الخرطوم – «القدس العربي»: دخلت مجموعة الترويكا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج)، أمس الجمعة على خط الأزمة في شرق السودان مطالبة بإنهاء الحصار المستمر للموانئ وفيما كشفت مصادر إعلامية، عن مغادرة، مريم الصادق المهدية وزيرة الخارجية إلى شرق السودان، أعلن مجلس قبائل البجا، قبول وساطة، محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي. وبالتزامن، شن نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو “حميدتي” هجوما على قوى “الحرية والتغيير” معتبرا أنها “متشبثة بكراسي السلطة”.
وفي سياق أزمة شرق السودان، قالت مجموعة دول الترويكا في بيان لها أمس “تنضم الترويكا إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون، في الدعوة إلى إنهاء الحصار المستمر للموانئ والبنية التحتية للنقل في شرق السودان.”
وقالت المجموعة الثلاثية التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج في أول تعليق لها على الأزمة المستمرة لليوم العشرون إثر إغلاق تام لشرق السودان “يجب على القادة السياسيين في شرق السودان قبول عرض حكومتهم لمعالجة مظالمهم من خلال حوار سياسي هادف بدلاً من الانخراط في عمل لا يؤدي إلا إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني.”.
ويطالب البجا بحل الحكومة الحالية، وإلغاء لجنة التمكين وإلغاء مسار سلام الشرق في جوبا، والدخول في تفاوض يتيح تمثيل واسع في السلطة وامتيازات في التوظيف الايجابي والسيطرة على ثروات الإقليم، وقاموا إثر ذلك، باحتجاجات وإقفال الطرق القومية.
وأضاف، بيان الترويكا “نشجع الجميع في الحكومة السودانية على تكثيف جهودهم لحل هذه الاحتجاجات”.
تحديات التنمية
وتابع: “كما تدرك الترويكا تمامًا تحديات التنمية التي تواجه سكان شرق السودان وهي على استعداد لمواصلة العمل بالشراكة مع الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية في السودان لمواجهة مثل هذه التحديات”.
وزاد: “مع الاعتراف بأن هذه قضية داخلية، فإن الترويكا تحث المجتمع الدولي على تقديم الدعم الكامل لجهود الحكومة السودانية لحل هذه المسألة وإنهاء الحصار المستمر”.
في السياق، كشفت مصادر سودانية، عن مغادرة وزير الخارجية مريم الصادق المهدي عضو اللجنة الحكومية المعنية بحل الأزمة، إلى مدينة سنكات على رأس وفد من قيادات حزب الأمة ضم رئيس الحزب المكلف فضل الله برمة ناصر رئيس آلية مبادرة رئيس الحكومة عبد الله حمدوك (الطريق إلى الأمام) بجانب أمين عام طائفة الأنصار، عبد المحمود، للقاء ناظر قبائل البجا، ورئيس المجلس الأعلى للبجا سيد محمد الأمين ترك.
وذلك تزامناً مع إعلان، المجلس الأعلى قبوله مبادرة، محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي، وراعي الطائفة الختمية، لحل الأزمة في شرق السودان، وهي مناطق نفوذ الطائفة الدينية الكبيرة في السودان.
صوبت قيادات من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، انتقادات عنيفة لطريقة تعامل الحكومة السودانية، مع أزمة شرق السودان، عارضة التوسط لحل الأزمة.
ويتمتع الميرغني، بنفوذ واسع في شرق السودان، ويدين بالولاء له، الغالبية العظمى من الأهالي هناك.
وجاء كلام القيادات الحزبية، في الندوة عقدت على الإنترنت وشارك نحو 50 من قيادات الحزب الاتحادي، وأجمعوا، على أن الحكومة تعاملت مع ملف الشرق باستخفاف، وتفاعلت معه ببطء شديد، مما أدى الى تمددها وتعقيدها، ونبهوا إلى أن استمرار الحكومة الانتقالية في مسارها الحالي للمعالجة سيؤدي إلى شعور أهل الشرق بالقلق وعدم الطمأنينة.
وشدد القيادي البارز في الحزب حاتم السر، وهو مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية عام2010 على حقوق أهل الشرق المشروعة والعادلة، ووجه نداء خاصا للحكومة بسرعة التفاوض والحوار معهم، لافتا إلى أن الطريق لبناء دولة العدالة والمساواة والقانون، يبدأ بالاستماع لكل الأصوات، ونبذ الإقصاء، وتشريع ما يجعل الجميع شركاء في الحفاظ على الديمقراطية التي تسع الجميع.
وزاد أن: الحزب الاتحادي الديمقراطي ليس بمعزل عما يدور في البلاد، وظلّ يتواصل مع أهل الحلّ والربط، وموقفه واضح في العمل على انجاح المرحلة الانتقالية والوصول بها إلى الانتخابات.
ودعا إلى أن يتوقف الجميع عن حوار الطرشان والدخول في حوار جاد بشأن القضايا التي أثارها المحتجون بشرق السودان لوقف استمرار موجة الاضطرابات التي يشهدها شرق السودان حاليا.
كما دعا إلى ضرورة منع حدوث “انهيار اقتصادي”، في السودان بسبب اغلاق الميناء والطريق القومي. مشيرا إلى أن الحزب، مستعد لتسهيل هذا الحوار المرتقب بين الحكومة ومكونات شرق السودان، إذا طُلب منه ذلك”. وتابع قائلا: “الاتحادي يريد حل الاشكال، ويرغب في التوصل إلى اتفاق بين بين الحكومة وأهل الشرق”.
لكن مصدر قيادي في الحزب الاتحادي الأصل قريب من دوائر صنع القرار، قال لـ”القدس العربي” : “مشكلة أزمة الشرق انعكاس أو امتداد للمشكلة الأكبر في الخرطوم من صراعات بين العسكريين والمدنيين، ودون إيجاد حل للمشكلة الرئيسة لن تستطيع حل امتدادها في الشرق”.
وتابع، دون كشف هويته، “نحن لسنا بعيدين، ونتابع باستمرار، ولدينا رؤية للحل، لكن التوسط يحتاج إلى ضوء أخضر وتفويض من طرفي الحكم من العسكريين والجهاز التنفيذي وتوضيح سقف ما يمكن أن يقدموه لأن الاتفاق مع أهل الشرق ممكن لكن بدون تفويض ستكون مبادرة بلا معنى”.
وفي سياق ذي صلة، قال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي” إن المكون العسكري في المجلس لن يسلم جهازي الشرطة والمخابرات العامة للمدنيين، في السلطة الحالية.
التمسك بتبعية الشرطة والمخابرات
وأكد خلال مخاطبته لوفد محدود يمثل معلمي تصحيح امتحانات الشهادة السودانية، مساء الخميس، تمسكهم بتبعية الشرطة وجهاز المخابرات العامة للجانب العسكري، وعدم تركهما للمدنيين، حتى لا يستغلونهما للبطش بالمواطنين، على حد تعبيره.
وحسب الوثيقة الدستورية فإنه ينتظر نقل رئاسة المجلس السيادي للمكون المدني، وفي أعقاب حرب كلامية بين المكونين المدني والعسكري بمجلس السيادة طالب قادة قوى الحرية والتغيير، الائتلاف الحاكم، بتتبيع الشرطة والمخابرات لمجلس الوزراء.
وتابع “حميدتي” قائلا “لن نسلّم الشرطة والجهاز إلا لحكومة منتخبة”.
واستنكر، مطالب ائتلاف قوى “الحرية والتغيير” الحاكم، بضم الشرطة وجهاز المخابرات للحكومة التنفيذية، وقال إن “البعض كان في السابق يهاجم وينتقد هذين الجهازين لكنهم الآن يتسابقون لضمهما.” وأكد أن “جهاز المخابرات أثبت كفاءة نادرة خلال تصديه لخلايا الإرهابيين، وكشف عن تقديم نحو 11 ألف شرطي لاستقالاتهم بسبب ضعف الرواتب”. وانتقد، المكون المدني في المجلس، مستغربا من حديث البعض عن اشتراط العسكريين إبعاد بعض الأسماء من مجلس السيادة للجلوس مع المدنيين.
واتهم المدنيين في السلطة بالسعي لكراسي السلطة، بينما تفكيرهم كعسكريين يتركز حول إخراج البلاد من أزمتها التي تعيشها الآن، مؤكدا أن البلاد تعيش تدهورا في كل المجالات.
وأوضح أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك على إطلاع بكل الخطوات التي يتخذونها وأبلغوه مرارا بالتدهور الذي تعيشه البلاد.
وشدد “حميدتي” أنهم ليسوا ضد التغيير أو المدنية، وزاد “نحن مصرون على حكومة مدنية لكنا ضد اي حكومة انتقام لا تمثل كل السودانيين”.
ورفض تهديد المكون العسكري بلجنة التحقيق حول فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش في 3 يونيو 2019، مؤكدا أنهم أكثر الجهات حرصا على صدور تقرير لجنة التحقيق التي يترأسها القانوني نبيل أديب.