أوسلو والمستعمرات الإسرائيلية

مرّ ثلاثون عاماً على اتفاق إعلان المبادئ (أوسلو) بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل (1993 -2023) دون نيل الشعب الفلسطيني على أي حق من حقوقه الوطنية المشروعة ، بل على العكس من ذلك ازداد الاحتلال عنصرية وتوحشاً والقيام بعملية التقتيل والاعتقال وهدم منازل الفلسطينيين ، فضلاً عن استمرار النشاط الاستعماري الإسرائيلي وخاصة في عاصمة فلسطين الأبدية القدس.

نشاط استعماري مكثف

تمحور الخطاب الإسرائيلي لكافة الأطياف السياسية بغض النظر عن نعوتها خلال السنوات الماضية حول عدم وجود شريك فلسطيني مفاوض ، وتالياً الانقضاض على حلم الفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف، وقد ترافق ذلك بارتفاع وتيرة التضييق على الفلسطينيين اقتصادياً جنباً إلى جنب مع نشاط استعماري مكثف لفرض جغرافية تهويدية قسرية.
وثمة حقائق حول النشاط الاستعماري الإسرائيلي، حيث ارتفع عدد المستعمرين في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس إلى 700 ألف مستعمر إسرائيلي خلال العام الحالي 2023 ، في حين لم يتجاوز عددهم (110) آلاف في الضفة الغربية و(115) في القدس ألفاً قبل عقد اتفاقات أوسلو في أيلول/سبتمبر من عام 1993، وبالأرقام وصل عدد المستعمرين الإسرائيليين إلى (506) آلاف مستعمر في الضفة في حين استطاعت المؤسسات الإسرائيلية جذب المزيد من المهاجرين اليهود إلى مدينة القدس وجنباتها عبر إغراءات مالية ليرتفع عددهم ويصل إلى (230) ألف مستعمر خلال العام الجاري 2023، وتحاول إسرائيل ترسيخ فكرة التقسيم المكاني والزماني للقدس لفرض هوية تهويدية قسرية في نهاية المطاف عبر الاقتحامات المتكررة لقطعان المستعمرين المدعومين من قبل الجيش والشرطة الإسرائيلية.

فلسفة الصهيونية

يرتكز المنطلق الاستراتيجي لسياسة الإحلال والتهويد الصهيونيين في فلسطين على أربعة أسس، تتفرع عنها جملة مبادئ، لأغراض مرحلية التنفيذ، وفق الإمكانات الصهيونية المتاحة.
وهي، العمل الصهيوني الدؤوب لجذب يهود العالم إلى فلسطين، لكونها العامل الحاسم لزيادة مجموع اليهود في فلسطين وتطور أعدادهم، فضلاً عن العمل على تهويد الأرض العربية، بعد احتلالها ومصادرة ما يمكن مصادرته بطرق عديدة، إضافة إلى محاولة تهيئة الظروف السياسية، لطرد ما أمكن من العرب الفلسطينيين من وطنهم فلسطين ، ومن ثم إقامة المستعمرات لتغيير الجغرافيا والديموغرافيا ، لصالح المشروع الصهيوني، وقد تم التركيز على إيجاد اقتصاد صهيوني، من شأنه أن يكون عاملاً جاذباً لمزيد من يهود العالم، من خلال تحقيق مستويات معيشة مرتفعة ومعدلات نمو عالية بالاعتماد على المساعدات الغربية في ذات الوقت .

الركيزة الأهم

أما الركيزة الصهيونية الأهم، أي تهويد الأرض الفلسطينية، فإن تلك العملية تطلبت السيطرة على الأرض الفلسطينية بشتى الطرق والوسائل.
وقد وضعت لها آليات منظمة ومؤسسات تنفيذية، تعمل بدقة عبر وسائل عديدة، منها المجازر والإجلاء القسري والاستيلاء على الأرض الفلسطينية بحجج التطوير تارة والضرورات الأمنية تارة أخرى.
وقد لعبت المؤسسات الصهيونية المختلفة، مثل الصندوق القومي اليهودي، والوكالة اليهودية، فضلاً عن الاحتلال البريطاني، لعبت دوراً مهماً في نقل ملكية الأراضي العربية الفلسطينية لليهود، وكان الاستيطان الصهيوني المعلم الأساسي لاحتلال فلسطين .
والثابت أنه على الرغم من نشاط مؤسسات الحركة الصهيونية المحموم، لم تستطع السيطرة سوى على تسعة في المائة من مساحة الأراضي الفلسطينية التي أنشئت عليها دولة الاحتلال الصهيوني في 1948، في حين ساهم الاحتلال البريطاني بالقسط الأكبر من التسلل اليهودي إلى الأراضي الفلسطينية والسيطرة عليها.
واستكمل الجيش الإسرائيلي احتلال باقي الوطن الفلسطيني في الخامس من حزيران / يونيو 1967، ليصبح النشاط الاستعماري العنوان الأبرز لأجندة الحكومات الإسرائيلية منذ العام المذكور مع رفع شعار “القدس الموحدة عاصمة إسرائيل الأبدية “، والمخططات الإسرائيلية لم تتوقف البتة لتهويد القدس والزحف الاستعماري المنظم رغم توقيع اتفاق إعلام المبادئ (أوسلو) قبل ثلاثين عاماً مضى.
ولهذا باتت الضرورة السياسية تتطلب تدويل قضية المستعمرات الإسرائيلية التي تعتبر من أهم معالم الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
ويعزز هذا التوجه، قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2334) الصادر في 23 كانون الأول/ ديسمبر من عام 2016، والذي حثً على وضع نهايةo “قائمة المستوطنات الإسرائيلية” للمستعمرات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية، وطالب  إسرائيل” دولة الاحتلال بوقف النشاط الاستعماري  في “الضفة الغربية” الضفة الغربية بما فيها القدس، كما أكد على عدم شرعية المستعمرات القائمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية