أيها العلمانجيون العرب: تعلموا العلمانية من نيوزلندا

«عذراً أسود السنة… رفع الآذان في البرلمان النيوزلندي ليس نصراً للإسلام، إنما نصر لمبادئ نيوزيلندا وإنسانية شعبها ومن يحكمها… نصر للدولة التي تساوي بين الجميع وتحترم كل مواطنيها.. رجلي بالعلمانية والعلمانيين العرب دواعش بلا لحى». هكذا علق الفنان السوري ثائر جلال والي على الأجواء الإسلامية التي سادت نيوزلندا بعد المذبحة الرهيبة التي راح ضحيتها تسعة وأربعون مصلياً على يدي الإرهابي الأبيض تارانت.
لم تتوقف مظاهر التضامن والدعم من السلطات أو المواطنين في نيوزيلندا للمسلمين بالبلاد، بعد أيام من مجزرة المسجدين في مدينة كرايست تشيرتش. والخميس أعلن عن دعوى عامة للنيوزيلنديين، ذكوراً وإناثاً، لارتداء الحجاب يوم الجمعة لإظهار تضامنهم مع المسلمين.
وقد واصل نشطاء في الجمعيات والمواقع الاجتماعية حشد الدعم لهذه الحملة التضامنية، من أجل تشجيع كل القاطنين في نيوزيلندا على القيام بهذه اللفتة الإنسانية وحثهم على التضامن مع المجتمع الإسلامي بعد الحادث الدموي الذي وقع الأسبوع الماضي. وقد اختير يوم الجمعة باعتباره عيداً للمسلمين والمسلمات في كل بقاع العالم. وقالت ثايا أشمان، إحدى منظمات هذه الحملة، إنها «دعوى بسيطة لكل سكان نيوزيلندا بهدف التعبير عن حزننا لما وقع وإظهار تعاطفنا مع المسلمين». وأشارت إلى أن الحملة تستهدف الذكور والإناث والصغار والكبار، مضيفة «سواء كنتم في المنازل أو العمل أو المدارس، ندعوكم جميعاً إلى ارتداء الحجاب باللون الذي تفضلونه ووضعه سواء على الرأس أو الكتفين (بالنسبة للرجال).
إن الحملة التي قادتها تلك السيدة العظيمة والرائعة رئيسة وزراء نيوزلندا ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه، فقد قدمت نموذجاً عظيماً من العلمانية الحقيقية، العلمانية التي تعتبر كل أبناء الوطن بغض النظر عن هوياتهم الدينية والعرقية مواطنين من الدرجة الأولى، لا فرق بين مسيحي ومسلم ويهودي وبوذي إلا بما يقدمه للوطن.
لم يتم التعامل مع المسلمين في نيوزلندا كمهاجرين أو وافدين أو أهل ذمة، بل كجزء لا يتجزأ من نيوزلندا. تلك هي الدول العلمانية العظيمة التي لا تفرق بين الناس على أساس طائفي ومذهبي وإثني وقومي وعرقي.

إن الحملة التي قادتها تلك السيدة العظيمة والرائعة رئيسة وزراء نيوزلندا ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه، فقد قدمت نموذجاً عظيماً من العلمانية الحقيقية، العلمانية التي تعتبر كل أبناء الوطن بغض النظر عن هوياتهم الدينية والعرقية مواطنين من الدرجة الأولى

قارنوا بين موقف العلمانجيين العرب جماعة أدونيس وشركاه وبين موقف رئيسة وزراء نيوزلندا المسيحية العلمانية، فبينما قدمت جاسندا آردرن نموذجاً عظيماً في التضامن والتعاطف والإنسانية، راح العلمانجيون العرب يشمتون بالمسلمين في الغرب ويدعون إلى قتلهم وتدمير مساجدهم بدل الترحم عليهم وإدانة القاتل المجرم. وقد شاهدنا ذلك الإرهابي الطائفي البغيض بشار برهوم المرتبط عضوياً بالنظام الطائفي القذر في سوريا الذي يتخذ من العلمانية شعاراً زائفاً، شاهدناه وهو يدعو القاتل إلى مكة كي يقتل الحجاج بشكل جماعي بدل الاكتفاء بقتل خمسين مصلياً في مسجدين بنيوزلندا. بالله عليكم كيف يختلف هؤلاء العلمانجيون الطائفيون عن أقذر الدواعش وأبشعهم؟ ما الفرق بين بشار برهوم وعلمانجيي طائفته المجرمين وبين أتباع داعش؟
الفرق الوحيد أن الدواعش الأنذال يربون اللحى، بينما العلمانجيون الطائفيون في سوريا وغيرها يلبسون البدلات الحديثة وربطات العنق، لكنهم يفكرون بعقليات الدواعش وداحس والغبراء. تعلموا العلمانية الحقيقية أيها السفلة من رئيسة وزراء نيوزلندا، وهي محسوبة على المسيحية، بينما أنتم محسوبن زوراً وبهتاناً محسوبون على الإسلام.
وكي نكون أمناء، لا بد أن نذكر أن العديد من الأديان والطوائف والأقوام عاشت في كنف المسلمين عبر التاريخ بنفس الطريقة التي يعيش فيها المسلمون الآن في نيوزلندا وغيرها من الدول المتحضرة، قبل أن تبتلى بالفكر الداعشي والعلمانجي القذر. وكما نمتدح الغرب الذي يطبق العلمانية النظيفة، لا بد أن نستذكر أن الإسلام بدوره طبق من قبل كل تلك الأفكار العلمانية العظيمة قبل أن تصيبه لوثة الدعشنة. ولو نظر الغربيون إلى التاريخ بتمعن لما لوجدوا أن علمانيتهم الرائعة الآن كانت من صلب الدين الإسلامي في الماضي. ويتساءل المفكر الكبير شكيب أرسلان في ملحق ما علق به على تاريخ ابن خلدون المطبوع في المطبعة الرحمانية في مصر 1355 بهذا الكلام: «ومن العجب أننا نرى الأوروبيين يعملون بكل قوتهم لمحو الشريعة الإسلامية التي في ظلها ـ وبسببها لا غير ـ بقي النصارى في جميع الممالك الإسلامية وفي السلطنة العثمانية، متمتعين بجميع الحقوق التي يتمتع بها المسلمون منذ ظهور الإسلام إلى يوم الناس هذا، وكان نصارى البلاد العثمانية بضعة عشر مليون نسمة، ومن العجب أننا نراهم مع ذلك يفضلون أن تكون الحكومات الإسلامية مُلحدة، ولو كانت تخرج جميع النصارى من بلادها، وهذا أقصى ما يتصوره العقل من التحامل والتعصب على الإسلام !! يكرهونه ولو حفظهم، ويحبون زواله ولو كان في ذلك زوالهم!». أيها الغربيون الذين تطبقون العلمانية الجميلة بشكل رائع، لا تنسوا أننا طبقناها معكم ذات يوم.
في الختام، هذه رسالة ثلاثية للعلمانجيين والإسلامجيين العرب والغربيين أيضاً. أيها العلمانجيون تعلموا من علمانية الغرب، وأيها الإسلامجيون يجب أن تعلموا أن الطريقة التي عاملت بها نيوزلندا أخوتكم موجودة في دينكم الحنيف… لو كنتم تبصرون. وأيها الغربيون لا تنسوا أننا عاملناكم بطريقتكم الجميلة ذات يوم.

كاتب واعلامي سوري
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عمر:

    جميل ماقدمت يادكتور…هذه هي المسواة والاخلاق الإسلامية التي نحب التعامل بها …شكرا رئيسة وزراء نيوزيلندا على التكاتف الرائع وتبييض صورة نيوزيلندا والتعامل بروح المواطنه لا روح الطائفية البغيضه

  2. يقول سلام عادل(المانيا):

    «ومن العجب أننا نرى الأوروبيين يعملون بكل قوتهم لمحو الشريعة الإسلامية التي في ظلها ـ وبسببها لا غير ـ بقي النصارى في جميع الممالك الإسلامية وفي السلطنة العثمانية، متمتعين بجميع الحقوق التي يتمتع بها المسلمون منذ ظهور الإسلام إلى يوم الناس هذا، وكان نصارى البلاد العثمانية بضعة عشر مليون نسمة، ومن العجب أننا نراهم مع ذلك يفضلون أن تكون الحكومات الإسلامية مُلحدة، ولو كانت تخرج جميع النصارى من بلادها، وهذا أقصى ما يتصوره العقل من التحامل والتعصب على الإسلام !! يكرهونه ولو حفظهم، ويحبون زواله ولو كان في ذلك زوالهم!» هذا الكلام هراء ولا يمت للحقيقة بصلة

  3. يقول سلام عادل(المانيا):

    يبدو ان الدكتور فيصل يريد ان يقول لنا هذه هي العلمانية الحقيقية ونيوزيلندا هي مثالها ايها العرب ليس لكم الا العلمانية لتعيشوا في بلدانكم مواطنين حقيقيين متساوين في كل شيء فلا العربي افضل من الكردي ولا المسلم افضل من المسيحي

    1. يقول عمر:

      الاسلام طبق العدالة التامة والدليل التاريخ ووجود الآخرين بالملايين في ظل حكم المسلمين عندما كان المسلمون يحكمون العالم ولم يمنعون الآخرين ولم يقصوهم من الحياة! وهذا هو افضل نظام حكم للدنيا والآخرة! أما اتباع الديانت الاخرى فهم يدعون شئ والتاريخ والواقع يثبت عكس ذلك! اما بالنسبة للعلمانية, في الواقع لم نرى من العلمانية في بلداننا منذ حوالي مئة عام سوى حكمام مخربون ومهدمون لكل شئ و دمويون انقلابيون و اقصائيون يمنعون المسلمين ان يكون لهم وجود في الحياة بل و حتى في ممارسة دينهم, و اوضح مثال لذلك هو مصطفى كمال وبو رقيبة وبن علي والسيسي وحافظ وبشار الاسد وآخرون! وهؤلاء العلمانيون يفرضون على المسلمين الكفر وثقافة الغرب وكل همهم هو ارضاء الغرب عبر محاربة الاسلام ونشر الفساد في كل نواحي الحياة ونشر الفقر والجهل لا غير, والتاريخ لا يكذب!؟ طبعاً الغرب لا يتوانى في حماية هؤلاء العلمانيين ويعترف بانه لو لا دعم الغرب لهم لما حكم العلمانيون اسبوعين!؟

  4. يقول مازن كم الماز:

    و الإسلاميون مثلا , ماذا يمكن أن يتعلموا من هذا الدرس النيوزلندي , و لا هم خلصوا مذاكرة و تعليم .. طب و الإسلاميين ممكن يعلموا النيوزيلنديين إيه مثلا .. و البشرية كلها

  5. يقول سناء:

    مصرين على ان المرأة ناقصة عقل ولا رئيسة نيوزيلندا عقلها كامل

    1. يقول تونس الفتاة:

      لم تعد لهم الشجاعة الكافية للدفاع عن ذالك ….

    2. يقول كاملة العقل و المسؤولية:

      من الأساس لم نقل أن المرأة ناقصة عقل و إلا لكانت عقوبتها في الشريعة الإسلامية عن أي جرم مثل السرقة أخف من عقوبة الرجل. أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إعترف بخطأ رأيه و صواب رأي المرأة التي اختلفت معه.
      رجاءً، لا تقوِّلينا ما لم نقله.

    3. يقول عمر:

      وهل انت مصرة على فهمك للحديث بصورة خاطئة كما يتم تأويله من قبل العلمانيين على هواهم؟ من قال لك انها ليست عاقلة؟ الم تقرأي بان ام سلمة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم اشارت الى الرسول صلى الله عليه وسلم والرسول صلى الله عليه وسلم عمل بمشورتها؟ هل الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها لا انت لست عاقلة لا اعمل بمشورتك؟ الم تقرأي بأن المسلمون اخذوا الكثير من دينهم من نساء؟ الا تعلمي بان المرأة هي المدرسة التي فيها يتعلم الرجل ويتربى وان المرأة لها قدسية ومكانة اعلى من الرجل؟ هل قال الرسول صلى الله عليه وسلم, الجنة عند اقدام الآباء ام الامهات؟ ولو كانت غير عاقلة كيف كان يقول هذا الكلام؟ الى متى تضحكون على انفسكم يا علمانيون؟ عودوا الى رشدكم وافتحوا اعينكم وفكروا قليلاً! بإعتقادكم هل هكذا ستقضون على الاسلام ام انتم تقضون على انفسكم؟ الاسلام شامخ ويبقى شامخاً وهو اسرع دين في الانتشار اليوم في الكون باعتراف الغرب نفسه, في حين بقية المذاهب الفكرية العلمانية مثل الديمقراطية الزائفة والشيوعية والاشتراكية التي هي ليست سوى اشتراكية في الفقر في طريقها الى الزوال, وكذلك بقية الاديان الأخرى في سبيل الانقراض!

  6. يقول حاتم النباري:

    ابدعت اخ فيصل…..دامك الله ذخرا للانسانيه

  7. يقول المخرج الفاضل النور محمد:

    العقل الكبير في الإستبصار والحياد مع الإنسانية في رئيسة وزراء نيوزيلاندا ليت القادة المسلمين اليوم يحكمون بالحكمة والحياد وقوة المنهج بدل أن يكونوا اذيال لأمريكا وغيرها من دول الإستكبار …

  8. يقول محمد هادفي:

    ولكننا نعلم أن داعش لا علاقة لها بالإسلام وأنها تكوين غربي استغل ذريعة للتدخل في شؤوننا.

  9. يقول Faroug:

    ومن قالك بان هؤلاء علمانين. انهم من امثال الابواق المفتوحة على الخراب ولا تنسى بأن التربية التي بنينا عليها لم تكن وما تزال لا علمانية ومبنيه على ابعاد الاخر ان لم يكنمن طينتك.

  10. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا:

    مقالك اليوم ياأخي فيصل من العيار الممتاز جداً وتحية تقدير واحترام خاصة الى رئيسة وزراء نبوزلاندا إنها إنسانة وكعب حذائها اسرف من الدواعش ومن الدكتاتوريين المستبدين من انثال بشارون اسدوف والسيسي …. وكذلك نتنياهو وترامب والمنطرفين والعنصريين انها القطب المضاد لاهل الكراهية والعنصرية والإجرام والإرهاب.

1 2 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية