■ تشهد الساحة الروائية على مدار السنة احتفاليات الجوائز في الرواية والقصة القصيرة، وهي ثابتة لا تتغير بقوانينها ومعاييرها، والمتغير الوحيد أسماء الفائزين فيها، وبوقفـــة استهلالية لذكرٍ يسيرٍ، ودون إحاطة منا لمعظمها لنستمع ونستمتع بعزف الأوركسترا التي تحملنا أنغامهــــا إلى أرض الكنانة، فتأســرنا أصداء الاحتـــفال بجائزة نجيب محفــــوظ للآداب، وتصل إلى مسامعنا موسيقا سودان الخير وجائزة الطيب صالح للإبداع العالمية، وعلى إيقاع حادي العيس وتراقص الرمال مع جائزة الملتقى للقصة القصيرة في الكويت تنضــــم إليها جائزة كتــارا للرواية العربية السنوية للحي الثقافي في قطر لينتهي العزف بجائزة البوكرللرواية العربية في أبوظبي والتي تحاكي جائزة البوكر العالمية، ترى !! أنعزو فوزالعمل الأدبي بتلك الجوائز لفنيته العالية، أم بسبب دار النشر الشهيرة التي نشرته، أم الاثنين معاً، أم أن معاييراً وأسساً محددة تقرها اللجان ومنظمو الاحتفاليات؟؟
إن ما نعيشه اليوم في كنف التقدم السريع والتطور لكل وسائل الإعلام والاتصال والسهولة في إيصال المعلومات واندماج النقد الأدبي بسوق الاستهلاك يجعلنا مضطرين للسؤال؛ ليس تشكيكاً بالكاتب وقيمة عمله الفائز، ولا باللجان ومصداقيتها وإنما للإبانة وللإيضاح؛ وذلك بسبب ردود الافعال والمواقف المتباينة حول الجوائز فمنها الرافض لنيل ذاك العمل الجائزة على اعتبار أنه لايرقى إلى العمق الجمالي والفني للعمل الروائي حسب رأيهم ومنها المروج له والمفتون بإ بداعه، ومنها المبرر لأحقية دور النشر في التسويق من مبدأ ربحي كمي وليس نوعي إن جاز لنا القول،
فالمشهد الشكلي لاحتفاليات الجوائز والتقدم في وسائل الاتصال في الظروف الاستثنائية والتي تداخل فيها السياسي مع الثقافي في واقعنا العربي، هما حضاريان ومثمران ولا نستطيع رفضهما بالمطلق، ولكنهما متزامنان مع كونهما يدمران قوة الفكر والثقافة، وإن بدا قولنا إجحافاً وظلماً، لكنه توصيفٌ للواقع وعلينا الاعترف بأنهما يقيسان جمالية وفنية العمل الروائي حسب متطلبات السوق ووفقا لقانون الكسب والاستثمار وجهات التمويل وبالتالي أصبحت عملية النقد الأدبي معقدة ولا تأخذ مجراها في التحليل والتفكيك للنص الأدبي إذ أنها تخضع لتأطير قياسي بأسماء وعناوين الجوائز والتي سترضخ لمعايير رغبوية أحيانا واستهلاكية أحيانا أخرى وعندها معيار الترشح للجوائز أو نيلها سيخضع لشهرة الكاتب وقوة دور النشر وسوق العرض والطلب وربما لموقف سياسي ما، وليس لأسس وقواعد النقد الصحيحة والمفاضلة عندئذ بين النصوص ستتبع لقوانين تعاني من نواقص جسام لاعتمادها على مبدأ الربح وسيوقعنا ذلك بنواقص أخطر تصيب وتبطل النشاط الفكري المحكوم بالعقل الساعي لتكريس وظيفة ومهمة الأدب في التنوير الثقافي الشامل.
لاتستقيم عملية النقد الحقيقية إلا بتناغم أوركسترالي بين الناقد المختص والكاتب والقارىء الذي يعد بدوره كاتباً وروائياً، فالقارىء الجيد يمتلك دوراً جزئياً في صنع العمل الروائي.
نحن اليوم نواجه مصطلحات تدخل في تصنيفات العولمة الجديدة التي دخلت على خط الثفافة في عالم الأدب (سلعة استهلاك تجارة)، جعلت إيقاع الأروكسترا نشازاً ولكن الأوركسترا الحقيقــــية في عالم الجوائز الأدبيـــــة؛ ترقى من خلال تضافر إيقاعات الخبرة لكل من القارىء والناقد والكاتب؛ هذا التضافـــر سيرفع من شأن الجوائز الأدبية فنياً، وأحوج مانسعى إليه إماطــــة اللثام عن المعايـــير التي تتبناها لجان التحكيم في إعطـــاء الجائزة للعمل الأدبي وصولاً لفائدة ثقافية ومعرفيــة، فالفكرة الجوهرية لتلك الجوائز هي بالمعنى التنافسي الخلاق في الإبداع ولكن الهيمنةً لفكــــر ناقدٍ أو أهوائه أو حتى تعصـــبه لمدرسةٍ نقديةٍ معينة سيحول تلك المنافسة لسوقٍ للنخاسة الفكرية، لذلك وجود ناقد مختص بالنقد الروائي سيساعد على التخلص من هكذا سوق، فناقد الشعر للشعر، وناقد الرواية للرواية لأننا أصبحنا في عالم فيه الكم الوفيرمن دقائق الأعمال الإبداعية ما يفرض أهمية التخصص النقدي لتبيان الغث من الجيد، ولِيمرق الكلام من فِيْ الناقد مروق السهم من نبعة الرامي، ولا ضيرفي أن يتكامل العقل النقدي للناقد المختص بأن يعتمد على المخزون النقدي العربي مع النقد الغربي ومدارسه، فالعودة لأمهات الكتب النقدية العربية الشعرية وغيرها من كتب النقد ونظرية السياق ليس معيباً بل المعيب هو الافتنان بكل ما ينقل عن الغرب و كأنه وحي يوحى، إننا حين نتذكر إذ يوجب العرفان علينا أن نفعل حقيقة لأصالة النقد العربي ليس لأسبقيته النقدية عن سائر المدارس النقدية الغربية وإنما إنصافاً لأفكار أرواح أبدعت وتركت أثراً فذاً في التراث الإنساني وإن كان أغلبه في الشعر، وعلى الناقد بالنهاية أن يدرك أن النقد هو شكل من أشكال الفهم الإنساني وعليه يعول في إحداث التطور في البنية الثقافية للمجتمعات
إن عملية النقد الحقيقية لاتستقيم إلا بتناغم أوركسترالي بين الناقد المختص والكاتب والقارىء الذي يعد بدوره كاتباً وروائياً، فالقارىء الجيد يمتلك دوراً جزئياً في صنع العمل الروائي، لقد اعترف الناقد الفرنسي Roland Barthes رولان بارت بسلطة القارىء في مقالته الشهيرة»موت المؤلف» وطلب منه أن يكون مثقفاً قادراً على فك رموز النص الذي يقرأ، وبالمجمل هناك أنماط أخرى للقراء تساهم بشكل أو بآخر في عملية النقد منها؛ القارىء المدرب حسب تعبيرالناقد الأمريكي (شومسكي) يمتلك موهبة تحليلية للنص بعيداً عن اندامجه مع الإبداع في النص؛ وثمة القارىء الذي يخفيه المؤلف في نصه؛ وهو من صنع المؤلف ويكون صورة عن نفسه حسب ما أشار إليه الناقد الأمريكي (واين بوث)، ويظل القارىء الأكثرفعالية هوالذي يمتلك خصائص القراء السابقة بكل مهارة لحل ألغازالنص، فخبرة القارىء وخبرة الكاتب تقرران في النهاية شكل النص وتفسيراته.
لماذا توزع الجوائز«العربية» في مكان يمثل دولة أجنبية بالمطلق؟؟ وأين المصداقية في الأعمال الفائزة إن كانـت تخضع لقرارسياسي غير محايد؟
إن ارتقاء عملية النقد إلى ما هو أبعد من قيمة الجوائز المالية؛ وخضوعها لسلطة السوق يكون بإشراك القراء في عملية النقد عبراستبيانات لآرائهم ومن خلال خلق فعل تواصلي بين الكاتب وبينهم؛ بتنظيم لقاءاتٍ وندواتٍ تكون ضمن الفعاليات الاحتفالية للجوائز، لأن فعالية الحوار بين الكاتب وجمهور قرائه يفرض دينامية لنقاط الالتقاء أو الاختلاف بين من يسأل ويجيب، فعندما يجيب الكاتب تسيطر عليه ملكة الكتابة وتقع عليه مسؤولية نصه، إن كان جيداً أم لا ؟؟ عندئذ السائل (القارىء) يمارس دوره النقدي بالأسئلة، وعندها تكون عملية النقد حرة.
ومن بعد نقدي جيوسياسي وتوازياً بين الواقع الثقافي والسياسي لاحتفاليات الجوائزللرواية والقصة القصيرة «العربية» حيث توزع جوائزها على أرض غير عربية وبتنظيم مشترك عربي أميركي في فروع الجامعة الأمريكية في بعض البلدان المحتضنة لتلك الاحتفاليات، لماذا توزع الجوائز«العربية» في مكان يمثل دولة أجنبية بالمطلق؟؟ وأين المصداقية في الأعمال الفائزة إن كانـت تخضع لقرارسياسي غير محايد؟؟؟ وكيف يُشرك رجل سياسة ليدلي بتصريحات من على منبر تلك الجامعة (وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية)، هل للمهنية النقدية الاحترافية لديه ؟!!! أم أن هناك عمقاً سياسياًغير منظور للجوائز؟؟؟ وإذا كان هذا كله من باب ارتباط السياسي بالثقافي والذي هو الطبيعي في عملية التطور، فهل مجتمعاتنا العربية في الظروف السياسية الحالية قادرة على التعامل مع هذا الارتباط بحكم عدم استقلال القرار السياسي لديها، هي أسئلة القصد منها المعرفة والارتقاء بالإبداع الثقافي ومن أهم خطواته الأولى النقد الموضوعي قائد الأوركسترا الأول لمعرفة المعايير الحقيقية التي ينال عليها عمل أدبي الجائزة بكل مصداقية..
٭ كاتبة من سوريا
من الأخير أختي منار..الجوائز العربية مثل عطايا شيوخ القبائل ، تمنح للمديح المنافق لا للفصيح المتألق.ومعايرها ذاتية لا موضوعية..
بدليل ينشرون المعايير كشفافية ، عند تطبيق العمل الفائز على تلك المعايير التي وضعتها لجان الجوائز..لا نجد تلك المعايير موجودة.
لذلك الفوز من عدمه قضية موسمية نسبية ، بدليل العمل الفائز يختفي بعد الفوز..والمفترض أن يأخذ مكانته المتمييزة بين النّاس.
لذلك أغلب أصحاب القلم ، ينتظرون موسم المسابقات للحصول على جائزة كحصاد نهاية الموسم ، تكفيه للعيش بقية السنة.لهذا
لا إبداع حقيقي وسط البحر الأدبي العميق بل مكاسب ( قراصنة ).
كنت في الإمارات، وأستطيع أن أقول وأثبت أن جوائز الرواية التي تقام بجهود الإمارات غير نزيهة، وغير محايدة، ويتحكم فيها أميون. فهناك جائزة مهمة لا يعلم عن أسرارها أحد، فالقائمون عليها، لا يقدمون الكتب التي أرسلها المرشحون كلهم ليختار الحكام منهم من يرونه الأفضل، بل يحجبون من لا يريدونه، فإذا كان أهم الحكام سورياً يقدمون للمنافسة أديباً سوريا، وهكذا، حتى يضمنون فوز من يحبون، حتى استفتاءات أفضل رواية يتحكم بها أميون، فيحذفون هذا وذاك، ولا يتركون القارئ يطلع على الاقتراحات كلها، وهناك أشياء أكبر وأمر