في مطلع سنة 2011، قبل أن تطلق هيلاري كلنتون، وزيرة الخارجية الأمريكية يومذاك، تحذيرها الشهير من أنّ الحكّام العرب يخاطرون بـ”الغرق في الرمال” إذا لم يستجيبوا لمطالب شعوبهم؛ كانت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في حال من المفاجأة إزاء احتمالات ما سيُسمى بـ”الربيع العربي” شبيهة، إلى حدّ غير قليل، بحالها قبيل سقوط شاه إيران وانطلاق الثورة الإسلامية. صحيح أنّ زين العابدين وحسني مبارك ومعمر القذافي، ثمّ لاحقاً علي عبد الله صالح وبشار الأسد، وبدرجة أقلّ آل خليفة في البحرين؛ لم يكونوا في مصافّ مماثلة للشاه، فضلاً عن كونهم هم أنفسهم في درجات مختلفة لجهة المصالح الأمريكية؛ إلا أنّ حسابات مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما، ومعها المخابرات المركزية وتقديرات خبراء الشرق الأوسط في الخارجية، لم تكن على قدر المطلوب منها في استباق الوقائع العاصفة.
ذلك بعض السبب، وليس كلّه أو أغلبه كما يتوجب القول، في أنّ طرازاً من التأتأة اللفظية طبع الفارق بين أقوال أوباما نفسه وأقوال وزيرة الخارجية كلنتون، ووزير الدفاع روبرت غيتس، ورئيس أركان القوات المسلحة الأدميرال مايكل مولن، ومساعد وزيرة الخارجية جيفري فلتمان، ومساعدها للشؤون السياسية بيل برنز… وبمعزل عن خصوصية التدخل الأمريكي/ الأطلسي في ليبيا، كان قفاز التحدّي الذي ألقاه مبارك في وجه متظاهري التحرير، والذي وُجّه أيضاً إلى البيت الأبيض، هو الذي أتاح سماع تلميحات أوباما حول انتقال منتظم في مصر يتوجب أن يكون “ذا معنى، سلمياً، ويبدأ الآن”. كذلك انتظر فريق البيت الأبيض حتى شهر أيار (مايو) من العام ذاته كي يسمع من أوباما، خلال خطبة ألقاها في وزارة الخارجية، تأكيداً صريحاً على أنّ الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب التونسي. وأمّا الشعوب صاحبة العلاقة، فلسوف تنتظر فترة أطول، خاصة في سوريا (ولكن ليس البتة في البحرين!)، كي ينطق الرئيس الأمريكي بالدرّة المكنونة، حول فقدان أمثال بشار الأسد شرعية الحكم.
استرجاع تلك السياقات يستهدف طرح أسئلة لعلها تكتسب راهنية ذات مغزى: أين كان جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، من كلّ ملابسات الربيع العربي تلك؟ وهل يصحّ الافتراض بأنه كان على تباين من نوع ما، في كثير أو قليل، مع سيد البيت الأبيض؟ وفي ضوء ما يتردد عن عزمه عقد “مؤتمر ديمقراطي” شامل، يخصّ كما للمرء أن ينتظر شعوب الشرق الأوسط أكثر من أمريكا ذاتها، هل ثمة حظوظ في تغييرات هنا وهناك؟ وإذا صحّ أن الموقف من إيران، بمعنى مراعاة طهران أو حتى استدراجها على خلفية برنامجها النووي، كان واحداً من أحجار الزاوية في سياسات أوباما؛ فهل منهجية بايدن المقبلة تجاه الملفّ ذاته ستبدّل شيئاً، طفيفاً أو جوهرياً؟
ثمة بعض المعنى، ولكن ليس كلّه هنا أيضاً، في تعليق جزء من محاولات الإجابة على دلالات استعادة بعض كوادر أوباما، أو حتى الرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلنتون؛ أمثال أنتوني بلينكين في وزارة الخارجية، أو روبيرت مالي كمبعوث إلى إيران، أو وليام برنز في إدارة المخابرات المركزية، أو سوزان رايس في قيادة السياسة الداخلية… غير أنّ الأصل الأهمّ، حتى يتضح العكس بالطبع، أنّ تطابقاً شديداً كان يحكم علاقة أوباما بنائبه بايدن في مبدأ أوّل يحكم تسخير السياسة الخارجية لخدمة مصالح الولايات المتحدة: أنّ أوزان تلك المصالح أثقل بكثير مما يزن هذا المبدأ الأخلاقي أو ذاك، إلى جانب المنطق البسيط الذي يفترض صياغة المواقف تبعاً لمعطيات كلّ دولة على حدة.
وكما أنه لم يكن من عزاء للذين راهنوا على أوباما من بعض معارضات “الربيع العربي”، فالأرجح أنّ فقدان العزاء سوف يكون مصيرهم ذاته مع بايدن؛ إنْ لم يكن أسوأ، وأشدّ خيبة!
العلاقة بين الرئيس و نائبه ليست دائماً بالصورة الوردية التي يظهرها الإعلام. وظيفة نائب الرئيس هي أن يكون جاهزاً لاستلام الحكم اذا مرض او توفى الرئيس. أوباما لم يختار بايدن إلا كي يحصل على أصوات البيض الديمقراطيين في انتخابات ٢٠٠٨.
بدأ أوباما رئاسته بعد الركود الاقتصادي الكبير، و لذلك كان واضحاً في رغبته بالانكفاء عن مشاكل العالم لتحسين اقتصاده. عندما جاء الربيع العربي، وجد أوباما نفسه «مضطراً» لتأييده، على عكس هيلاري كلينتون التي أيدته بالمطلق. هناك حدثان أعطيا الفرصة لاوباما للتراجع: (١) في مصر بات المرشد يحكم فعلياً و ليس مرسي مما انذر بايران ثانية، و (٢) قتل القنصل الاميركي في بنغازي ايلول ٢٠١٢. في سوريا، كان استلام فصائل اسلامية للثورة، و ما رُشّح استخباراتياً بأن بندر بن سلطان كان وراء تزويد المعارضة السورية بالكيماوي في آب ٢٠١٣، هما السببان المباشران لتراجعه عن تهديده للنظام، سيّما أنه كان متردداً أصلاً.
استلم بايدن الحكم من ١٠ ايام فقط و لا يوجد أي إشارة أن إدارته «تقود من الخلف» مثل أوباما في سوريا. تعيين مالي و بيرنز لا يجب قراءته على أنه مؤشراً لدى بايدن أو بلينكن. بالعكس. و كونهما من المفاوضين لايران، فهما الاكثر خبرةً على اجبار ايران الالتزام بكامل بنوده، و ضمناً وقف نشاطها العدواني في سوريا.
لو كان بلينكن يخطط لترك بشار الأسد، لقالها صراحةً خلال إفادته أمام مجلس الشيوخ قبل اسبوعين «بأن سوريا ليست أولوية للإدارة»، سيما أن سوريا ذُكرت ٦ مرات، و ذُكّر بلينكن بخطأ نهج اميركا في تغيير أنظمة الحكم من اليمين المسيحي المؤيد للأسد، و لم يعقّب بلينكن لا على سوريا و لا على تغيير النظام.
هذه الإدارة تستحق اكثر من ١٠ ايام لرسم سياستها الخارجية.
اذا كانت سياسة بايدن ستكون نسخة من سياسة اوباما فمعنى ذلك لن يحصل اي تغيير ونكون مانك راوح
لست متفائلا بقدوم بايدن الى سدنة الحكم ومن يعتقد أن الحكم في اميركا مختزل في شخص الرئيس فهو واهم أو من كوكب آخر. بايدن ما هو إلا رجل المرحلة ومن داخل الإستابلشمنت ـ أو الدولة العميقة بالمفهوم العربي ـ ودوره مرسوم له ولن يستطيع تغيير الثوابت والوصي عليه هو اوباما ـ يعني هو أوباما ولكن إسمه بايدن.
شكرًا أخي صبحي حديدي. بالطبع مازال مبكرًا لنعرف إلى أين تسير سياسة بايدن الخارجية كما قال الأخ سامي الصوفي. لكن برأيي حجر الأساس لبايدن في الشرق الأوسط سيكون الإتفاق النووي مع إيران. وهذا يعني بما يخص سوريا بالتحديد والى حدما العراق لاجديد مقارنة بسياسة أوباما. المتردد أوباما سيكون الحكيم بايدن دون تغيير واضح من حيث المبدأ، حيث أن الربيع العربي فشل وحدثت جرائم البراميل والكيماوي والأن روسيا تحكم سوريا وماذا بقي؟ الأربع سنوات القادمة هي سياسة خطوات لن تنحرف يسارًا ويمينًا إلا بأقل قدر ممكن! ومن ناحية إسرائيل نعلم جيدًا ولاتداعي للتكهن أصلًا.
في الأوساط السياسية الشعبية في أوروبا الغربية هناك الكثير من مصطلحات السخرية والضحك ممن يتركون الحديث عن قضاياهم المحلية الخاصة ويتشدقون بالحديث عن القضايا الدولية وخاصة الأمريكية
وهذا ما نراه الآن بين الكثير من المعلقين العرب في هذه الجريدة !!!!
اميركا لن تغير شيئا في العالم العربي والاسلامي الا للاسوا ….. من يحكم الولايات المتحدة هو راس المال متحالفا مع الصهاينة …. انتظرو الاسوا مهما كان الحاكم هناك