إبداعات أم كلثوم وعبد الوهاب وعمر خيرت

كمال القاضي
حجم الخط
0

خلقت أزمة وباء كورونا متغيرات نوعية في سُبل ووسائل الاستمتاع بالفن، واستخدامه كوصفات مضمونة للتغلب على مشكلة الملل الناتج عن البقاء لفترات طويلة في المنازل تجنباً للعدوى، حيث لجأت وزارة الثقافة المصرية إلى تفعيل نشاطاتها الثقافية والفنية عبر الأنظمة التكنولوجية، لتخفيف العبء النفسي عن المواطنين من ناحية، وربط الجمهور بالإبداع الفني الراقي من ناحية أخرى، واعتبار فترات الحظر نوعا من الاستجمام والهدوء.

وقد جاءت عملية التوظيف الفني عن بُعد ملائمة للمزاج العام بعد استنفاد كل الطاقات الممكنة في مشاهدة الجيد والرديء من الأعمال الفنية على مدار اليوم، خاصة أن الفضائيات لم تسع لتجديد خريطتها البرامجية ولم تضف شيئاً يذكر للنوعيات الفنية من أفلام ومسرحيات وبرامج ترفيهية، وهو ما أدى إلى انصراف نسبة كبيرة من الجمهور عن المتابعة وانشغالها بوسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وواتس آب وغيرها من المستحدثات الأخرى سهلة الاستخدام والمتوافر بها كافة أوجه الترفيه والتسلية، بما في ذلك النقد والتحليل، وهي مزايا تمنح المتعامل فرصة المشاركة وإثبات الذات والتفاعل على نطاق واسع، فضلاً عن أنها أدوات مهمة لتضييع الوقت وعدم الشعور بالرتابة.

وتمثل العملية التنافسية بين وسائل الاتصال الحديثة محوراً دقيقاً في تغير النظرة المجتمعية العامة لأشكال التواصل بعد تحولها لعناصر مفيدة ومجدية على مستويات التوظيف المختلفة كتبادل وجهات النظر والخبرات حول القضايا السياسية والاقتصادية والصحية وأوجه التعاون بكل أشكاله، وهنا تصبح مبادرة وزارة الثقافة المصرية جزءًا من تفعيل المنظومة في إطار التثقيف العام والارتقاء بذوق الجمهور تعزيزاً لفكرة القضاء على الإسفاف والفن الهابط، وهي القضية التي انشغل بها اتحاد النقابات الفنية قبل فترة على خلفية محاولات الترويج للأغاني السوقية المبتذلة والمعروفة بأغاني المهرجانات وفق التسمية الإعلامية.

وقد تحررت محاضر ضد عدد من المغنيين الشعبيين وصدرت قرارات حاسمة بهذا الخصوص من نقيب الموسيقيين المطرب هاني شاكر، وربما ذلك ما دعا لاستثمار فترة الحظر لتكون وقفة لإعادة النظر في تقييم المرحلة الفنية الحالية والتذكير بإبداعات الكبار من الموسيقيين والمطربين أمثال أم كلثوم وعبد الوهاب والسنباطي والأطرش ومحمد فوزي والموجي وبليغ وخيرت، إلى آخر القائمة الطويلة المليئة بأسماء الفنانين والملحنين.

 ولعل تزامن الفكرة مع المناسبة الموسمية للاحتفال بذكرى عبد الحليم حافظ ساهم بقدر كبير في نجاحها والوقوف على معانيها الإيجابية، لا سيما أن عبد الحليم لا يزال يتمتع بشعبية وافرة ويعد مصدر الهام كبير للكثير من شباب المطربين والملحنين، ومن ثم ستتجه المؤشرات للإقبال الشديد على متابعة الحفلات الغنائية المُسجلة والمُذاعة من خلال خصائص التقنية الحديثة المعمول بها حالياً كهمزات وصل ما بين المؤسسات الثقافية الرسمية والجمهور على نطاق كبير وشامل، وهو التحدي الإبداعي لمواجهة الوباء لتقليل تأثيراته السلبية ومنع الإصابة بالاكتئاب كعرض من أعراض التوتر النفسي.

ويرجح أن تستمر عملية الاستماع عن بُعد لحين انقشاع غمة الوباء، وربما يجد مطبقوها جدوى من سريان العمل بها إلى ما بعد ذلك باعتبارها وسيلة مثلى للوصول لأكبر قطاع من المهتمين بالموسيقى والغناء تماشياً مع الخطة المستقبلية للقضاء على ما يُسمى بالأمية الثقافية.

واستلهاماً للفكرة ذاتها جرت عمليات ترويج وانتشار غير مسبوقة لعدد من الفيديوهات والمقاطع الفنية على شبكات التواصل المختلفة، وكلها تتضمن مواد إبداعية جديدة تستهدف التسلية وتساعد على تغيير الحالة النفسية للأفضل لإمكانية مواجهة ظرف الإقامة الجبرية في البيوت بدون تداعيات سلبية مرهقة ومؤلمة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية