ثمة حالة من الغموض تكتنف وضعية أنبوب الغاز المغاربي المنطلق من حاسي الرمل الجزائر والمار بالمغرب عبر إسبانيا والبرتغال، فالجزائر، رغم قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، لا تزال مواقفها غير واضحة من إمكانية إنهاء اتفاقية استعمال هذا الأنبوب أو تجديده مع تغيير في بعض الشروط، فرئيس الدبلوماسية الجزائرية رمطان العمامرة، أشار إلى أن الموقف في هذا الشأن يرجع إلى الشركة التي أبرمت العقد مع المغرب (سونطراك الجزائرية) في حين لا يتردد وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، في التصريح بأن جميع إمدادات الغاز الطبيعي الجزائري نحو إسبانيا، ومنها نحو أوروبا، ستتم عبر أنبوب «ميدغاز» العابر للبحر المتوسط، كما ألمح في تصريح عقب استقباله للسفير الإسباني، إلى أن الجزائر ستستغني عن خط أنابيب الغاز المغاربي ـ الأوروبي.
العقد التجاري المبرم بين المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وبين شركة سونطراك الجزائرية سينتهي في نهاية أكتوبر الجاري (31 أكتوبر 2021) لكن لحد الآن، لا وجود لأي قرار صريح في الموضوع من جهة الجزائر.
عمليا، يصعب أن نصدق رواية رئيس الدبلوماسية الجزائرية من كون الموضوع هو من اختصاص شركة سونطراك، فالأمر يتعلق بقرار أمني سيادي يتخذه المجلس الأعلى للأمن الجزائري، وهو نفسه، لم يكن على علم بالقرار الذي اتخذه هذا المجلس بإغلاق المجال الجوي الجزائري في وجه الطائرات المغربية، وفوجئ ببيان الرئاسة الجزائرية، لحظة وجوده في اجتماع الدورة للجمعية العامة بالأمم المتحدة.
الصراع في هذا الملف من جهة الدبلوماسية الجزائرية يتمحور حول ثلاث نقاط، أولها، حرمان المغرب من عائدات مهمة يجلبها الغاز الطبيعي الجزائري أو من قيمته المادية جراء مرور الغاز عبر الأنبوب المغاربي (قيمة 7 في المائة من الغاز المار من الأنبوب أو ما يضاهي قيمته نقدا) والثاني، تعريض أمنه الطاقي لضربة موجعة، بحكم أن الغاز الجزائري الذي يحصله المغرب من جراء هذا العقد المبرم، يمكنه من تشغيل محطتين كهربائيتين (محطة تهدارت جنوب طنجة، ومحطة عين بني مطهر جنوب وجدة) والثالث، تعقيد الوضع الدبلوماسي مع إسبانيا ومنع العلاقات المغربية الإسبانية من العودة إلى طبيعتها.
في الظاهر، تبدو أوراق اعتماد الجزائر قوية في صراعها الدبلوماسي مع المغرب، فورقة الغاز ترتهن بها مصلحة المغرب من جهة، ومصلحة إسبانيا والبرتغال وبعض دول أوروبا من جهة ثانية. لكن هذه الورقة، فضلا عن محدوديتها، فهي من الناحية الفنية غير مكتملة، وهي فوق هذا وذاك ليست كلها بيد الجزائر.
ثمة حالة من الغموض تكتنف وضعية أنبوب الغاز المغاربي المنطلق من حاسي الرمل الجزائر والمار بالمغرب عبر إسبانيا والبرتغال
بيان ذلك، أن هذه الورقة محدودة من جهة تأثيرها على الأمن الطاقي المغربي، فالغاز الذي يحصله المغرب سواء من حصته من مرور الغاز عبر الأنبوب المغاربي (600 مليون متر مكعب كمتوسط سنوي) أو عبر العقد التجاري المبرم بين سونطراك والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (640 مليون متر مكعب) وهي لا تشكل سوى 7.85 في المائة من الطاقة المشغلة للطاقة الكهربائية للمحطتين الحراريتين تهدارت، وعين بني مطهر(834 ميغاوات) كما أن المغرب، تبنى استراتيجية طاقية وطنية (2009) تراهن على الطاقات المتجددة (الطاقات الشمسية والريحية والكهرومائية) وتقلص من حجم الطلب الطاقي، إذ انتقل الطلب على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء من 15 في المائة سنة 2018 إلى 9 في المائة سنة 2020، وتتجه النسبة إلى 4 في المائة في أفق 2030.
وما يزيد في تأكيد محدودية هذه الورقة، أن المغرب مع حلول سنة 2024 سيبدأ في استغلال حقل بني تندرارة للغاز الطبيعي، وهو يتوفر على احتياطات مهمة، تلبي حاجة المحطتين الحراريتين، التي تراهن الجزائر على تعطيل وشل قدرتهما للتأثير على الأمن الطاقي للمغرب.
من الناحية الفنية، ليست هناك ضمانات على قدرة الأنبوب ميد غاز على تأمين الحاجيات الطاقية لإسبانيا والبرتغال وبقية دول أوروبا، فالأمر يتعلق في حاجة إسبانيا إلى كمية من الغاز الطبيعي تقدر حسب إحصائيات 2019 بـ36.1 مليار متر مكعب سنويا، وقد استوردت من الجزائر وحدها في السنة ذاتها ما يقارب 11.4 مليار متر مكعب عبر الأنبوب المغاربي وأنبوب ميد غاز.
القرار بالاستعمال الحصري لأنبوب ميد غاز ليس شأنا جزائريا خالصا، فمقتضى العقد مع الجزائر، يتضمن من الناحية الفنية شروطا تتعلق بالسعر وتأمين استمرارية تدفق الغاز من غير انقطاع، وهو الأمر الذي تحتاج فيه إسبانيا إلى الوقوف على فعالية الأنبوب ميد غاز وما إذا كان بإمكانها الاستغناء بالمطلق عن الأنبوب المغاربي.
السفير الإسباني سبق له أن قام بتحرياته عند زيارته لمحطة انطلاق أنبوب ميد غاز، ووزير خارجية إسبانيا، يزور الجزائر هذه الأيام لنفس الغرض، وسط شكوك كبيرة من قدرة هذا الأنبوب على تلبية الطلب الإسباني من غير تعريض أمنها الطاقي للخطر.
فنيا، تم تشغيل أنبوب ميد غاز سنة 2019 بسعة 8 مليارات متر مكعب، وتمت زيادة هذه السعة إلى 10 مليارات متر مكعب في مايو 2021، في حين، تم تشغيل الأنبوب المغاربي سنة 1996 بسعة 13.5 مليار متر مكعب.
عمليا، اسبانيا والبرتغال وبعض الدول الأوروبية، عمدت إلى استعمال الأنبوبين، لتأمين الحاجة من الغاز الجزائري، بتدفق مستمر وغير منقطع، ولم يصدر عن مدريد لحد اللحظة ما يوحي بقبولها الاستغناء عن الأنبوب المغاربي، والاكتفاء فقط بأنبوب ميد غاز، والزيارات التي يقوم بها مسؤولون إسبان، إنما تأتي في سياق التأكد الفني من أن توسعة أنبوب ميد غاز سيضمن الاستغناء عن الأنبوب المغاربي كما هو الطلب الجزائري.
الاعتبار الثالث يخص مصلحة اسبانيا، فمدريد، يصعب عليها أن تغامر بمصلحتين كبيرتين، الأولى تعريض أمنها الطاقي للخطر من جراء عدم التأكد من قدرة أنبوب ميد غاز على تأمين تدفق الغاز بشكل منتظم وغير منقطع، والثاني، خسارة حليف استراتيجي، بذلت الشهور الأخيرة كل الجهود من أجل إعادة العلاقة الدبلوماسية معه إلى حالتها الطبيعية، والجزائر لا تملك أي ورقة ضغط على إسبانيا، لأن وضعها الاقتصادي لا يسمح لها بالاستغناء عن توريد الغاز الطبيعي لمدريد.
من المرجح جدا، حسب هذه الاعتبارات الفنية والسياسية والدبلوماسية، أن تتجه إسبانيا للضغط على الجزائر في هذا الموضوع من أجل تشغيل الأنبوبين معا، فأمنها الطاقي ليس موضوعا للمغامرة، وأن تجد الجزائر نفسها في وضع المضطر ولو بتجديد جزئي للعقد المبرم مع المغرب، وهو الوضع المحرج الذي لا تريد الجزائر أن تسقط فيه، ولذلك، تبذل كل وسعها من خلال تصريحات مسؤوليها، لاسيما وزير الطاقة، إلى إقناع الإسبان، بقدرتها على تأمين تدفق الغاز الجزائري إلى إسبانيا والبرتغال بشكل مستمر ومنتظم وألا خوف على الأمن الطاقي الإسباني من جهة الجزائر. المغرب، ستكون له كلفة، سواء في حالة الاستغناء عن الأنبوب المغاربي، أو في حالة تجديد جزئي له، لكن، استراتيجيته الطاقية التي تقلص من ارتهان منظومته الكهربائية على الغاز، وقرب استغلال كل من حقلي تندرارة والعرائش (2024) سيجعل التأثير على أمنه الطاقي محدودا، وفي مدى جد قصير.
كاتب وباحث مغربي
الجزائر لها ورقة ضغط مهمة حقا و المغرب يستفيد من خيرات الجزائر طبعا… و التصعيد الجزائري في محله و مستحب لاسيما ضد التطبيع المغربي الاسرائيلي و خوف بلد المليون شهيد من استغلال هذه التحالف الجديد ضدها و ارغامها على التنازل عن مواقفها الوطنية و الاسلامية و الدينية…اسرائيل تدعم المغرب بالاستخبارت و الاسلحة الذكية و هذا ما ترفضه الجزائر و يجب على المغرب قطع كل علاقاته مع الكيان الصهيوني الغاصب و القاتل للشعب الفلسطيني…كما ان الجيش الجزائري اقوى من نظيره المغربي و بامكان الجزائر غزو المغرب بكل سهولة و يسر بفضل القواعد الجوية الهائلة على كامل حدودها مع المغرب حيث تراقب الكبيرة و الصغيرة… و يمكن عكس المقال ان تسنغي الجزائر عن استعمال انبوب الغاز المار من المغرب بشتى الوسائل و حرمان المغرب من عائدات غازية و مالية و نفطية مهمة للصناعة المغربية..
الإرتفاع الجنوني لأسعار الغاز في السوق العالمية يعد اهم ورقة للجزائر حاليا لكي ترضخ اسبانيا و المغرب لبعض قرارات الجزائر فإسبانيا مرغمة على قبول شروط الجزائر
الغاز الجزائري صار لمن استطاع إليه سبيلا
جنون العظمة
الغاز الطبيعي هو أكثر وقود احفوري متوفر في كوكب الأرض… مؤخراً تم إكتشاف وجوده في موريتانيا و السنغال و المغرب …. إضافة إلى وجود الأسواق التقليدية روسيا قطر أمريكا نيجيريا
لا يمكن لدولة ما ان تعيش بالغاز فقط او بالفلاحة او الصناعة بل بكل ذلك حتى تستطيع توفير الامان لمواطنيها
صدقت أخي أحمد
وهذا ما تفعله بلادي الجزائر العزيزة
يمكن للجزاءر التضحية بما هو غالي ونفيس من اجل الحاق اقل الضرر بالمغرب. مع الأسف الجزاءر تعيش بجنون وهم ريادة المنطقة وبهذا تراهن تنمية ونماء المنطقة بأكملها.
لا لتجديد العقد
مواقف الجزائر واضحة جدا.. ولا اعتقد ان آسبانيا تستطيع ان تغيرها لأسباب كثيرة يطول شرحها.
إسبانيا التي تم الدفع بها كوسيط كآخر أوراق الضغط الممكنة لتليين الموقف الجزائري كانت السباقة لدراسة إمكانية تزويدها بالغاز الجزائري مباشرة ايام أزمة بن بطوش.
وبالتالي فان الحديث عن وجود صراع انابيب الغاز يبدو مستبعدا.. فالغاز المعني اولا وأخيرا هو جزائري.. والالتزام بتزويد اسبانيا بحاجياتها منه هو التزام جزائري وتتحمل الجزائر فقط حدها الاخلال به كان هنلك خلل.
والحمد لله ان اكتشافات المغرب من غاز تندرارا يغنيه عن انابيب الغاز الجزائري.. بل ويستطيع ان يصدره الى اوربا حسب وسائل اعلام مغربية
تتمة /:
الدول الأوروبية الكبيرة و الولايات المتحدة و حتى روسيا لن تستطيع الإستغناء عن الغاز ! فالطاقات المتجددة مثلها مثل السيارات الكهربائية و السيارات التي تزود بالوقود !
المملكة لن تستطيع الإستغناء عن الغاز سواء جزائريا كان أو مريخيا !
احتياطات المغرب من الغاز 0.0007% اي اقل من 3000 مرة من احتياطات الجزائر. كما ان 96% استهلاك المغرب من الغاز يتاتى من انبوب غاز الجزائر.
لسؤال المطروح : أين تذهب عائدات الغاز و النفط بالجزائر ? وهل هاته العائدات تطرجم إلى تنمية و إستتمارات تعود بالنفع على الشعب الجزائري ٠
الجزائر تكسب وانت تحسب