذلك من اقتحام ريف مصر بقراه ونجوعه، لتوفير حياة كريمة لأبنائه أجمعين. على الجانب المقابل يجب أن ننتبه جميعا ونحن فوق أرض جمهوريتنا الجديدة، إلى أنها ونحن سنظل موضع حسد وغيرة الكثيرين، بل سنظل هدفا لقوى الشر التي لا يسعدها من قريب أو بعيد أي خطوة نخطوها للأمام، وبالتالي فإن الخلايا النائمة ستظل تحيك المؤامرات، وتدبر الفتن وواجبنا أن نقف في مواجهتهم بالشجاعة والجرأة والوعي، الذي تمكنا والحمد لله خلال السنوات الماضية من إعادة تشكيله وفقا للمبادئ الواضحة والمحددة، والمعاني التي لا تقبل لبسا أو تأويلا.
يحتاج معجزة
نتوجه نحو الاشقاء بصحبة مرسي عطا الله في “الأهرام”: ما لم تحدث انفراجة حقيقية في الأيام القليلة المقبلة لحلحلة الأزمة السياسية في السودان فإن المسافات سوف تزداد اتساعا بين المكونين العسكري والمدني، وذلك يمكن أن يضع السودان على أعتاب أزمة لا يمكن التنبؤ بها وبمداها الذي قد يبتعد كثيرا عن حدود المعقول. ولست أتجاوز الحقيقة عندما أقول إن السودان يحتاج إلى معجزة يصنعها الداخل السوداني فقط، لأن الرهان على الحلول والتدخلات الأجنبية تحت مسمى الوساطة سوف يزيد الأمور تعقيدا. السودان بالفعل يحتاج في هذه اللحظات الحرجة إلى معجزة وفاقية يلتف حولها كل السودانيين بتجرد تام يخلو من الأحلام والأطماع السياسية الضيقة، ويرتفع إلى مستوى الخطر والتحدي الذي يترتب على طول زمن الفراغ السياسي. ولعل ما يعزز من إمكانية صنع المعجزة السياسية المطلوبة للسودان، أن كل أطراف الأزمة الراهنة «عسكريين ومدنيين» لهم جميعا رأي يكاد يكون واحدا وتكاد ألفاظهم وتعبيراتهم تكون متشابهة ومتطابقة تماما، وتصب في خانة الرغبة في استكمال مسيرة التحول الديمقراطي والوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة يقرر فيها الشعب السوداني ما يراه وما يريده. وفي اعتقادي أنه ليس هناك ما يعطل لحظة ميلاد المعجزة المطلوبة، سوى تشبث بعض الفصائل السياسية بأساليب المناورة والمزايدة، التي تعطل بلوغ التفاهم المنشود وتقف وراء كل هذا الذي يجري في السودان مؤسفا ومقلقا لأهله وجيرانه. وليس أسوأ من المناورة والمزايدة برفع رايات مضللة تتغنى بالحاجة إلى مدنية الدولة، بينما هدفها شق الصف الوطني والتشكيك في المؤسسة العسكرية السودانية التي لعبت الدور الحاسم في إحداث التغيير، وإسقاط نظام البشير. إن التحول الديمقراطي المنشود في السودان، ليس بالأمر المستحيل، ولكنه أيضا ليس عملية سهلة يمكن تحقيقها بالدوس على أزرار التغيير، الذي يتطلب كنقطة بداية وجود وحدة وطنية شاملة، وفي إطار هذه الوحدة الوطنية يمكن أن تتجمع كل الأفكار والتيارات وتتفاعل مع بعضها تفاعلا حيا وإيجابيا، وفق الأسس الديمقراطية المعترف بها عالميا. السودان الآن يحتاج إلى وحدة وطنية حقيقية تشكل إطارا للعمل في المرحلة الانتقالية. ويرى الكاتب أن التيار العريض في الشارع السوداني، يقدر حرص مصر على استقرار السودان، وينظر باستياء لبعض الفلول الشاردة التي تتطاول على مصر بالباطل.
ليست صدقة
نتوجه نحو واشنطن حيث اهتم سليمان جودة في “المصري اليوم” بالحوار الاستراتيجي الذي يجريه وزير الخارجية سامح شكري مع نظيره الأمريكي: النظرة العابرة على رؤوس موضوعات الحوار تقول إنه سيتعرض لشتى الأمور بين العاصمتين، وإن موضوع حقوق الإنسان سيكون من بين الموضوعات المطروحة على المائدة بين الوزير سامح شكري، وأنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي. رأى الكاتب أن الوزير شكري ربما يكون في حاجة وهو يدير هذا الحوار المهم إلى أن يستعمل منهج الفيلسوف اليوناني سقراط، في حواره مع الشباب في أثينا القديمة، حيث كان يهتم بتحديد معاني الكلمات قبل إدارة الحوار حولها، وكان يحرص على ذلك بينه وبين أي طرف حتى لا يكتشف الطرفان في النهاية أن كل واحد منهما يقصد شيئا مختلفا عما يقصده الثاني، هذا بالضبط ما يحتاجه شكري عند الجلوس للحوار مع بلينكن، وبالذات في ملف حقوق الإنسان، الذي لا يزال ورقة قوية في اليد الأمريكية، تابع الكاتب: أتمنى لو سأل سامح شكري نظيره الجالس أمامه على الناحية الأخرى من المائدة عما يقصده بحقوق الإنسان على وجه الدقة والتحديد، حين يتكلم عنها أو يثيرها مع القاهرة.. أقول ذلك وأنا أتذكر أن الرئيس شهد في الشهر الماضي إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وأن إطلاقها كان خطوة أولى من نوعها، ولكن.. ما كادت الاستراتيجية تخرج إلى النور حتى سارعت الولايات إلى تعليق 130 مليون دولار من مساعداتها لنا، مع ربط صرف المبلغ مستقبلا بتطور تراه في الملف. كان الأمل أن تقول واشنطن إن إطلاق الاستراتيجية خطوة جيدة، وإن أمريكا تُثمِّن الخطوة ثم تنتظر خطوات أخرى مضافة إليها في المستقبل القريب، وإن توسيع مفهوم حقوق الإنسان في المنظور المصري ليضم الحق في التعليم، والحق في الصحة، والحق في السكن الآدمي، مع سائر الحقوق، أمر جيد هو الآخر، لأنه يضع المفهوم في إطاره الأشمل ولو همس الوزير شكري في أُذن الوزير بلينكن بأن المساعدات التي نحصل عليها ليست منحة، ولا صدقة، وأنها التزام أمريكي منذ توقيع اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب في مارس/آذار 1979 برعاية أمريكية، فسوف تكون هذه الهمسة بمثابة إعادة الأمور إلى سياقها الصحيح.
جور الأثرياء
يقول الدكتور مصطفى كامل السيد في “الشروق”، إن الدول الأربع الكبرى صاحبة النصيب الأكبر في تلوث الهواء، وهى على وجه التحديد الصين والولايات المتحدة والهند وروسيا كلها ادعت التزامها بخفض مستوى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بحيث لا ترتفع درجة حرارة الأرض عن 1.5 درجة، ولكنها كلها تزيد من إنتاجها لمصادر الطاقة الأحفورية مثل الفحم في حالة كل من الصين والهند، والنفط في حالة كل من الولايات المتحدة وروسيا، فضلا عن المملكة العربية السعودية، وهو ما يؤدي بدوره إلى استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض بكل ما يترتب على ذلك من كوارث. وفي حالة الدول العربية التي لا تعاني من احتلال أجنبي لأراضيها أو نزاعات أهلية مسلحة، فهي لا شك تتخذ خطوات مهمة لمواجهة هذه التحديات مثل، إقامة محطات لتحلية مياه البحر في دول الخليج، وزيادة مساحة الأراضي المزروعة في السعودية، وقد وضعت الحكومة المصرية خطة لمواجهة التغير المناخي، وشكلت لجنة وزارية لتنفيذها، وقامت ببناء حاجز صخري للحيلولة دون امتداد مياه البحر إلى اليابسة في الإسكندرية ودمياط. وتعد في الوقت الحاضر استراتيجية جديدة لمواجهة التغير المناخي، ومع ذلك فالتدابير التي تتخذها تقلل، إن لم تكن تلغي بعض آثار هذه السياسات الإيجابية. وأضرب مثالين مهمين على ذلك. تهتم الحكومة المصرية بزيادة مساحة الأراضي الزراعية، وأطلقت مشروعا طموحا لإضافة ما يسمى دلتا جديدة إلى أراضي مصر، ولكنها من ناحية أخرى تختار لبعض طرقها السريعة أن تخترق أخصب الأراضي في مصر. طرق منها التي يصل عرضها إلى أربع حارات على كل جانب (24 مترا على الأقل) وعلى امتداد يصل إلى خمسين كيلومترا في طريق (القاهرة ــ بنها) وسبعين كيلومترا في طريق آخر(بنها ــ المنصورة) وهو ما سيبتلع على الأقل 8000 فدان من أجود الأراضي الزراعية في مصر، وذلك فقط لبناء الطريقين، وذلك بالإضافة إلى ما يترتب على بناء الطريقين من تبوير مساحات من الأراضي الملاصقة لكل منهما لن تعود صالحة للزراعة.
فلنحسب الخسائر
بينما تقاوم الحكومة محاولات البناء على أراض زراعية، أو تبويرها لبيع تربتها، تقوم هي بنفسها، كما أوضح الدكتور مصطفى كامل السيد بالتضحية بمساحات واسعة من أجود أراضي مصر. طبعا تسهيل النقل للأشخاص والسلع أمر مهم للاقتصاد الوطني، ولكن ألم يكن من الممكن أن تسير هذه الطرق السريعة في الحزام الصحراوي المحيط بالدلتا، وأن تخدمه طرق فرعية أقل اتساعا بكثير تنقل المسافرين والمسافرات والبضائع إلى قرى ومدن الدلتا. فلنحسب الخسارة في دخول المزارعين وفي الإنتاج الزراعي، وكمية التلوث التي تنفثها السيارات وعربات النقل التي ستعبر هذه الطرق، وهل هناك تعويض فعال لهذه الخسارة. مثل آخر طرحه الكاتب، تجسد في مشروع أبراج ماسبيرو في وسط القاهرة الذي يعاني من شدة الازدحام وارتفاع مستوى التلوث السمعي والبصري والهوائي. تصوروا العدد الهائل من السيارات التي ستخرج وتدخل يوميا إلى عشرات الأبراج في هذه المنطقة وبطوابقها التي تتجاوز العشرين. طبعا هذه ليست سيارات المقيمين والعاملين في هذه الأبراج، ولكن الآلاف الذين سيترددون عليها للعمل أو للتفرج أو للسهر. هل كانت القاهرة ذات الملايين الست عشرة بحاجة إلى مثل هذا المشروع، وهل سيضيف مشروع استغلال أرض الحزب الوطني الذي اختفى غير مأسوف عليه، مزيدا من الأبراج على ضفة النيل الشرقية، بكل ما يترتب على ذلك من ازدحام وتلوث. لا شك في حسن نوايا من فكروا في مثل هذه المشروعات، ولكن هل أخذوا الاعتبارات البيئية في الحسبان، وهل كان يمكن لوزارة البيئة قليلة الحيلة، أن يكون لها صوت مسموع في هذه المسائل؟ لا يبدو أن ذلك كان هو الحال.
شرطي مريض
الحرب في إثيوبيا أغرت عبد الله عبد السلام في “الأهرام” للبحث في أهم السيناريوهات المحتملة: في نهايات عهد رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوي (1955- 2012) لعبت إثيوبيا دورا إقليميا كبيرا، لدرجة أن البعض تحدث عن عودة الإمبراطورية الإثيوبية، فقد احتلت قواتها مساحات من الصومال وشكلت تحالفا وثيقا مع أمريكا، واعتبرت نفسها شرطي منطقة شرق افريقيا. الآن في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد تبخر حديث الدور، بل ثارت تساؤلات جدية حول مدى بقاء البلاد في شكلها الحالي على قيد الحياة. لم يعد الأمر مجرد هزيمة للجيش الإثيوبي أمام قوات تيغراي، ولا تشكيك في قدرة آبي على القيادة. إنه أخطر من ذلك. لقد أيقظ رئيس الوزراء العداوات والصراعات العرقية في بلد يعانى أزمة هوية. التشظى العرقي، يجعل حكم إثيوبيا شبه مستحيل، فما بالك بمن يتعمد إخراج الجني من قمقمه. المفكر الجغرافي الأمريكي ريتشارد هارتشورن (1899- 1992) له نظرية ملخصها أن قابلية الدولة للبقاء تعتمد على ما إذا كانت قوى الجاذبية المركزية الموحِدة أقوى من قوى الطرد المركزية التقسيمية. في إثيوبيا، قوى الجاذبية، مثل إقامة البنية الأساسية وتوفير الخدمات وإقناع المواطنين بفكرة الدولة تلاشت، كما يقول الباحثان نيك تشيزمان ويوهانس ولدماريام، في دراسة في دورية «فورين آفيرز». قوى الطرد تسيدت الموقف، إضافة إلى حرب تيغراي، التي أطلقها آبي أحمد قبل عام، وتكبد خلالها الجيش الإثيوبي هزيمة مذلة، هناك حركات تمرد أخرى لا تعترف بسلطة الدولة. إثيوبيا التي كانت تتدخل في شؤون الآخرين، أصبحت ساحة للتنافس الإقليمي والدولي. الأخطر افتقادها التوافق المطلوب لاستمرار الدولة.. وتساءل الكاتب: هل إثيوبيا بلد لكل القوميات؟ أم أن القومية الكبرى أو الأقوى عسكريا، تسيطر؟ وتوقع الكاتب، أن رحيل آبي أحمد عن السلطة، لن يكون حلا بل مجرد مسكن. قوى الطرد المركزية ستستمر تنخر جسد الدولة. وحتى لو تمكنت المعارضة التي وحدت صفوفها من دخول أديس أبابا، فلن يكون ذلك بداية للتسوية، ستظل إثيوبيا دولة في مهب الريح.
نبي الديمقراطية
يبدو والكلام لمحمد سعد عبدالحفيظ في “الشروق”، أن نجم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي سطع في مطلع 2018، يتجه إلى الأفول، فالسياسي الشاب الذي رفع مع صعوده إلى قمة السلطة شعارات «العدل والمساواة والحرية»، ووصفه مريدوه بأنه «نبي الديمقراطية في افريقيا»، قد ينتهى به الأمر منفيا في إحدى دول جوار إثيوبيا وملاحقا من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وأكد الكاتب أن تركيبة آبي أحمد السياسية العسكرية المخابراتية مكنته في بداية حكمه من صناعة صورة نموذجية للحاكم المؤمن بالديمقراطية والمشاركة والتعددية، نجح الرجل في خداع الجميع ــ ومنهم كاتب هذه السطور ــ باتخاذه مجموعة من الخطوات التي تقع كأولوية في أي أجندة إصلاح سياسي.. أفرج عن ناشطي المعارضة وأعاد رموزها من المنفى، وكلف بعضهم بحقائب وزارية، ثم رفع الحظر المفروض على المنصات الإعلامية، وأحال بعض العسكريين السابقين المتورطين في قضايا تعذيب إلى المحاكمات، وانتهج سياسة «تصفير النزاعات الخارجية مع دول الجوار. إجراءات آبي أحمد الإصلاحية، وإنهاؤه النزاع مع إريتريا، إلى جانب مفردات خطابه عن الحرية والتنمية والمساواة، فضلا عن مغازلته إسرائيل، مكنته من الحصول على جائزة نوبل للسلام بعد شهور من وصوله إلى السلطة. هذه الصورة المصنوعة، سرعان ما انجلت، فمع أول اختبار حقيقي، سقط القناع، وظهر الوجه القبيح، خاض آبي حربا قذرة ضد خصومه في إقليم تيغراي وأعقبها بأخرى في أقليم أورموا، اعتبرتها المنظمات الدولية المعنية جرائم ضد الإنسانية وعمليات «إبادة جماعية»، استخدم فيها صاحب نوبل كل أدوات القمع والعنف واستعان بحلفائه الإقليميين لإسكات الحركات والجبهات العرقية التي تطالب بحقوقها السياسية والاقتصادية.
نصيبنا من الكارثة
انطوت حرب آبي أحمد في الأصل كما قال محمد سعد عبدالحفيظ، على ضربات محدودة ضد الانفصاليين التيغراي، ثم خرجت الحرب عن نطاق السيطرة منذ ذلك الحين، وتحولت إلى عمليات إبادة شاملة ترتكبها الحكومة الإثيوبية ضد معارضيها، سقط فيها مئات الآلاف بين قتيل وجريح، فضلا عن تشريد ما يقرب من مليوني مواطن، وكلما اتسعت المواجهات مع عرقيات وحركات جديدة ارتفعت أعداد الضحايا. وعلى الرغم من دعم قوى دولية وإقليمية لحكومة آبي أحمد في صراعه ضد شعبه، إلا أن حركات التمرد التي أعلنت أخيرا عن تحالفها، حققت نجاحات ميدانية قد تمكنها من الوصول إلى العاصمة أديس أبابا خلال أسابيع، وهو ما وضع رئيس الوزراء ونظامه أمام خيار صعب، خاصة أن تلك الحركات ترفض التفاوض في ظل وجود آبي. وأكد الكاتب، أن إثيوبيا تواجه سيناريوهات مخيفة، أبرزها انهيار الدولة وتفككها على غرار ما جرى في يوغوسلافيا في مطلع تسعينيات القرن الماضي، بعد فترة من الأزمات السياسية والاقتصادية والصراع بين قومياتها المختلفة. تحت عنوان «قصة نجاح قذرة»، توصلت دراسة للمجلس الأطلسي للأبحاث والدراسات عن الأوضاع في إثيوبيا، إلا أن الأمر الأكثر مأساوية هو أن الدولة التي كانت واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، يهددها شبح الانهيار الاقتصادي والشح في المواد الغذائية. ويرى كاميرون هدسون ــ أحد معدي الدراسة ـ أن الجهود الأمريكية والغربية لتحقيق وقف إطلاق النار بفرض عقوبات جديدة على الحكومة الإثيوبية، تبدو جوفاء في ظل اعتبار الأطراف المتصارعة هناك، إنها معركة وجودية من أجل البقاء. الدراسة حذرت من العواقب الاقتصادية الوخيمة للعنف، التي لن تتوقف عند حدود إثيوبيا، فالقرن الافريقي كله مهدد بالاشتعال، كما سيؤثر بالتبعية على مسار التفاوض مع مصر والسودان حول سد النهضة، وهو ما يضع مسؤولية إضافية على الفريق المصري المعني بأزمة السد الإثيوبي المطالب بوضع مسارات متعددة للسيناريوهات المرجحة.
الحكومة غائبة
أبدى محمـد جـلال عبـد الرحمن في “المشهد” غضبه بسبب شيوع العديد من الامراض الاجتماعية الخطيرة: يظهـرُ بوضـوح الانفصال بين شعائر الدين والسلوك فـي المجتمـع المصـري. ففي أيامنـا الحالية انحدرت الأخلاق الاجتماعية إلى أدنى مستوى، فقد اصبح عدم احترام القوانين والكذب والغش في المعاملات والخداع والاعتداء على حقوق الآخرين في كل شيء صفة الكثرة الغالبة من الناس. تقدر بعض الإحصاءات أعداد البلطجية بما يتراوح بين 200 ألف و500 ألف بلطجي في عموم مصر، وهي أعداد يصعب التأكد من صحتها، ولكنها تشير بالتأكيد إلى ضخامة ظاهرة البلطجة عموما في مصر، ويعد قانون رقم 58 لسنة 1937، هو القانون الرئيسي الذي تعتمد عليه مصر في مواجهة البلطجة التي جاء تعريفها بالأفعال التي من شأنها الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة وحدد القانون العقوبات الناتجة عن هذه الأفعال. تابع الكاتب: لا أقصد هنا ظاهرة البلطجة فقط، وإنما الحديث في هذا المقام أكثر اتساعا وعمقا من قصره على فئة معينة فلا يوجد في الشارع المصري أي مظهر يـدل على احترام القوانين الرسمية إلّا حالات قليلة إن لم تكن نادرة. وهذه المظاهر لا يمكن حصرها فهي تختلف من مكان لآخر، وتتجدد وتتطور من نفسها، منها ظاهرة التوك توك، وما ترتب عليها من جرائم معينة ارتبط بها مثل سرقة الحقائب والتليفونات وجرائم الخطف والاغتصاب والتحرش، وكذلك انتشارالميكروفونات المثبتة على ما يسمى بالـ”البوحة” التي تغزو الشوارع مخلفة الضوضاء، وأيضا التحرش بالنساء المنتشر ليلا ونهارا، والذي أصبح سمة غالبة تميز شوارعنا سواء باللفظ أو اللمس. ومن ذلك واقعة مقتل الشاب محمود البنا في المنوفية على يـد 3 متهمين دفاعا عن فتاة تحرش بها بعض الأولاد في الشارع. ومن الظواهر تعاطي المخدرات في الطرقات وذيوع الاتجار بها في الأرياف والمدن، خاصة مخدر “الشابو والكريستال” وما يترتب عليهما من آثار تظهر في جرائم القتل أو اغتصاب الاطفال أو النساء.