بعد سبع سنوات من البحث والتنقيب في تراث جلال الدين الرومي وشمس التبريزي، أصدر الشاعر والروائي اللبناني محمد حسين روايته الجديدة التي حملت عنوان «أيام مولانا وقواعد العشق الأربعون»، التي أهداها إلى الشاعرين الراحلين اللبنانيين محمد علي شمس الدين والشيخ فضل مخدر. صدرت الرواية عن دار الأمير في بيروت. بالإضافة إلى تصويب سيرة الرومي وشمس التبريزي وأحوالهما؛ يلفت الكاتب في روايته النظر إلى أفكار الفلاسفة والمتصوفة المعاصرين لهما، كبهاء ولد – والد الرومي- وابن عربي، وصدر الدين القونوي، وشيخ الإشراق السهروردي، ونجم الدين كبرى، والبرهان الترمذي، والفريد العطار، والفخر الرازي، وغيرهم. كما يعرض لتاريخ بلخ -مسقط رأس الرومي- وأحوال الدولة الخوارزمية وسيرة سلاطينها، متوقفا مليا عند الفظائع التي شهدها العالم الإسلامي جراء الغزو المغولي، الذي بدأ مع جنكيز خان.
تتميز رواية «أيام مولانا» بأربعين قاعدة للحب من إملاء الترمذي، وأربعين قاعدة للعشق، وقد أملاها التبريزي على الرومي، وتقع في 400 صفحة من القطع المتوسطة موزعة على 20 فصلا، و21 مقاما، وقدمت لها الأكاديمية دلال عباس التي قالت، إن أهمّيّةَ رواية محمد حسين بزّي تكمنُ في ثلاثة أمور، أولها أنّ الكاتب يعتمد مخزونه المعرفيّ واختصاصه الأكاديميّ في الفلسفة والتصوّف. لهذا نلحظ أنّ فيوضات حكمة الإشراق للسهروردي مثلًا، لا يكاد يخلو منها فصلٌ من فصول الرواية، ناهيك عن شاعرية الكاتب الواضحة في النص. وقد صورت الرواية حياة مولانا الرومي بتفاصيلها منذ ما قبل ولادته إلى آخر يومٍ في حياته من مصادرها الينبوعية، وتربطها بالأحداث التاريخيّة والسياسيّة المحيطة، التي رافقتْ تشظّي الإمبراطوريّة العبّاسيّةِ إلى دويلاتٍ صغيرةٍ، تنتظرُ الاجتياحَ المغوليَّ من غيرِ أن تكون قادرةً على مجرّدِ التفكير في كيفيّةِ صدّه. وتعرفنا الروايةُ حياةَ وأفكارَ العارف الكبير برهان الدين محقّق الترمذي، الأستاذ الثاني لمولانا بعد والده بشكل مُفَصّل، ولعلّها المرّة الأولى التي تزخر فيها روايةٌ بكلّ هذه الإحاطة عن الترمذيِّ وأحواله.