أخيرا استعاد الدوري الانكليزي الممتاز الملح الذي كان ينقص الطعام لتعود اليه نكهته بعودة جوزيه مورينيو الى التدريب من بوابة نادي توتنهام الذي أقال الأسبوع الماضي مدربه ماوريسيو بوتشيتينو وقرر تعيين البرتغالي بعد غياب عن الملاعب منذ ديسمبر/كانون الأول 2018 عندما أقيل من تدريب المان يونايتد بسبب سوء النتائج، وهو الأمر الذي أعاد الروح أيضا للكرة الانكليزية إعلاميا وجماهيريا، وأعاد الروح لتوتنهام الذي حقق فوزا كبيرا خارج قواعده أمام وستهام في أول مباراة للبرتغالي، ثم قلب الخسارة بهدفين لصفر الى فوز أمام أولمبياكوس اليوناني على ميدانه في دوي الأبطال بأربعة مقابل هدفين، ليعود ويخطف الأضواء مجددا ويصنع الحدث كما فعل سابقا مع تشلسي والمان يونايتد.
الغريب في الأمر أن إدارة المان يونايتد كانت تريد بوتشيتينو عند اقالة مورينيو منذ سنة، لكن شاء القدر أن يحدث العكس ويخلف البرتغالي نظيره الأرجنتيني من موقع قوة على رأس توتنهام في انتظار ربما انتداب بوتشيتينو كمدرب للمان يونايتد بدلا من النرويجي سولشاير ليتجسد شعار «مصائب قوم عند قوم فوائد»، علما أن أكبر فائدة ستكون من نصيب الإعلام الانكليزي والعالمي الذي سيجد في شخصية مورينيو وتصرفاته واندفاعه وتصريحاته مادة دسمة تتصدر الصفحات الأولى للجرائد والمواقع الالكترونية التي غيرت قبلتها نحو لندن ونادي توتنهام، الذي سيكون محط أنظار الجميع خلال الأسابيع المقبلة بعدما ترك فراغا رهيبا في وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي سرق فيها الاضواء غوارديولا ويورغن كلوب.
اقالة بوتشيتينو كانت متوقعة منذ مدة بسبب تراجع أداء ونتائج نادي توتنهام الذي تركه في المركز الخامس عشر، و لم يحصل معه على أي لقب على مدى خمسة مواسم رغم تعداده المتميز وارتفاع ايرادات النادي منذ دشن ملعبه الجديد، لكن تعيين مورينيو لمدة ثلاثة مواسم ونصف الموسم كان مفاجئا للمتابعين من حيث التوقيت، خاصة بعدما رفض الرجل عروضا كثيرة للاشراف على البايرن وروما والميلان وباريس سان جيرمان، وكأنه أراد انتظار فرصة الانتقام لنفسه من التجربتين السابقتين مع تشلسي والمان يونايتد وانتظار فرصة العودة من بوابة الدوري الانكليزي ومنافسة غوارديولا ويورغن كلوب على نجومية كانت حكرا عليه قبل التحاقهما بالمان سيتي وليفربول.
مورينيو لم يتأخر كثيرا لإثارة الكلام والجدل وشغل الرأي العام و وسائل الاعلام التي نقلت تفاصيل كلامه للاعبيه عند انتهاء الشوط الأول من أولى مبارياته في دوري الأبطال أمام أولمبياكوس، لما كان فريقه منهزما بثنائية، فدخل الميدان ليرافقهم الى غرف الملابس بقوله: « أنا هنا… أنا معكم… أنا السبيشال وان… سأقول لكم كيف نعود ونفوز بالمباراة»، فكان له ذلك بقلب موازين اللقاء والفوز بالأربعة، وهو الأمر الذي كان مادة لوسائل الاعلام البريطانية الصادرة في اليوم التالي وتنبأت اثره باشتعال المنافسة مجددا وعودة الجدل والاثارة والغليان الى دوري كاد أن يقتله ليفربول بسيطرته عليه منذ انطلاق الموسم، وافتقد لذلك الحراك الذي كان بطله مورينيو مع آرسين فينغر وقبله مع فيرغسون وغيرهما من المدربين.
كل التوقعات تشير الى أن توتنهام سيعود الى مكانته التي يستحقها، خاصة اذا تمكن من تدعيم فريقه باللاعبين الذين يريدهم مورينيو، ويعود الى أجواء المنافسة على ألقاب هذا الموسم، كما أن الجميع يتوقع أن يصنع الرجل الحدث مجددا مع لاعبيه ومنافسيه، ومع الحكام ورجال الاعلام، ومع المدربين والمسيرين بتصريحاته المستفزة وتصرفاته وخرجاته التي افتقدناها منذ رحيله عن المان منتصف الموسم الماضي.
المتعة والفرجة والاثارة ستعود الى الكرة الانكليزية بعودة مدرب ليس ككل المدربين، هو ليس الأفضل ولا الأكثر تتويجا، لكنه الأكثر تميزا، وصف نفسه ذات يوم بـ»السبيشال وان» ولا يزال، هو مختلف عن غيره من الفاعلين في عالم الكرة، قال ذات يوم بأن التواجد على دكة المدربين هو أفضل ثوب يلبسه في حياته، والناس تعتبر عودته الى الواجهة اليوم أكبر اثارة يمكن الاستمتاع بها في عالم كرة القدم الذي لا يمكن اختزاله في براعة ميسي وروعة رونالدو ولا في تألق ليفربول فحسب، بل في كل ما يتعلق بالكرة وما يحيط بها من ظواهر.
إعلامي جزائري
الكلام صحيح مئة بالمئة.. فمورينيو مدرب وقائد كتيبة بالمعنى العسكري . لا يمكن للبريمرليغ ان يعيش بدون هذا الرجل .. ناهيك عن امتيازه في مجال التدريب طبعا .. أصبت يا الدراجي.