«أمواج» عبدالله ابراهيم بلغة شكسبير

حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: صدرت الترجمة الإنكليزية لكتاب «أمواج»، وهي السيرة الذاتية للناقد عبدالله إبراهيم في 536 صفحة بترجمة كاملة قام بها كريم طرابلسي. وكان الأصل العربي لهذه السيرة قد نشر في عام 2017، وجدير بالذكر أن عبدالله إبراهيم وناقد عراقي، تخصّص في الدراسات الثقافية والسردية، ونال درجة الدكتوراه في الآداب في جامعة بغداد عام 1991. ويعيش حاليا في إسطنبول، وقد عمل أستاذا في عدد من الجامعات العراقية والعربية، وكان حصل على عدد من الجوائز العربية والعالمية المرموقة، منها جائزة الملك فيصل العالمية للآداب، وأصدر جملة من الكتب، من بينها: «موسوعة السرد العربي، والمطابقة والاختلاف، والسرد النسوي، والسرد والاعتراف والهوية، والتلقّي والسياقات الثقافية، والسردية العربية الحديثة، والتخيّل التاريخي» وغير ذلك.

حالما نشر كتاب «أمواج» بالعربية حتى نال اهتماما مشهودا له في الأوساط الثقافية باعتباره غوصا جريئا في الحياة الخاصة لمؤلفه، وفيه عرض لتجربة حياته من جميع النواحي، ولكن سيرته الذاتية تخطّت حيّز حياته السريّة والشخصية، إلى حياته العامة باعتباره شاهدا على تاريخ بلاده، فقد دوّن شهادة موسعة حول حقبتي الاستبداد والاحتلال، اللتين كان شاهدا عليهما في العقود الأخيرة من القرن العشرين، وبداية القرن الواحد والعشرين.
ولعل سيرة عبدالله إبراهيم تكون أول سيرة ذاتية عراقية صارحت القارئ بموقف مؤلفها من الأحداث الخاصة والعامة بطريقة مباشرة لا تعرف المجاملة، وقد استعانت بشكل أدبي غير مطروق في التأليف السردي، فبدل الفصول المتعاقية قسّم المؤلف سيرته إلى إحدى عشرة موجة متتابعة، مثّلت كل موجة منها تجربة مثيرة في مسار حياته، وفي تاريخ بلده العراق، وكانت كلّ موجة تزيح ما قبلها إلى الوراء، فتجعل منها ذكرى من ذكريات الماضي، فلا عجب أن حملت السيرة عنوانا ثانويا هو»سيرة عراقية»
جاء كتاب «أمواج» بإحدى عشرة موجة بالاعتماد على آلاف اليوميات التي دوّنها عبدالله إبراهيم طوال أربعة عقود، فاستخلص منها، بسرد وتوثيق مُعتمد، تجربة مدهشة يتحرّج كثيرون من الوقوف عليها، لما فيها من بوح ذاتي، واعتراف خاص، وآراء سياسية وثقافية، فجاء الكتاب نابضا بالحيوية والصراحة، وقد خطّ فيه مؤلّفه سيرة مثقّف عراقي على خلفية تاريخ بلاده، وفيه رسم صورة بلد جامح ما لبث أن تردّى في الاستبداد، ثم سقط تحت الاحتلال الأجنبي، وانتهى إلى النزاع الأهلي الذي يكاد يفرّق أهله. كتب عبدالله إبراهيم سيرته الخاصة بضمير المتكلّم بوصفه راويا من الدرجة الأولى، ولكنه، فضلا عن ذلك، كتب سيرة العراق بهوية تعرّضت للتغيير والتبديل، ولم تنجح في صوغ نفسها هوية وطنية جامعة تؤمن بالتعدد والتنوع، وتقر بهما، غير أن قارئ سيرته، وبسبب ذلك، يرجّح أن أهل العراق سينتهون إلى بلاد كثيرة بهويات متشقّقة، وسوف يتوارى انتماؤهم إلى العراق الذي سيصبح ذكرى من ذكريات التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية