لا تستطيع إلا أن تضحك أو تسخر عندما ترى بعض العرب وهم يتصدرون ساحات مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام، ويهجون الغرب على استقباله الحار للاجئين الأوكرانيين. لقد سفك رواد مواقع التواصل الاجتماعي في العديد من البلدان العربية الكثير من الحبر الالكتروني وهم يهاجمون النفاق الغربي وسياسة الكيل بمكيالين التي اتبعها الغرب مع لاجئي الشرق الأوسط والعالم الثالث مقارنة بالمعاملة التي يتلقاها اللاجئون الأوكرانيون. أولاً دعونا نعترف أن آخر من يحق لهم تعيير الغرب بحقوق الإنسان والحديث عن النفاق هم العرب ولا أحد غيرهم. لا شك أننا ندين هفوات بعض المراسلين الصحافيين والإعلاميين الغربيين الذين أجروا مقارنات غير مستساغة بين اللاجئين العرب واللاجئين الأوكرانيين، واعتبروا أصحاب العيون الزرقاء والسحنات البيضاء أعلى مرتبة من ضحايا الحروب في الشرق الأوسط، لكن قبل أن نوزع شهادات حسن سلوك في حقوق الإنسان والمساواة والإخوّة والإنسانية، علينا أن ننظر أولاً إلى حالنا العربي؟ هل نحن أكثر شهامة وفروسية وإنسانية من الأوروبيين؟ وثانياً لماذا نلوم العالم على ممارسة التفرقة والتمييز في المعاملة بيننا وبين الأوكرانيين وغيرهم إذا كنا نحن نضطهد بعضنا بعضاً أكثر مما يضطهدنا الأجنبي؟
هل يحق لدول تبادل رفات جندي إسرائيلي بمئات الأسرى العرب أن تطالب بمعاملة شبيهة بمعاملة مواطني الدول التي تحترم نفسها وتقدر شعوبها؟ عندما يكون ثمن جندي إسرائيلي بثمن مئات المساجين أو الأسرى العرب، فلا تلومن الخارج عندما يستخف بنا ويعاملنا باحتقار وازدراء. شتان بين شاليط وشلوط! لا أحد سيحترمك إذا لم تحترم نفسك على أقل تقدير. كيف تتوقع من الغربيين أن يقيموا لك وزناً عندما يعرفون أن بشار الأسد وأمثاله في سوريا وغيرها كان يلقي بالبراميل المتفجرة على الأحياء السكنية في عموم سوريا، وكأنه يمارس لعبة الكترونية. حتى الصيادون في أدغال أفريقيا يتورعون عن إطلاق النار على مجموعات من الحيوانات حتى لو كانت مفترسة، بينما كان النظام السوري مثلاً يبيد السوريين بالسلاح الكيميائي كما يباد الذباب بالبفباف. طبعاً لا نلوم الإنسان السوري هنا على كونه ضحية، بل نلوم الأنظمة التي استرخصت شعوبها فاسترخصها العالم من بعدها. لا أدري لماذا الاستهجان والانزعاج! لو أن حكامنا صنعوا لنا ولأوطاننا بعض الكرامة لفرضناها على العالم، لكن من لا كرامة له في وطنه، فلا كرامة له خارج أرضه.
عندما تكون قادماً من بلد قوي ومحترم وحقوقك محترمة ومصانة، فلا شك أن الآخرين سيحترمونك وسيحترمون حقوقك الإنسانية أكثر. وعندما تكون قادماً من بلد لا يحترم أبسط حقوق الانسان فلا تتفاجأ إذا عاملك البعض بدونية. إذاً قبل أن تلوم الآخرين على إهانتك والاستخفاف بك ومعاملتك معاملة فوقية، اسأل نفسك: وهل أنت قادم من دول تحترم شعوبها أصلاً؟ هل لك أهمية في بلدك كي يهتم بك الأجنبي؟
لاحظوا الفرق بربكم! إسرائيل تهرع بكل قوتها لإنقاذ اليهود العالقين في مناطق القتال في أوكرانيا وترحيلهم عبر أسطول طائرات ضخم، بينما النظام السوري يرسل آلاف السوريين المرتزقة كي يموتوا في أوكرانيا. دول تفعل المستحيل لإنقاذ مواطنيها، وعصابات تدمر بلدانها وتقتل وتشرد الملايين من سكانها وتتاجر بهم بكل صفاقة.
ثم أليس حرياً بالعرب أن يتعلموا التضامن والتعاطف من الأوروبيين أنفسهم؟ انظروا كيف تعاملت الدول العربية مع موجات اللاجئين السوريين والعراقيين واليمنيين والليبيين والأفغان وغيرهم، وقارنوها بالنخوة والحمية والشهامة الأوروبية. لا داعي أن نتحدث عن مخيمات التعاسة والبؤس في بعض الدول العربية التي استقبلت لاجئين سوريين. إنها أشبه بالجحيم رغم أن تلك الدول تلقت مليارات الدولارات كمعونات خارجية للاهتمام باللاجئين، لكنها بدلاً من ذلك تاجرت بهم واستخدمتهم كأوراق مساومة مع الدول المانحة. صحيح أن دول الخليج مثلاً تحتضن مشكورة ملايين العرب، لكن كم لاجئاً استقبلت من البلدان المنكوبة على مدى الأعوام العشرة الماضية؟
وهناك ملاحظة هامة: قبل أن تلوموا الغرب على استقباله للاجئين الأوكرانيين بترحاب، يجب أن تعترفوا أن الغرب استقبل اللاجئين العرب بحفاوة واحترام وإنسانية أكثر بعشرات المرات من الدول العربية. أوروبا استقبلت ملايين اللاجئين وفتحت أبوابها لهم رسمياً. ألمانيا وحدها استقبلت حوالي مليون لاجئ سوري وقبلهم اللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين، علماً أن العرب ليس بينهم وبين الأوروبيين أي رابط قومي أو عرقي أو ديني، فأين العجب في أن تستقبل أوروبا بحفاوة أبناء ديانتها وعمومتها الأوكرانيين؟
وهنا نستذكر كلمات شكيب أرسلان الحزينة في كتابه الشهير «لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم»، حيث يتأسف بحسرة وألم على انعدام الأخوة والحمية وبذل النفس لدى العرب والمسلمين مقارنة بالغرب، ففي أوروبا يتنادى الناس لجمع الملايين للقضايا العادلة بغض النظر عن العرق واللون، ويقدمون الغالي والنفيس في سبيل المحتاجين والمظلومين بينما المسلمون لا يجمعون سوى الفتات لأخوتهم ولقضاياهم المختلفة، هذا إذا اهتموا أصلاً. لا تنزعجوا من الغرب إذا كان ينصر الغربيين ولم ينصر غيرهم أحياناً بنفس القدر، فعندما ينصر العرب والمسلمون بعضهم بعضاً بنفس الحماس، عندئذ لوموا الآخرين.
يقول أحد اللاجئين السوريين: «الحمد لله الذي لم يفتح أجدادنا بلاد الكفر جميعها، وإلا لما وجدنا بلداً نلجأ إليه.» قارنوا التعاضد والتضامن الأوروبي بالتضامن العربي وستشعرون بالقرف. لهذا لا تلوموا أوروبا على فتح الحدود أمام اللاجئين الأوكرانيين واستقبالهم بالورود وتقديم كل أنواع المعونات لهم بصدر رحب، بل حاولوا أن تكونوا أخوة مثل الأوربيين. إنما الأوروبيون أخوة.
كاتب وإعلامي سوري
تعقيبا و حتى اللاجئين السوريين الذين لديهم وثائق سفر ألمانية تخولهم الرجوع إلى ألمانيا متى شاوؤا لايمكنهم زيارة الدول العربية. بس ليست مشكلة إسبانيا أحلى بلد سياحي.
في نفس الاتجاه اقول ان الاوربيين استقبلو الاوكرانيين بحفاوة اكثر بالاضافة لكونهم اوربيين و بييض ووو….. انهم متعلمين و متحضريين وليسوا اميين ومخربيين
صدقت يا استاذ فيصل إنما الأوروبيون أخوة.
ولكن على الاقل لا يمارس الغرب الكذب والنفاق ويدعي الديمقراطية والعدالة الشعوب التي يريدون احتلالها. بس هيك.
والأقربون أولى.
بعد السلام والتحية
درجت كل الانظمة العسكرية العربية والاسلامية من خلال الاعلام والمناهج الدراسية علي استعداء الغرب وصب كل اللعنات عليه، بينما مجدوا المعسكر الشرقي الديكتاتوري وعن قصد وسوء نية. لانهم وببساطة لا يمكن ان يمجدوا الا امثالهم واشكالهم. وللاسف وقعت شعوبنا في فخ هذه الدعاية وحتي الان.
الحكمة ضالة المؤمن وكل انسان علي ظهر الارض. واكبر حكمة امامنا اليوم والتي هي سبب كل مشاكلنا من فجر التاريخ، هي مشكلة الحكم وتداول السلطة. ولقد عانت المجتمعات الانسانية من الحروب الاهلية اكثر بكثير من الغزو الخارجي حيث يقتتل ابناء البلد الواحد كلما مات حاكم او غامر طامع في الحكم.
يجب ان نعلم ونعي ان تضامن الغرب القوي مع اوكرانيا كان لعدة اسباب، منها انهم ابناء عمومه وخوؤله، واضف اليها شي مهم جدا جدا، وهي النظام الديمقراطي الناشي في اوكرانيا، والذي تطور وبداء يثبت اقدامه فيها. مما حزا ببوتين لمهاجمتها والقضاء علي كل المكاسب التي حققها الشعب الاوكراني. تماما كما فعل في سوريا وليبيا وتشجيعه للعسكر في السودان ومصر وغيرهم.
مواصلة
ان اكبر مشكلة وعائق يواجه شعوبنا التواقة للحرية هما نظامان لن يسمحوا لنا بالتحرر وهما نظام بوتن والنظام الصيني. ام الغرب ومهما فعل فيظل دوره ثانوي وكثيرا ما يختبي وراء هذان النظامان اذا اراد اجهاض الحرية والديمقراطىة في بلادنا
أصبت كبد الحقيقة
مع الشعب…
لأنك فيصل القاسم فقط …
وكلامك صحيح ..
عام ١٩٩١ بعد غزو و إحتلال الكويت فقدت عملي في الكويت .
لم أرغب بالعودة إلى العراق لبعضي سياسة النظام (قرار خطأ)
رحم الله العقيد معمر القذافي الذي فتح بلاده للعراقيين دون فيزا و معظمهم ، أنا أحدهم ، حصل على عمل .
الدويلة الخليجية غالقة أبوابها للعراقيين ، فتحتها للناتو لتدمير ليبيا …من شابه أخواته ما ظلم!
لقد فرضت السينما ولا سيما الافلام الامريكية وجهة نظر دافعي الضرائب عن قيمة الهندي الاحمر وصورته بانه بربري ومتوحش وان قتله لايستحق ادنى تعاطف معه. فعلت نفس الصنع الممنهج للانتقاص من قيمة العربي والمسلم ووصفتة بكل الاسماء البربرية والارهابية. كانت السينما الامريكية تفعل نفس الشىء مع الفرد الروس وكل الافلام التي شاهدناه على شاتشت التلفاز او السنما تصور الفرد الروسي بانه همجي ومتوحش وقاتل ولا يستحق التعاطف معه ختى اننا فقدنا بوصلتنا وايماننا ببعضنا البعض وصدقنا الدعاية الامريكية عن الهنود الحمر واباقي الاقوام البشرية التي اختلفت معها امريكا والغرب
الغزو الذهني سبق الغزو الثقافي والفكري والعسكري والان الاقتصادي فالة القتل هي نفسها تبدا بالفن الراسمالي الذي تدفع الشركات العملاقة فواتير صناعتة لتنتهي باحتقار الشعوب غير الامركية او الغربية
في بلادنا ، المواطن يتجرّع المرّ…
و في بلاد اللجوء ، الكثير منهم يكون نصيبه العسل المرّ
و لا أعرف ما الأفضل!
نعم سيدي فيصل، قد أصبت كبد الحقيقة المرة. النفاق العربي تم تعريتها من قبل الدول الأوروبية وهو درس لمن لا تحركهم شعور الإنسانية والرحمة في دولنا العربية. فعندما بدأت الة القتل الجماعي في سوريا من قبل بطل سفك دماء الأطفال والنساء العزل بشار الكيماوي قامت الدول المجاورة بغلق حدودها كليا في وجه اللاجئين إلا تركيًا التي استقبلت اكثر من 5 ملايين لاجىء.