القاهرة ـ «القدس العربي»: نقل موقع قناة «سي أن أن» عن مصادر أمريكية مطلعة قولها إن إدارة الرئيس جو بايدن قررت منع 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر بسبب عدم امتثال السلطات المصرية لشروط حقوق الإنسان التي وضعتها وزارة الخارجية الأمريكية، في وقت طالبت فيه 65 منظمة حقوقية مصرية وعربية ودولية، في بيان، القاهرة، بإسقاط الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ، على عدد من السياسيين والمعارضين في عدة قضايا.
وحسب موقع «سي أن أن» تأتي خطوة واشنطن قبل أيام فقط من الموعد النهائي في 30 يناير/ كانون الثاني لإعلان وزارة الخارجية عن خطط المعونات، وهي الجزء المتبقي من شريحة مثيرة للجدل بقيمة 300 مليون دولار من المساعدات تم تقسيمها في سبتمبر/ أيلول، مع إعطاء ما يزيد قليلاعن النصف إلى مصر في ذلك الوقت، والمبلغ المتبقي محتجز حتى الآن، بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان.
«إجماع كامل»
مصدر مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية أكد لموقع القناة أن «المكان الأخير الذي يحتاج إلى 130 مليون دولار هو مصر» مضيفًا أنه تم إبلاغ الكونغرس وهناك «إجماع كامل» داخل وزارة الخارجية على توصية بأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن لن يسمح لمصر باستلام الأموال التي سيتم تخصيصها الآن لدول أخرى.
وأكد مصدران في الكونغرس أنه تم إطلاعهما، الأربعاء، على خطط وزارة الخارجية، كما تم إبلاغ نشطاء حقوق الإنسان الذين تحدثوا مع «سي أن أن».
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحافيين، الخميس، بأن وضع الأموال لم يتغير، وأن بلينكن «لم يتخذ قرارا بعد».
وتحدث بلينكن مع نظيره المصري سامح شكري، الخميس، حول مجموعة من القضايا، من بينها حقوق الإنسان، لكن بيان الخارجية الأمريكية عن الاتصال لم يشر إلى أموال المساعدات.
ولم ترد السفارة المصرية في واشنطن على الفور على طلب للتعليق، لكن المصدر المسؤول بوزارة الخارجية قال إنه تم إبلاغهم بأنهم لن يتلقوا الأموال، مضيفا: «المصريون ليسوا سعداء».
وحسب القناة، يعد منع أموال المعونة عن مصر الأول من نوعه لإدارة بايدن، بعدما تعهد في حملته الانتخابية بإنهاء «الشيكات المفتوحة لديكتاتور ترامب المفضل» في إشارة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وفي حين أن هذه الخطوة عقابية ورمزية على حد سواء، يجادل نشطاء حقوق الإنسان بأن هذه الملايين التي يتم حجبها تتضاءل أمام صفقة بيع أسلحة ومعدات أمريكية بقيمة 2.5 مليار دولار إلى مصر، التي أذنت بها إدارة بايدن هذا الأسبوع فقط.
تأثير ضعيف
ونقلت «سي أن أن» عن سيث بيندر، مدير المناصرة في منظمة «مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط» قوله إن «هذا هو الأمر الصحيح الذي يجب فعله، لكن للأسف تأثير وفاعلية هذا القرار تضعف بالمضي قدما في صفقة بيع الأسلحة، إذ تبلغ قيمتها تقريبا أكثر من 20 ضعف المبلغ المحجوب من المعونة».
ورد المصدر المسؤول في وزارة الخارجية بأن البيع، الذي يشمل عشرات طائرات النقل الكبيرة و3 أنظمة رادار، يخدم المصلحة الأمنية الأمريكية ويتم دفع ثمنه جزئيًا من أموال المساعدات العسكرية الأمريكية التي تلقتها مصر بالفعل.
وأضاف: «نسمح لهم بشراء الأشياء التي هي في مصلحتنا» وتابع بالقول: «إذا سمحنا لهم بشراء أشياء يعتقدون أنها في مصلحتهم ولكنها لا تفيد الولايات المتحدة، فسأفهم هذه الحجة».
المبلغ الذي لن تتلقاه مصر الآن هو 10٪ من حوالى 1.3 مليار دولار من المعونة العسكرية التي تمنحها الولايات المتحدة لمصر كل عام. ويمكن لوزارة الخارجية استخدام إعفاء بمبرر الأمن القومي، الذي كثيرا ما ينتقد، لتجاوز شروط حقوق الإنسان المرتبطة بالمساعدات، كما فعلت في الماضي، تبعاً لـ «سي أن أن» التي أضافت أن « بلينكن لم يستخدم الإعفاء عن شريحة سبتمبر/ أيلول البالغة 300 مليون دولار، لكن الإدارة تعرضت لانتقادات شديدة من قبل النشطاء وبعض المشرعين لتجاوزها الشروط التي وضعها الكونغرس والإفراج عن أي أموال على الإطلاق. وكان الرصيد المتبقي البالغ 130 مليون دولار مرهونًا بإنهاء ما تعرف بالقضية 173، والتي شهدت مقاضاة وتحقيقات لجماعات حقوق الإنسان، فضلاً عن حظر السفر وتجميد الأصول. وسيتعين أيضًا إسقاط التهم الموجهة إلى 16 فردًا مستهدفًا لأسباب سياسية».
وزادت: «تم إحراز بعض التقدم، وفقًا للنشطاء، بما في ذلك الإفراج الذي يبدو أنه على صلة بـ 16 شخصًا وإلغاء بعض تحقيقات القضية 173. وهم يجادلون بأن هذا التقدم مرتبط بضغط الولايات المتحدة. لكن الاستهداف والاضطهاد مستمر، والشروط الأمريكية لم تنفذ».
معيار منخفض
وحسب ما أكدت أندريا براسو، المديرة التنفيذية لمبادرة الحرية للقناة فقد «وضعت إدارة بايدن معيارًا منخفضًا بشكل لا يصدق لمصر، أقل بكثير مما كان يقصده الكونغرس، لتلقي مساعدتها العسكرية الكاملة». وأضافت: «في الوقت نفسه، نحن نعلم الآن أن الضغط ينجح عندما تكون لخطابنا أسنان. وحقيقة أن أي تقدم تم إحرازه في إطلاق سراح السجناء هو فقط لأن الإدارة تمسكت بحزم بشروطها، وعلينا الإصرار على أن القيام بذلك هو السبيل الوحيد إلى الأمام في العلاقات مع مصر».
65 منظمة تطالب السيسي بإسقاط الأحكام ضد المعارضين
في عام 2017، حجبت إدارة ترامب ما يقرب من 300 مليون دولار من المساعدات المتعلقة بحقوق الإنسان، وبينما تم الإفراج عن 195 مليون دولار في نهاية المطاف، تم منع ما يقرب من 100 مليون دولار. وفي سبتمبر/أيلول، تم تخصيص 170 مليون دولار وتسليمها إلى مصر لمكافحة الإرهاب ومراقبة الحدود.
في الموازاة، طالبت 65 منظمة حقوقية مصرية وعربية ودولية، في بيان السلطات المصرية بإسقاط الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ، على عدد من السياسيين والمعارضين في عدة قضايا.
ودعت المنظمات ومن بينها منظمة العفو الدولية والتحالف الأمريكي ضد القمع السياسي في مصر، السيسي، إلى إلغاء الأحكام الصادرة بحق الذين حكم عليهم بالسجن لمدد طويلة في محاكمات أمام محاكم الطوارئ لمجرد قيامهم بممارسة حقوقهم بشكل سلمي. كما تحث المنظمات على وضع حد بشكل فوري لجميع المحاكمات أمام محاكم الطوارئ، خاصة وأن الأحكام الصادرة عنها غير قابلة للاستئناف.
وشملت المطالبة كلا من المحامي والبرلماني السابق زياد العليمي والناشط السياسي علاء عبد الفتاح الصادر ضدهما حكم بالسجن 5 سنوات، وأيضا كلا من المحامي محمد الباقر، والباحث أحمد سمير سنطاوي، الصحافيين هشام فؤاد وحسام مؤنس، والمدون الصحافي محمد إبراهيم «أكسجين» الصادر لهم جميعا حكم بالسجن 4 سنوات.
وقالت المنظمات إنه في 22 يونيو/ حزيران الماضي، حُكم على الطالب والباحث أحمد سمير سنطاوي، بالسجن لمدة أربع سنوات على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أنكر أنه قام بكتابتها.
وحسب البيان، فإنه في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي حكمت محكمة أمن الدولة العليا على الصحافيَيْن والسياسيَيْن هشام فؤاد وحسام مؤنس وعلى السياسي والمحامي والبرلماني السابق زياد العليمي بالسجن لمدد تتراوح بين أربع وخمس سنوات، كما حكمت محكمة أمن الدولة العليا مؤخراً على الناشط البارز علاء عبد الفتاح بالسجن خمس سنوات، وعلى المحامي الحقوقي ومدير مؤسسة عدالة محمد الباقر وعلى المدون والناشط محمد إبراهيم رضوان «أكسجين» بالسجن لمدة أربع سنوات على خلفية كتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
تقويض ضمانات المحاكمة العادلة
وقالت المنظمات الموقعة على البيان، إن السلطات المصرية سنت في السنوات الأخيرة تشريعات لتقويض ضمانات المحاكمة العادلة، واستخدمت تهما فضفاضة لقمع الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وإسكات الأصوات المستقلة والمعارضة في البلاد، وفي الأشهر التي سبقت رفع حالة الطوارئ في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أحالت السلطات المصرية ما لا يقل عن عشرين من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والسياسيين المعارضين للمحاكمة أمام محاكم الطوارئ، والتي لا يزال بعضها مستمراً.
وزاد البيان: تتسم الإجراءات أمام محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، التي تسري بموجب حالة الطوارئ، بأنها غير عادلة بطبيعتها. يسمح القانون الذي ينظم حالة الطوارئ للرئيس بتشكيل تلك المحاكم وتعيين القضاة وتحديد الجرائم التي تقع ضمن اختصاصها. وتنص المادة 19 من القانون على استمرار المحاكمات الجارية حتى بعد رفع حالة الطوارئ. وتابع: يتم انتهاك معايير المحاكمة العادلة بشكل دوري في المحاكمات أمام محاكم أمن الدولة العليا، بما في ذلك حق الدفاع والحق في علنية الجلسات. يُحرم المحامون من التواصل مع موكليهم على انفراد، كما يُمنعون من تصوير ملفات القضايا ومواد الاتهام والأحكام.
ولفت البيان إلى أن المتهمين الذين حوكموا أمام محكمة أمن الدولة العليا حرموا من درجات التقاضي المتاحة في المحاكمات الجنائية الأخرى، حيث لا يمكن الاستئناف في الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة العليا، بل يقوم رئيس الجمهورية فقط بالتصديق عليها. بموجب أحكام مختلفة من القانون الذي ينظم حالة الطوارئ، يتمتع الرئيس بصلاحية تخفيف الأحكام أو إلغائها، سواء قبل التصديق عليها أو بعده، بغض النظر عن سريان حالة الطوارئ من عدمه.
حبس احتياطي وانتهاكات
وزاد البيان: تم احتجاز جميع النشطاء والسياسيين الذين خضعوا للمحاكمة رهن الحبس الاحتياطي لفترات طويلة على ذمة قضايا منفصلة لم تتم إحالتها للمحاكمة، وتم حبس معظمهم احتياطياً لمدد تتجاوز عامين، وهو الحد الأقصى للحبس الاحتياطي المنصوص عليه بموجب قانون الإجراءات الجنائية المصري.
وتابع: لا يُسمح لهم ولمحاميهم بالاطلاع على تلك التحريات. علاوة على ذلك، فإن الوقت الذي قضوه في الحبس الاحتياطي في هذه القضايا المنفصلة لن يُحتسب ضمن مدة الأحكام الصادرة بحقهم، مما يطيل فترة سجنهم الجائر. وأكد البيان أن جميع المتهمين تعرضوا لسوء المعاملة وللاحتجاز في ظروف تنتهك الحظر المطلق على التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في انتهاك للدستور والتشريعات المحلية في مصر، ولالتزامات مصر بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي تعتبر مصر طرفاً فيها.