القاهرة ـ «القدس العربي»: فواتير الكهرباء والماء والغاز باتت الأكثر فزعا في حياة المواطن المبتلى بزيادات مطردة في الأسعار، أسفرت عن تفاقم أزمات الأغلبية، التي بات أفرادها كنزا استراتيجيا بالنسبة للحكومة المحاصرة بمزيد من الديون والمطالبة بمستحقات خدمات الدين العام مع طلعة كل شمس، تلك الحكومة التي باتت لا تجد من معين أمامها تغرف منه سوى جيب “المواطن”.
أمس الخميس 18 نوفمبر/تشرين الثاني كان الحديث حاضرا بقوة عن الأزمة الاقتصادية التي تحياها معظم العائلات تقريبا، إذ أن أسعار السلع الغذائية تشهد انفلاتا، بينما الحكومة تقف عاجزة عن حماية الفقراء أو وقف توحش التجار.
ومن المعارك اللافتة التي طور فيها الأهالي أدواتهم في المعركة التي بات عنوانها “مذبحة الأشجار” دعوة وزيرة البيئة للانضمام لهم في نضالهم ضد الحكومة المصرة، وفق شهادات السكان على تدمير الحدائق التاريخية كالميريلاند وغرناطة والأسماك، ووجد كثير من الكتاب في صحف الخميس أنفسهم في مواجهة مع الحكومة بسبب تناقض مواقفها بين زعمها تبني سياسة دعم البيئة والحفاظ على المناخ، وواقع يكذبها ممثل في الحرب على الأشجار والحدائق. واهتمت الصحف بحكم قضائي من المتوقع أن يثير ضجة إذ قضت محكمة جنح النزهة أمن الدولة طوارئ، بحبس المحامي أحمد عبده ماهر 5 سنوات لاتهامه بازدراء الأديان.. وكان قد تقدم سمير صبري المحامي ببلاغ للنائب العام ضد ماهر، لازدراء الدين الإسلامي. وقال صبري في دعواه ضد ماهر، إنه من الشخصيات التي لا بد من كشف حقيقتها وإظهار حقدها على السنة خصوصا، والإسلام عموما موضحا أنه لن يمل المجرمون من ابتداع مختلف الطرق للحرب على الإسلام وتشكيك المسلمين في دينهم. ومن جهود المؤسسات الطبية: أعلنت وزارة الصحة والسكان، البدء في تطبيق مجموعة من السياسات والبرامج والخدمات والإجراءات، التي تهدف إلى المساعدة في علاج مرضى الإدمان، وتقليل الضرر والعواقب التي تلحق بالأفراد والمجتمع بسبب المخدرات. وأوضحت الدكتورة منى عبدالمقصود، الأمينة العامة لأمانة الصحة النفسية وعلاج الإدمان في وزارة الصحة والسكان، أن هذه البرامج تعتمد على الأساس العلمي ومثبت فاعليتها بالأدلة العلمية، وتوصي باستخدامها منظمة الصحة العالمية.
نكد عام
مس الدكتور محمود خليل في “الوطن”عصبا مؤلما في حياة الأغلبية: المتابع لتغريدات وتدوينات بعض الناس على حيطان التواصل الاجتماعي هذه الأيام يلاحظ حالة الألم والوجع التي تنبض بها كلماتهم وجُمَلهم. بعض الموجوعين يجدون في الكتابة متنفسا عما تعاني منه قلوبهم وتأنس نفوسهم إلى مشاركة الآخرين لهم بالتعاطف أو بالدعاء.. ومؤكد أن أمام كل موجوع يكتب عشرات آخرين يشعرون بما يشعر، ويعانون الألم، لكنهم يكتمون في قلوبهم، راجين رحمة ربهم. فعندما تتراكم الإحباطات ومشاعر الخوف وضغوط الحياة تصبح النفوس أشد حساسية لأي وخزة ألم. والمعاناة باتت تعمل بكامل طاقتها منذ ظهور جائحة كورونا، بما أورثته للبشر من خوف وألم وأحزان وانكفاء على الذات وتباعد عن الآخرين، وأعقبتها مشكلات معيشية تزايدت وطأتها على الناس، ولا يزال معولها يعمل بقوة تزيد يوما بعد يوم، ناهيك مما ولدته المتابعات المستمرة لأخبار الدوائر القريبة أو البعيدة من الفرد عبر مواقع التواصل، من أوجه نكد لا تتوقف. الحالة التي يعيشها البعض حاليا التي يمكن وصفها بـ«حالة النكد العام» لها سر واحد وحيد، يرتبط بثنائية تحدث عنها القرآن الكريم، ثنائية «الطيب والخبيث». يقول الله تعالى: «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدا». ومعنى الآية الكريمة – كما يوضحه المفسرون- أن البلد الطيب يتمتع بتربة خصبة عفية عندما يصيبها المطر تربو وتزهو وتخرج نباتها يانعا ناضجا، أما البلد الذي تسوده التربة الناشفة البائرة فلا يشفع معه مطر ولا رعاية، لأن تربته لا تسمح إلا بخروج الخشن والعطن من النباتات. ذلك هو المعنى المباشر الذي استخلصه المفسرون من الآية الكريمة، لكنْ ثمة معنى أعمق يتحدث عن البشر ونفوسهم التي قد تتمتع بالخصب أو البوار. فالنفوس الخصبة هي النفوس الطيبة المتصالحة مع الحياة، الراضية بما قسم الله تعالى لها في الدنيا.
من الضحكة للدمعة
نبقى مع الإحباط وأسبابه بصحبة محمد بركات في “الأخبار”: لعلي لا أتجاوز الواقع إذا ما قلت إنه على الرغم من الفوز الذي حققه المنتخب الوطني على منتخب العابون في آخر المباريات التي خاضها، إلا أن هناك موجة شديدة الوقع من الإحباط العام، لدى عموم المواطنين المهتمين والمتابعين لمسيرة المنتخب الوطني على شمولهم، ولدى جماهير كرة القدم على وجه الخصوص. ووسط موجة الإحباط هذه التي شملت في اعتقادي كل من تابعها دون استثناء، طفت على السطح بعض الآراء المعبرة عن الصدمة، والمفاجئة للمستوى غير الجيد، ولا حتى المقبول لمنتخبنا، الذي كان الجميع يأمل ويمني النفس بأن يكون أفضل من ذلك كثيرا جدا بما يليق بمكانة مصر وحجمها الافريقي. ورغم احترامي لجميع الآراء وكل الرؤى، ورغم مشاركتي للجميع في مشاعر الإحباط من المستوى الضعيف وغير اللائق، الذي ظهر عليه المنتخب خلال كل المباريات التي خاضها، إلا أنني لا أتفق مع أصحاب هذه الآراء على الإطلاق، بل أرى فيها تجاوزا كبيرا لواقع الحال، وتجاهلا أكبر لما رأيناه وما شاهدناه على أرض الواقع. لا نتجنى على أحد ولا نبخس أحدا حقه إذا ما قلنا، إن ما رأيناه وشاهدناه في كل المباريات التي خاضها المنتخب، لم يكن مشجعا على الإطلاق ولم يكن باعثا على الأمل في التغيير إلى الأفضل، وهذا في تقديرى أيضا هو السبب الأكبر للإحباط، الذي أصاب الجميع.
آخرون سيقلدونه
زكريا بطرس ليس الأول ولن يكون الأخير، ورسوم “شارل إيبدو” المسيئة للرسول لن تكون آخر رسوم الإساءة والاستهزاء، ورواية “آيات شيطانية” لن تكون نهاية أعمال الشياطين. تابع عادل نعمان في “المصري اليوم”، هو أمر ممتد منذ بداية الدعوة المحمدية، وكذلك كل الرسل والأنبياء حتى الآن، وقد طالت الرسول نفسه وبين أصحابه كما جاء في الآية (وممن حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَٰافقون وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ)، وكان الأذى من أهل المدينة ذاتها ومن الصحاب والرفاق، لا يعلمهم الرسول وهم بين يديه ومن خلفه، بل وصل الأذى إلى التشهير بأهل بيته في حادثة الإفك، وكذلك الآية «وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون». وهذه سنة وسلوك الكثير من خلق الله، يستهزئون ويسخرون من الأنبياء، أحياء وأمواتا، فلا غرابة في هذا، ولا عجب في زكريا بطرس وغيره، أو من المسلمين أنفسهم، بل من الذين صوروه في بعض كتب التراث على نحو يخالف قيم الأديان والرسل، حتى كانت مصدرا ومنهلا لهؤلاء المستهزئين.. إلا أن الغريب في الحكاية ويجعلنا نضع الأمر كله أمام العقل للتفكير والحكمة للتدبير، أن يكون هذا الحديث وهذا الهراء قد سمعناه منذ عشر سنوات أو يزيد، ومرّ على الجميع مرور الكرام ثم يستدعونه الآن كما استدعى من قبل كتاب «آيات شيطانية» بعد تأليفه بأكثر من ثلاث سنوات، وظل على الرفوف في المكتبات هادئا ساكنا دون بيع أو شراء، هل في الأمر شيء عجيب ومريب؟ ليس من الحكمة أن تمر علينا كل هذه «الاستدعاءات» بعد أوانها بزمن، ويتكرر أمام أعيننا الحدث ذاته بالسيناريو نفسه، ونكرر في الوقت نفسه ردود الأفعال نفسها من فوضى وإساءة للغير، دون الانتباه إلى فداحة وخطورة وخسارة ما نقوم به، بل كانت كل هذه «الاستدعاءات» وهذه البذاءات في طي الإهمال والنسيان، ولم ينتبه إليها أحد، وأيقظها من غفلتها وغفوتها صياح وصراخ المسلمين أنفسهم الذين يهددون بالانتقام والثأر والقصاص.
كذاب مشلوح
اهتم ياسر شوري في “الوفد” بقضية الساعة: هل من الممكن أن يهز شخص مختل يبث سمومه مثل زكريا بطرس صورة رسولنا الكريم؟ بالطبع لا.. وإذا كان الأمر كذلك فما الذي دفعنا جميعا كمسلمين إلى هذه الهبة دفاعا عن سيد الخلق أجمعين؟ الإجابة ببساطة لأن هذا الكذاب المشلوح كنسيا، بحسب بيان الكنيسة لم يقل رأيا، وإنما كان فحاشا قال كلاما لا يصدقه عقل ولا منطق، وإن كان قد أفنى عمره في هذه البذاءات فلن يصدقه أحد، وإنما هبتنا كانت لعدم المساس من كل من هب ودب والتجرؤ على رسول الله.. الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ترفع في هذه المرة عن الرد ولكنه قالها صريحة من قبل للمسلمين، لا تبتأسوا والنبي لاقى ما هو أشد في حياته، وبعد مماته. نعم لاقى الرسول ما لاقى على يد المشركين، ومع حرصهم على تسفيه دعوته، ومحاولة إلصاق كل نقيصة به، إلا أنهم لم يستطيعوا أن ينفوا عنه صفة الصدق والأمانة، ونسبه القرشي الهاشمي الشريف كما أراد (بطرس).. كما أن قريشا وهم أفصح العرب لم يستطيعوا أن يأتوا بآية واحدة مثل القرآن، وتحداهم سيد العالمين بأن يأتوا بمثله وهم أهل البيان وفشلوا.. لقد شهد أبو سفيان وهو رأس قريش وكبير المشركين أمام قيصر الروم، بأن سيدنا محمد ذو نسب بقريش ولم يعرف عنه يوما الكذب. الصادق الأمين لا يحتاج إلى شهادة منا فقد شهد له أفذاذ وعلماء الغرب، ولا يزال رسول الله هو الشخصية الأكثر تأثيرا على مرّ التاريخ. أشاد الكاتب بتوضيح الكنيسة لموقفها من زكريا بطرس، وعدم رضاها ورفضها لما قاله هذا الشتام. وخرج كثير من إخوتنا الأقباط معتذرين عن فعلة لم يفعلوها، وهم ليسوا بحاجة للاعتذار.
أشجار بائسة
دعا سليمان جودة في “المصري اليوم” الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، إلى أن تتصرف في مرحلة ما بعد قمة المناخ التي انعقدت في مدينة غلاسكو البريطانية أول الشهر، بطريقة مختلفة عن مرحلة ما قبل القمة.. فالوزيرة حضرت أعمال القمة، واستمعت إلى خطاب السيد الرئيس هناك، ورأت أنه دعا الدول الغنية إلى تخصيص 100 مليار دولار لمساعدة الدول النامية على مواجهة تغيرات المناخ. والدكتورة ياسمين تعرف بالتأكيد أن شرم الشيخ تستعد لاستضافة القمة المقبلة في مثل هذا الشهر من العام المقبل، ولا بد أن استضافة القمة تضع علينا مسؤوليات في حماية البيئة، وفي الدفاع عن الأشجار، وفي نشر المساحات الخضراء، وفي الإنصات لصوت الناس في هذه القضية بالذات. تابع الكاتب: إذا شاءت الوزيرة أن تعاين ما أدعوها إليه عمليا على الأرض، فليس مطلوبا منها سوى أن تخطف رجلها إلى منطقة مصر الجديدة، لترى وتشاهد أن أشجارها تتعرض لما يجب أن لا تتعرض له، وأن أبناء المنطقة ينتظرون منها أن تمارس مسؤوليتها التي أقسمت عليها وهي تؤدي اليمين الدستورية. وأكد الكاتب أن الذين يعيشون بالقرب من حديقة الميريلاند، أو حديقة غرناطة، أو في شارع نهرو، أو يمرون في الأماكن الثلاثة، لا يصدقون أن تواجه أشجارها مذبحة في وضح النهار، ثم لا تسارع الوزيرة المسؤولة إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإلى إنصاف السكان في المكان.
لا تخذلي الحدائق
لا يصدق أهالي مصر الجديدة كما أوضح سليمان جودة، أن تتعرض أجزاء كاملة من حديقتي الميريلاند وغرناطة للإزالة، ثم لا تكون الوزيرة هي أول المدافعين عنهما، وعن حق كل مواطن في أن ينعم بهواء نقى يتنفسه، وهذا ما لن يتوفر له إلا عن طريق وجود شجرة أمام بيته أو في الطريق إليه. لم أكن أصدق أن هذا هو حال الحديقتين ومعهما الشارع المشار إليه، لولا أن الصورة التي لا تكذب تقول هذا وتؤكده، ولولا أن جمعية تراث مصر الجديدة قامت بتوثيق ما يجري بالصور الحية، ولولا أنها وجهت استغاثات إلى كل الذين يعنيهم الأمر في البلد. وما تلقيته من الجمعية يقول إن بيانا صدر عنها، وإنه يحمل توقيعات كثيرة جدا، وإن أصحابها توجهوا بالشكوى إلى رئيس الجمهورية يطلبون سرعة التدخل قبل أن تزول الحديقتان من الوجود، وقبل أن تموت أشجارهما مُمددة على الرصيف.. وقد عشنا نعرف أن الأشجار تموت واقفة. إننا نستطيع أن نشق طريقا، دون أن يكون ذلك فوق أجساد الشجر، ونستطيع أن نُنشئ ما نريد أن نُنشئه دون أن يكون ذلك على حساب حديقتين عريقتين، ولا على حساب أي حديقة، ونستطيع أن نقول إننا أهل لتنظيم القمة التي نتهيأ لاستقبال ضيوفها.. نستطيع ونستطيع.. نستطيع هذا كله بشيء واحد ينقصنا هو احترام الشجرة في حياتنا.. فلا تخذلي الجمعية يا دكتورة ياسمين، ولا تتركي الأشجار في بلدنا تقاتل وحدها.
دكان الحكومة
لا أحد يستطيع أن ينكر أن الدولة استطاعت، وبأموال طائلة زيادة الطاقة الكهربائية، ربما بأكثر مما نحتاج، ولا أحد يستطيع أن ينكر أيضا أن المواطن في مصر يدفع ثمن هذه الزيادة وبقيمة كبيرة من مرتبه المحدود.. يعني بمنطق منتصر جابر في “الوفد” واحد يبيع والآخر يشتري، ولا أحد عليه فضل على الثاني.. فهل تعامل الدولة على أنها «دكان» والمواطن «زبون» صيغة صحيحة.. أم توجد صيغة أخرى؟ الإجابة عن هذا السؤال كما اوضح الكاتب يحتاج إلى رؤية الحكومة لنفسها بنظرة أوسع لدورها الذي تحصره في نطاق ضيق، كمنتج ومورد للخدمات، وفي ضيق رؤيتها كذلك للمواطنين على أنهم مجموعة من المستهلكين لا مشاركين في إنتاج هذه الخدمات! وعلى الحكومة أن تغير نظرتها لنفسها بأنها مجرد محصل لثمن الخدمات التي تبيعها للمواطنين بالسعر العالمي، مع أنها تعرف أن مرتباتهم محلية جدا.. وأعتقد أن هذه هي الفجوة الكبيرة بين الدولة والمواطن، التي لا تجعله يشعر بحجم ما تم إنجازه في الكهرباء وفي غيرها، ولا يرى في عدم انقطاع الكهرباء من منزله إنجازا كبيرا ليدفع كل هذه الفلوس شهريا، وتقلب نهاره «ظلمة».. وجعلته يكلم نفسه متسائلا ما فائدة نور الكهرباء في لياليه السوداء بسبب الفواتير؟ يرى الكاتب أن إعادة صياغة علاقة الحكومة بالمواطنين مهم جدا، لتجاوز النظرة المتربصة لبعضهما بعضا، خاصة إصرارها على مبدأ إنها لن تعطي بلا مقابل لمن يريد أن يأخذ بدون أن يدفع.
من مستهلك لمنتج
يرى المواطنون أن الحكومة تأخذ بدون أن تدفع.. فكيف يمكن فض هذا الاشتباك والتشابك في العلاقة؟ الحل الوحيد، من وجهة نظر منتصر جابر، يكمن فيما تطبقه دول عديدة وجربته كثيرا ونجحت، وهو تحويل المواطن إلى منتج ومورد للمنتجات والخدمات إلى الحكومة، وليس العكس، والحكومة هي التي تشتري منه، وليس العكس أيضا، وتقوم هي بإعادة بيعها مرة أخرى، سواء في الداخل أو الخارج، بل إن إعادة البيع هذه تكون من خلال المواطنين وشركاتهم، ويكون دورها منظما ومنسقا ومراقبا لهذه الحركة الحيوية بين أطراف العملية الإنتاجية في الدولة، على سبيل المثال.. قامت الدولة ببناء العاصمة الإدارية، وعشرات المدن الجديدة، التي ضمت مئات الآلاف من العمارات، وملايين الوحدات السكنية، وهو إنجاز ضخم وعظيم بلا مبالغة.. ولكنها نسيت أن تضع خلية شمسية واحدة لتوليد الكهرباء لكل شقة فوق كل عمارة من هذه العمارات في كل المحافظات، ولو كانت الحكومة فعلتها، كان من الممكن أن تخفف أولا عبء أسعار فواتير الكهرباء على كل ساكن، وتحويله من مستهلك إلى منتج للكهرباء يستطيع أن يدفع ثمن فواتيره، وبالتالي تشجعه على خفض الاستهلاك لزيادة دخله الشهري، بدلا من أن تكون كل شغلتها هي التحصيل منه. وثانيا وهو الأهم، تقليل الأحمال على شبكة الكهرباء القومية وتعظيم الفائض منها، وثالثا منح الدولة فرصة لتصدير هذا الفائض إلى الخارج، لاسترداد مليارات الدولارات التي دفعناها في بناء محطات الكهرباء.. ولا يرى الكاتب أننا دفعناها فقط لعدم انقطاعها عن لمبة الصالة في شقة مواطن في الدور الثالث في الزاوية الحمراء.
الوقت يداهمه
سؤال التحول الديمقراطي ومستقبله يطرح نفسه بتوقيت متزامن على تونس والسودان واصلا بإحباطاته إلى العالم العربي خشية انكسار ما تبقى من رهانات على بناء دول مدنية ديمقراطية حديثة. في الحالتين، التونسية والسودانية، كما أوضح عبد الله السناوي في “الشروق” صدرت قرارات استثنائية، من رأس النظام بدوافع متناقضة تحت مسمى واحد هو إصلاح المسار واسترداد الثورة، كانت دواعي «الإجراءات الاستثنائية» في تونس، التي أصدرها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز، بتجميد البرلمان ونزع الحصانة عن نوابه، وحل الحكومة موضوع ترحيب شعبي، لا يمكن إنكاره، فقد تآكلت الثقة العامة بالنخبة السياسية الحاكمة، وتقوضت شعبية «حركة النهضة» التي تهيمن على البرلمان والحياة السياسية، وتنسب إليها قبل غيرها مسؤولية تفشى الفساد في بنية الدولة، وتدهور مستويات المعيشة والخدمات العامة. لم تكن القضية عند إعلان تلك «الإجراءات الاستثنائية» مدى اتساقها مع النص الدستوري، أو قدر التغول عليه. كانت تعسفا في تأويل الدستور، لكنها اكتسبت مشروعيتها من الابتهاج الشعبى بها. منذ البداية تبدت منزلقات ما بعد الإجراءات الاستثنائية، وقد لخصها سؤال: ما الخطوة التالية؟ بصيغة أخرى، كيف تسد الفجوة بين الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية؟ إذا لم يرد اعتبار الالتزام الدستوري فإنها العودة إلى حكم الرجل الواحد، وخسارة ثقة الرأي العام مؤكدة. مستقبل قيس سعيد ما زال في حوزته، لكن الوقت يداهمه ومستقبل التحول الديمقراطي في بلاده بين قوسين كبيرين. العودة إلى الماضى مستحيلة والمراوحة في المكان مهلكة. وأكد الكاتب أن تجاوز الأزمة التونسية ممكن بقدر إدراك الحقائق واحترام الخيار الديمقراطي. فما يحدث الآن شروخ في الشرعية قابلة للإصلاح والترميم. ثم انتقل الكاتب إلى الخرطوم قائلا: في المشهد السوداني ليست هناك مسحة شرعية لـ«الإجراءات الاستثنائية»، التي أعلنها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، بحل مؤسسات المرحلة الانتقالية بما فيها الحكومة والمجلس السيادي الذي يترأسه. لا الوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية، تتيح له حق إصدار مثل هذه القرارات، ولا الإرادة الشعبية العامة مستعدة أن تتفهمها.
وقودنا الديمقراطي
كان فض الشراكة بين المكونين المدني والعسكري بالقوة، كما أوضح عبد الله السناوي، صداما خشنا مع الرأي العام، الذي عبر عن رفضه بتظاهرات واحتجاجات ودعوات للعصيان المدني، مرشحة للاتساع في بلد أنهكته أزماته وتجاربه مع الحكم العسكري، على مدى عقود. أزمة الشرعية تضرب في فكرة الاستقرار نفسها، وتهز أي قدرة على مواجهة الأزمات الوجودية التي تعترض البلد. في محاولة أخيرة للملمة شظايا الشرعية المتناثرة أعلن البرهان التزامه بـ«الوثيقة الدستورية»، واستعداده للإفراج عن المعتقلين والمحتجزين السياسيين، بمن فيهم رئيس الوزراء المقال عبدالله حمدوك، والانفتاح على الحوار مع جميع المكونات السياسية. يصعب التعويل على مثل تلك التعهدات، إذا لم تسندها إجراءات على الأرض. المناورة لكسب الوقت وتخفيف ضغوطات الشارع والخارج مسألة أخرى. وانتهى الكاتب إلى أن: السودان قضية عاجلة على الأجندات الدولية بقدر قربه من براكين النار المشتعلة في إثيوبيا، التي قد تقوض الأمن والسلم الدوليين في القرن الافريقي. المصالح الاستراتيجية والاقتصادية تزكي الضغوط المتواترة وتضع سقفا لما يمكن أن يصدر عن قائد الجيش السوداني. الضغوط الدولية مرشحة للاتساع والعقوبات الاقتصادية ماثلة في ثنايا الخطاب الدبلوماسي، فيما لا تذهب التحفظات الغربية بالأزمة التونسية إلى درجة الحدة نفسها، ولا تزيد عن إشارات دبلوماسية متواترة لضرورة العودة بأسرع ما يمكن إلى المسار الدستوري. هاجس «الإخوان المسلمين» يطل على الأزمتين المتفاقمتين، ويلقى ظلاله الكثيفة على دول الإقليم. بقوة التاريخ الماثل أسست التجربة التونسية للموجة الأولى، في ما يسمى بـ«الربيع العربى». بدت أكثر نجاحا من أي تجارب أخرى رافقتها، بنت تجربة ديمقراطية استقرت لعقد كامل قبل أن تتقوض، تجنبت الصدامات الصفرية، التي جرت في مصر أسوأ استنتاج ممكن الادعاء بأننا غير مؤهلين في العالم العربي للديمقراطية، وغير قادرين على التخلص من إرث الطائفية، وغير صالحين للالتحاق بالعصر وقيمه، في كفالة الحريات العامة وقواعد دولة العدالة والقانون وحقوق المواطنة والكرامة الإنسانية. من زاوية موضوعية فإن إفلات تونس والسودان من أزمتيهما المتفاقمتين يعطى أملا ملهما بـ«تجربة نجاح» تحتاجها قضية الديمقراطية في العالم العربي.
وفاة الجمهور
من أصعب الأشياء أن تغني بصوت جميل ولا أحد يسمعك بينما تجد حولك حشودا من الغربان، التف الناس حولها وهو ما انتهى إليه فاروق جويدة في “الأهرام”: إن الطيور تهاجر حين تشعر بالخوف والغربة، وفي أيام الخريف حين تجف الأشجار يصبح الغناء شيئا مستحيلا وتسافر الطيور بحثا عن الدفء والأمان.. والناس مثل الطيور ماذا تفعل، إذا وجدت زمانا لا يسمعك وطاردتك أشباح الخريف ووجدت نفسك وحيدا، حيث لا ظلال ولا ثمار وكل ما بقى لك أطياف من الذكرى لوجوه غابت وأحلام سافرت وبقايا عمر لا تملك أن تسترد منه شيئا. إن البعض يلومك الآن لأنك لم تعد تغني وكيف تغني ولا أحد يسمعك؟ وكيف تزرع ربيعا والخريف يطاردك والناس حولك يحاصرهم شتاء طويل من الوحشة والخوف والغربة؟ إذا سكت الإنسان عن الغناء فليس ذلك عجزا أو زهدا، فقد يكون ذلك مللا أو يأسا وربما خوفا.. أصعب الأشياء أن نصمت خوفا لأن كل الأشياء يمكن أن نتعامل معها إلا الخوف، حين يكون قوة غاشمة أو عدالة مصلوبة أو حقا ضائعا.. مهما طالت ليالي الصمت والوحدة، وراء كل ليل طيور ساكنة تنتظر طلوع النهار، ووراء كل خريف أشجار تقاوم وسوف تحلق في الأفق طيور هاجرت وتعود تغني كما كانت، وسوف نغني معها.. لقد جمعت الحياة كل الأشياء ولكل زمان فصوله جمعت القسوة ومعها الرحمة، وجمعت الليل والنهار وجمعت الفضيلة والرذيلة وجمعت الحق والضلال ونحن نختار في أي الفصول نعيش وهل تكون حياتنا هدى أم ضلالا؟ وعدلا أم ظلما؟ وهل ننام راضين عن أنفسنا أم كارهين لها؟ في نهاية المطاف إذا غنيت ولم يسمعك أحد وإذا صرخت ولم ينصفك أحد سوف يجيء زمان أكثر عدلا ونزاهة وإنصافا.. لا تندم لأن الحياة تغيرت ولا تحزن، لأن الحياة أصبحت أكثر قبحا وشراسة، وأخلاق الناس لم تعد كما كانت، يكفي أنك عشت الزمان الجميل واستمتعت بالغناء الجميل وكانت لديك قدرة على التسامح وحب الآخرين.
لن ننساها
أكد أحمد جمعة في “اليوم السابع” أن القضية الفلسطينية أحد أبرز القضايا العادلة التي تعمل الدول العربية خاصة مصر على دعمها، لأنها قضية شعب مظلوم ومكلوم، بسبب ما تعرض له من احتلال لأرضه وتهجير وسلب وقتل واستيطان، إلا أن الاهتمام بالقضية تراجع عقب أحداث 2011 التي عصفت بالدول العربية، ولم تعد قضية فلسطين على سلم أولويات الدول التي عانت من ضعف المؤسسات، وعكفت هذه الدول عقب أحداث 2011 على الانكفاء على الداخل العربي بشكل أكبر لحل مشكلاتها الداخلية وتقوية مؤسساتها. وأكد الكاتب أن مصر لم تتأخر عن دعم الأشقاء الفلسطينيين، سواء لإنهاء الانقسام الداخلي بين الفصائل، وتحديدا فتح وحماس، أو التوسط في عدة مناسبات لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ووقف نزيف الدم، فضلا عن تقديم سبل الدعم والإسناد كافة، للمواطن الفلسطيني الذي يعاني من أزمات متلاحقة، سواء على المستوى الداخلي بسبب الانقسام، أو بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وأخيرا بمحاولة تحييد القضية الفلسطينية عن أي صراعات إقليمية ودولية. وشدد الكاتب على أن مشكلة الفلسطينيين التي أضعفت القضية خلال العقدين الماضيين هي الانقسام والتشتت، وتصارع الفصائل على المصالح بعيدا عن المصلحة الوطنية الفلسطينية، وهو ما استغله الجانب الإسرائيلي ووظفه للترويج لمشروعه الاستيطاني داخل الأراضي المحتلة، وقد ساعدهم الفلسطينيون في ذلك بشكل غير مباشر، عبر عمل كل فصيل ومكون في جزر منعزلة عن بعضها، ما أدى لتعاظم الانقسام، وتشتت خطاب الوحدة الفلسطينية ما بين حماس وفتح والسلطة، وبات لكل منهم وجهة نظر تختلف عن الآخر في كيفية تحقيق وحدة الفلسطينيين. ونتيجة الحالة الراهنة للقضية الفلسطينية أصيب “شعب الجبارين” والشعوب العربية بخيبة أمل، بسبب الانقسام السياسي والمؤسساتي بين المكونات الفلسطينية، حتى أصبح الحديث عن “توحيد الصف” و”إنهاء الانقسام” نكتة الموسم وكل موسم، لا أحد يبحث عن الوحدة، ولا أحد يفكر في الثوابت الوطنية التي يجب أن يتعامل معها الجميع تجاه قضية فلسطين، وبات “الشو الإعلامي” و”الرياء” أحد أبرز الأسلحة التي تستخدمها بعض الفصائل للترويج لمشروعها وإيهام الشارع بأنه الأصلح.
عصر ذهبي
عادت عبلة الرويني بنا في “الأخبار” لعصر لا ينسى: عندما نتحدث عن نهضة المسرح المصري في الستينيات، فنحن نتحدث عن حضور ثقافي.. عن الوعي بالفن.. الوعي بالكلمة، والوعي أيضا بالحرية «رغم الحديث الطويل عن الرقابة والقمع». مجتمع أكثر حرية، لا تخيفه الألفاظ، ولا تفزعه الأشباح، ولا تحاصره الخرافة. مجتمع مناهض للجهل والتخلف، ممتلئ بالوعي والثقة والطموح والتقدم. قبل أكثر من 60 عاما «1958» قدم المسرح القومي، مسرحية سارتر (المومس الفاضلة) بطولة سميحة أيوب، إخراج حمدي غيث. قدمتها أيضا سناء جميل في الستينيات، في البرنامج الثاني في الإذاعة المصرية من إخراج محمد توفيق. يومها لم ينزعج الجمهور ولا النقاد، ولا رجال الدين ولا رجال السياسة.. لم يتهم أحد الكاتب الفرنسي «بالإباحية» ولا بإفساد المجتمع المصري، لم يصرخ أحد في مجلس الشعب، خوفا على خدش حياء المجتمع، كما يحدث اليوم لمجرد أن فكرت إلهام شاهين في إعادة تقديم مسرحية “المومس الفاضلة” من إخراج سميحة أيوب.. سارع بعض نواب البرلمان إلى تقديم طلبات إحاطة، مطالبين بحذف عنوان المسرحية (الصادم) للمجتمع! وابتكر حزب النور «السلفي» وبعض أعضاء حزب الوفد (الليبرالي) هجومهم الهزلي المخجل على المسرحية.. ليس فقط بتغيير عنوانها، لكن أيضا بملاحقة سارتر «الإباحي»! وربما أيضا المطالبة بإخراجه من قبره “وسجنه”. مضت الكاتبة مذكرة بأسباب ما آل إليه انهيارنا الثقافي والفني: أكثر من 60 عاما على اختلال المسافة بين «الفن» و«العار»، بين «الوعي» و«الجهل».. الوعي بقيمة مسرحية، هي واحدة من أفضل أعمال المفكر الفرنسي سارتر، كتبها عام 1946 لمناهضة العنصرية، والدفاع عن جوهر الشرف الإنساني.
الحل اليوناني
نصائح طبية مذهلة كشف عنها عبد الوهاب عدس في “الجمهورية”: نعاني جميعا من التهاب أو تآكل المفاصل.. وفى كثير من الأحيان ينصح الأطباء بتغيير المفصل.. ونحن من الشعوب التي لا تهتم بالعلاج في بداية المرض، ولا نذهب للطبيب إلا بعد تضاعف الآلام.. لدرجة تفوق قدرتنا على تحملها، ولا نعرف الفحوصات أو التحاليل الدورية.. التي يجب إجراؤها كل فترة.. ولعل ذلك يرجع إلى توكلنا على الله.. واعتمادنا على الشفاء من عنده، على الرغم من أن ديننا.. دين علم ونور.. وأن الله خلق الداء والدواء.. وفي أغلب الحالات، تتعقد الأمور.. ويصبح العلاج صعبا ومكلفا.. لأضعاف أضعاف التكاليف.. نتيجة تأخير العلاج، أو إهماله.. أو التباطؤ فيه.. بخلاف العلاج في بداية المرض. والعالم كله مشغول بعلاج المفاصل سواء الركب أو الحوض أو الفخد.. وجاء العلاج هذه المرة من اليونان، فقد اكتشفوا أن زيت كبد الأسماك.. التي توجد في البحر المتوسط وكذلك المحيط الأطلسي يعالج التهاب المفاصل، وأيضا يمنع تآكلها. وبالمناسبة فإن الشعب اليوناني، أقل الشعوب إصابة بالتهاب المفاصل، وقد قام الأطباء في جامعة كارديف بتجارب عديدة على زيوت كبد الأسماك، وأثبتوا صحتها لعلاج ومنع التهاب المفاصل أو تآكلها.. أو حتى ضعفها.. فهذا الزيت الطبيعي من الأسماك، الذي هو من صنع الله الواحد الأحد.. قادر على توفير الحماية اللازمة للمفاصل. ونتيجة لهذه الأبحاث والدراسات.. أصبح أبناء اليونان يستخدمون زيوت الأسماك أو أكباد الأسماك.. في كل أطعمتهم، فجميع أكلاتهم لا تخلو من هذه الزيوت.. وهذا هو سر عدم إصابة مفاصلهم. الأجمل من ذلك، أن الأطباء في اليونان، وفي عدد من الدول، أعلنوا، أن تناول زيت الأسماك.. يغني المرضى عن عمليات جراحية تتكلف مئات الآلاف من الجنيهات أو الدولارات.. وبذلك يصبح تناول زيت السمك، أوفر وأصح للإنسان.. ولا بد أن نعترف بأن أغلب الأصدقاء والمعارف والأقارب، يعانون من آلام المفاصل.