ديربورن (ميشيغان): قال محمد عناية، وهو مهندس سيارات يعيش في إحدى ضواحي ديترويت، إنه فقد نحو 100 من أقاربه وأصدقائه في غزة العام الماضي. ويتساءل عما إذا كانت الولايات المتحدة، وطنه الحالي، هي التي قدمت الأسلحة التي قتلتهم.
وقال عناية (60 عاما) إن الولايات المتحدة احتضنته حين جاء إليها وهو طالب يبلغ من العمر 17 عاما في عام 1981، وبنى حياة كريمة لنفسه ولأسرته. لكن عينيه تفيض بالدمع حين يرى صور أبناء عمومته وخالاته وأعمامه الذين لقوا حتفهم في هجوم إسرائيل على قطاع غزة منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على مستعمرات غلاف غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأضاف “حرفيا، أجد نفسي ممزقا بين الطريقة التي احتضنتني بها الولايات المتحدة والتي قتلت بها عائلتي… إنهم مجموعة من المدنيين بلا حول ولا قوة وعزل يُذبحون أمام أعين الجميع… ولا أحد يستطيع فعل شيء”.
ولم يشارك الجيش الأمريكي مباشرة في الهجمات على غزة، وضغطت واشنطن من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار هناك دون جدوى. لكن الولايات المتحدة هي أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، وقدمت لها مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات في العام الماضي في إطار اتفاق قائم منذ فترة طويلة.
وانضم عناية إلى نحو 100 شخص أشعلوا الشموع في ساحة بمدينة ديربورن أمس الاثنين لإحياء الذكرى السنوية الأولى لأحداث 7 أكتوبر.
ويقطن ولاية ميشيغان مئات الآلاف من الأمريكيين العرب والمسلمين، مثل عناية، ممن لديهم عائلات في غزة أو في لبنان. وميشيغان واحدة من عدد قليل من الولايات المتأرجحة التي ستحسم نتيجة الانتخابات في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقال عناية “وطنيتي الشديدة تجعلني أريد تغيير هذا البلد”، ويعتزم التصويت لصالح مرشحة حزب الخضر جيل شتاين في نوفمبر/ تشرين الثاني وليس نائبة الرئيس الديمقراطية كاملا هاريس أو الجمهوري دونالد ترامب.
وأضاف “أود الموت حبا في أمريكا، وحب ما تمثله… لن أتخلى عن هذا البلد”.
وفي ميشيغان، تغلب ترامب على هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016 بفارق 11 ألف صوت، لكنه خسر أمام بايدن في 2020 بفارق 155 ألفا. ويقول خبراء في السياسة إن التقارب الشديد بين المتنافسين الرئيسيين في انتخابات عام 2024 يجعل التنبؤ بنتيجتها مستحيلا.
أما حسين دباجة (37 عاما) الذي نشأ في ديربورن فزار موطنه الأصلي لبنان لأول مرة في عام 2017 وعاود الزيارة مرات منذئذ.
وقال دباجة “قبل أسبوعين من اليوم، فقدت ستة أفراد من عائلتي في هجومين مختلفين في اليوم نفسه… كثيرون منا، إذا لم يفقد شخصا بشكل مباشر، فإنه فقد شخصا من قريته أو فقد شخصا على صلة به”.
وقبل عام، سافرت ميشو عاصي (40 عاما) وهي أمريكية لبنانية الأصل إلى بيروت، وتتذكر أفق المدينة المتألق عند شروق الشمس. وتقول إن قريتها في جنوب لبنان أصابها الدمار الآن، ولا تعرف ماذا ستجد هي وأطفالها حين تعود.
وقالت ميشو “سألتني ابنتي الصغيرة ماذا حدث لمخبز كنا نذهب إليه لشراء الفطائر. هل أصابه الدمار؟”.
وأضافت “سألتني ابنتي الأخرى، هل الشاطئ الذي نذهب إليه في جنوب لبنان… ما زال على حاله؟”
(رويترز)