أهلاً بـ«الرجال الزرق» من كواكب أخرى عام 2019

حجم الخط
46

كدت أكتب لكم في سنتنا الجديدة معاً عن العرافات والعرافين الذين يجدون أن موسم رزقهم قد حلّ مع مطلع كل سنة جديدة.. ويُغرقون القارئ بالنبوءات كما لو كان كتاب الغيب قد وصلهم كهدية بالبريد المسجل!.. وتَصْدق بعض النبوءات التي بوسع أي مواطن عادي توقعها انطلاقاً من وضعنا الحالي العربي و«كذب المنجمون ولو صدقوا».. وكدت أقوم معكم بجولة على العام الراحل (الذي سيسعدني والكثيرين دفنه) وليس فيه ما يثير الاعتزاز بعروبتنا والجرح الفلسطيني ما زال ينزف.. وكدت أبكي البوصلة القومية التي أضعناها في غمرة أحداث لا تدعو إلى الفخر.. ولكنني عاهدت نفسي من زمان على عدم (النق) بمناسبة السنة الجديدة ولا البكاء على أطلال عام مضى لم يكن فيه ما يدعو للفخر الوطني.. يجتذبني خبر شبيه بعشرات الأخبار التي طالعناها مؤخراً عن وجود كواكب غير كوكب الأرض تصلح لحياة البشر (بصورتهم الأرضية) وأنه مثلاً يوجد في المريخ ما يكفي من الأوكسجين لحياة بشرية أو تشبه ما نعرفه في كوكبنا.

هذا بيتي، فأين كوكبي الحقيقي؟

يقول صموئيل كارمان: الكرة الأرضية هي مستشفى مجانين النظام الشمسي!
يقول هنري دافيد ثورو: ما جدوى أن تمتلك بيتاً إذا كنت لا تمتلك كوكباً معقولاً تضع بيتك فوقه؟ وهو ما كتبته في «ع غ تتفرس». أقول لكم باستمرار: يأتي الألم حين نتوهم أن همومنا الذاتية أكبر من الكرة الأرضية.
مجرتنا ليست أكثر من نقطة في مجرات الكون الشاسع.
تقول أساطير الأقدمين وبعض الهندوس: الأرض مسطحة، محمولة على أربعة أفيال، والأفيال واقفة على صدفة سلحفاة بحرية، والسلحفاة البحرية تسبح في محيط لا متناهي الاتساع!
وكانوا يتصورون الأرض مسطحة وثابتة في مركز الكون، بينما تدور حولها بقية النجوم والكواكب، بل والشمس أيضاً (!) مرة كل يوم، وبالتالي كان للأرض في نظرهم أهمية استثنائية قياساً إلى بقية الأجرام السماوية.
وجاء العلم وقام بتعرية كوكبنا الصغير من الأساطير، ولكنه لم يستطع بعد تعرية أوهامنا بأن مخلوقات الكواكب الأخرى إن وُجِدَت، عليها أن تشبه الإنسان الأرضي، أو أنها شريرة بالضرورة تريد احتلال كوكبنا بعجرفة كما في بعض الأفلام، حيث يأتي رجال خضر أو زرق من كواكب أخرى ولا يتجاوبون مع الود الإنساني في الاحتفاء بهم، بل يريدون الاحتلال والأذى (كما تفعل إسرائيل مثلاً في الأرض المحتلة من فلسطين).

بين المحبة الكونية والفضول العلمي!

فيلم المخرج الكبير سبيلبرغ E.T. يجعلنا نعطف على كائن فضائي خلفته سفينته الآتية من كوكب آخر على كوكب الأرض، يحنو عليه طفل، يقوم بحمايته وإطعامه وينضم إليه أخواه. هاجس E.T. العودة إلى كوكبه ويدعوه «Home» أي البيت.
قدم سبيلبرغ فيلماً مبدعاً، لكن كائنه الفضائي كان شبيهاً بالإنسان من حيث افتقاد وطنه وقومه وبيته، ونحن في انتظار إبداع لا يجعل أي E.T. من كوكب آخر شبيهاً بنا نفسياً ولا يشيطنه كما في فيلم «المريخ يهاجمنا»، بل يخترع له صورة مختلفة! نحن البشر سكان كوكب الأرض متى نرى سكان الكون على نحو آخر؟ والخالق العظيم قادر لو شاء على خلق حياة مختلفة في كواكب نائية.. قد نفهمها أو يكون عقلنا قاصراً عن ذلك، ولعلنا لا نعرف عن الكون إلا ما يعرفه ضفدع في قاع بئر!

لماذا الأوكسجين.. والبندورة!

ما نزال حين نتحدث عن كوكب آخر تم اكتشافه نتساءل: هل فيه أوكسجين يكفي لحياة الإنسان؟ وماذا عن الماء للشرب؟ ثمة علماء يقومون باستمرار بدراسة المريخ أو بسواه من الكواكب القريبة منا نسبياً قياساً إلى الحاجات الحيوية (للجنس البشري). بل إن هناك من يطمئننا إلى إمكانية زراعة (الطماطم) على سطح القمر!.. ولكنني باستمرار أتساءل: لماذا نبحث عن حياة بشرية تشبه حياتنا على سطح الكواكب الأخرى؟
وهل كثير على الخالق تعالى أن يخلق مخلوقات أخرى في كواكب أخرى لها حاجات أخرى غير الأوكسجين والماء؟

مخلوقات تتجاوز خيالنا العلمي البشري

أعترف أنني ما زلت أضحك من اختبارات زراعة الطماطم على سطح القمر وسواه. فمجرتنا وسواها كثير، تفتح آفاقاً لم تخطر لبعضنا ببال حول (سكان) الكواكب الأخرى الذين لا يشبهوننا بالضرورة، أما الصورة التقليدية للرجال الزرق من كواكب أخرى القادمين لاستبعاد سكان كوكبنا فهي صورة عن أعماقنا البشرية التي تفكر دوماً في استبعاد الآخر حين يمكنها ذلك!
ولكنني لا أستطيع تطمين أحد إلى أن سكان الكواكب الأخرى لن يفعلوا ذلك إذا استطاعوا غزو كوكب الأرض! ولا دليل علمياً عندي أو عند سواي حول ذلك.. أو ضده!

أهو الهرب من واقع الحال؟

لست متأكدة من أنني حاولت الهرب من استعراض عام مضى لا يشرفنا كعرب في مواجهة إسرائيل إلى الحديث عن كواكب أخرى أهرب إليها ومجرات أخرى لا يعرف العلم عنها الكثير..
لكنني أعود الآن إلى كوكب الأرض.. أعود لأقول (دون أن أكون عرافة) إن عام 2019 لا يبشر بالكثير من الخير لنا نحن العرب.. بوصلتهم قضية فلسطين.
ولعل ما تقدم مما سطرته عن الكون كان هرباً من نبوءة شبيهة بنبوءة خاتون عرافة روايتي الأولى «بيروت 75» وبقية رواياتي، والتي قالت حرفياً: «أرى دماً.. وصحت نبوءتها وقامت الحرب في لبنان..
لا تقلقوا، سأقتل «خاتون» في روايتي المقبلة! ولكن، هل في وسعنا بقتلها إنقاذ عالمنا العربي من مصير لا يبشر بالخير في العام الآتي؟ وهل قتل العرافات في الروايات يقتل الهزائم والأحزان الآتية؟ من طرفي، سأظل أحاول رفع راية التفاؤل..

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    تحية طيبة مباركة
    أمّا بعد…
    بحث في فائدة عائلة قرّاء ومعلقي القدس :(منى المقراني-الجزائر- الغالي حنا يوحنا ناصر) لقد طال غيابكم وكنتم ومازلتم جواهر القدس العربي
    عبر هذا المنبر ونظرا لمنزلتكم عند قرّائها ومعلقيها وصاحبة الجلالة السيدة (غادة السمان) وآثاركم عبر صحيفتنا الغرّاء القدس العربي…
    نطالب :
    أولامن المعنيين أن يعطونا إشارة على الأقل لنطمئن عليهم
    ثانيا كل من لديه معلومات أن يخبرنا عنهم
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

  2. يقول المغربي-المغرب.:

    مع تقديري واعجابي الشديدين بأغلب مايكتب في هذا المنتدى وبنخبة معلقيه. …فإنني أعتقد أننا افتقدنا اقلاما نيرة. ..كانت وبلا شك ستضيف الكثير…ومنها الأخ ناصر…والأختين منى وسلوى…وعبد المجيد….وابن الوليد الذي شكل غيابه تأثيرا ملموسا بحكم خفة دمه وغزارة معلوماته. ..فلعل المانع خيرا. …

    1. يقول صوت من مراكش:

      المغربي-المغرب.
      _
      تحية لك اخي المغربي ذي النظرة الثاقبة و لكل المعلقين الكرام

      بعد تفحصي لقائمة الاقلام المواضبة على المساهمة بالاراء و الكلمة

      لاحظت غياب الاخ الكريم ابو تاج الحكمة عن المشاركة هذه المرة اتمنى

      ان يكون المانع خير

      تحياتي

    2. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

      السلام عليكم
      تحية طيبة أخي (المغربي -المغرب)
      فعلا لنا أحبّاء قد حجبت عنّا أخبارهم وجواهرهم نتمنى غيابهم كله خير ومنهم ممن ذكرت(ألأخ ناصر…والأختين منى وسلوى…وعبد المجيد….وابن الوليد …. وفي المدة الأخيرة -أبوتاج -د.أثير الشخلي…تونسي ابن الجمهورية -محد صالح…
      نتمنى لهم السلامة
      ولله في خلقه شؤون
      وسبحان الله

  3. يقول سلام عادل(المانيا):

    الضيف الجديد حيدرة أسعد
    بقدر ما اسعدني تعليقك ولكن سعادتي كانت اكبر بعد قراءتي لتعليق اثنين من اعمدة صالون السيدة غادة الاخ عمرو والاخ نجم الدراجي تعقيبا على تعليقك,كل التقدير لهما

    1. يقول حيدرة أسعد:

      شكراا جزيلاا لك..
      إنه لمن دواعي السرور أن أكون موجوداً في هذا المكان بينكم.. و آمل أن أكون خفيف الظل
      شكرااا لترحيبكم الحار..

  4. يقول .Dinars:

    منذ أن اختُرق المَدَر بالذبذبات استُبيحت المعلومات وآخرها الإنترنت فإنه أصبح من الضروري التفكير مليا في تحصُّن آخر بدلا عن المدر بجدران مُصَفّحة بألياف خاصة تُغني عن السفر إلى كواكب جارة لكويكب الأرض.

  5. يقول .Dinars:

    استبدال المدر بوبر من ألياف تقي البرد والحر والعواصف واختراق الذبذبات زمن الإنترات بات أمرا ضروريا حيث يُغني عن الإنتقال إلى العيش على كواكب جارة لكويكب الأرض الذي امتلأ ظلما وجورا.

  6. يقول ابوتاج الحكمة/فرنسا:

    نشيدنا:
    قد رضينا خيرقَوْلٍ:
    قول قرآن الإله°
    قول قرآن الإله°
    وارتضينا سطرنورٍ
    لاإله إلا الله°
    لاإله إلا الله°
    ابو تاج الحكمة /باريس

  7. يقول ابوتاج الحكمة/فرنسا:

    بسم الله
    السلام عليكم
    شكراً لإحسانكم ونصركم الاسلام دين السلام بنشر شعاره واعلاء حكمته
    وأسأل الله الرؤوف اللطيف البركة لكم
    اسعد الله صباحكم
    مع التقدير

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية