أمريكا لا تعمل لأجلنا!

حجم الخط
0

تتإن السياسة الاسرائيلية مليئة بالشماتة، ويختلط الشخصي بالقومي، والمنطق بالشعور الايديولوجي. إن الاتفاق الذي وقع عليه مع ايران ضربة مؤلمة للسياسة الاسرائيلية، وليس هو ضربة شخصية لنتنياهو برغم مماهاته للهدف بل مشكلة دولة اسرائيل.
برغم التصريحات جميعا، أزال التوقيع في جنيف الخيار العسكري عن الطاولة. ونشك كثيرا في أن تكون الادارة الامريكية قد قصدت الى ذلك في الماضي، ولا شك في أنها لا تقصده في المستقبل. الشرق الاوسط الذي لا يوجد فيه ردع هجوم عسكري هو مكان أعقد وأخطر، وهذا صحيح سواء قال ذلك نتنياهو علنا أم ضبط أعصابه.
إن نتنياهو شخصية مركبة، والجانب الشخصي والجانب العام يختلف بعضهما عن بعض، فهناك نتنياهو الانسان ونتنياهو الزعيم. وأنا أعرفهما عن قرب. أما نتنياهو الانسان فلا أحبه أحبه وقد عملت الى جانبه. وهذه مسألة ذوق. أما نتنياهو القائد فأقدره في مجالات كثيرة. وفي الشأن الايراني فعل وما زال يفعل بصفته رئيس وزراء الامور الصحيحة من وجهة نظري. إن الدكتور بنيامين لا يشوش على السيد نتنياهو.
إن فشل نتنياهو في منع اتفاق مع ايران هو نتاج اعماله واعمال آخرين. وعليه مسؤولية لا تقع عليه وحده بعد ولاية كاملة. فالواقع أقوى منه. وقد نجح في جعل ايران في برنامج العمل العام وفي الحث على عقوبات، لكنه لم ينجح في الابقاء على الضغط وقتا طويلا. وقد لقيت السياسة التي خطها عوائق وصادمت المصلحة الاسرائيلية المصالح الامريكية. وأثر الخصوم السياسيون تأثيرا سيئا.
واجه نتنياهو مدة ولاية كاملة معارضة قوية لهجوم عسكري على ايران. وقد وضع على طاولته مرتين بحسب ما نشر الى الآن معضلة الهجوم الاسرائيلي. وأخر قراره مرتين بسبب ضغط داخلي في داخل اسرائيل. وتحول عدم القرار على مر الوقت الى قرار.
بخلاف هذه المعضلات في الماضي، خرج النقاش في هجوم عسكري على ايران عن السيطرة الى الفضاء العام وتم الجدل في وسائل الاعلام فكانت تصريحات معلنة وتقديرات استخبارية على رؤوس الأشهاد. ووجد نتنياهو نفسه يحتال بين تحقيق السياسة الاسرائيلية التي صاغها وبين سياسة آخرين.
في الدول الديمقراطية يُحدثون الضغط باستخدام الرأي العام فيجندون من يمكن تجنيده. التقيت قبل سنة ونصف في تل ابيب خبيرا بالذرة من دولة اوروبية. وقد طلب سفير تلك الدولة أن ألقاه كي أسمع انطباعه عن لقاء مع الطرف الايراني. وكان اللقاء موضوعيا ولم يُقل فيه أي شيء جديد سوى رسالة أن اسرائيل يجب ألا تفعل شيئا وحدها. ولم أتفق معه. وكانت مسألة الهجوم الاسرائيلي على ايران تغطي الجو. وبذلوا في الولايات المتحدة وفي غرب اوروبا جهدا كبيرا لاقناع نتنياهو بأنه وحيد. وكانت وسائل الاعلام الاسرائيلية وسيلة ووجدت الى جانبها لقاءات مع ساسة ورجال من الادارة وجهاز الأمن. واقتنع عدد منهم وأثر ضغطهم.
كان الزعيم المركزي لمعارضي الهجوم أنه يوجد وقت كاف للقرار، على مبلغ التناقض في ذلك. فيجب على اسرائيل أن تجلس في هدوء في الوقت الذي تشدد فيه ادارة اوباما العقوبات على ايران، ويفضل أن تعمل امريكا من اجلنا. وكانوا مخطئين فقد تبين أن الوقت قد انقضى سريعا وكذلك العقوبات وأن امريكا لا تعمل من اجل أحد.
كان نتنياهو صادقا بتنبؤاته الكئيبة والسياسة الدبلوماسية العنيفة. ولا يمنع ذلك اولئك الذين عارضوا الهجوم أن يزعموا الآن أن سياسته كانت مخطئة من البداية. إن جدلهم مع نتنياهو شخصي ويصعب عليهم التفريق. وانتقادهم له ايضا شخصي.
هذا جائز في السياسة ومشروع في دولة ديمقراطية، لكن لا شيء فيه له صلة بمواجهة ايران.

يديعوت 26/11/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية