بيروت – «القدس العربي»: في 27 تموز/ يوليو 2020 افتتح غاليري تانيت «رفات آخر وردة حمراء على وجه الأرض» المعرض الفردي للفنان اللبناني عبد القادري. في 4 آب / أغسطس 2020 حوّل انفجار مروّع ضرب مرفأ بيروت، العاصمة اللبنانية إلى أنقاض. دُمِّرت الصالة ودُفنت أعمال القادري تحت الزجاج المهشَّم والجدران المتداعية. بعد شهر على الإنفجار وفي بيان لغاليري تانيت معلناً عن معرض «أود اليوم أن أكون شجرة» ليشكل موقفا مواجها للدمار «الذي خلّفه داخلنا إنفجار مرفأ بيروت، وتكريما لصديقنا الراحل المهندس اللبناني الفرنسي جان مارك بونفيس، مصمم مبنى الغاليري، ومساهمة في إعادة بناء وترميم المنازل المتضررة».
«أود اليوم أن أكون شجرة» مشروع ابتكره ويعكف على تنفيذه عبد القادري ويديره مارك معركش. ويتألف من جداريتين مقسمتين إلى ثمانين رسماً من الكرتون مقاس الواحدة 100 × 70 سم، رسمها القادري ستكون معروضة حتى 25 أيلول/سبتمبر 2020 في غاليري تانيت. كل جزء من هذا العمل الضخم سيكون متاحا للشراء بسعر يبدأ من 500 دولار أمريكي (يتم بيعه في الأصل بسعر 3000 دولار أمريكي لهذا الحجم). حيث سيذهب ريعُ بيعه إلى مؤسسة بسمة للتنمية الإجتماعية، وهي منظمة ملتزمة بإعادة بناء وترميم منازل العاصمة الأكثر تضرراً جراء الا
عن المشروع يقول الفنان عبد القادري: لقد تصورته رد فعل بنّاء لمواجهة الشعور بالاختناق. سواء كان ذلك الاختناق بسبب الوباء، الوضع الاقتصادي والسياسي في لبنان، أو جراء أكبر انفجار غير نووي في العالم. عند محاولتي رصدَ الألم الذي يحيط بي، لطالما راودتني فكرة متكررة: تمنّيت لو أكون شجرة. وأضاف: ربما تكونُ الشجرة أنيسة، وربما هي ترياق. إنها تحمي، وعلى الرغم من ارتجافها عند الدمار فإن جذورها تعانق الأرض التي زُرِعَت فيها وانبثقت عنها، في أنشطة حياة قوية ومتبادلة.
إن المناظر الطبيعية من الأشجار الهادئة والثابتة، تقف كقوة مضادة للصدمات الكبرى التي أحدثت بدورها فسادا عارما. تصمد الشجرة، وبصمودها واقفة، تشفي. أمنيتي أن أكون شجرة تتردد في خاطري رغبة في استنهاض القوة التي بمقدورها رتق فجوة الضرر. وتابع: ستتحول جدران غاليري تانيت إلى لوحات من المشهد الطبيعي.
الجدران التي علّقت عليها «رفات آخر وردةٍ حمراء على وجه الأرض» معرضي الأخير، هي ذاتها التي دمّرها الانفجار وهي ذاتها التي ستستضيف رسوم الأشجار السامقة في معرض أصبح الآن مساحة مفتوحة لإنشاء جداريتين مقسمتَين إلى ثمانين لوحة مصغرة من الورق المقوى. سأرسم أشجار بيروت، أشجاري الحالمة، أشجار الصمود والتغيير.
سيتم بعد ذلك بيع الأعمال وسيُضاف مجموع العائدات إلى صندوق إغاثة خصّصته جمعية بسمة للمساعدة في إعادة بناء وترميم منازل بيروت لمن فقدوها ولمن هم بأمس الحاجة إليها. وأضح القادري: هذا العمل هو في المقام الأول تكريم لذكرى المعماري اللبناني الفرنسي، الصديق جان مارك بونفيس الذي كان له دور خلّاق ومحوري في إحياء تراث لبنان، وبناء معالم مبتكرة ومعاصرة لبيروت الحبيبة.
كما أنه تكريم لجميع الأشخاص والأصدقاء الذين وقعوا ضحية هذه المجزرة. ويختتم القادري قائلاً: لقد تركنا الانفجار مكسورين، في حداد على خسائرنا من الأحبة، إلى الأماكن المحفورة في ذاكرتنا، إلى بيروت العزيزة كما نعرفها. الأمر الأكثر صعوبة هو كيف باد هذا الحادث المروّع، في غضون ثوانٍ، أحلام وطن برمّته؟ لذا، وكما شهدنا عاصمتنا تتحول إلى ركام. فإنني اليوم أود لو أكون شجرة تنتصب في وجه الحطام.