كنت قد عزمت أمري قبل سنتين بدراسة الإعلام الحر النزيه في مصر الحبيبة، فلقد حلمت منذ الطفولة أن ألج كواليس الإعلام ودهاليزه الممتعة المثيرة للمتاعب في نفس الآن، وقد وقع اختياري على مصر لعلمي المسبق الواثق بأنها رائدة الفن والعلم والإعلام والحضارة، فشددت أزري وتوكلت على الإله صاحب التكلان والغفران، وسجلت نفسي في تخصص ماجستير إعلام في إحدى الجامعات المصرية.. بعدها بمدة شاءت ظروف عملي أن أترك دراسة الإعلام كي أتفرغ لمشاريعي الهندسية من جديد، وبقي الحلم يراودني حتى الساعة. هذه الأيام أتابع رموز الإعلام المصري وانحيازهم المفزع بشيء من الحيرة الممزوجة بالاشمئزاز المفضي للغثيان، أيعقل أن يكون هؤلاء هم رموز الإعلام الحر النزيه الذي سعيت لدراسته في حبيبتي مصر أم الدنيا؟ أيعقل أن هؤلاء قد أقسموا مسبقا على شرف هذه المهنة؟ أيعقل بأنهم أقسموا جهد أيمانهم أمام الله وأنفسهم الأمارة بالسوء وضمائرهم التي جافتها الحياة أن يحفظوا أمانة هذه المهنة ومبادئها، وأن يسعوا للحقيقة وإظهارها للعالمين مهما كلفهم الأمر؟ أم تراهم باعوا أنفسهم رخيصا لصاحب القوة؟ البارحة وعلى مدار ساعة ونصف من الأكاذيب السمجة المضحكة، قامت إعلامية مصرية شهيرة بعرض ارتباط تاريخ الإخوان المسلمين بالماسونية باعتبارهم جزءا لا يتجزأ منها، وافتخار سيد قطب بانضوائه تحت لواء الماسونية ودفاعه عنها ودعوته لها! وكيف أن حسن البنا أسس تنظيم الإخوان طبقا وأصلا عن الماسونية التي كان عضوا مميزا فيها! وكيف أن أعضاء الإخوان مطالبون بحلف يمين الإنتماء للجماعة مغمضي العيون بعد وضع مسدس على مفرق رؤوسهم وأيديهم على المصحف الشريف يقسمون! فأي استسخاف للأفهام هذا، وأي احترام للعقول هذا، أتظن هذه الإعلامية أن الشعب المصري المثقف قد يصفق لها طربا، ويؤمن لها خانعا حين يسمع هرطقات كلامهاهذا؟ وحتى لو بلغ كره الإخوان عند المواطن المصري مبلغه، فلا أظن بأنه سيزيد عن ابتسامة ساخرة يطلقها في وجه هذه المرأة كلما سمع تخاريفها، أو نظر في صورتها الشاحبة الباهتة المفعمة بالكراهية والنفاق. فخامة الرئيس الفريق السيسي قام بإغلاق قنوات التحريض والدعوة للكراهية بعد انقلابه على رئيسه المنتخب، وتــــرك هذه الأبواق العفـــنة تبث ســـمومها بين الناس، فتداعب أقوالهم ضمير كل مستهتر بأمته ووطنه، فلا أدري بعد كل هذا الزيف الملفق أما آن للشعب المصري أن يقول كفى تلاعبا بعقول العامة، وكفى لإعلام مدعوم بالعملة الميسرة والصعبة، لا هم له سوى التحريض والخديعة والوقيعة.. وأقل ما ينطبق عليه ذلك المثل القديم الصحيح الصريح: مجنون يحكي وعاقل يسمع. م . معاذ فراج – الأردن