أنظمة عربية تنتج الإرهاب وتدعمه

حجم الخط
4

تقول أهم نظريات نشوء الدولة إنها – أي الدول – تقوم بناء على «عقد اجتماعي» بين الحاكم والمحكوم، وبموجب هذا العقد الضمني بين الطرفين، فإن الناس في مجموعهم يتنازلون عن جملة من حقوقهم وحرياتهم، مقابل أن توفر لهم الدولة جملة مكتسبات أهمها، الحماية لهم ولأموالهم وممتلكاتهم وعائلاتهم.. وهكذا تنشأ الدول.
بعض الدول العربية التي لا تنطبق عليها أي من نظريات السياسة ثمة عصابات إجرامية تحكم وليست أنظمة، وهذه العصابات تشكل تهديداً لمواطنيها بدلاً من تقديم الحماية لهم، وهو ما يعني أن «العقد الاجتماعي» قد انفرط وأن الدولة أصبحت عبئاً على مواطنيها لا حامياً لهم ومصدراً للرفاه.
النظام السياسي الذي يلاحق معارضيه بالقتل والاغتيال، ويعاقب الناس على آرائهم بالاعتقال والتنكيل لا يمكن أن يكون جزءاً من دولة، لأن «الدولة» لا تقوم إلا بالقانون والحفاظ على النظام العام، ومهمتها الأساس هي حماية مواطنيها لا تهديدهم، وعندما تكون النخبة الحاكمة خارجة عن القانون، تتحول الى عصابة إجرام أو تنظيم إرهابي، أما عندما لا تقوم الدولة بحماية مواطنيها فهذا يعني أنها فشلت وأن الحاجة لها انتفت. عندما نسمع أن دولة عربية تتعاون مع تنظيم «القاعدة» ضد مواطنيها، وأن زعيماً في التنظيم نفسه على علاقة مع ثلاثة أمراء عرب، وأن دولة عربية أخرى تُمد المتطرفين بالمال والسلاح، من أجل مواجهة خصومها في أماكن مختلفة.. فهذا كله يعيد التأكيد على أن الأنظمة العربية المستبدة هي المصدر الأساس للإرهاب في العالم، فضلاً عن أنها تستفيد من الإرهاب وتستثمر فيه، من أجل التغلب على خصومها السياسيين، أو من أجل تثبيت نفسها في الحكم. بعض الأنظمة العربية التي تتميز بالاستبداد والتوحش أصبحت جزءا لا يتجزأ من منظومة الإرهاب في العالم، فهي تنتج الإرهاب وتدعمه على ثلاثة مستويات:
أول هذه المستويات أنها تمارس استبداداً وتسلطاً ضد شعوبها، يُنتج جيوشاً من اليائسين والمحبطين والمهمشين، الذين لا يرون أي أمل في التغيير السلمي فيجنحون نحو العنف والتطرف.

«الدولة» لا تقوم إلا بالقانون والحفاظ على النظام العام، ومهمتها الأساس هي حماية مواطنيها لا تهديدهم

أما المستوى الثاني في عملية إنتاج الإرهاب عربياً فهو أن بعض الأنظمة تستعين بالتطرف الديني من أجل محاربة خصومها السياسيين، سواء كانوا من المعارضين الشيعة أو من الإيرانيين، على اعتبار أن المتطرفين والطائفيين هم الأكثر قبولاً لفكرة تكفير غير المنتمين للطائفة السنية.
المستوى الثالث هو تعاون بعض الأنظمة العربية مع منظمات إرهابية بشكل مباشر، إما لخوض حروب بالوكالة، أو لتصفية معارضين، أو لاستخدامهم كشماعة من أجل الخلط بين الإرهاب والعنف، والمعارضة السياسية، وصولاً الى تبرير القمع السياسي من قبل السلطة أو النظام الحاكم.
مسرحية الإرهاب التي ينشغل بها العالم منذ سنوات، بل منذ عقود، بدأت تنكشف وتنفضح شيئاً فشيئاً، وبات واضحاً أن بعض الأنظمة العربية متورطة في إنتاج الإرهاب وتدويره والاستفادة منه والاستثمار فيه، وهذا يعني بالضرورة أن الدين الإسلامي والحركات الإسلامية المعتدلة، لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بهذه الظاهرة، وإنما هي أداة سياسية تستخدمها بعض الأنظمة المأزومة في منطقتنا. وبينما تستفيد بعض الأنظمة العربية من شماعة الإرهاب التي تحولت إلى «سبوبة» لهذه الأنظمة، فإن العالم المتحضر إذا كان جاداً في محاربة الارهاب وتجفيف منابعه وشرايينه فيتوجب أن يتوقف عن دعم أنظمة الاستبداد العربية، وأن يحول دعمه لقوى الديمقراطية والحرية، وأن يعمل على بناء أنظمة ديمقراطية تحقق طموح شعوبها وتلبي آمالهم.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح//الاردن:

    *ما اراه معظم دولنا العربية (منكوبة) ؟؟؟
    الحكام اشبه بقطاع الطرق والشعوب
    مغيبة (لا حول له ولا قوة ) .
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل حاكم
    ظالم مستبد.

  2. يقول سامح//الاردن:

    *ربما تسود (الديموقراطية) دولنا العربية
    بعد (٥٠ ) سنة ..ربما .

  3. يقول بلحرمة محمد:

    الغرب يا سيدي لن يكون جادا ابدا في محاربة الارهاب كما انه لم يتوقف عن دعم انظمة الاستبداد في عالمنا العربي المنكوب لان مصالحه تتطلب دلك فالغرب من مصلحته ان يشتد عود الارهاب في الجغرافيا العربية لتدمير بلداننا واستنزاف جيوشها كما ان من مصلحته دعم الديكتاتورية في ابشع صورها لضمان استمرار التخلف والتبعية والخنوع ولعل اكبر مثال على دلك ما يقوم به هدا الغرب المنافق بقيادة الولايات المتحدة خدمة للنظام السعودي ودعمه للحرب العدوانية ضد اليمنيين فلا تحسنوا الظن في الغرب فهو احد الاسباب والعوامل الرئيسية في ماسينا وكوارثنا ومصائبنا التي لا تنتهي.

  4. يقول مجيد أميد:

    وا أسفاه على شعوبنا العربية الغنية بالكفاءات والطاقات والأخلاق الفضيلة ان يقودها أشخاص متخاذلون عبيد أذلاء للاجانب الكفار ووحوش ضارية لاتعرف الرحمة على ابناء شعبهم … متى يظهر الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) ليخلص الأمة من هؤلاء الخونة ويقودها الى الفلاح والصلاح والامان والكرامة ويذيق أعداء الاسلام الهوان والمذلة …

إشترك في قائمتنا البريدية