بيروت ـ «القدس العربي»: قبل شهرين، فتح مستشار رئيس الجمهورية الإيرانية حسام الدين اشنا، والذي شغل سابقا منصب مساعد وزير الأمن، باب الجدل حول مستقبل السلطة القضائية عندما كشف عن إمكانية وصول المرشح السابق للانتخابات الرئاسية إبراهيم رئيسي إلى هذا المنصب، بعد انتقال رئيسها الحالي آية الله صادق لاريجاني، إلى رئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام، خلفا لرئيسه الراحل آية الله محمود هاشمي الشاهرودي.
قرار تعيين لاريجاني في رئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام فتح باب التكهنات عن الشخصية المرشحة لخلافته في هذا المنصب، وعلى من سيستقر رأي مرشد النظام آية الله علي خامنئي ليكون ذراعه في هذا الموقع، خصوصا وأن تعيين رئيس للسلطة القضائية ورئيس مجمع التشخيص تعتبر من الصلاحيات الحصرية في يد المرشد. فالأخير يختار الشخصية الأقرب إلى سياساته وتصوراته وتوجهاته.
وبعد الخطوة التي قام بها خامنئي بتعيين لاريجاني رئيسا لمجمع التشخيص، فإن الموقع الذي سيغادره في رئاسة السلطة القضائية بات في حكم الفارغ، وبالتالي لا بد من استكمال هذه التغييرات بتعيين خليفة له في القضاء.
وعلى الرغم من الحديث المتزايد، ومن أكثر من جهة مسؤولة في النظام، ما يزال الشخص المعني، أي ابراهيم رئيسي، مصرا عدم الحديث عن إمكانية هذا التعيين. لكن، تم تسريب أخبار غير رسمية عن قيام عدد من المساعدين القضائيين وكبار موظفي السلطة القضائية بالطلب من مرشد النظام تعيين رئيسي خلفا للاريجاني على رأس هذه السلطة.
وهو الكلام الذي علق عليه المدعي العام الإيراني جعفر منتظري بالقول إن الحديث عن تعيين رئيسي « مازال حديثا في الفضاء المجازي»، من دون أن ينفي هذه الإمكانية.
عير أن جلوس رئيسي على أحد المقاعد المخصصة لرؤوساء السلطات الثلاثة (الجمهورية والبرلمان والقضاء) في الاجتماع الأخير لمجمع تشخيص مصلحة النظام، ساهم في تعزيز الاعتقاد بحسم خيار اختياره لهذا الموقع، خصوصاً وأن رئاسة لاريجاني للقضاء لم تنته بعد على الرغم من تعيينه رئيسا لمجمع التشخيص.
الجدل حول تولي رئيسي، للسلطة القضائية، وعلى رغم انطلاقه قبل نحو شهرين، لكنه زاد في الأسبوع الأخير، عندما بدأ الحديث الجدي حول اختيار خليفة له لتولي منصب إدارة «الحضرة الرضوية»، إدارة مقام الإمام الثامن لدى الشيعة علي بن موسى الرضا في مدينة مشهد ومؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية والمالية الضخمة.
بورصة الأسماء، تدور حول خمس شخصيات لتبوء منصب إدارة «الحضرة الرضوية»، هم، أحمد حسيني خراساني، ممثل محافظة خراسان رضوي في مجلس خبراء القيادة، والسيد محمد حسن أبو ترابي فرد إمام صلاة الجمعة المؤقت في طهران والنائب السابق لرئيس البرلمان، والسيد محمد سعيدي الذي يرأس إدارة «حضرة المعصومة» في قم، وعلي محمدي الرئيس السابق لمؤسسة الأوقاف والأعمال الخيرية، والشيخ محسن أراكي أمين عام مجمع التقريب بين المذاهب وممثل أهالي أراك في مجلس خبراء القيادة.
وكشفت، مصادر مطلعة، عن ارتفاع أسهم السيد أحمدي حسيني خراساني لتولي هذا المنصب، بعد انتقال رئيسي إلى السلطة القضائية.
ومن المعروف أن رئيسي يعتبر من صقور وعلى يمين التيار المتشدد، وسبق له أن خاض معركة الانتخابات الرئاسية ضد حسن روحاني في المرحلة الثانية، وعرف عنه انه كان مرشحا لمرشد النظام، وقد خسر السباق الرئاسي وحصل على نحو 16 مليون صوت.
وعمل رئيسي بعد خساره الرئاسية على طرح نفسه شريكا لروحاني كممثل لشريحة شعبية واسعة لا ترى في الأخير ممثلا لها.
ومن المعروف أن رئيسي، الشخصية التي وقفت خلف التظاهرات المطلبية التي أنطلقت أواخر عام 2017 ومطلع عام 2018، والتي تفجرت في وجه روحاني على خلفية الانهيارات التي أصابت بعض المؤسسات المالية والمشاريع الإعمارية التي سبق أن تأسست في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
ما فتح الطريق أمام خروج مظاهرات في أكثر من 100 مدينة وناحية في كل إيران والتي شكلت تحد واسع وكبير للحكومة والنظام في ظل الضغوط الأمريكية والتهديد بالانسحاب من الاتفاق النووي والعودة إلى فرض عقوبات اقتصادية في حينها.
ولجوء مرشد النظام إلى اختيار رئيسي على رأس السلطة القضائية، يعني استكمال إحكام القبضة على مفاصل النظام بعد اختيار لاريجاني في تشخيص مصلحة النظام.
فضلاً عن كونه تعبير عن إمكانية تصاعد المواجهة بين القوى السياسية في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن مخاوف التيار المتشدد تتزايد من إمكانية إرتفاع شعبية التيار الإصلاحي من جديد، إضافة إلى تنامي نفوذ التيار المعتدل الذي يمثله روحاني وإمكانية ان يكون أحد الشخصيات الاساسية المرشحة لتولي منصب مرشد النظام في حال فراغه.
ويتولى مرشد النظام مسؤولية تعيين رئيس السلطة القضائية من بين رجال الدين الفقهاء، ولهذا الموقع أهمية في تراتبية النظام وإحكام القبضة لأن رئيس السلطة القضائية يتحمل مسؤولية ترشيح ستة 6 أعضاء لعضوية مجلس الرقابة على الدستور من بين رجال الدين، وهو المجلس الذي يتولى مسؤولية تحديد أهلية المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وحتى يتدخل في مرشحي أعضاء المجالس البلدية عبر وزارة الداخلية.
وتولى رئيسي منذ عام 1980 مناصب في السلطة القضائية مثل، مدعي عام مدن كرج وهمدان، ونائب مدعي عام طهران، رئاسة مؤسسة التفتيش المركزي في إيران، رئيس المحكمة الخاصة برجال الدين، المساعد الاول لرئيس السلطة القضائية، ومدعي عام إيران.
كما تولى إدارة حضرة الإمام زاده صالح وبعدها الحضرة الرضوية. وخاض الانتخابات في محافظة خراسان رضوي لعضوية مجلس خبراء القيادة، 1996، ثم الانتخابات الرئاسية عام 2017.
وسبق له أن شغل منصب عضوية، ومن ثم رئاسة مجلس الرقابة على الاذاعة والتلفزيون، وعضوية مجمع تشخيص مصلحة النظام.