القاهرة ـ «القدس العربي»: في صحف أمس الخميس 2 سبتمبر/أيلول اختلطت المأساة بالملهاة والحقيقة بالعبث فبينما كثير من طلاب الثانوية العامة الذين ما زالوا يبحثون عمن يعيد لهم الحق ورفع الغبن عنهم، وأسئلة الخوف بشأن سد النكبة معلقة، ما زال كثير من الكتّاب يهرولون نحو الممثل محمد رمضان بين ناقم عليه وآخر ملتمس له الأعذار، في ما دار الإفتاء وعبر أحد أهم رموزها الدكتور أحمد ممدوح مدير إدارة الأبحاث الشرعية، تحلق بعيداً عن القضايا التي تشغل الأغلبية الساحقة، إذ أعلن أن: ترقيع غشاء البكارة مباح، مشيرا إلى أن دار الإفتاء المصرية لها رأي وبحث قديم في هذا الموضوع. جاءت فتوى أمين الفتوى ردا على سؤال لطبيبة نساء وتوليد، تقوم بعمليات ترقيع لغشاء البكارة لفتيات تم التغرير بهن: «في بعض الأحوال الترقيع مطلوب ومشروع أن يكون لفتاة تم اغتصابها، أو تم التغرير بها، وتريد أن تتوب وتفتح صفحة جديدة، ودار الإفتاء أفتت بجواز ذلك من باب الستر، وليس فيه تغرير بأحد».
أمس الخميس كان الحديث حول قانون “السايس” ما زال مشتعلاً بين مخاوف الكثيرين من أن يتعرضوا لمزيد من الضرائب والرسوم، وأمل بأن تتدخل الحكومة لطمأنة الطبقات الفقيرة.. الحكومة من جانبها أعلنت عن مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950؛ بهدف تحديد إجراءات قانونية حاسمة لالتزام ملاك السيارات غير المستخدمة والمنتهية تراخيصها بتجنب تركها في الطرق العامة وفي الأحياء والمدن، بتقليل مدة السنوات الثلاث من تاريخ انتهاء الدعاوى إلى 6 أشهر، لتصبح المتروكات ملكاً للحكومة، دون الحاجة إلى حكم طالما لم يطلبها أصحابها، وذلك لمعالجة مشكلة تراكم المضبوطات ومنها السيارات.. ومن أخبار القصر الرئاسي: استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي الملك عبد الله الثاني ملك الأردن والرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، حيث تعقد قمة ثلاثية مصرية أردنية فلسطينية في مقر رئاسة الجمهورية في قصر الاتحادية”.. ومن أخبار الري: قال الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري، إن وحدة النظم الجغرافية في قطاع التخطيط، تستخدم صور الأقمار الصناعية؛ لتحديد طبيعة استخدامات الأراضي حول المجرى الرئيسي لنهر النيل وفرعيه.
وأوضح أن وحدة النظم الجغرافية ترصد من خلال صور الأقمار الصناعية، التعديات على حرم نهر النيل للتعامل معها أولاً بأول، وكذلك رصد التعديات بالبناء على الأراضى الزراعية في محافظات الجمهورية المختلفة. وأشار إلى أن الوحدة ترصد خريطة التركيب المحصولي لكل موسم زراعي؛ لتحديد مساحة كل محصول على حدة، ومتابعة زراعة محصول الأرز بصفة دورية كل 5 أيام؛ لتحديد الاحتياجات المائية للمحصول خلال موسم الزراعة. ومن اخبار الحوادث: نجحت الأجهزة الأمنية، في قطاع الأمن العام في وزارة الداخلية، في تنفيذ عدد كبير من الأحكام القضائية على مستوى الجمهورية، وتمت إحالتهم للنيابة للتحقيق. وأسفرت تلك الحملات الأمنية، خلال 48 ساعة عن تنفيذ 64668 حكما قضائيا بغرامات، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتهمين.. ومن التقارير الطبية : نجح فريق طبي في مستشفيات قنا الجامعية في إجراء عملية قيصرية لولادة طفل يزن 6 كيلوغرامات، حيث يعتبر أكبر جنين، أو ما يسمى طبيا بالطفل العملاق..من أخبار الراحلين: توفي الفنان ماهر سليم، بعد صراع طويل مع المرض. ماهر عرفه الجمهور من خلال شخصية «زيكا» في مسلسل الأطفال الشهير «بوجي وطمطم».
مخاوف مشروعة
عبر عماد الدين حسين في “الشروق”عن أمله في أن تحسم الحكومة الجدل الدائر بشأن اللائحة التنفيذية، لقانون «تنظيم انتظار المركبات في الشوارع، أو ما عرف شعبيا في البداية باسم قانون «قانون السايس»، وأن تكون الأمور واضحة، حتى لا تتفاجأ الحكومة بزيادة منسوب الغضب الشعبي، في قضية تشغل بال عدد كبير من المصريين. وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ظل غياب معلومات واضحة، تقول إن كل مواطن يملك سيارة سيكون ملزما بدفع 300 جنيه شهريا مقابل وقوف سيارته أمام منزله. وهذا الكلام إذا تم تطبيقه بالشكل الذي يتم الترويج له ستكون له عواقب وخيمة على الاستقرار العام. أوضح الكاتب مؤكداً أنه سأل زميله شريف حربي مندوب «الشروق» في وزارة التنمية المحلية فقال له الآتي: رئيس الجمهورية أصدر القانون رقم 150 لسنة 2020، بشأن تنظيم انتظار المركبات في الشوارع في 17 يوليو/تموز 2020، بعد موافقة مجلس النواب عليه نهائيا خلال شهر يونيو/حزيران 2020. وفي 17 يناير/كانون الثاني من العام الحالي، أصدر وزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوي، اللائحة التنفيذية للقانون. وبدأت الوزارة تجارب تطبيق القانون في عدد من الأحياء في محافظتي القاهرة والجيزة، ولكن حدث خطأ في تطبيق القانون من قبل بعض الجهات المسؤولة في عدد من الأحياء، حيث تم طرح جانبي الشوارع للمواطنين أمام وحداتهم السكنية، مقابل إيجار شهري يتراوح ما بين 300 و 400 جنيه، وفقا لطبيعة كل حى، وهذا يتنافى تماما مع اللائحة التنفيذية للقانون. المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية الدكتور خالد قاسم، قال إن اللائحة التنفيذية للقانون تنص على تشكيل لجنة عليا في كل محافظة بواسطة المحافظ، لتقوم بتحديد المناطق الفضاء التي تصلح لانتظار السيارات، عقب حصرها بواسطة الحي، علاوة على تحديد الشوارع التي تصلح أيضا للانتظار.
اطمئنوا
نسب عماد الدين حسين للمسؤول المختص أنه عقب الانتهاء من حصر الشوارع والمناطق الفضاء التي تصلح لانتظار السيارات، من قبل اللجنة العليا في كل محافظة، سيتم طرح تلك الشوارع والمناطق الفضاء على شركات مساهمة لها مركز مالي وفني ولا يترك للأفراد بشكل عشوائي. وكل محافظة ستقوم بنشر أسماء الشوارع والمناطق الفضاء في كل منطقة على بوابتها الإلكترونية التي تصلح للانتظار، وستقوم اللجان العليا بتحديد نقاط محددة على المساحات في الشوارع، مع وضع لافتات إرشادية تبين للمواطنين المساحات المستغلة لاصطفاف السيارات. قاسم يقول أيضا إنه لا يجوز لأي مواطن مزاولة مهنة «السايس» إلا عقب الحصول على رخصة من اللجنة العليا في المحافظة عن طريق الشركات المتعاقدة. من الواضح وجود خطأ في التطبيق التجريبي للائحة التنفيذية، واللواء شعراوي، قال في بيان، إنه ستتم دراسة سلبيات التطبيق ومدى ملاءمته مع اللائحة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتصويب أي سلبيات، بما في ذلك محاسبة المسؤولين عن التطبيق الخاطئ. هذه هي الصورة، ومن المؤسف صدور قوانين دون دراسة كافية، ونقاش مجتمعي حقيقي، أو صدورها مدروسة، لكنها لم تشرحها جيدا للرأي العام حتى يفهمها ويستوعبها ويطبقها جيدا، وخير نماذج لذلك، قوانين إزالة تعديات البناء، والشهر العقاري. والنتيجة التي تتكرر دائما هي مزيد من الاحتقان الشعبي. ما الذي كان يمنع الجهات المسؤولة من البداية أن تشرح للناس حقيقة الأمر، ولماذا لم تقل للناس مثلا أن حكاية الـ300 جنيه لكل سيارة غير دقيقة، وسيتم تطبيقها فقط في الميادين والشوارع الرئيسية، وليس الشوارع الجانبية؟
فصل من قصة
انتهى مرسي عطا الله في “الأهرام” إلى أن السقوط السهل والسريع للعاصمة كابول في قبضة حركة طالبان، قبل أن تنهى أمريكا انسحابها من أفغانستان بعدة أسابيع، لا يعدو أن يكون نهاية فصل من قصة لا تزال أحداثها تتوالى بشكل دراماتيكي مثير، يصعب التنبؤ بنتائجها على أرض ما زالت مؤهلة لمزيد من الحروب والصراعات، التي تتلاحق معاركها ساعة بعد ساعة، وهنا ربما يتطلب الأمر وقفة ضرورية لمناقشة الرؤية الأمريكية للمشهد الأفغاني، التي عبر عنها الرئيس جو بايدن بقوله: «إنه كان محتما أن تنهي أمريكا وجودها في أفغانستان بعد أن حققت أهدافها من الحرب هناك ضد الإرهاب» لأنه مهما تكن حجة الرئيس الأمريكي في ذلك ومع الترحيب بإنهاء أي احتلال أجنبي لأراضي الغير، فإن الحرب التي استمرت عشرين عاما في أفغانستان ما كان ينبغي ـ وفق أي حساب سياسي واستراتيجى صحيح ـ أن تنتهي بتسليم أفغانستان إلى حركة طالبان، لكي تنفرد بإقامة إمارة جديدة، يبدو أن إمارات الشر سوف تغلب فيها على كل اعتبارات الخير المرجوة بعد 20 عاما من الحرب، بدعوى تجفيف منابع الإرهاب. الدم الأفغاني الذي ينزف على الأرض منذ أكثر من 40 عاما ما زال ينزف حتى اليوم، ولا أحد يعرف متى يتوقف هذا النزيف.. وأظن أن سلسلة الانفجارات الأخيرة في محيط مطار كابول، تشير إلى أن ألسنة اللهب آخذة في التصاعد، وربما تأتي على أفغانستان كلها في منظور غير بعيد. التطورات المتسارعة التي تجري الآن على أرض أفغانستان تستحق التأمل، وأيضا تستحق التأني قبل الدخول في تفاصيلها برأي قاطع، لكن الأولوية الآن يجب أن تكون للسؤال الضروري والملح وهو: متى يتوقف نزيف الدم في أفغانستان؟ ولست أخفى مثل غيري من المهتمين بالمشهد الأفغاني، وما يمكن أن يفرزه من تداعيات تؤثر في مسار الحرب ضد الإرهاب، أن هناك علامات استفهام وارتياب كثيرة حول ما يمكن أن يحدث، بعد أن أنهت أمريكا انسحابها من أفغانستان، دون أن تتأكد مع حلفائها من ترتيب الأوضاع لضمان عدم استمرار نزيف الدم إلى ما لا نهاية
فراغ قاتل
سؤال الفراغ بتحدياته طرح نفسه كما يرى عبد الله السناوي في “الشروق” بصورة غير مباشرة على “مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة”: المؤتمر لخص الجو العام الجديد في الإقليم، وأجواء الترقب لما قد يحدث غدا. لم تكن قيمة المؤتمر في القرارات التي أصدرها، بقدر الجو العام الذي ساده، فقد تجمعت على مائدة واحدة تناقضات الإقليم كله، غلبت مداخلاته روح المصالحة والاستعداد بدرجات مختلفة لطي صفحة الخلافات دون دخول في أي ملفات ملغمة، خشية إفساد المؤتمر برسالتيه المعلنة ـ دعم العراق ومساندته، وغير المعلنة ـ استكشاف فرص إعادة التمركز انتظارا لما قد يحدث عند الانسحاب الأمريكي من العراق. كان حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأعمال المؤتمر دالا بذاته عن نزوع غربي، أمريكي بالضرورة، لخفض مستوى الصراعات البينية في الإقليم بين الحلفاء المفترضين للتحكم في التوجهات العامة لما بعد الانسحاب الأمريكي من العراق، خشية أن تفلت التفاعلات وتصب نتائجها في اتجاهات مضادة. بعض الاقترابات التي جرت على هامش المؤتمر متوقعة، وبعضها الآخر مفاجئة. مما هو متوقع الإشارات المتضمنة في الخطابين السعودي والإيراني من روح تستجيب لدواعي المصالحة، دون أن تمضي إلى نهاية الشوط، فالحوار بين البلدين جار في سلطنة عمان، ورئيس الوزراء العراقي كشف علنا ما كان معروفا في الكواليس الدبلوماسية والإعلامية من دور قديم لبغداد في مد الجسور وتنظيم لقاءات بينهما.
لصالح إيران
توقع عبد الله السناوي، الإعلان عن جولة استكشافية جديدة مصرية تركية في أنقرة في غضون أسبوع، تمهيدا للإقدام على خطوة راديكالية في مستوى العلاقة بين البلدين، لم يحدث مثلها مع الإيرانيين، رغم الاتصالات غير المعلنة. ومما هو مفاجئ تسارع اللقاءات بين الإماراتيين والقطريين، ربما في محاولة من الطرفين ألا يضر أحدهما الآخر في مقبل التفاعلات. بصورة أو أخرى حدث نوع من التقاطع بين مصالح دول الإقليم في تخفيض التوترات ومصالح الغرب في التحكم بما قد يحدث عقب الانسحاب الأمريكي. بتفاهم ما استبعدت سوريا ولبنان من حضور المؤتمر، كان ذلك إجراء مقصودا، بذريعة أن حضورهما قد يصب لصالح إيران، فيما كانت إيران نفسها ممثلة في المؤتمر بوزير خارجيتها الجديد حسين أمير عبداللهيان، كأن المقصود في اللعبة الجديدة تحجيم أدوارها دون إلغائها. المأساة ـ هنا ـ أن سوريا بلد جوهري في المشرق العربي، واستبعاده عمل عدائي ينزع عن المؤتمر شمولية فكرة المصالحة الإقليمية. وتغييب لبنان عمل عدائي آخر ضد بلد عربي يتعرض لمحنة اقتصادية واجتماعية وسياسية متفاقمة، تكاد تدفعه إلى التفكيك دون أن يجد سندا جماعيا من محيطه. كان ذلك داعيا للاحتجاج من نخب عربية عديدة، دون أن تقلل من أهمية المضي قدما في سياسات خفض التوتر في الإقليم المنكوب.
تحية للعيون الساهرة
تقدم محمد أمين عبر “المصري اليوم” بالتحية لرجال الشرطة والعيون الساهرة على أمن الوطن، بعد تحرير طفل الغربية قبل مرور 24 ساعة.. والقبض على الجناة.. فلم يتركوا الأسرة تشعر باللوعة ومرارة الفقد.. واشتركت قوات من الأمن العام والأمن الوطني وأجهزة الوزارة والمديرية، وعزفوا سيمفونية وطنية لتحرير طفل مسكين خطفه الجناة وسحلوا أمه، ووضعوه في بيت مهجور يقيمون فيه مثل الفئران، وأثبت أبطال الشرطة جاهزيتهم طوال الوقت لدعم الأمن والاستقرار، وبث الطمأنينة في نفوس المصريين، وسمعنا الهتافات من جديد لرجال الشرطة بعد فرحة الأهل بعودة الطفل في حماية الشرطة. وسجل الكاتب أكثر من نقطة تبعث على الأمان والطمأنينة.. أولا جاهزية قوات الأمن لتحقيق الأهداف.. وثانيا التنسيق الكامل بين القوات المختلفة، وثالثا التعامل باحترافية وحساسية للحفاظ على صحة الطفل.. ورابعا الاستجابة للرأي العام الذي تداول الواقعة على مواقع التواصل الاجتماعي.. وأخيرا مشهد سيارة الشرطة يحييها الجمهور على الجانبين، وبالتالي صياغة العلاقة من جديد بين الشرطة والشعب.. وإحساس الشعب بالأمان في وجود الشرطة.. وهو تطور إيجابي كبير يؤكد ثقة المواطن في الشرطة. هذه الواقعة وغيرها من وقائع سابقة تؤكد قدرة المؤسسة الشرطية على حماية المجتمع وفرض هيبة القانون، وبث روح الطمأنينة لدى المواطنين.. وأرجو أن يتم البناء على نتائج هذه الواقعة لصياغة علاقة طيبة بين الشعب والشرطة، وزيادة الوعي بقيمة الشرطة، وعدم الاستجابة للأخبار السلبية التي تروج ضدها لإضعاف جهاز الشرطة لصالح جماعة إرهابية منحرفة، والدفاع عن الشرطة بكل قوة، فالدفاع عن الشرطة دفاع عن الأمن والاستقرار، ودفاع عن الوطن. لقد أثار الفيديو بخطف الطفل حالة من الرعب والذعر في النفوس، وتحول الإحساس بالوطن في لحظة إلى حالة من الضياع، ما جعل الدولة تتحرك على أعلى مستوى، ورأينا وزير الداخلية يدير خطة المواجهة من غرفة العمليات، ولم يهدأ أحد حتى عاد الطفل في أحضان قوة الضبط إلى أهله سالما.
تجديد أم تطوير؟
رسالة محددة يجب أن تصل إلى الناس في ما يتعلق بمسألة تجديد الخطاب أو تطوير الفكر الديني، ملخصها كما يرى الدكتور محمود خليل في “الوطن”، أن التطوير أو التجديد لا يستهدف الإسلام، بل يتوجه إلى العقل المسلم ويساعده على فهم أعمق وأكثر عقلانية وعصرية للعقيدة السمحة. تطوير الفكر الديني وقفة مع النفس المسلمة يمنحها الفرصة لتجديد إيمانها، عملاً بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان ليخلَق في جوف أحدكم كما يَخلَق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم». أحياناً كما يقول الكاتب ما تثير دعوات التجديد المخاوف لدى البعض، حين يظنون خطأ، أن المستهدف هو الإسلام وليس العقل المسلم، أو الدين وليس الفكر الديني، لذلك فالتدقيق مطلوب، وتحديد الأسس التي ينطلق منها التجديد والمسارات التي يعمل عليها ضرورة. من المهم أن يتفهم المتخوفون من التجديد أنه بات واجب الوقت لحماية العقيدة الإسلامية نفسها، ولحماية المسلمين أيضاً من أكبر خطر يتهددهم وهو خطر الإلحاد. البعض يقدر أعداد الملحدين في بلدنا بالملايين، وأحد أسرار انتشار الإلحاد يتعلق بالطريقة التي تتلقى بها الأجيال الجديدة الإسلام، سواء على مستوى القول، أو الفعل. فعلى مستوى القول نحن نخاطب جيلاً صنعته التكنولوجيا وتربى على التمرد وعدم التسليم أو الانصياع. الأجيال السابقة تعودت على فكرة التسليم والانصياع، الأمر الذي سهّل عليها تبنى الغيبيات دون مناقشة أو تمحيص أو قدرة على فرز ما يقترن بها من خرافات، وفصلها عن الأحاسيس الإيمانية الحقيقية. جيل الشباب المعاصر – خلافاً للسابقين – يجيد طرح الأسئلة، ولا يطمئن لإجابة بسهولة.
ابتغوا الحلال
على مستوى الفعل كما يوضح الدكتور محمود خليل، ينظر الجيل الجديد إلى مجتمع الكبار فيضرب كفاً بكف، بسبب الحجم المهول من التناقض الذي ينسج حياتهم. إنه يلاحظ التناقض بين أقوال الكبار وأفعالهم، بين ما يلقنونه له من توجيهات وتعليمات تتناقض مع سلوكهم الشخصي. الشاب يجد الأب يصلي ويصوم ويحج ويعتمر بأموال فاسدة المصادر والمسالك. إذا كان فقيراً يجد الغني يحدثه عن ضرورة الاجتهاد في حياة تحركها الواسطة والانتماء العائلي، يتأمل الآيات التي تتكرر على الألسنة ويسمع نغمات البسملة والحوقلة والحسبنة والمشيئة، فيظن أنه يعيش في مجتمع يغرد بالإيمان، ثم يلاحظ المفارقة بين الأقوال والسلوكيات والأفعال، وبعدها يسأل نفسه: هل هذا هو الدين؟ ولو أنك استدعيت التاريخ فستجد أن أقدم دعوات الإلحاد في مصر ظهرت خلال فترة التشوق إلى النهضة والتخلص من أغلال التخلف، مثل دعوة الكاتب الشهير إسماعيل أدهم. التعريف الذي تبناه أدهم لمفهوم الإلحاد وما أعلنه من ترك للعقائد الدينية وتمسك نهائي بالعلم والمنطق العلمي، عبّر عن نوع من الاحتجاج على الواقع المتخلف الذي يعيش فيه المسلمون. الإيمان المطلق بالعلم الذي تتغير نتائجه ونظرياته من عصر إلى عصر هو الوجه الآخر للإيمان المفرط بالخرافة ورد كل أمر من أمور الحياة إلى ما وراء الحياة. والوجهان شاهدان على حالة الاعتلال التي أصابت المجتمعات المسلمة، التي وقعت بين مطرقة الاحتجاج السلبي على التخلف، دون اجتهاد في توعية من يعانون منه، وسندان الاستسلام الكامل لحالة الرداءة والانسجام مع القبح.
لا تستهينوا بالخطر
عادت كورونا أكثر شراسة حيث ظهرت منها أجيال جديدة ومن المحذرين منها كرم جبر في “الأخبار”: “ألفا” و”دلتا” و”بيتا” و”مو”، وكل يوم يظهر متحور جديد لكورونا، ويكتسب كل فيروس صفات المنطقة التي يظهر فيها، جنوب افريقيا غير بريطانيا، والهند غير روسيا. والأمصال أيضاً تعددت من سينوفاك حتى فايزر، وبينهما استرازنيكا وجونسون وسبوتنيك وموديرنا وسينوفارم، وكل مصل يكتسب فاعليته من الدولة المنتجة والدعاية والدعاية المضادة. ما علينا.. المهم مصر. تصاعدت موجة التحذير من زيادة الحالات مع قدوم الشهر المقبل، وهذا معناه إعلان حالة التأهب القصوى، حتى نعبر الموجة الرابعة بسلام، كما اجتزنا الموجات الثلاث الأخيرة. ولكن ما يحدث كما أوضح كرم جبر هو العكس، اختفت الكمامات في الأماكن المزدحمة، وعاد الظهور المكثف في الأماكن العامة والأندية والشواطئ، ونسينا المعاناة والألم والفزع، وموت أشخاص أعزاء علينا افتقدناهم فجأة. والشهور المقبلة يأتى الشتاء ويعود التلاميذ والطلاب إلى المدارس والجامعات، بما يسمح بزيادة الحالات.. إذا لم تتخذ الإجراءات الاحترازية الكاملة، وينتبه الناس للخطر المقبل. الدولة تؤدي ما عليها بخطط عاجلة لتوفير الأمصال، سواء المنتجة محلياً أو المستوردة، وهذه هي الضمانة، وزيادة عدد المستشفيات والأسرة لمواجهة أي طارئ.. الدور الآن على المواطنين أنفسهم، فعليهم ألا يستهينوا بالخطر، وأن يحافظوا على أنفسهم وأولادهم، حتى لا تتوقف الحياة، ولا نفقد عزيزاً لدينا.
جزء من الحقيقة
بعض الأصدقاء عتبوا عليّ لأنني بالغت كثيرا في ما كتبت عن تأثير كورونا.. يواصل فاروق جويدة في “الأهرام” كلامه، وإنني صدرت للناس قدرا كبيرا من التشاؤم.. والحقيقة أنني لم أبالغ رغم أنني بقيت في السجن الاختياري شهورا طويلة.. وقد عبّرت عن مشاعري، وقلت ما كان عندي لأننا أمام تجربة إنسانية ونفسية لم نشهدها من قبل.. وهي مرض غامض لا أحد يعرف كيف يجيء وهو يقتحم حياة الإنسان دون استئذان، وقبل هذا أنت ممنوع من السفر والخروج والحركة، إنه سجن كبير حرمك من كل شيء.. لم يشهد العالم من قبل مثل هذه المحنة وقد تعامل الناس مع كورونا كل على طريقته، هناك من تحملها وعانى منها، وهناك من تجنبها وهرب منها، وهناك من فضّل السجن على المرض والمعاناة وأخذ كل واحد حظه.. ولا بد أن اعترف بأنني استسلمت للسجن ولم أقاوم، رغم أن الأصدقاء الأعزاء من كبار الأطباء نصحوني بأن أتمرد وأقاوم.. ولكنني فضلت السجن على المقاومة، رغم أنني لم أعش تجربة السجن الحقيقي في حياتي.. إننا في المواقف الصعبة نتعامل كل على طريقته، سواء كانت خطأ أو صواباً، وإذا كنت قد فرضت السجن على نفسي هروبا من كورونا، فلم أخطئ في قراري ربما تجنبت الأسوأ. تجربة كورونا تجربة إنسانية صعبة ومريرة، وكان أخطر ما فيها أنها لم ترحم شعبا ولا وطنا وإنسانا، وأنها غمة فرضت نفسها على العالم كله، ودمرت أشياء كثيرة في حياة البشر وتركت خلفها جراحا كثيرة، وكل شعب تعامل معها بطريقته.. وإن اتفق الجميع على أنها كارثة سوف يأتي زمان يقف العالم كله أمام كورونا شعرا ونثرا وفنونا، وكل شعب يحكي قصته ويروي مآسيه.. إنها محنة الإنسان في العصر الحديث حين فشل في مواجهة فيروس ضئيل يهدد بقاء البشرية.
المتحور يدق الأبواب
أما سامي صبري في “الوفد” فيقول: أزعجني كثيراً نبأ غزو فيروس كورونا من نوع متحور دلتا لنحو ثماني دول افريقية، وهو ما يهدد العديد من البلدان العربية، وفي مقدمتها مصر التي ظهرت فيها بعض حالاته. وعلى الرغم من تحذيرات وزارة الصحة، وازدياد حالات الإصابة بالفيروس خلال الأيام الماضية، مع بدء الموجة الرابعة، لا يزال ملايين المصريين لا يكترثون ولا يلتزمون بالإجراءات الاحترازية، خاصة الذين تلقوا الجرعتين، معتقدين أن اللقاح يمنع تكرار الإصابة المؤدية للموت. ومع احترامي لكل المليارات التي تنفق، والجهود التي تقوم بها الحكومة في مجال مكافحة الفيروس، وتوسيع مساحة فئات وجهات التطعيم، إلا أن ذلك قد يذهب سدى، إذا ما تمكن المتحور دلتا من ضربنا بشدة خلال الأيام المقبلة، والسبب كما هو واضح في معظم محافظات مصر، خاصة في المدن الساحلية التي تشهد زحاما غير مسبوق هذا الصيف، نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، وقيام كبار النجوم بإقامة العديد من الحفلات الغنائية، وحرص المشاهير على حضورها، دون أدنى التزام بالشروط والإجراءات الوقائية. وإذا كانت وزيرة الصحة كشفت عن حالة أو حالتين من المتحور، إلا أن هناك الكثير من الحالات لا يعلن عنها، لعدم وصولها للمستشفيات أو المراكز الصحية، وهنا مكمن الخطورة، حيث يفضل الكثير من المصابين البقاء فى المنزل، اختصارا لرحلة معاناة البحث عن غرفة رعاية مركزة أو أخرى منفصلة لتلقي العلاج، إلا في المستشفيات الخاصة، وما أدراك ما لسعة الخاصة. وما بين ضيق ذات اليد وغياب الرقابة الحقيقية والواقعية في أماكن التجمعات مثل المراكز التجارية والأندية والمقاهي والمطاعم والكافيهات والأسواق الشعبية والجامعات والمدارس، بل داخل المستشفيات نفسها، تبقى قضية الوعي أخطر قضية تواجهها الدولة على طريق المكافحة.
المواطن شريك
ويواصل سامي صبري قائلا، بصراحة لا أستطيع إعفاء القائمين على جميع المؤسسات الإعلامية والتربوية والدينية، فهي المنوطة بأداء هذا الدور الغائب، وإشعار المواطن ابانه شريك مع الدولة في تحمل المسؤولية، فمهما قدمت الحكومة، واستقطعت من ميزانيتها العامة مئات المليارات لتوفير العلاج واللقاح، يمكن ومن خلال حفل أو تجمع واحد نقل الفيروس إلى كل مصر، وهو ما حدث بالفعل فى مدينة جيانغ تسو شرق الصين فى يوليو/تموز الماضي، وهو الشهر ذاته الذي ظهرت فيه أول حالة متحور في مصر، عندما تم الكشف عن مصاب صيني على متن طائرة مقبلة من موسكو، وتبين إصابة عمال نظافة الطائرة بالداء نفسه، ما دفع السلطات الصينية لإقالة أكثر من 30 مسؤولاً وإعلان حالة الطوارئ فى المقاطعة، ولكن كان المتحور دلتا قد انتشر بسرعة البرق فى 16 مقاطعة أخرى من بينها بكين العاصمة. فهل ننتظر حتى ينتقل المتحور من محافظة لأخرى وسط هذه الفوضى، وذلك الانفلات غير الصحي؟ وهل ننتظر حتى يقضي المتحورـ الذي تختلف أعراضه تماماً عن الأعراض المعتادة فى كوفيد 19 على أطفالنا وأبنائنا، وهم على أبواب عام دراسي جديد تتوفر فيه البيئة المواتية لانتشار الفيروس؟
أعداء الجمال
تألمت حورية عبيدة في “المشهد” لهدم قصر أندراوس باشا وهو الأمر الذي أثار حفيظة المهتمين بالأثار والتّراث والجَمال؛ بل جماهير “السوشيال ميديا”.. وللمرّات النّادرة يجمع الكل على رفضهم لهدمه مهما كانت المبرّرات. قصر أندراوس باشا في الأقصر بناه ياسين باشا أندراوس والد توفيق باشا الزّعيم الوفدي.. بناء القصر كان عام 1879 عند نزوح عائلة أندراوس باشا من مدينة “قوص”، حيث يطل على نهر النّيل ويتكون من طابقين، يوجد في كل طابق العديد من الغرف المبنية على الطّراز الإيطالي الفريد، ويحوى عددا كبيرا من الكنوز والقطع الأثرية النّادرة. القصر كان شاهدا على تفاصيل حكاية توفيق باشا مع الزّعيم سعد زغلول؛ ففي عام 1921 بعد أن تحدّى توفيق باشا مدير الأمن العام، ومنع الباخرة التي يستقلها مدير الأمن من أن ترسو على أي شاطئ من شواطئ المدن، بحجة المحافظة علي الأمن العام… القصر شهد أيضا وفاة توفيق باشا عام 1935 وكان حينذاك جنديًا مدافعا عن حقوق مصر وأبناء الأقصر؛ فبكاه الأقصريون. في العقود الأخيرة نشبت خلافات ونزاعات بين ابنتيّ توفيق والحكومة من أجل انتزاع القصر وإعادته إليهما، وقد حكمت المحكمة في ما بعد بإعادته إليهما..لكن العجيب أنّه في 7 يناير/كانون الثاني عام 2013 استيقظ أهالي الأقصر على أبشع جريمة قتْل مرّت بها، فقد عُثر على جثتي لودي وصوف ابنتيّ توفيق باشا وهما ملقاتان بجوار سُلم في القصر؛ بعد أن تم قتلهما بآلة حادة على رأسيهما، وكانتا حينها في العقد الثّامن من عمريهما. وظلّ قصر توفيق باشا أندراوس الواقع فوق معبد الأقصر في الواجهة المطلة على النّيل مباشرة مكانا يحيطه الغموض لسنوات طويلة؛ خاصةً بعد قيام ثورة 1952 ورحيل معظم أفراد عائلة ياسين أندراوس شقيق توفيق باشا أندراوس عن المنزل المجاور لمنزل توفيق أندراوس، في حين ظلت ابنتا توفيق في القصر ترفضان الرّحيل عنه حتى تم اغتيالهما. ويبلغ سعر القصر الذي طلبه الورثة لبيعه للمتقدمين للشّراء حوالى 75 مليون جنيه… السؤال الذي انتهت إليه الكاتبة: من يملك الحق في هدم التّاريخ والتّراث والجَمال والفن… مؤكَّد الجهل وحده الذي يملك.. كي يرتع القبح كمان وكمان.
شرها لا ينتهي
أصبحت مواقع فيسبوك ويوتيوب وتويتر وإنستغرام وغيرها، كما أكد أكرم القصاص في “اليوم السابع” منصات للنشر والتفاعل ومجالا للدعاية، بسبب سهولة الوصول إليها، وغياب معايير النشر والتدقيق في المحتويات المزيفة والمفبركة، وتتضمن الصحيح مع المزيف، ومن الصعب على كثير من المستخدمين التفرقة، ما يجعلهم عاجزين عن التمييز، وبالتالي يتخذون قرارات بالشراء أو العمل قد لا تكون هي الأفضل. وكل هذا يضاعف من اعتماد الناس، أفرادا وشركات ومؤسسات، على شبكات التواصل الاجتماعي، ويصبح المجتمع الافتراضي هو الأساس الذي يحكم اختيارات البشر، وكل هذا يتم اختياريا، ودون أي نوع من الإجبار، لأن الأخبار والدعاية تسهم في توجيه الرأي العام وتنجح في تسويق سلع وأشخاص وسياسات، وهو دور ظل مقصورا على أدوات الإعلام التقليدي لعقود، وأصبحت الأدوات الحديثة جزءا من أي معادلة، بعيوبها وميزاتها. ومن هذه العيوب، كما أوضح الكاتب، أن المناكفات السريعة تسود، وتختفي فرص النقاش الجاد بين جمهور أغلبه متعطش لإعلان الرأي في عالم يفرض علينا أخباره وموضوعاته، حيث تفقد الموضوعات المهمة قيمتها وتأثيرها في مواجهة الأكثر خفة وتفاهة، مع تفضيل «الملخصات» عن الإسهاب والتوسع، على طريقة الثانوية العامة، وعلى سبيل المثال، فإن التعليم والثانوية العامة ومكاتب التنسيق يفترض أنها موضوع مهم، لكنه لا يأخذ مجالا لمناقشة بقدر ما يتم الأمر بإصدار أحكام ومحاكمات للعملية التعليمية، لا يوجد نقاش جاد حول اختيارات الطلاب ومستقبلهم في الجامعة، وأي التخصصات أفضل في التوظيف. ومن يتابع التريندات يكتشف أن مستقبل أجيال من طلاب الثانوية، لا يشغل مساحة تتوازى مع انشغالات عالم التريند بموضوعات مصطنعة، ومشاجرات كروية وحروب الألتراس بين النوادي وتوظيف العواطف، وحتى من ينتقدون الجري وراء التريند لا ينشغلون بالجاد والمهم.