الأسبوع الماضي كتبت هنا منتقداً لا مبالاة كثير من أهلنا في فلسطين بمعاناة أهالي مخيم اليرموك، وعليه لا مبالاة الإعلام العربي بالقضية برمتّها، وأن من أشار للموضوع كانت إشارته خفيفة لا تعدو كونها رفعاً للعتب كما بدا.
ثم انتشرت الأخبار بازدياد أعداد الشهداء من الفلسطينيين في ‘اليرموك’ ممن قضوا ويقضون جوعا تحت حصار يفرضه جيش الأسد بالأصالة عن نفسه ومنظمات فلسطينية بالوكالة عنه، كما انتشرت العديد من الفيديوهات والصور من داخل المخيم خلال الاسبوع الفائت تظهر مدى الأسى الذي يعيشه الفلسطينيون في هذا المخيم المنكوب.
اليوم، وقد مرّ على بداية شيوع المسألة في الإعلام الجديد من فيسبوك وغيره ما يقارب الاسبوعين، ما زال المخيم يلاقي تجاهل القنوات التلفزيونية ذاته بالمقارنة بقساوة وضعه الإنساني وحالة التجويع المريعة التي يتم إخضاعه لها ما أدى ويؤدي إلى الموت إثر أوجاع لم تعد تُحتمل.
في الأيام الأخيرة، تناولت قنوات عربية قضية ‘اليرموك’ بالتقصير ذاته، بالاختصار ذاته بالإهمال ذاته. ما اختلف عما كان وما كتبته في الأسبوع الفائت هو أن الطرح الخفيف والمختصر بشدة لهذه القضية عُرض على قنوات إضافة للقناتين أو الثلاث التي طرحتها بداية.
أقول معظم القنوات لأن قناة كـ ‘الميادين’، وحسب متابعتي لها لم تعرض المسألة في نشراتها الرئيسية خلال الأيام الماضية، لم تشر للمخيم ولا لتجويعه، وهو المتوقع منها كما هو الدور المنوط بها إعلامياً كراعٍ دعائي للجهة المسببة بشكل مباشر لهذا التجويع والقتل، من جيش الأسد إلى الجبهة الشعبية – القيادة العامة.
وإن حصل وعرضت القناة مسألة التجويع والحصار خلال الأسبوعين الماضيين في نشرة قد تكون فلتت منّي (لم أتابع جميع نشراتها طبعاً) فستبثّ حصراً بمثل ما تفوّه به الوزير الفلسطيني الذي سأتناوله في الفقرة التالية.
باختصار، ليست قضية أهالي ‘اليرموك’ بموضوع جاذب للإعلام العربي، بطرفيه، إعلام البترول الخليجي وإعلام البترول الإيراني، بالنسبة للطرف الإيراني، فلا مصلحة لهم في طرح القضية أساساً كونها تحوي حقائق تفضح ادعاءاتهم الممانعاتية، أما بالنسبة للطرف الخليجي، ‘العربية’ ‘وسكاي نيوز وغيرهما، فقتل الفلسطينيين تجويعاً هو مجرد تفصيل في سياق الثورة السورية، لن تكون جاذبة للمشاهد وتالياً للقنوات هذه، كما هي مسائل أخرى ضمن السياقات السورية والمصرية وغيرها، فـ ‘الجزيرة’ مثلا منشغلة أولاً بالشأن المصري و’العربية’ أولاً بالعراقي (والشأنان مهمان بالتأكيد) و ‘سكاي نيوز’ أولاً بالسوري، دون منح المسألة الفلسطينية ضمن السياق السوري مساحتها المستحقة، وكل حسب أجندات تُفرض لاعتبارات جيوسياسية ليس للفلسطيني ابن المخيم فيها مكان.
أما باقي القنوات كـ ‘بي بي سي’ فكان تناولها للموضوع يتأرجح بين السذاجة والاهمال من خلال اختيار أحد الضيوف للحديث عن الموضوع، سذاجة إن لم يكن ذلك مقصوداً، واهمال إن كان مقصوداً.
الوزير الفلسطيني وهتافات ‘اليرموك’ التحريضية
في تغطية ‘أوسع’ لمأساة المخيم أجرت ‘بي بي سي’ لقاء مع الوزير الفلسطيني أحمد مجدلاني، وهو الأمين العام لجبهة النضال الشعبي، التي اكتشفت أنها لم تنقرض، لديها أمين عام على الأقل.
بدأ المحاور سؤاله بهتاف غنّاه أطفال من ‘اليرموك’ في تقرير للقناة تقدّم المقابلة، يقول الهتاف ‘راح وفد وإجا وفد والمخيم على الوعد’، في إشارة إلى الوفود الشكلية التي يرسلها محمود عباس، رئيس سلطة رام الله والتي، للصدفة، يشتد بها حال المخيمات بؤساً. ردُّ فعل الوزير لم تكن سوى الضحك، كأن هتاف الأطفال وحالهم مثير للضحك لا للخجل بالحد الأدنى.
وبعيداً عن هذه الضحكة على أوضاع أهالي المخيم، بدأ إجابته بـ ‘شكراً على ملاحظتك التحريضية’ في تموضع مسبق لنفسه وللموقف الذي أتى يدافع عنه، وهو النقيض تماماً من موقف أهالي المخيم وهتافات أطفاله. وبالمناسبة، لا أدري كذلك إن كان لسذاجة أم للؤم أن القناة لم تأت بضيف آخر يحكي بلسان أهالي اليرموك، خاصة وأن الوزير عرف موقعه من البداية.
بعد اتهام الوزيرُ المحاورَ بالتحريض عليه من خلال تكرار هتافات الأطفال، يجيب المحاورُ دفاعاً ومتنصّلاً ‘أنا فقط ناقل لما ورد على لسان الأطفال’.
في اللقاء كاملاً لم يأت على ذكر الحصار الذي يمارسه جيش الأسد وفصائل فلسطينية قد تكون جبهة السيد الوزير إحداها، دار حديثه برمّته حول المسلحين داخل المخيم، علماً أن الحصار والتجويع تفرضه قوات تابعة للأسد خارج المخيم. نحن نحكي هنا عن حصار يحوّط المخيم ويمنع أساساً دخول المعونات، ولو حبّة عدس، لا عن دخول المعونات التي تواجه صعوبات في توزيعها إلى الأهالي بسبب المسلحين داخل المخيم، كما قال أمين عام جبهة النضال هذا.
وفي بادرة ذاتية ونوعية ومن حيث لا أدري وبشكل منقطع عن سياق الحديث ودون مبرّرات منطقية، سمعت الوزير يكرّر ما قاله زميله عباس زكي كأننا نحكي عن منشور وزّعه أبو مازن، يقول: ‘وبحب أنا أشير هون بكل وضوح وصراحة أن السلطات الرسمية السورية كانت متعاونة إلى أقصى مدى.. وتجاوبت.. وعلى استعداد بالتعاون في كل المسائل، بما في ذلك التسهيلات في إدخال المواد.. بحب أؤكد مرة أخرى أن العائق الوحيد في إدخال المواد هي المجموعات المسلحة داخل المخيم’.
لستُ في المخيم لأرد على الوزير من هناك، لذلك أحيل الردود بشأن ما تفوّه به بخصوص نظام الأسد، إلى ما يأتينا من المخيم من فيديوهات نشاهد فيها صبية من المخيم تخاطب أبو مازن، نشاهد ختايرة يخاطبون بشار الأسد وأحمد جبريل وحزب الله وغيرهم. كيف يخاطبونهم؟ كما يخاطب القتيل قاتله، وحسب.
المناضلة المحتفلة لم تسمع بـ’اليرموك’!
مثال آخر للجبهات الفلسطينية، التي إن لم تنقرض هي بالمعنى المادي للكلمة، فقد انقرضت أخلاقياتها الوطنية والإنسانية. هنا نحكي عن مقابلة أجرتها ‘الميادين’ مع ليلى خالد بمناسبة احتفالية هي عيد ميلاد ‘الجبهة الشعبية’، وطبعاً الحديث على ‘الميادين’ مناسب دائماً ليكون عن المؤامرات الكونية على نظام الأسد الصامد.
خلال المقابلة المتزامنة مع أخبار وصور القتلى جوعاً في المخيم، والممتدة لما يقارب الساعة، لم تأت ‘المناضلة’ على ذكر كلمة ‘اليرموك’ على لسانها، ولو! قد يعود ذلك لكونها لم ترد أن تعكّر الأجواء الاحتفالية في عيد جبهتها الذي رُفعت فيه صور الأسد ونصرالله، أو لأنها تحضر الأخبار على ‘الميادين’، فلم تسمع بالأمر أساساً، أو لاتفاق مسبق بين القناة وبينها أو لتواطؤ متبادل بينهما بداعي مشاركتهم الإعلامية والسياسية في ما يحصل لأهالي المخيم.
ليت أهالي اليرموك أقليّة طائفية!
لا أتعامل بمنطق الأقليات والأكثريات، أميل لفكرة المواطنة حيث الوطن لجميع مواطنيه، وهي فكرة علمانية. قناة ‘الميادين’ الظاهرة بلباس علماني والأقرب إلى النظام الديني الطائفي في طهران (والقريبة من كل قريب إليه)، لم تترك خبراً أو حادثة اساءة لأبناء ‘أقليات’ دينية أو عرقية في سوريا، إلا وتناولته بالخبر والتحليل والتمحيص و’الفصفصة’، إضافة إلى إرسال وفود خاصة للتغطية، وتحديداً بالحديث عن أبناء الديانة المسيحية في سوريا (معتذراً، أتكلّم بمنطقهم) في تلميح وتصريح دائم بأن النظام هو حامي هذه الأقليات من أكلة القلوب ومصاصي الدماء، وهو استخدام سياسي انتهازي لحالة إنسانية محقّة مماثلة للاستخدام السياسي للقناة وغيرها لقضية فلسطين.
الآن، أهالي ‘اليرموك’، ليسوا أقلية عرقية أو طائفية، يمكن أن تستخدمها القناة لتأليب الرأي العام العالمي على زومبي ‘سنّي’ سيأكل كامل الجهاز الهضمي للأقليات (تحديداً المسيحية) إن لم يحمها النظام. فلا جدوى من استخدام سياسي لقضية أهالي المخيم، ذلك عدا عن حقيقة أن محاصرهم وقاتلهم هو النظام عينه.
كما أن الاستخدام السياسي لقضية فلسطين ناجع مع فئات من هذا الشعب مؤيدة للنظام، وهي فئات تابعة لأحزاب تابعة بشكل أو بآخر لهذا النظام (وكلّه دائر في الفلك الإيراني)، ولا حاجة للقناة بأبناء المخيم هؤلاء في استخدامها السياسي لقضيتهم الفلسطينية، خاصة وأنهم يصرخون في العالم أجمع عبر الإعلام الجديد والتقليدي، يصرخون بأسماء قاتليهم، وليس للقناة مصلحة في الإشارة لذلك.
* كاتب فلسطيني
Twitter: @saleemalbeik
الذين يعيشون في المخيمات الفلسطينية فلسطينين لماذا دخلوا الارهابيون المجرمون جماعة النصرة وداعش والجيش الحر الى داخل المخيمات هل هم معسكرات للجيش السوري ام امن انهم مدنيون لماذا تزجوا المدنين في اجرامكم لماذا تدخلون بين المدنين ان اردت سلامة المدنين وعدم تجويعهم او تروعيهم او قتلهم لماذا دائما تتخذون المدنين دروع بعد جرائمكم اذا كنتم تحافظون على حياة المدنين فاخرجوا الارهابيون المجرمون من المخيمات واذهبوا بهم بعيدآ عن المخيمات حتى يعود الامن للمخيمات وتدخل المواد الغذائية اما ادخال المواد الغذائية الى المخيم سوف الارهابيون المجرمون الذي يقف ورائهم ليفي الصهيوني يستولون على المواد الغذائية فعليكم ايها الصحفين ان لا تغمضوا عنيكم عما يعملوه الارهابيون حمير بني صهيون وتلومون النظام الذي لم يتدخل الى الان ومن حقه ان يتدخل لان سوريا بلاده ولاكن حافظآ على ارواح المدنين لم يتدخل فان اردتم العيش بسلام للمدنين في المخيمات اخرجوا الارهابيون المجرمون من بين المدنين وهذا هو الحل الوحيد والامثل حتى تعود الحياة الطبيعية لسكان المخيمات الفلسطينية .
١٠ آلاف مرتزق فدسوا في سوريا حسب اعتراف الانتحاريين نفسهم
والإحصائيات تقول انه هناك. ما يزيد عن مئة الف مرتزق غير سوري
يقاتلون في سوريا وانت مازالت تصر على انه ليست هناك مؤامرة على
سوريا
الذي دمر سوريا بالصواريخ والبراميل المتفجرة وقتل الاطفال السوريين بالكيماوي لا يتورع عن قتل الفلسطينيين تحت حجج واهية وتاريخهم في مجازر المخيمات في لبنان حافل بالجرائم ولا اعتقد انه كان هناك داعش ونصرة في تل الزعتر – حسبي الله ونعم الوكيل