إن الولادة القيصرية لهذه الحكومة الجديدة ولهذا الاتفاق الائتلافي الاستثنائي المليء بالألغام، لا تبشر باحتمالات نجاح. الاتفاق نموذج للتعرجات والتشعبات النابعة من انعدام ثقة ما بين رئيس الحكومة نتنياهو، وغانتس الرئيس البديل المستقبلي. الألغام ليست مزروعة فقط في الحقل القضائي الذي ينتظر نتنياهو، بل أيضاً في الساحة الاقتصادية – الاجتماعية. ليس بسبب فجوات أيديولوجية بين كلتا الكتلتين (ليس هنالك فجوات كهذه) بل لأن الموازنة ستكون قصيرة بسبب تكلفة أزمة كورونا.
تذكير: قبل أزمة كورونا كان مطلوباً القيام بتعديلات في موازنة الدولة التي بلغت نحو 20 مليار شيكل. وحدث هذا عندما كان عجز الموازنة 3.8% من الناتج. في الأشهر الأخيرة قفزت النفقات الحكومية بعشرات المليارات من الشواكل. الإنتاج فقد عشرات المليارات، ونتيجة لذلك سيصل العجز المتوقع لهذا العام إلى حوالي 11% -12% من الناتج.
الرد الشديد لإسرائيل على أزمة كورونا أثمر نتائج جيدة في المجال الصحي، مع جهاز صحي عمل جيداً، ولكن النتيجة كانت كارثية في المجال الاقتصادي. عدد العاطلين عن العمل وصل إلى ذروة لم يسبقها مثيل (من بين أمور أخرى بسبب نظام الإجازة بدون راتب، الذي شجع حتى المشغلين الذين لم يتضرروا إلى إلقاء أجر عمالهم على الحكومة)، والمساعدة الحكومية التي وعدت بها المصالح التجارية تأخرت، والمبادرات الموازنية خلقت فوضى سيتعين على الحكومة الجديدة ترتيبها وتثبيتها.
حسب الاتفاق الائتلافي، فإنه خلال 90 يوماً من أداء الحكومة للقسم يجب على الائتلاف الجديد أن يضمن المصادقة على موازنة سنة 2020-2021. السنة الحالية هي سنة ضائعة، ولكن السنة القادمة يجب أن تكون سنة نهوض ونمو. في السنة الأخيرة أعدت وزارة المالية العديد من الخطط لموازنة الدولة، ولكن ألقي كلها إلى سلة القمامة بسبب كورونا. والآن سيكون عليهم بلورتها من جديد وهنالك خوف حقيقي بأنها لن تنجح في الوفاء بالوعد الذي يظهر في الاتفاق الائتلافي: ” سوف تنشر الحكومة شبكة أمان اقتصادي – اجتماعي تحت كل مواطني الدولة. مع التركيز على المجموعات السكانية الضعيفة. وسيتم وضع برامج لمعالجة المجموعات السكانية المستهدة الموجودة في ضائقة اقتصادية… صعبة بشكل خاص”.
هذا الخوف يرتكز على حقيقة أن معالجة الأزمة يقتضي إنصافاً وحساسيةً وتقديم قدوة شخصية، وفي الاتفاق الائتلافي رأينا العكس… على شكل الحكومة الأكثر تضخماً في تاريخ الدولة وترتيب مقر سكن لبنيامين نتنياهو.
المبدأ الخاص الذي ترتكز عليه الحكومة القادمة يقترن بتبادل المناصب بعد سنة ونصف. هذه فترة أقصر من أن يكون بالإمكان إحداث تغييرات تقترن بصراعات مع مجموعات ضغط. وتحديداً على خلفية زيادة بنود الهرب التي تسمح بحل الحكومة. والأكثر معقولية أن يلقي كل من الشركاء مسؤولية الأخطاء على الآخر.
خذوا مثلاً بيني غانتس؛ لدى دخوله إلى منصب وزير الدفاع سيضطر إلى مواجهة قضية الرواتب التقاعدية لرجال الخدمة النظامية في البند المسمى “زيادة رئيس الأركان” – وهي زيادة اعتباطية للتقاعد العسكري بنسبة تصل إلى 19%، والتي تكلف خزينة الدولة 1.1 مليار شيكل في العام. غانتس ووزير الخارجية القادم، غابي أشكنازي، يستفيدان منها بأنفسهم، وكذلك دللوا آلاف رجال الخدمة الدائمة بهذه الزيادة. رأي نائب المستشار القضائي للحكومة راز نزري، يقول إنه لا يوجد أساس قانوني لدفع هذه الزيادة. هل سيجرؤ غانتس على إلغائها في إطار نفس الاهتمام بـ “الطبقات الضعيفة” أو -الأكثر معقولية- أن يتحول إلى وسيلة ضغط للجيش؟
وزير المالية القادم إسرائيل كاتس، يتولى وزارة المالية وهي في وضع صعب، مع موازنة ضخمة ومطالب عالية جداً من قبل الأجهزة الصحية والأمنية في الوقت الذي أوقف فيه توفير مصادر الرزق لمئات الآلاف للمستقلين والأجراء. ربما سيكون لديه عصي وجزر ولكنه يعمل في نظام بيئي سياسي سيمنع وصولها إلى الأماكن الصحيحة. مازالت الأزمة الاقتصادية في بدايتها.
بقلم: سامي بيرتس
هآرتس 13/5/2020