أمل قليل أسوأ من انعدامه التام

حجم الخط
0

مرت 40 سنة منذ حرب يوم الغفران، ويخيل أن هذا هو الوقت لان نقول بوضوح بان احيانا . الامل القليل هو احيانا ليس أكثر من تلاعب متهكم دوره الابقاء على ما هو قائم، ليس أكثر من حفنة رمل تنثر في عيون اولئك الذين يتمنون واقعا أفضل.
مفاجئ أن نتبين أن بين حكومة اسرائيل ورئيسها وبين الجمهور في اسرائيل يوجد تعاون غريب، هدفه هو التصرف في واقع قليل الأمل. ولكن بينما تفهم الحكومة الى أين تتجه، يخيل أن معظم الجمهور ليس واعيا لما يجري. بنيامين نتنياهو مؤيد متحمس للامل القليل. فهو لم يسعَ ابدا الى قيادة تغيير، ولكنه نجح في الحفاظ على الوضع الراهن. وهو على علم بان اليأس العميق، مثل الآمال الكبرى، يحرك التغيير.
ليس هناك اكثر من نتنياهو من يحب المفاهيم السياسية والاجتماعية الثابتة: ‘لا شريك’ و ‘فيلا في الغابة’. فما أن يشخص نتنياهو ان اليأس بات أقل راحة للاسرائيلي، حتى يسارع الى ان يحقن في شرايينه بعض الامل: قليلا من ‘خطاب بار ايلان’ من أجل الخائفين على هوية اسرائيل؛ حفنة من لجنة تريختنبرغ للمختنقين تحت عدم المساواة في العبء. واذا كانت هناك حاجة لضمان استمرار البقاء في شارع بلفور، فعندها تقام حكومة مع بعض حزب ‘الحركة’، وبعض آخر ممن وعدوا ولا يزال لم يفوا بمنح ‘صوت برلماني’ للاحتجاج الاجتماعي.
يكاد المجتمع الاسرائيلي يكون عاشقا للواقع قليل الامل. فالامل الحذر الذي انتشر بين الجمهور عندما اقام نتنياهو لجنة تريختنبرغ كانت أيضا ‘السوبرتنكر’ الذي أطفأ الاحتجاج الاجتماعي على نحو شبه تام. لقد رأى المحتجون في تشكيلها المبرر لطي الخيام والعودة الى واقع سلم الاولويات المشوه في تخصيص المقدرات الوطنية.
كما أن الاعلانات عن الاستعداد للمفاوضات بلا شروط مسبقة نثرت أملا في الجمهور ونجحت في أن تخفي بسهول نسبية الرفض المطلق للاعتراف بالمعايير اللازمة لوجود مفاوضات ناجعة للتسوية الدائمة. وآثار القرار الاخير للاتحاد الاوروبي بالنسبة للمستوطنات واضحة للجميع. واضطر نتنياهو الى الاستجابة لمساعي جون كيري لاستئناف المفاوضات، ولكن سيكون من الخطأ الهائل اذا ما ترك الجمهور نتنياهو ‘يستجيب رغم أنفه’، بشكل مشابه، للتوقيع على اتفاق.
في هذه النقطة مطلوب من الجمهور أن يحسم: هل يشتري قليلا من الامل الذي يكمن في استئناف المفاوضات، أم يطالب نتنياهو باستكمالها لدرجة التسوية الدائمة؟ السؤال ما هو الطريق الصحيح لضمان وجود اسرائيل كدولة مع أغلبية يهودية، يتمتع كل سكانها بالديمقراطية، هو أوسع من سؤال وجودها المادي. هذا السؤال يمكن عرضه على الحكومة على النحو التالي: هل خطر التوقيع على تسوية دائمة تتضمن انسحابا من الضفة الغربية، أكبر أم اصغر من الخطر الذي في استمرار الاحتلال؟ هل هذا هو المجتمع الصهيوني الذي يتطلع الى البناء، ويبقي سيطرة دائمة على شعب آخر عديم الحقوق المدنية؟ هل هذا هو الخيار الوحيد الذي نقف أمامه أن نعيش هكذا أم نكف عن الوجود؟

معاريف 12/9/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية