نيويورك (الأمم المتحدة) ـ «القدس العربي»: ما إن بدأت الحرب الروسية على أوكرانيا في الرابع والعشرين من شهر شباط/فبراير الماضي، حتى تأهبت كل المنظمات والبرامج والآليات الدولية للعمل وفورا بشكل غير مسبوق. إنها استجابة فورية وسريعة وشاملة لم نشهد مثلها في التاريخ المعاصر رغم كثرة المآسي والكوارث سواء كانت من صنع الإنسان أو من صنع الطبيعة.
وقد اتخذت الأمم المتحدة حيال الأزمة الأوكرانية عدة مسارات بشكل متزامن أو متلاحق.
المسار السياسي- عقد مجلس الأمن ستة اجتماعات حول الأزمة، أربعة بدون قرارات وواحد شهد الفيتو الروسي الذي أطاح بمشروع القرار الأمريكي الألباني لإدانة الحرب، واجتماع اعتمد قرارا لتحويل القضية إلى الجمعية العامة واجتماع لمناقشة الوضع الإنساني لم ينته بعد ويناقش مشروع قرار تقدمت به المكسيك ولم يتم التصويت عليه بعد. كما عقد المجلس جلسة طارئة يوم الجمعة 4 آذار/مارس لمناقشة الخطر من استهداف المنشآت النووية.
أما الجمعية العامة فقد عقدت اجتماعا بتفويض من مجلس الأمن تحت بند «متحدون من أجل السلام» استمعت فيه لأكثر من 120 مندوبا على مدى ثلاثة أيام وصوتت على قرار يدين العدوان الروسي ويطالب بالانسحاب الفوري وغير المشروط والتأكيد على وحدة وسيادة أوكرانيا ونجح القرار بغالبية 141 صوتا وامتناع 35 دولة ولم تجد روسيا إلى جانبها إلا كوريا الشمالية وبيلاروسيا وسوريا وإرتريا.
المسار الإنساني- تحركت كافة المنظمات الإنسانية وبسرعة للتعامل مع الآثار المدمرة للحرب على المدنيين من أطفال ولاجئين ومبان سكنية، وهو ما سنفصل فيه أكثر في هذا المقال.
مسار حقوق الإنسان- أقحمت قضية أوكرانيا على جدول أعمال الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان وبدأ النقاش يوم الخميس ثم اعتمد المجلس قرار إنشاء لجنة تحقيق مستقلة صباح الجمعة 4 آذار/مارس، بتصويت 32 دولة لصالح القرار ومعارضته من عضوين فقط (روسيا وإرتريا) بينما صوتت 13 دولة بـ «امتناع» من بينها الصين والهند وكوبا وفنزويلا والباكستان وكازاخستان. واللجنة التي ستتكون من ثلاثة خبراء مستقلين منحت ولاية لسنة كاملة للتحقق من «جميع الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي الإنساني والجرائم ذات الصلة».
مسار المساءلة والمحاسبة- تحرك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، البريطاني الجنسية، وأعلن أن المحكمة، بدون أن يطلب منها، ستفتح ملفا للتحقيق في جرائم قد تكون ارتكبت وتقع ضمن ولاية المحكمة مثل جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان. لقد أقرت المحكمة نفسها أن لديها أسبابا للتحقيق في جرائم حرب قد تكون إسرائيل ارتكبتها في عدوان 2014 بعد سبع سنين رغم مطالبة الجانب الفلسطيني مرارا بإجراء مثل هذا التحقيق.
الحروب والويلات الإنسانية
إنها الحرب. «متى تبعثوها تبعثوها ذميمة وتضر إذا ضريتموها فتضرم» كما وصفها زهير بن أبي سلمى وأحسن وصفها. يكتوي بنارها الأبرياء من المدنيين وخاصة الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال والنساء والمسنين وذوي الإعاقة والمرض. تلحق الأضرار الجسيمة بالبنى التحتية والمعالم والطرق والمباني والمواصلات والاتصالات. ولأن الحرب عمياء اتفق المجتمع الدولي منذ أكثر من 100 سنة على تقنينها وضبط سيرها لكي تكون الخسائر على الأبرياء في حدها الأدنى. ولهذا اعتمد المجتمع الدولي أربع اتفاقيات روجعت مرارا واستقرت تحت اسم اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وأهمها هنا الثالثة المتعلقة بأسرى الحرب والرابعة المتعلقة بحماية المدنيين. ثم أتبعا بالبروتوكول الإضافي عام 1977 لحماية ضحايا الحرب.
وبما أن روسيا منضمة لهذه الاتفاقيات فمن الضروري، من ناحية مبدئية، التذكير بأن اتفاقيات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول قابلة للتطبيق بالكامل في النزاع المسلح الدولي الدائر في أوكرانيا. لذلك يجب على أطراف هذا النزاع احترام مجموعة القواعد التي التزمت بها لحماية الناس أثناء النزاع. وهذا يعني تجنيب السكان المدنيين العمليات العسكرية. كما يجب أن تسمح على الفور بالمرور الآمن للأشخاص الفارين من القتال.
ولمواجهة تبعات الكوارث والتحديات الإنسانية أنشأت الأمم المتحدة على مر العصور العديد من الآليات للتعامل الفوري والناجع والشامل مع هذه الكوارث.
ففي الحالة الأوكرانية لم تبق منظمة إنسانية دون أن تأخذ دورا في محاولات التخفيف من المعاناة الإنسانية.
فمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، يسجل منذ اليوم الأول أعداد الضخايا من المدنيين حيث وصل العدد إلى أكثر من 1006 ضحية مدنية في أوكرانيا، 331 قتيلاً لغاية مساء 3 آذار/مارس. الأعداد هذه فقط التي استطاعت منظمات الأمم المتحدة التأكد منها وهي بالتأكيد ليست دقيقة.
منسقة الشؤون الإنسانية، أوسنات لوبراني، قالت في رسالة مفادها أننا ملتزمون بزيادة دعمنا للأشخاص في جميع أنحاء أوكرانيا، وخاصة النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة، الذين هم في أمس الحاجة إلى الإغاثة والحماية وكذلك المأوى.
بيانات ممثالة أطلقت من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونسيف» وبرنامج الأغذية العالمي وغيرها من المنظمات الإنسانية.
وبحضور الأمين العام عقد في جنيف يوم الثلاثاء مؤتمر طارئ للدول المانحة لجمع تبرعات بقيمة 1.1 مليار دولار. لكن السخاء في التبرعات رفعت قيمة التعهدات إلى 1.7 مليار دولار لتفي بحاجات ستة ملايين محتاج لمدة ثلاثة أشهر فقط. لقد أثبت المجتمع الدولي أنه جاهز للعمل في الميدان الإنساني أكثر منه في الميدان السياسي.
اللاجئون
فيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين الموجود في المنطقة، قال إنه في غضون السبعة أيام الأولى للحرب فر نحو مليون شخص من أوكرانيا إلى الدول المجاورة. والعدد مرشح أن يصل إلى عشرة ملايين، أربعة منهم خارج البلاد ونحو ستة داخلها لو طالت الحرب. «لقد اقتلعوا بسبب حرب لا معنى لها. ساعة بساعة، ودقيقة بدقيقة، يفر المزيد من الناس من واقع العنف المرعب، وأن عددًا لا يحصى من الأشخاص قد نزحوا داخل أوكرانيا أيضًا» أضاف قائلا.
عنصرية في تصنيف اللاجئين
لكن الدول المجاورة لأوكرانيا لديها مواصفات خاصة بتعريف من هو اللاجئ.
رئيس وزراء بلغاريا، كيريل بيتكوف، قال إن دول الاتحاد الأوروبي مستعدة للترحيب باللاجئين الأوكرانيين في أراضيها بعد الغزو الروسي، وإنهم «ليسوا من اللاجئين الذين اعتادت عليهم أوروبا». وقال بيتكوف «هؤلاء أناس أذكياء ومتعلمون وبعضهم متخصصون في تكنولوجيا المعلومات وهم مؤهلون تأهيلاً عالياً. هذه ليست موجة لاجئين اعتدنا عليها، حيث لا نعرف ماذا نفعل مع أناس لديهم ماض غامض، كأن يكونوا إرهابيين مثلا».
دانيال حنان، مستشار مجلس التجارة البريطاني، في تمييز اللاجئين الأوكرانيين عن أقرانهم قال: «إنهم يشبهوننا، ذلك ما يجعل الأمر صادماً للغاية. أوكرانيا دولة أوروبية. شعبها يشاهد نتفلكس وله حسابات على إنستغرام ويصوت في انتخابات حرة ويقرأ صحفاً غير خاضعة للرقابة».
مراسل «سي بي أس نيوز» الأمريكية، شارلي داغاتا، عبر في مداخلة له في إطار تغطية الأحداث عن حزنه الشديد لما يحدث قائلا: «هذه ليست العراق ولا أفغانستان، هذا بلد متحضر ودولة أوروبية ولا يصح أن يحدث فيها ما نراه الآن».
موجات العنصرية والتمييز هذه أثارت عاصفة من الانتقادات وصل صداها للأمم المتحدة وأثرناها في المؤتمرات الصحافية اليومية.
المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، ستيفان دوجريك، قال إن بعض التقارير تتحدث عن العنصرية الصريحة في سياق قبول اللاجئين عبر الحدود. «أريد أن أقول إن الأمين العام صُدم من التقارير العديدة عن العنصرية والمضايقات والتمييز التي تعرض لها أشخاص من أعراق مختلفة كلما حاولوا مغادرة أوكرانيا، وكذلك في البلدان المجاورة، بحثًا عن ملاذ من الصراع». ودعا الأمين العام جميع الحكومات في المنطقة «إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي مظهر من مظاهر العنصرية وكراهية الأجانب. عليهم أن يتأكدوا من أن جميع الناس، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الثقافة، يتلقون نفس المعاملة والحماية».
نفس الموقف عبر عنه المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، أنطونيو فيتورينو، الذي شعر بالقلق من التقارير الموثوقة التي تم التحقق منها عن التمييز والعنف وكراهية الأجانب ضد رعايا البلدان الثالثة الذين يحاولون الفرار من البلاد.
الحرب لم تنحصر انعاكسات في أوكرانيا والدول المجاروة بل ستتعداه إلى الاقتصاد العالمي وستتأثر به الدول الفقيرة بشكل أكبر. فقد أكدت منظمة الأغذية والزراعة «فاو» أن أسعار الأغذية العالمية في شباط/فبراير ارتفعت بشكل حاد لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، وخاصة السلع الغذائية الأكثر تداولا على مستوى العالم، مثل الزيوت النباتية ومنتجات الألبان، حيث بلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية 140.7 نقاط في شباط/فبراير، وأعلى بنسبة 3.1 نقطة من المستوى الذي وصل إليه في شباط/فبراير 2011. وهذا ينطبق على أسعار المحروقات والمواد الغذائية وخاصة الحبوب التي شهدت ارتفاعا في أسعارها بنسبة 3.0 في المئة قياسا بالشهر الماضي.
اننا نعتبر رد فعل منظمات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على أزمة أوكرانيا شكل نموذجا يحتذى. ولا نستطيع إلا أن نتذكر تثاقل الأرجل وتباطؤ الحركة والتواضع في حجم التبرعات عندما يتعلق الأمر بمآس وكوارث كبرى في مناطق أخرى من العالم مثل ميانمار واليمن وسوريا والسودان وجنوب السودان والكونغو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى. وكم نتمنى أن يأتي اليوم الذي تختفي فيه سياسة الكيل بمكيالين أو ثلاثة.
إنها عنصرية أوربا المنافقة التي تتغنى تتغنى بشعارات جوفاء، وعند حضور الحقيقة تسقط كل الأقنعة الزائفة، والله يحرر فلسطين ويكسر شوكة إسرائيل
فلسطين والمعاناة الإنسانية: استجابة سريعة وشاملة «فهؤلاء اللاجئون يشبهوننا… ¿؟..
الغرب منافق يتباهى فقط بالديمقراطية وحقوق الإنسان ولكن الحقيقة ليست كذلك. ما فعله الغرب مع اوكرانيا في 5 ايام من الحرب لم يفعله طوال 70 سنة مع الشعب الفلسطيني الاعزل والمشرد والذي يعاني من الفصل العنصري ناهيك عن الشعوب المستضعفة في شتى أنحاء العالم كاليمن وسوريا والعراق وافغانستان وميانمار ومالي والقاءمة طويلة. الله يقوي بوتين على الغرب الخبيث المسكون من الدول الاستعمارية واذنابها في أوروبا الشرقية. لكل فرعون موسى.
تحية من لاجئ في مخيم الشابورة برفح في قطاع غزه = فلسطين. تحية لكم اخونا العزيز. نحن نعرف ونعيش العنصرية كل يوم وما حصل في اوكرانيا ولاجئيها هو فقط ليثبت ما نقوله من عشرات السنين وهو ان العالم يكيل بمكيالين وثلاثة وعنصري الي النخاع. شبابنا يموتوا في البحر والاطفال تخطف من اهلها وعذابات الطوابير والانتظار سنوات للحصول علي اقامة في الدول المضيفة. ها هي الدنيا دوارة..لا اراكم الله مكروه.
الله يستر من صواريخ النووية الروسية.
و كذالك سيتم اعمارها كسرعة البرق عندما تضع الحرب اوزارها! حطمت مدن افغانستان و العراق و سورية … و تركت لاهلها كالايتام! بل اموال افغانستان وقعت سرقتها في اوج النهار امام العالم…
كله كذب ونكاية بروسيا. الانسانية لا تكون لعرق معين يا اوروبا وامريكا يا مدعين الانسانية والتباكي بدموع التماسيح. معروف الحقد الدفين عند البعض ومهما حاولو إخفاءه سيفتضح لا محالة.
لقد اصبت كبد الحقيقة.. ولو انني كنت اتمنى لو بحرت قليلاً في قضيتنا نحن.. وما عنايناه طوال فترة ٧٥ عاماً.. من قتل وتشريد لشعب كامل ومصادرة اراضي بالقوه لشعبنا الأبي..
على كل حال نتطلع للمزيد من القاء الضوء والتسليط على قضيتنا التي هي الأساس لكل لاجئ في العالم.. هذا اذا بقي لاجئين في هذا العالم المعاصر..
بمعنى ان الاوكروني صنف لاجئ درجة اولى ونحن في غياهب النسيان..
وسلامتك دكتورنا الغالي والباقي عندك..
اشكرك بعنف
حسين جباره
أنها عنصرية المجتمع الدولي المقيتة يا دكتور عبدالحميد..، والكيل بمكيالين..، والأكثر إيلامًا ان نجد هذا بين الدول العربية والإسلامية.