الشيء البديهي أن هناك حربا تجري اليوم غير بعيد عن الشريط المحاذي للحدود الشمالية لموريتانيا. ولعل من شاهد ما جرى مؤخرا، في الكركرات، سيقتنع حتما بذلك، لكن تلك المنطقة ليست في واقع الأمر سوى جزء بسيط، أو لنقل إنها ركن محدود من مسرح واسع، يمتد إلى عواصم أوروبا وروسيا وأمريكا، ليصل إلى أقاصي القارة اللاتينية، وأدغال القارة الافريقية، حيث تدور معظم فصول النزال الصحراوي.
وربما يكون السؤال الجوهري هنا، في حال ما إذا علمنا أن المغرب هو من يسيطر فعليا على الأرض، أين يحارب البوليساريو إذن بالضبط؟ فمن يقرأ بياناته الحربية الأخيرة، يعتقد أنه يفعل ذلك انطلاقا من تلك الأراضي الصحراوية، التي يدعي ملكيتها، وأنه لا يخوض معارك استعادتها من قبضة المغاربة، إلا من هناك، ولكن الحقيقة قد تختلف كثيرا عن ذلك، فكل شيء عدا تلك الصحراء نفسها، قد يصح أن يكون بنظر البوليساريين ميدانا لذلك الصراع، وقد يصبح منصة جيدة لإطلاق الصواريخ، نحو من يصفونه بـ»العدو المغربي» ولو كان جزءا من مكونات تلك الصواريخ، هو عبوات مليئة ببعض الصور القديمة لقوات الحوثيين، أو للقوات الهندية الباكستانية، في إيحاء للأحداث الجارية الآن في الصحراء، أو بعضا من الفرقعات الإعلامية، من قبيل حادثة نزع العلم المغربي لدقائق من سارية مبنى القنصلية المغربية بفالنسيا، أو سيلا من بيانات الدعم الحماسية التي كتبت من زمن الحرب الباردة، وخرجت من جمعيات مغمورة في أقاصي الدنيا، يكاد معظم الناس في تشيلي أو كوبا أو الأرجنتين، أو بنما، أو الاكوادور لا يسمعون عنها شيئا.
لكن المفارقة الكبرى هي أن تلك الصواريخ لا تحدث أثرا واضحا في المغرب، بل لعلها تسقط بعيدا عنه، والمؤكد أنها تزيد من حماسة الدولة التي ظلت منذ الثمانينيات تمثل السند القوي للجبهة، غير أنها تجعلها تبتعد قليلا هذه المرة عن العواطف الثورية، لتحاول النأي قليلا بالنفس، عندما يتعلق الأمر بإعلان بيان رسمي للتعليق على أحداث الكركرات مثلا. فمع أن وزارة الخارجية الجزائرية قالت إنها «تستنكر الانتهاكات الخطيرة لوقف إطلاق النار.. وتدعو إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية، التي من شأنها أن تؤثر في استقرار المنطقة برمتها» إلا أنها استدركت لتطلب من الطرفين، أي المغرب والبوليساريو «التحلي بالمسؤولية وضبط النفس» قبل أن تؤكد انتظارها بأن تكون الأمم المتحدة محايدة، ودعوتها لأن يسارع مجلس الأمن لتعيين مبعوث أممي جديد في الصحراء، ولكن هل كان الأمر مفاجئا حقا للجزائريين، وهل كان قادة الجيش الجزائري غير مطلعين على خطط البوليساريو ونواياه الحقيقية؟ لقد امتدت أزمة الكركرات لأكثر من عشرين يوما لم تفلح خلالها الجهود والوساطات في دفعه للتراجع عما ظل يصفه «بالحراك المدني الشعبي للاحتجاج على ثغرة الكركرات غير الشرعية» على حد تعبيره. وكان واضحا أنه لم يكن هناك بد في تلك الحالة، وأمام عجز الأمم المتحدة وترددها، وانكفاء وصمت موريتانيا، ولامبالاة الجزائر، أن يأخد المغرب بزمام الأمر، ويحسم في مسألة استمرار ما يربو عن ستين فردا، قطعوا طريقا حيوية تربطه بموريتانيا. وفي ظرف آخر، أو في سياق مغاير تماما للحالي، كان ذلك سيعني وببساطة شديدة تكرار سيناريو مجزرة مريعة، من قبيل مجرزة اعتصام رابعة، أو حتى اقتراف واحدة أفظع منها، لكن لننظر في الأخير للحصيلة النهائية: فكم روحا سقطت جراء ذلك التحرك العسكري المحدود؟ وكم شخصا أصيب بجروح أو بأضرار؟ وكم مبنى قصف أو دمر بعد تلك العملية العسكرية التي اعلنها المغرب الجمعة الماضي «لوضع حزام أمني من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر ثغرة الكركرات»؟ لن يختلف اثنان في أن الجواب على ذلك كله يظل صفرا.
لاشك بأن اختيار توقيت الزج بعدد من الصحراويين أواخر الشهر الماضي بالقرب من معبر الكركرات لم يكن بريئا بالمرة
ومع أن التحرك المغربي لم يغير شيئا من الوضع القائم أصلا في الصحراء، منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، إلا أن جبهة البوليساريو التي طالما هددت في أكثر من مناسبة بالعودة لخيار الحرب مع المغرب، كانت جاهزة على ما يبدو للتعامل مع الخبر بسرعة، والمبادرة للرد الفوري، ببيان ناري صباح السبت الماضي، قالت فيه وبكل سهولة إنه «تم رسميا إلغاء اتفاق وقف إطلاق النار مع المغرب، وما يترتب عليه من استئناف العمل القتالي دفاعا عن الحقوق المشروعة لشعوبنا» على حد تعبيرها. ولعل قائلا قد يتساءل، ألهذه الدرجة صار إعلان الحرب أسهل من شربة ماء؟ وهل سيكتب التاريخ أن ستين فردا أشعلوا، من حيث يدرون أو لا يدرون حربا، لم يكن أحد يدري أبعادها أو امتداداتها الإقليمية والدولية؟ إن ما يحصل عادة هو أن الاعتراض على أي استخدام خاطئ للقوة، ضد أي احتجاجات مدنية أو سلمية يكون في حال الإفراط في استخدامها، أو استخدامها بشكل غير متناسب وهذا ما لم يحصل مطلقا في عملية الكركرات على فرض أن المحتجين الذين كانوا يقطعون الطريق هناك كانوا بالفعل أفرادا مدنيين، يقومون باحتجاجات سلمية كما قال البوليساريو، لا عناصر تابعة له. فما الذي جعل الأمور إذن تتطور على ذلك النحو؟ لا شك بأن اختيار توقيت الزج بعدد من الصحراويين أواخر الشهر الماضي بالقرب من معبر الكركرات لم يكن بريئا بالمرة، وكان من الواضح أن الهدف من وراء العملية هو محاولة المسك بزمام الملف الصحراوي، في وقت بدأت فيه عدة مؤشرات تدل على أنه قد يفلت من بين أيدي الجبهة، لا فقط بعد أن حققت الرباط تقدما واكتساحا دبلوماسيا لافتا، من خلال فتح عدد من الدول الافريقية قنصليات لها في المناطق الصحراوية، بل أيضا عبر توسع دائرة الدول المساندة لرؤيتها للحل الذي تتبناه للمعضلة الصحراوية وهو الحكم الذاتي. ولكن هل فعل البوليساريون ذلك بمفردهم، وبمعزل عن أي دعم، أو في أدنى الأحوال من دون ضوء أخضر من الجزائر؟ سيكون من الصعب جدا أن يكون فخ الكركرات قد نصب بمحض إرادتهم فحسب.
ومع أن فصول القصة كلها حبكت لأجل أن يظهر المغرب على أنه هو من بادر بخرق وقف اتفاق النار الموقع في 1991، فإن السؤال البديهي هو، ما الذي يمكن أن يضطر بلدا يسيطر فعليا على الأرض، ويحرز انتصارات دبلوماسية متتالية في نزاعه ليقدم على فعل مماثل؟ ثم لِمَ لم تعلن الأمم المتحدة إلى حد الساعة عن وجود اي انتهاك أو خرق لذلك الاتفاق؟ ومن الواضح أن هناك خللا ما في رواية الجبهة، وأنها انساقت إلى حرب دونكيشوتية جهزت فيها صواريخها باكرا لتطلقها بعدها بشكل عشوائي وخاطئ. ولعل ذلك سوف يدفعها قريبا لبعض التغيير وربما حتى لاختيار ميدان مكشوف لحربها، التي لا تنتهي مع المغرب. والخطر هو أن تكون الجزائر نفسها هي ذلك الميدان، لأنه لن يكون بوسع أحد حينها أن يتوقع العواقب التي سيحصل أو أن يعرف أين بدأت حرب الصحراء، وأين ستنتهي.
كاتب وصحافي من تونس
عنوان المقال في صيغة سؤال عن مكان سقوط الصواريخ معبر جدا عن مأزق البوليساريو والدولة الحاضنة. أمس الثلاثاء أصدرت البوليساريو البلاغ العسكري رقم 5 الذي يعلن البطولات الدونكيشوتية عن خسائر المغرب و إعداد القتلى والجرحى التي لا تعد ولا تحصى و الجدار الأمني الذي أصبح خطانا منسيا. سياسة الهروب إلى الأمام عن الواقع الحقيقة . المعبر مؤمن و حركة النقل الدولي في انسياب تام و الهندسة العسكرية شرعت في توسيع الطريق وتعبيده بالكامل إلى موريتانيا.وحدها الجزائر من بين دول العالم عارضت عملية الجيش المغربي لتحرير المعبر من الفتوات لأنها الدولة الحاضنة المؤطرة والموجهة و الممولة و المسلحة للبوليساريو وهي من أوحت بإغلاق المعبر. دعك من الكلام عن التضامن مع الشعوب المغلوبة التي أصبحت مشروخة من كثرة الاستعمال. ذلك أن من يدعي ذلك أولى به أن يحترم الشعب الذي فرض عليه طيلة سبع سنوات رئيس لا يحرك ساكنا ولا ينبس ببنت شفة.
المغرب الشقيق هو أول من جنى ثمار الثورة الجزائرية ،وكان الأجدر لأسود الأطلس تحرير أرضهم وعدم الرضى بالمقايضة مع الإسباني (سبة ومليلية..)
من الأولى أن يحرر الشعب الجزائري الشقيق نفسه من العصابة التي تمص دمه ليل نهار
تذكير : الجزائر استعمرت اكثر من 130 سنة ، الجزائر منح لها الاستقلال من طرف المستعمر الفرنسي بعد سنوات من استقلال المغرب ، التاري
كلامك حق يراده به باطل. هل تعتقد وتؤمن ان دعم بلادك للبوليساريو أمر إنساني محض. لماذا لا تسمح الجزائر للقبائل بالإنفصال اذا ، لماذا لا نرى دولة جزائرية قوية عالميا وتجعل من مواطينيها أ سعد شعب على المعمورة لأنها سوقت نفسها كبلد يدافع عن المقهورين والمظلومين ؟ واقع الجزائر يناقض ما تدعيه. ان مايقع خسارة كبيرة للبلدين في شتى المجالات .
الجزائر او بالاحرى النظام الجزائري يقول إنه يساند الشعب الصحراوي من أجل تقرير المصير،فلماذا لا تترك الشعب الجزائري يحقق مصيره من قبضة الجنرالات التي تنهب ثروات الدولة”الشقيقة” وتضع الدمى في قصر المرادية ام ان قضية الصحراء و مخيمات تندوف بقرة حلوب لهم و معهم عصابة البوليساريو التي تحتجز المواطنين الصحراوبين الذين لا حول ولا قوة لهم.
الصراع بين النظام الجزائري والمغربي ليس وليد قضية الصحراء.لكن هذا الصراع نشب قبل قيام جبهة البوليساريو. لذالك فقضية الصحراء ليست الا شماعة.
تحياتي.
صدقت اخي الكاتب. لما قراءت العنوان كنت مستعد لعدة إسءلة لكن كنت ادرى منى بالموض
وع.
الملك الحسن الثاني رحمه الله حرر ترابه من ايادي الاسبان…اتساءل!! أين كانو جماعة المرتزقة و من يدعمهم؟؟؟ المغرب و المغاربة قدمو دماء و ارواح و اموال و اعمال لتحرير الصحراء و لتحويلها من اراضي قااحلة و لا حياة فيها الى أراضي سياحية و صناعية و تسكانية فلاحية حية..تتمتع بكل المرافق و المؤسسات و المنشؤات…ليأتي أي كان ان يقول للمغاربة ان هاته الاراضي أراضي المرتزقة البوليزاريو؟؟ !!! هدا جنون..فاعلم أن و لو يبقى مغربي واحد على وجه الأرض..لا و لن يسمح لاحد ان يتطاول على وحدة ترابه.البوليزريو يرتكز و يعيش في صحراء الجارة الجزائر…بتندوف هي بلدكم..هدا اختياركم و اختيار الجزائر الشقيقة..فلتكرمكم اكثر و تضمكم الى عدد مواطنيها..فهي بلد كبيرة و واسعة ما شاء الله…و صحراؤها شاسعة و قااحلة..و عدد سكانها قليل بالنسبة للمساحة.. فما عليها الا ان تجنسكم و ان تعطيكم الاموال و التقنيات و الأطر او استيرادها من الخارج .. لتطوير جنوب الجزائر …أما المساس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية..فهو القتال و الحرب و التطاحن مع اي كان…المغرب في صحراءه و الصحراء في مغربها الى ان يرث الله الأرض ومن عليها.
الجزائر وراء كل تحركات البوليزاريو كان متوقع هدا الفعل لتضليل الشعب وتمرير الدستور الجديد الدي قوبل بالرفض التام وتشتيت الأفكار
الشعوب مغلوبة على أمرها من حكامها و الحكام مغلوب على أمرهم من امريكا و الروس و اذيالهم و هؤلاء مغلوب على أمرهم من الصهاينه المغضوب عليهم…
لا يرجى من الفرقة إلا تخريب بيوت المسلمين و دينهم…يا اخي لا تفرق بيني و بينك ..تعال نبني بيتي و بينك..اللهم اصلح ذات بيننا…واحد صفوفنا.
كما يبدو المخرج الوحيد لهذه الأزمة منح جبهة بوليساريو حكما ذاتيا موسعا غير مركزي يشمل انتخاب حاكم الأقليم والتمثيل في مجلس منتخب يضمن مصالح الصحراء الغربية على قدم المساواة مع الاقاليم أو المحافظات الأخرى في المملكة المغربية أو منح حق تقرير مصير لكل شعوب الصحراء الكبرى بدلا مشتتين بين عشر دول مصر و السودان و ليبيا و تونس و المغرب و الجزائر و موريتانيا و تشاد و مالي و النيجر تجمعهم دولة واحدة ما المانع ؟ ?
ربما تتكلم عن قوة خارج الأرض ستعمل على رسم خارطة من جديد… حتى إذا صادقناك في طرحك كم عدد هذه الشعوب بالمقارنة مع المساحة التي تتكلم عليها ؟ اصلا بوليساريو لا يتجاوز عددهم 80 الف.. و شعب مالي كله مركز في العاصمة… و 42 مليون جزائري كلهم يعيشون على الساحل… 80% من المساحة فارغة… لا وقت للاحلام. ..
الحقيقة كاملة مقال واقعي وصريح بعيد عن العاطفة
مقال و تحليل جيد
الدول الكبرى والأمم المتحدة مع خيار الحكم الذاتي
ولا تتدخل لرفع الضغط على الجبهة لانها فاقدة لقرارها. ..
تترك خيوط اللعبة للوقت و ما ستؤول إليه الأحداث.
الجزائر الطرف الرئيسي لاحظت بأم أعينها داعمي المغرب في هذه القضية ولربما ستحسب حساباتها من جديد..
أحسنت
لاسد الله فاك