* جمال الدين طالب
اختيرت رواية الكاتب الجزائري أمين الزاوي « الساق فوق الساق – في ثبوت رؤية هلال العشاق» ضمن القائمة الطويلة للروايات المرشّحة لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2018..إلى هنا يبدو الخبر عادياً: روائي جزائري معروف، كرّس اسمه بالعديد من الأعمال، مهما كان اختلاف الآراء حول «المكرر والمُرسكل» منها، يبدو اختياره طبيعياً للجائزة العربية الممولة من قبل إمارة خليجية (أبوظبي)، لكن غير الطبيعي أن الروائي نفسه كان يصرح «أن المال الخليجي يشكل خطرا ويتربص بالرواية العربية، موضحا أن هذا المال حاصر النخب التنويرية في مصر وهو اليوم يحاصر النخب المثقفة في بلدان المغرب العربي».
فخلال نزوله، قبل نحو عامين، ضيفا على ندوة نظمتها جمعية «الكلمة» الجزائرية حول رواية «كامراد..رفيق الحيف والضياع» للروائي الجزائري أحمد الصديق الزيواني، أصرّ الزاوي على تكرار «أن المال الخليجي أصبح خطراً يتربص بالرواية والثقافة العربية وكذا المثقف العربي..وأن هذا المال حاصر النخب المثقفة في الجزائر وتونس والمغرب بعد أن فعل الأمر نفسه في لبنان وسوريا وفلسطين ومصر».
وفي هجومه، الذي نقلته صحف جزائرية، والواضح أن المقصود به بشكل خاص ابن بلدته، الروائي واسيني الأعرج، مضى الزاوي للقول إن: «دول البترودولار، كما وصفها، بلعت ألسنة المثقفين العرب وقطعتها»، مضيفا: «عندنا روائيون جزائريون ألقوا بأنفسهم في أحضان البترو دولار فضيعوا هيبة المثقف ودوره التنويري وتحول بعضهم إلى «بيدق وعبد» في يد أصحاب المال في الخليج»
واعتبر الزاوي «الجوائز العربية الموجهة للشعر والرواية مشبوهة»، متسائلا: «هل قرأتم رواية فازت بجائزة انتقدت الحكام في الخليج؟ ليجيب بعدها: لجان التحكيم فيها لا تحتكم إلى جودة النصوص، بل إن العوامل السياسية والمصلحية هي تتحكم في تقييم الأعمال وتوجيهها».
اللافت كذلك أن الزاوي، الذي رُشحت روايته لجائزة الرواية العربية (الخليجية التمويل للتذكير فقط!) صرح في حوار مع صحيفة سعودية (خليجية كذلك!) في لندن «أتساءل مرات: هل خرج العرب من فلسفة «أعطه كيساً ذهباً» إلى فلسفة الجائزة. لا نيّات سيئة أحملها تجاه هذا الموضوع ولكن بصراحة تُخيفني شللية الجوائز العربية التي يختلط فيها السياسي الفج بالإبداعي. ومن ناحية أخرى، ثمة أدب روائي لم يُخلق للجوائز، أنا أنتمي إلى الروائيين الذين يكتبون أعمالاً لا تُصنّف ضمن خانة رواية الجائزة لأنها رواية التكسير ورواية إدانة ثقافة النفاق وتعرية «الكبت» الذي يعيشه الإنسان العربي والمغاربي. إنها روايات من دون مساومة».
وأمام هذه المفارقة بين أقوال وأفعال أمين الزاوي، لا يسع الواحد ربما إلا أن يأخذ نفساً عميقا وهو يضع «الساق على الساق»…وهي الأصح لغوياً ربما مثلما ينبه الشاعر، وأستاذ اللغة العربية، الجزائري محمد عطوي، وليس «الساق فوق الساق»، كما يعنون الزاوي روايته!).
*كاتب جزائري مقيم في لندن
تأكد أخي الكاتب أن الأمر ليس تغير بين عشية وضحاها، ولا خطأ تكتيكي أملته ظروف ما، بل هو نتيجة حتمية لمسار شيتوي طويل أحكمت حلقاته خلال أيام وليالي المهرجانات الأدبية والفنية في أشهر الفنادق بالجزائر، وتمولها وزارة الثقافة من المال العام ويتم خلالها أيضا فرز الغث من السمين يأسلوب أدبي لطيف ومرصع بالمحسنات البديعية من سحر البيان وأسرار البلاغة، حتى يظن مريد “سرر الذهب” أن السماء أرادت به خيرا، فيطمئن لأيادي الكرم المسمومة ويتناول العسل من ملاعفها وهو يعلم علم اليقين أنه يلتهم في ثناياها إكسير فقد المناعة ضد الشيتة والإنبطاح والتهريج.
الزاوي يركض من أجل البوكر منذ سنوات و يبدو أن مجهودات الإختلاف ستثمر أخيرا على الأقل لبلوغه قائمة الستة ، نبارك له منذ الآن دعم إنعام بيوض له، و في الوقت نفسه نواسي كل النصوص الجزائرية الجيدة التي أقصيت بسببه. صدقني إنه كاتب رديء ليتك قلت ذلك. تحية إحترام لك سيدي، و دام قلمك الصريح الصادق .