الرباط ـ «القدس العربي»: وصف أمين عام حزب “التقدم والاشتراكية” المغربي حكومة سعد الدين العثماني بأنها “أضعف حكومة شهدها المغرب في تاريخه المعاصر”، وأرجع ذلك إلى ما تتسم به من “عدم انسجام” و”حضور سياسي باهت أو منعدم” و”تأخر في القرارات” و”عدم القدرة على إقناع الشعب” و”فشل التواصل”؛ معرباً عن أمله في أن تفرز الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة هذا الصيف حكومة قوية قادرة على مواجهة التحديات وتنفيذ الإصلاحات الضرورية.
وفي اللقاء الذي نظمته مؤسسة “الفقيه التطواني”، مساء الإثنين، وبثته مباشرة عبر صفحات التواصل الاجتماعي، قال نبيل بنعبد الله إن الأحزاب المشكّلة للحكومة تتحمل مسؤولية الوضع الحالي، وليس فقط حزب “العدالة والتنمية”، وأضاف: صحيح أن هذا الأخير يتحمل جزءاً من المسؤولية، لكن المكونات الأربعة الأخرى (في إشارة إلى أحزاب الحركة، والتجمع الوطني للأحرار، والاتحاد الدستوري، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) لها مسؤولية مباشرة في ذلك. واستطرد قائلاً: “كفى من الضحك على ذقون المغاربة على هذا المستوى”.
وأشار القيادي السياسي إلى أن حزبه خرج أواخر عام 2019 من هذه الحكومة، لأنه وجدها غير قابلة على بلورة ورش الإصلاح منذ البداية، خلافاً نسبياً لما كان مع حكومة عبد الإله بن كيران. وتابع قائلاً: “خروجنا كان بقرار منّا، أي بقرار أغلبية اللجنة المركزية للحزب، ولم يمله علينا أحد”، مشيراً إلى أن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، اتصل به مقترحاً على “التقدم والاشتراكية” وزارات بعينها، لكنه رفض ذلك. وأوضح أنه كان شاهداً على وجود تعطيل لمسار الإصلاح من داخل الحكومة، بالإضافة إلى تنامي صراعات داخلية وخلافات عقيمة يجري التعبير عنها باستمرار.
وسئل بنعبد الله عن سبب عدم قدرة حزبه على تنفيذ المشروعات الإصلاحية خلال مشاركته في الحكومة، فأجاب بالقول: “كنا دائماً الطرف السياسي الأقل أهمية من حيث عدد الوزراء، منذ رئاسة الحكومة من طرف عبد الرحمن اليوسفي، ثم إدريس جطو، فعباس الفاسي، وصولاً إلى عبد الإله بن كيران، ومع ذلك قمنا بما يمكن القيام به”. واستعرض أمثلة لتجارب حزبه في القطاعات الحكومية التي تولى مسؤوليتها، من تعليم وبحث علمي وإعلام وسكنى وصحة، علاوة على قطاع المرأة والتضامن.
وأردف أنه كان في إمكان حزبه أن يقدّم أكثر مما قدمه لحد الآن لو توفرت الشروط المناسبة وكان في موقع الأغلبية؛ “لكن، هل لوحدنا ونحن أقلية في الحكومة، يمكن أن نقضي على مظاهر الإقصاء والهشاشة والفقر؟” يتساءل بنعبد الله، لافتاً الانتباه إلى أنه طالما كان حزبه يشعر بأنه يوجد ضمن حكومات إصلاحية فإنه يبقى فيها، لكن حين تحولت حكومة العثماني التي تأسست سنة 2017 إلى “عبث” ـ وفق تعبيره ـ قرر الخروج منها، خاصة وأن بعض وزرائها كان يلتقون ويجتمعون خلال الأيام العادية، وفي نهاية الأسبوع يذهب كل واحد منهم إلى المهرجانات الخطابية لحزبه، ويبدأ في التراشق الكلامي تجاه الآخرين. أما نحن، يوضح بنعبد الله ـ فقد بقينا على الأقل رافعين رؤوسنا، متشبثين بمبادئنا وشعاراتنا، رغم الضربات التي تلقيناها.
على صعيد آخر، تطرق أمين عام “التقدم والاشتراكية إلى قضية “القاسم الانتخابي” التي أثارت جدلاً كبيراً بعد الاتفاق على اعتماد المسجلين في القوائم الانتخابية، فذكر أن حزبه كان ينادي باحتساب “القاسم الانتخابي” على أساس عدد المصوّتين في الانتخابات، وذلك ضمن مذكرته المتعلقة بالقوانين الانتخابية. ولكن، بما أن التيار العام كان يسير في اتجاه قبول التعديل المقترح (أي أن يكون الاحتساب الانتخابي بناء على عدد المسجلين) لم يعارض “التقدم والاشتراكية” ذلك، لاعتبارين فسّرهما بنعبد الله على النحو التالي، “أولهما لم يكن ممكناً أن نبقى لوحدنا متمسكين بالصيغة الأولى، فقد يُفسَّر ذلك بأننا نزكّي حزب العدالة والتنمية؛ وثانيهما: أننا كنّا نُقاربُ الموضوع في شموليته، أي من خلال اقتراحات عديدة تهم القوانين الانتخابية، كتمثيلية النساء والشباب، ومنع تعدد المهام والانتدابات في مواقع المسؤولية للبرلمانيين، وإجراءات تضمن سلامة الاقتراع، وتمويل الأحزاب وغيرها…”.
وردّاً على تصريح سابق لعبد اللطيف وهبي، أمين عام “الأصالة والمعاصرة” المعارض، اعتبر فيه أن احتساب “القاسم الانتخابي” على أساس عدد المسجلين في القوائم يخدم الأحزاب الصغيرة، قال بنعبد الله إن “التقدم والاشتراكية” ليس في حاجة إلى “القاسم الانتخابي” ليثبت وجوده، فهو حاضر منذ 77 عاماً، منذ أن كان اسمه “الحزب الشيوعي المغربي”، ثم “حزب التحرر والاشتراكية”. لم تقض عليه لا الحماية الفرنسية أو الإسبانية ولا المضايقات أو الاعتقالات أو السجون، ولم تقض عليه حتى نتائج انتخابات 2016، بل بقي واقفاً صامداً مدافعاً عن مواقفه المبدئية.
وكشف أن حزبه قدّم اقتراحات في القوانين الانتخابية، تسير في اتجاه الإنصاف والمساواة بين المرأة والرجل، لكن أحزاباً تنتمي إلى الأغلبية الحكومية وقفت ضد تلك الاقتراحات، بما فيها أحزاب تردد شعارات الحداثة، “والحداثة بريئة منها”، حسب قوله.
وحذّر أمين عام “التقدم والاشتراكية” مما أسماه “الخلط بين المال والسياسة”، معتبراً ذلك مسألة خطيرة على الديمقراطية. وتوقف عند لجوء حزب “التجمع الوطني للأحرار” إلى الاستعانة بمؤسسة تابعة له من أجل استمالة الناخبين عبر توزيع مساعدات غذائية لهم، مشيراً إلى أن هذا العمل الممنوع قانوناً يتعارض مع مبدأ التكافؤ والمساواة بين الأحزاب. ووجه لمسؤولي هذا الحزب الحكومي نداء قائلاً: “إذا أردتم أن يثق فيكم المغاربة وتفوزوا في الانتخابات، ففوزوا بالبرامج والمواقف وبالنضال والتصورات”.
وانتقد بشدة توزيع حزب “التجمع الوطني للأحرار” لقفة رمضان بالتزامن مع قرب موعد الانتخابات، من خلال مؤسسة “جود للتنمية” التي رصدت أكثر من مليون قفة قيمة كل واحدة ما بين 150 و200 درهم (16,80 دولاراً أمريكياً و22,46 دولاراً)، أي ما مجموعه 200 مليون درهم (22.459.292,00 دولار).
وكشف أن هذا المبلغ يعادل قيمة الدعم المالي الذي تخصصه وزارة الداخلية لجميع الأحزاب لخوض الانتخابات، واعتبر أن استعمال تلك القفف الرمضانية يعد “رشوة انتخابية وسياسية”، وقال إنه تم التشكي لوزارة الداخلية بهذا الشأن.
وأشار إلى أن حزبه يتوفر على معطيات وشهادات حية تلقاها من برلمانييه ومنتخبيه في المجالس المحلية في مختلف الأقاليم المغربية، تؤكد أن تلك المؤسسة المقربة من “التجمع الوطني للأحرار”، لم توزع قففاً فقط، وإنما أنجزت طرقاً في العالم القروي لفك العزلة، وقيل للناس إن المؤسسة القريبة من الحزب هي من قامت بذلك. كما أن عزيز أخنوش، وزير الفلاحة ورئيس الحزب، أقر بكون أعضاء من حزبه ينتمون إلى تلك المؤسسة ويرصدون الدعم لها.
وتساءل المتحدث نفسه كيف أن وزارة الداخلية منعت في انتخابات 2015، رؤساء المجالس المحلية من إطلاق مشاريع طيلة السنة الانتخابية، في حين أنها لم تتخذ الإجراء نفسه بالنسبة للاستعداد للانتخابات المقبلة.
وأوضح أنه ليس ضد توزيع المساعدات على المحتاجين، لكن ليس باستعمال المعطيات الشخصية، وربط المساعدة بالحصول على بطاقة الحزب. كما أكد أنه لا يهاجم حزب “التجمع الوطني للأحرار”، وإنما ينتقد استعمال القفة الرمضانية سياسياً، وأن ما ينتقده هو الانحراف، وتبرير استعمال وسائل غير مشروعة للفوز في الانتخابات.
ولاحظ أن السلطات منعت أحد الأحزاب خلال رمضان الماضي من توزيع المساعدات، كما تمنع كل الأحزاب خلال رمضان الحالي، بناء على القانون، وتساءل: كيف تقوم مؤسسة واحدة تابعة لحزب بتوزيع المساعدات كما تشاء؟ مشيراً إلى أن المساعدات المشروعة تتجسد في ما تقوم به “مؤسسة محمد الخامس للتضامن” بمبادرة من العاهل المغربي، لمحاربة الفقر والهشاشة.
وأعرب أمين عام “التقدم والاشتراكية” عن أمله في أن تفرز الانتخابات المقبلة بفضل إرادة مكونات الشعب المغربي، وأساساً المكونات الشبابية والنسائية، حكومة لها من الاستعداد والجرأة والقوة لممارسة صلاحياتها، ومجابهة تحديات الواقع ومعالجة الاختلالات الموجودة.
كما أسهب في الحديث عن متطلبات الخروج من الوضع المتأزم في المغرب، بالقول: نحن في حاجة اليوم إلى انفراج سياسي حقيقي، وينبغي أن يأخذ المغاربة نَفَساً ليتنفسوا الديمقراطية ويحسوا أنهم فعلاً في 2021، وبأنهم يعيشون في بلد ذي مؤسسات قوية، وتحترم فيه الحريات الفردية والجماعية. كما تمنى أن تفرز الانتخابات المقبلة برلماناً قوياً وحكومة قوية ومجالس محلية منتخبة تقوم بأدوارها المطلوبة.
وأضاف بنعبد الله أنه يتمنى أن يشهد المغرب في أجواء عيد الفطر المقبل خطوات لطي الملفات الشائكة، كملف الريف أو ملف جرادة وغيرها من الملفات القضائية.
واستطرد قائلاً إن المغرب خطا خطوات هائلة في مجال تكريس ثقافة حقوق الإنسان، ولا ينبغي أن نبقى مترددين، ينبغي أن نتجه نحو الأمام، ونساهم في النفس الجديد الذي نطمح إليه والانفراج الذي ننادي به، وبذلك يمكن مصالحة المغاربة مع الشأن السياسي.
وتابع أنه يتعين كذلك التقدم في ورشة المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، لأنه ـ كما يقول ـ لن يكون هناك تقدم في المجتمع إذا لم يُعتن بالمرأة وحقوقها على جميع المستويات.
أما على المستويات الاجتماعيات والاقتصادية، فتحدث بنعبد الله عن الحاجة إلى القضاء على الفقر والهشاشة وتكريس العدالة الاجتماعية والمجالية، وتوفير “دخل أدنى للكرامة”، بالإضافة إلى تركيز اهتمام أكبر على المدرسة العمومية والصحة والثقافة، وكذا اعتماد خطة للإقلاع الاقتصادي وفق مقاربة تشاركية مندمجة.
يذكر أن نبيل بنعبد الله شغل منصب وزير للاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم حكومة إدريس جطو (2002/ 2007)، كما تقلد حقيبة السكنى والتعمير وسياسة المدينة ما بين 2012 و2017. وتولى منصب سفير للمغرب في إيطاليا.
الطبقه السياسية في المشهد السياسي المغربي كلها رجعية وتبايع الأوصولية على السمع والطاعة. اللهم حزبان و هم محظوران من المشاركة. كلاهما في اتجاهان العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي. طالما هناك عبارات مثل أمير المؤمنين ونصره الله وحامي الملة والدين فلا تقول ديمقراطية تناوب ولا حتى تقدمية ولا إصلاح ولاهم يحزنون