الناصرة- “القدس العربي”: قالت مصادر في إسرائيل إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قدم هدية لها وتحديدا لرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو قبيل الانتخابات العامة، بإقدام وزارة الخارجية على شطب صفة “الأراضي المحتلة” عن هضبة الجولان والضفة الغربية المحتلتين.
وقد أزال تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية للمرة الأولى منذ 1967 صفة “المناطق المحتلة” عن هضبة الجولان السوري وغزة والضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل في النكسة. وبدلا من ذلك تعتبر وزارة الخارجية الأمريكية أن الجولان والضفة وغزة مناطق تقع “تحت السيطرة الإسرائيلية”، فيما كانت تقارير سابقة تعتبرها “محتلة”.
والمفارقة أن ذلك جاء في تقرير صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية السنوية حول ممارسات حقوق الإنسان، الهادف إلى لفت الانتباه إلى حالة حقوق الإنسان في كل دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وقد تحاشى قسم منفصل من التقرير، خاص بالضفة الغربية وقطاع غزة، الإشارة إلى أن تلك الأراضي بوصفها “محتلة” أو “تحت الاحتلال” الإسرائيلي.
وادعى مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية، أن ذلك لن يحدث تغييرًا في السياسة الأمريكية بشأن وضع الأراضي الفلسطينية، فيما تجنب التطرق لتغييرات في سياسة الإدارة الأمريكية، حول الجولان السوري، وعلل ذلك بالزعم أن “التقرير يتناول قضايا تتعلق حقوق الإنسان، وليس القضايا القانونية”.
وردا على سؤال عن هذا التغيير في قضية حساسة في الشرق الأوسط، قال مصدر أمريكي رفيع: “لا يوجد تغيير في نظرتنا أو سياستنا إزاء هذه المناطق والحاجة إلى التفاوض للتوصل إلى تسوية هناك”.
كما قال مايكل كوزاك من مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، بوزارة الخارجية الأمريكية إن هذه بالمناسبة ليست قضية متعلقة بحقوق الإنسان، بل قضية وضع قانوني”.
الصديق غراهام
وادعى أن “ما نحاول القيام به هو إعداد تقرير عن وضع حقوق الإنسان في هذه المناطق، وبالتالي فأنت تحاول فقط العثور على طريقة لوصف المكان الذي تقوم بتقرير عنه”، معتبرا أن “الأراضي المحتلة” مرتبطة بمعنى قانوني وأن ما حاولوا القيام به هو التحول أكثر إلى مجرد وصف جغرافي للمنطقة”.
وتكرر هذا العام، ظهور تغيير آخر ذو دلالة كان قد ظهر في تقرير العام الماضي، حيث جاء التقرير بعنوان “إسرائيل ومرتفعات الجولان والضفة الغربية وقطاع غزة”، بدلا من عنوان سابق “إسرائيل والأراضي المحتلة”.
ويكتسب هذا الموقف الأمريكي، على رمزيته، أهمية في سياق الأصوات المنادية داخل الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، على حد سواء، باعتبار الجولان جزءًا من إسرائيل.
يشار إلى أن الإدارة الأمريكية أقرّت عمليًا بـ”السيادة” الإسرائيلية على القدس المحتلة عبر اعترافها بها عاصمة للاحتلال في كانون الأول/ ديسمبر 2017، ونقل سفارتها إليها في 14 من أيار/ مايو الماضي.
كذلك أعلن السيناتور الأمريكي، ليندسي غراهام الإثنين الماضي بعد جولة له في هضبة الجولان المحتلة برفقة نتنياهو أنه سيواصل مساعي الدفع بمشروع في مجلس الشيوخ الأمريكي للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل.
وقال غراهام في تصريحات للقناة الإسرائيلية إن هناك “أجواء إيجابية في البيت الأبيض حول دعم الضم الإسرائيلي لمرتفعات الجولان” وتابع: “الجولان منطقة حيوية واستراتيجية لإسرائيل، ولا يمكنها التخلي عنها”، وتابع غراهام: “آمل أن تقول الإدارة الأمريكية نعم للضم”.
وقد وصف نتنياهو غراهام كواحد من أكبر أصدقاء إسرائيل وأصدقائه الشخصيين الرائعين مشيدا بما قام به وحاول توظيف أقواله حول الجولان في حملته الانتخابية.
هدية ترامب لنتنياهو
من جهته قال وزير المخابرات، والقائم بأعمال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه يأمل باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية، وأضاف: “آمل أن يحدث هذا خلال زيارة نتنياهو المرتقبة للولايات المتحدة نهاية الشهر الجاري”.
كما توقع الحزب المنافس “أبيض- أزرق” بقيادة بيني غانتس يأن يعلن ترامب خلال لقائه مع نتنياهو، عن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالضم الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية المحتلة، واعتبروا أن هكذا اعتراف، سيمثل دفعة سياسية قوية لنتنياهو عشية الانتخابات الإسرائيلية.
واعتبرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” ذلك تدخلا خارجيا في الانتخابات الإسرائيلية. ونوهت لزيارة مرتقبة للبلاد سيقوم بها وزير الخارجية مايك بومبيو ستتم في الأسبوع القادم. منوهة إلى أن ذريعة الزيارة هي دفع مشروع قنوات الغاز من إسرائيل إلى أوروبا، واستذكرت أن الولايات المتحدة تحفظت في الماضي من زيارة ساستها لإسرائيل عشية كل انتخابات عامة تحاشيا لاتهامها بالتدخل بشأن إسرائيلي داخلي.
يضاف لذلك زيارة نتنياهو نفسه لواشنطن في 24 من الشهر الجاري ومن المرتقب أن يقدم خطابا في مؤتمر المنظمات اليهودية وأن يستضاف في البيت الأبيض من قبل ترامب الذي سبق وأشاد به علانية ولم يرفض استخدام صورته في حملة “الليكود” الانتخابية.
الرئيس عباس
يذكر أن إسرائيل احتلت مرتفعات الجولان السورية في عام 1967، وفي عام 1981 أقر الكنيست قانون ضم مرتفعات الجولان إلى إسرائيل بمبادرة من رئيس حكومتها الراحل مناحم بيغن ولكن العالم ما زال يتعامل مع المنطقة على أنها أراض سورية محتلة.
واعتبر الرئيس الفلسطيني القرار الأمريكي المذكور دليلا إضافيا على توجهات ومميزات الإدارة الأمريكية الحالية المعادية للشعب الفلسطيني وتنسف كل القرارات الدولية. وتابع: “مثل هذه المصطلحات لن تغير الواقع لأن الأرض الفلسطينية المحتلة عام 67 والجولان العربي المحتل هي أراض محتلة”.
الرئيس الفلسطيني: القرار الأمريكي دليلا إضافيا على توجهات ومميزات الإدارة الأمريكية الحالية المعادية للشعب الفلسطيني وتنسف كل القرارات الدولية
من جهته حاول المحلل العسكري في موقع “واللا”، أمير أورن التقليل من من أهمية شطب وزارة الخارجية الأمريكية كلمة احتلال عن الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، بادعاء أنه لا يمكن التنصل من قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما أن الخارطة التي تعتمدها الإدارة الأمريكية تظهر فيها الأراضي المحتلة والمستوطنات، سواء في الجولان السوري المحتل أو في الضفة الغربية، وبالتالي، بحسبه، فمن المبكر “الاحتفال” بسيادة إسرائيلية موهومة على الجولان.
واستذكر أن وزارة الخارجية الأمريكية خصصت في تقريرها 113 صفحة لإسرائيل، تشمل التحقيقات مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والاعتقالات الإدارية، ومعاملة طالبي العمل.
فضائح الفساد
ويشير أورون إلى أن إسرائيل علقت آمالا على شطب كلمة “احتلال”، ولكن يجب على نتنياهو أن لا يتوهم من شطب الجولان من قائمة الأراضي المحتلة، وألا يتوقع أن يتم التنصل من قرارات الأمم المتحدة التي تمنع ضم الجولان السوري المحتل.
وبحسبه، فإنه إذا كان نتنياهو سعيدا برؤية العناوين الخاطئة التي تضم الجولان والضفة الغربية، فإنه على ما يبدو لم يصل بعد إلى “الصفحة 34” في التقرير”، حيث يفصل هناك تحت عنوان “الفساد وغياب الشفافية” التهم الجنائية الأربع الموجهة ضد نتنياهو وضد مقربين منه، وهي “تلقي هدايا بشكل غير قانوني، جهود لقمع المنافسة في الصحافة مقابل تغطية إيجابية، فساد في تسوية شركة بيزك، ولائحة اتهام ضد زوجة نتنياهو”، إضافة إلى تحقيقات مع وزراء ومسؤولين كبار آخرين.
كما كرس التقرير جزءا من 113 صفحة عن إسرائيل، وجزء آخر عن الضفة الغربية وقطاع غزة. ويعج التقرير باقتباسات من مصادر رسمية، مثل “الدائرة المركزية للإحصاء” و”سلطة السكان والهجرة” و”قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة”، كما يعتمد على تقارير وشكاوى من منظمات مثل “نكسر الصمت” و”أطباء من أجل حقوق الإنسان” و”الصليب الأحمر” و”أمنستي”، ومنظمات أخرى ترصد إجراءات الحكومة الإسرائيلية والجيش والشرطة ومصلحة السجون، كما تتابع إساءة الحاخامية الرئيسية والبلديات لـ”كل من لم يولد ذكرا أو يهوديا”.
كما يشير التقرير إلى 22 ألف عربي درزي في الجولان المحتل، بوصفهم مواطنين سوريين، يرفضون اعتبار أنفسهم كإسرائيليين”.
المتاجرة بالبشر
ويميز التقرير بشأن القدس، بين شطريها الغربي والشرقي وينتقد التمييز ضد الفلسطينيين في الخدمات البلدية. وكتب أورن أن “بريطانيا هي الدولة الغربية الوحيدة في العالم، (إلى جانب باكستان)، التي اعترفت بضم الضفة الغربية إلى الأردن عام 1950، ولكن ذلك لم يجد نفعا، وحتى إذا احتضن ترامب الجولان، فإن مكانة المنطقة لن تتغير، وتبقى بانتظار تجديد المفاوضات مع سوريا. وفي سياق ذي صلة، يشير الكاتب إلى تقرير آخر للخارجية الأمريكية بشأن الاتجار بالبشر.