«لم تتبق سوى عودة بن علي»… هكذا علق عمر صحابو أحد أبرز الصحافيين التونسيين على هذه العودة اللافتة للأنظار لرجال ووزراء الرئيس المطاح به زين العابدين بن علي، ليس فقط إلى الحياة السياسية وقيادة أحزاب بل والترشح للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. هذا الكلام، وقائله بالمناسبة جرفته هو الآخر سيول العمل الحزبي في البلاد فلم يكسب منها شيئا وخسرته الصحافة، جاء في سياق التعليق على عودة آخر وزير صحة لبن علي من الخارج وترشحه للرئاسية إلى جانب آخر وزير نقل وآخر وزير خارجية.
في انتخابات تشرين الأول/اكتوبر 2011 لم يكن أحد من هؤلاء قد تجرأ على الظهور إلى العلن، فما بالك بالترشح، في ظل قانون مؤقت حال دون ذلك وقتها. أما الآن فقد تضافرت عوامل عديدة جعلتهم يطلون برأسهم رويدا رويدا حتى إذا ما تأكدوا أن «الطريق سالكة» خرجوا بكامل طلتهم البهية غير متخلصين، في غالبيتهم، من عجرفة أوصلت البلاد في عهدهم إلى ما أوصلته. لا أحد يطالب في تونس بمحاكمات سياسية مرتجلة أو ملفقة لهؤلاء ناهيك عن نصب المشانق لهم. من كان منهم فاسدا أو ناهبا للمال العام أو مرتشيا من حق القضاء أن يحاسبه حسابا عسيرا إذ ليس من العدل أخذ الكل بجريرة البعض، لكن ذلك لا يعني أن من ليس كذلك بإمكانه ببساطة أن ينفض غبار المرحلة السابقة ويدخل غمار الشأن العام من جديد كأن شيئا لم يكن.
أمران يفرضان نفسيهما في هذا السياق وكانا يفترض أن يكونا حاضرين في ذهن كل من شارك في حكم بن علي لسنوات طويلة خاصة في مناصب وزارية ومسؤوليات حزبية عليا: المسؤولية السياسية والحياء الشخصي… فإذا كان من حق أي كان «ألا يستحي على دمه»، كما يقول المصريون، فمن واجب المجموعة الوطنية أن توقفه عند حده من خانة المسؤولية السياسية التي يتحملها رجال بن علي شاؤوا أم أبوا، حتى وإن برأهم القضاء في قضايا أخرى، وإلا نكون قد اختزلنا كامل مصائب التونسيين في العقدين الماضيين في شخص هذا الرئيس وزوجته وأصهاره وانتهى الأمر وهذا غير صحيح طبعا ولا منصف. وطالما أن الحياء انعدم والمسؤولية السياسية لا يمكن أن يفهمها سوى من كان يملك شجاعة النزاهة الشخصية التي تجعله يواجه نفسه وأفعاله، طـُـرح قانون «العزل السياسي» الذي سيزيح هؤلاء من الساحة السياسية لفترة معينة على الأقل حتى تستعيد البلاد صحتها بدماء جديدة .
لم يكتب لهذا القانون أن يرى النور بعد أن أثار لغطا كبيرا فتخلت عنه «حركة النهضة» وقال رئيسها راشد الغنوشي وقتها إن الشعب رشيد وسيقصي من يستحق الإقصاء عبر صناديق الإقتراع. ربما كان ذلك خيارا سليما جنب البلاد مزيدا من التوتر ولكن لا أحد بإمكانه أن يضمن اليوم أن هؤلاء العائدين من جماعة بن علي لن يتمكنوا من استخدام نفس الماكينة السابقة لحشد الناس والانتصار عبر صناديق الإقتراع مستثمرين ضجر الناس من عدم الاستقرار والإرهاب وغلاء الأسعار وتراجع التنمية. هذا ممكن خاصة إذا تحالفت معهم دوائر المال الفاسد لحمايتهم وإنقاذهم من أية ملاحقات محتملة، علما أن بعض هذا المال فضل الآن الجنوح إلى حركة النهضة نفسها يستظل بظلها كما استظل قبلها بحزب بن علي. المهم دوام المصالح رغم عدم دوام الحال.
يبدو الآن أن استحقاق الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل ثم الرئاسية في الشهر الذي يليه قد أخرجت كل العيوب والأمراض التي يعانيها المجتمع التونسي. إن إلقاء نظرة سريعة على قائمة الذين تقدموا إلى حد الآن إلى انتخابات الرئاسة يكشف بلا أدنى التباس عمق الأزمة الأخلاقية التي يعانيها قطاع واسع ممن يوصفون بــــ «النخبة السياسية». إلى جانب رجال بن علي هؤلاء الذين لم يمنعهم الحياء من التقدم إلى الرئاسية يوجد أناس آخرون ممن يمكن إحالتهم فورا إلى أقرب عيادة نفسية لمجرد أنهم فكروا في أن التاريخ العاثر والمجنون يمكن أن يقودهم يوما إلى أن يكونوا رؤساء لهذا البلد الرائع الذي لم ينكب في شيء أقوى من نكبته في هؤلاء الذين يتوهمون أنهم قادته الجدد.!!
قلة قليلة من هؤلاء المترشحين يمكن أن يقتنع بهم الرأي العام رؤساء بالفم الملآن فقد تعرضت مؤسسة الرئاسة في السنوات الأخيرة إلى اهتزاز كبير لهيبتها بين الناس ولا بد من إعادة الاعتبار لها، بل إعادة الاعتبار إلى السياسة كلها بعد ظهور 190 حزبا بعضه لا يؤمن حتى بالانتخابات وينادي بمقاطعتها مطالبا بعودة الخلافة!! إن أسوأ سيناريو يواجه تونس أن تفرز الانتخابات المقبلة بقاء نفس المشهد السياسي العام بالبلاد على حاله. عندها قد يكفر الناس بالانتخابات أسلوبا للتغيير الديمقراطي مما يفتح الباب أمام المغامرين… فالمتربصون كثر وهم على الأبواب ينتظرون.
٭كاتب من تونس
محمد كريشان
اليسوا مواطنون تونسيون ولاسجل اجرامي ضدهم، فمنحقهم المشاركة بالانتخابات؟دعوا الشعب يقرر شريطة ضمان انتخابات نزيهة وشفافة ولو بنسبة 60-70%، فأذا فازوا فهذا حكم الشعب هذه الديمقراطية .
لماذا الخوف منهم؟
تفائل بالخير يا أستاذ محمد ولا تقول لي أنك هرمت
ودع التوانسه يختاروا بأنفسهم ويجب احترام ما تقرره الصناديق
لأنه اذا لم يشارك الفلول بالعملية السياسية فسيخربوها من الخارج
وهناك الكثير من دفع ومستعد أن يدفع ومصر السيسي ليست ببعيده
خوفك مشروع لكني أظن الخير بشعب تونس المتفتح الذهن
ولا حول ولا قوة الا بالله
ممؤسسة الرئاسة لم تهتز صورتها بعد 50 سنة من الكبت و حين تفك القيود تعم الفوضى .شعب كان لا يجرؤ ان يذكر اسم الرئيس او عائلته اصبح اليوم حرا طليقا لكن للاسف فئة كبيرة من المجتمع التونسي لا تعرف الفرق بين النقد البناء والبذاءة فاصبح الجهلة يتاطولون على شخص الرئيس بدعم من المعارضة التونسية الفاشلة التي غايتها الوحيدة إفشال الحكومة و الرئيس .
الرئيس المرزوقي عندما سؤل إذا كان يزعجها تطاول بعض الصحفيين على هيبة الرئاسة كانت إجابته ان هذا مؤشر ايجابي لان منصب الرئيس لم يعد مقدسا كما كان لمدة 50 سنة .هذا الرئيس يمثلني كتونسية انسان مثقف ومحترم يحاضر في اعرق الجامعات يساند المقاومة في غزة يحترم شعبه …. هو بالعكس اعاد الهيبة للرئاسة نحن لا نريد دكتاتور يسوقنا كالخرفان حتى نشعر بهيبته .
…. المهم ما يكوون تدخل اجنبي … وتصير بحال مصر …
قلت “علما أن بعض هذا المال فضل الآن الجنوح إلى حركة النهضة نفسها يستظل بظلها كما استظل قبلها بحزب بن علي” نعم هذه حقيقة هذا الحزب مع بعض أصحاب المال الفاسد وللأسف الشديد
العالم العربي يعيش فوضى.ادا لم يسكت انصاف المتعلمين من صحافيين وسياسيين سيتحول الجميع الى الصومال.وانت ترى امام عينيك. مع الاسف المال الخليجي اعمى ابصار الجميع. وبدلا من تكون الكلمة موقف تحولت الى ارتزاق.السياسي والصحافي واشباه المثقفين.ورجال الدين الادعياء مستعدون للمتاجرة في الاوطان..يجب ان تكون الكلمة موقف والارتزاق للصهاينة وادواتها ليس حلا
عنوان رائع يا محمد كريشان يلخص مفهوم الديمقراطية بشكل واقعي 100% حيث لا اعتراف بالحياء والخجل كركنين أساسيين في أي مفهوم أخلاقي وهذا لا يشمل تونس بل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، حيث غالبية مثقفينا يفرقون ما بين النظام الديكتاتوري والنظام الديمقراطي مع أنَّ كليهما نظام واحد كل ما هنالك أن في النخب الحاكمة في النظام الديمقراطي هناك قطب واحد بينما في النظام الديمقراطي عدة أقطاب ولكن هيكل النظام واحد والشعب فيه واحد ومثقفي النخب الحاكمة واحدة.
واحدة من الإشكاليات الأخرى التي وردت في آخر مقالك يا محمد كريشيان وكأنَّ الخليفة لا يجوز الحصول عليه من خلال الانتخابات، من قال ذلك وما هو دليلك على ذلك؟
ومن قال أن النظام الإسلامي ضد التعدّدية أو ضد حريّة الرأي، فمن يقول ذلك وكأنّما حصر الفن والأدب فقط في الأصنام والتعرّي أو تجاوز معنى المعاني الواردة في قواميس وهيكل لغة القرآن فهذا تقزيم غير منطقي ولا موضوعي وليس له أي اساس علمي خصوصا وأنَّ لغة القرآن شيء واللسان العربي شيء آخر والدليل على ذلك أنَّ هناك عدة قراءات للقرآن الكريم تم اعتمادها وهذا دليل على تعدّد الألسنة العربية.
ومن يجهل ذلك هو المسؤول عن جهله وليس لغة القرآن ولا يحق أن يتم تحميلها جهل مثقفينا بمكونات شخصيتهم التي لو كان لديهم أي احترام لها لتعرّفوا عليها من باب الثقافة على الأقل لو كانوا حقيقة لهم أي علاقة بالثقافة وليس بالفضفضة.
ما رأيكم دام فضلكم؟
أتساءل فقط, مادخل لغة القرآن في الموضوع؟ وهل يعتبر تعدد الألسنة العربية عامل مهم في الديمقراطية واللاديمقراطية؟
أنا أؤمن أنَّ اللغة وسيلة التفكير وليست فقط وسيلة التعبير كما يظن فلاسفة علم الكلام الغربيين، فلسفة الديمقراطية مبنية على فكرة أنَّ خلاصة العقل لها الحق ضرب معنى المعاني فيما ورد في قواميس اللغة عرض الحائط.
وهذا بحث طويل لي لو أحببت الاطلاع عليه فأبحث عن” اللغة ما بين الاستقراء والاستنباط والتأويل”
ما رأيكم دام فضلكم؟
اذكر السيد كريشان النهضة لم تكن وحدها في االحكم وان غالبية. من يملكون الاموال كانوا وراء
كل الاحتجاجات الاجتماعية فقط لاسقاط النهضةوالترويكا بصفة عامة،لابد من الانصاف في الحكم.وشكرا
هم أفضل بكثير من هم في الحكم لآن كيف كانت تونس في عهدهم و ما هي الآن لتكن لنا الشجاعة الحق بين والباطل بين
لم أكن يوما حزبيا و لم أكن يوما تجمعيا و كنت في أغلب الأحيان معارضا
كيف كانت تونس قبل 1986 ثم بعد إلى 2011 وماهي الآن
لیس هناک ای اشکال فی الترشیح اذا کان لیس لدیهم همٍّ سوی اختیار الشعب لهم و لبرنامجهم الذی قدموه منذ قبل و لم یثمر ای شیئ بالنسبة للتونسیین سوی القمع و الاستبداد و لیس هناک حاجة داع للقلق بالنسبة لشعب قام باکبر ثورة سلمیة و اطاح باکبر دیکتاتوریة فی العالم ، اما اذا کان هناک مخطط من قبل العسکر و قیامه بترشیح هؤلاء فهناک تبدو المشکلة و علی التونسیین ان یدرکوا تماما لیس بامکانهم ای شیئ بعد الانتخابات کما کنا نشاهد ذلک بعیان فی الجزائر و مصر بام اعیننا لذا علیهم ان یفهموا قواعد اللعبة تماما لان المؤمن لا یلدغ من جحر واحد اثنین، لان امانة بو عزیزی فی رقابهم لیس شیئا طفیفا لا فی الدنیا و لا فی الآخرة و سیسئل الله عنهم حیال ذلک فی یوم مقداره خمسین الف سنة، بوعزیزی الذی کتب بدمه ما قاله الشاعر التونسی اذا الشعب یوما اراد الحیاة فلا بد ان یستجیب القدر و حوله من مجرد کلام الی برکان ضد الطغاة الذین یرون سطوتهم علی الشعوب اکبر بکثیر من ولایة الله علی الشعوب، حافظتنا التاریخیة قویة نحن لسنا بحیتان نحن احرار لاننسی ما ترتکبه حکومة بن علی علی ید هؤلاء بحق المساجد و بحق الجامعات و بحق الشعب الذی یرید الحیاة الکریمة ، نحن نختار المرشحین بافعالهم لا باقوالهم لذا اقول و بصراحة تامة لا داعیة للقلق حیال ما یجری لان الشعب التونسی بما فیهم العلمانی و الدینی لایجیز لاحد ان یتدخل فی شئونه الداخلیة و هذا هو السبب الرئیسی الذی نجا تونس مما هو الآن نشاهده فی دول الربیع العربی من خلافات لاجل مکاسب سیاسیة و اقلیمیة و مادام هناک قیادة حکیمة لیس هناک ای تهدید.