هل يوجد من بينكم واحدٌ يُمكن أن يقنعنا أنّ بعض الانقلابات العسكرية في التاريخ ساهمت بفعالية في تثبيت أركان الديمقراطية في البلاد؟ أنا مُتأكّدٌ أنّه لو فتشتم في جميع صفحات التاريخ القريب والبعيد وفي كلّ مناطق العالم الأربع لما وجدتم عمّا تبحثون عنه لأنّ وسط هذه الانقلابات المُستمدّة من قوّة الدبّابة تسبح دماء الإنسان المظلوم والمحقور والمقموع والصّارخ عالياً ‘ لا ‘ للطغمة التي تُزيل من تزيل وتضع من تضع حتّى تبقى وحدها المسيطرة على مفاتيح السلطة ومخازنها كره من كره وشاء من شاء أمام أنظار رعاة حقوق الإنسان المُبجّلين !!! إنّهم لا يستمعون للآخر.. للصوت الخافت الذي يُجابههم بالحجة لأنّ عقليتهم لا تعترف بالحوار والسكون لاستماع البعض والرضوخ ديمقراطيا للبعض الآخر، فهذا معناه الاستكانة وهيهات أن يستكين الفرعون الأكبر جدّ خوفو للرعية… للحثالة… لعامّة الشعب أو هكذا يرون مواطنيهم البسطاء اللطفاء وتنقل لهم التقارير عنهم ‘ ففي ساعات يُمكننا قتل بضع عشرات منهم حتّى يهرب الباقي كالجرذان إلى جحورهم ونستعيد الأمن بفرض حالة الطوارئ التي رفعناها خداعا ذات مرّة عندما أوهمنا الرعيّة أنّنا نقود إصلاحات ما بعد الثورة ‘.. هذا بيان من أحد تقاريرهم !!! إنّهم في كلّ مرة يتركون الشعب يتذوق الديمقراطية المغشوشة ساعات معدودات حتى يعيدوا له قرون الديكتاتوريّة باسم الديمقراطية، حتّى أصبحت الديمقراطية في عصرنا عبارة عن إله يُصنع ويوضع على المقاس و صار الكفر بالله القدير أهون من الكفر بالديمقراطية !!! أليست الديمقراطية عندهم ركن من أركان الإيمان؟؟!! اليوم عندما يُريد المستعمرون الجدد احتلال أرض يضعوا ملف الديمقراطية في الأجندة فإمّا الديمقراطية أو نحن!! أي إمّا تتركونا ندخل بسلام أو نقتحم قداسة الأرض بالقوة التي ما لها سلطان وحتّى عندما تقوم الأنظمة بتغيير ما فيها من فساد واستبداد وتعمل على تزيين لوحة حُكمها بالديمقراطية يتدخل رعاة الديمقراطية بأيديهم أو بأرجلهم لتغيير موازين القوى للفساد والاستبداد وهكذا تُجسّد روح اللعبة أي أنّ الديمقراطية الحقيقيّة هي اللّاديموقراطيّة وأنّ البقاء للأقوى وليس للأصلح على عكس القاعدة المشهورة ! ويدخل صغار الديمقراطيين في الخطّ ويبدأون في حشد همم النّاس الذين بلا برنامج ولا هدف حتى يقودوا تمثيليات النضال الديمقراطي ويحققوا بهم مشروع انقلاب دمويّ من أجل الديمقراطية على الذين انتخبهم الشعب بطريقة ديمقراطية وتتحقق الخطّة بدعم رعاة الديمقراطية العالمية ويتحوّل الشارع إلى ساحة عراك سياسيّ.. فمن الديمقراطي؟ ومن المستبد؟ لسنا ندري فكلّ واحد يدّعي النبوّة والطهارة والكتاب، وكلّ واحد منهم يحمل رسالة الديمقراطية من ربّه الأمريكيّ أو السوفيتي أو العربيّ !! وبعد عشرين عام يخرج للشعب ذلك الديمقراطي الصغير الذي يتذكره الشعب جيّدا عندما نادى أصحاب الدبابة لتجسيد الديمقراطية على حساب الصندوق ولو كره المنتخبون، وبعدما فقد الشعب الآلاف من أبنائه وبناته وكلّ آمال شمس الديمقراطية على الطريقة الكاذبة يأتيهم كالمهرج في الشارع يدعوهم طالبا المساعدة حتى يُسقط الطغمة التي دعاها قبل عشرين عاما لإنقاذ الوطن.. ماذا سيكون عليه أمره مع الشعب؟ حتما سيرميه الشعب بقشور البصل والبطاطا ويلعن الديمقراطية التي يحملها في جيبه كما يحمل السّاحر دمية على شكل أرنب أو طائر خرافيّ، أمّا هو فسيتخلى عن السياسة بعدما ينكشف أمره وسيركن في قصره الباريسيّ أو اللندنيّ أو النيويوركيّ ولن يظهر إلّا بعدما يستدعى إلى الخدمة الوطنية مرّة أخرى و سيترك عمله لخليفة يقرّره الذين يخلقون المعارضين في وطني! الله جلّ جلاله في كونه يخلق الكائنات.. والسلطة جلّ جلالها في بلداننا تخلق المعارضات! عشتم سعداء في عصر الانقلاب الديمقراطي الذي سيتمتّع به أولو النقمة من الديمقراطية فقط.. وعاش أنبياء الله ومات أنبياء الديمقراطية المُزيّفة! رُبّما قد كفرت بأنبياء ورسل الديمقراطية.. فليُسامحني الله ولا سامحت أمريكا! إسلام كعبش – الجزائر [email protected]