إنه الصيف العربي الحار: «آب اللهاب»، ولذا لن أحرك اليوم السكين في الجرح العربي، بل سأحاول تناول موضوعات أقل مدعاة للضيق، وانتقيتها على حدود الطرافة، ولم يعد ذلك سهلاً في عالمنا (المتوحش) بكل حضارية!..
تكميم الديك و«ديوك الأبجدية» العرب!
من الأخبار الطريفة التي تناقلتها الصحافة العالمية وبينها «القدس الأسبوعي» شكوى للشرطة الفرنسية من ديك لأنه يصيح فجراً!
قرأت في مجلة فرنسية (كلوسر) تحقيقاً مصوراً حول كورين فوسو، صاحبة الديك المحبب إليها والذي لن تذبحه وتطبخه لتحضير الطبق الفرنسي الشهير «الديك بالنبيذ»! لأنه يصيح باكراً في مطلع الفجر! والقانون الفرنسي يحذر من إصدار ضجيج يزعج المواطنين، ولكن الديك موريس وجد مئة ألف داعم له على الإنترنت كتبوا إلى عمدة البلدة الريفية «سان بيير دوليرون»، وتضامنوا مع الديك وصاحبته (العاشقة) له.
من طرفي، أعتقد أن على من لا يحب أصوات الريف وروائحها ألا يذهب إليها!… أما المطالبة بتكميم الديك كي لا يصيح فجراً، فيذكرني بصياح «ديوك الأبجدية العربية» الذين يرفضون تكميمهم ويعلنون صدقهم الأبجدي أياً كان الثمن. ومعذرة من القارئ، لأنني وعدته بأسبوع في إجازة من الهم العربي.. ولكن!
مياوو… عوعوعووو
ذهبت إلى جادة الشانزليزيه الباريسية في محاولة لشراء الصحف العربية، فطالعتني مجلة تدعى «مياوو» أي مواء القطط.. واشتريت عدداً من مياوو وأنا (أموء) حزناً على ما يدور في بعض الوطن العربي، ولكن للشعوب (المرفهة) حقها في أن تقرأ ما يحلو لها!.. وهنا اطلعت على عالم لم يخطر لي ببال أنا الآتية من أوطان لا يجد بعض النازحين إليها خيمة للنوم ولقمة للطعام (معذرة من القارئ فقد وعدته اليوم بإجازة من الهم العربي وجراحنا ولكن..).
أتبنى كلباً ولا أقتنيه!
حذار من القول لجارك الفرنسي إنك اشتريت أو اقتنيت كلباً أو قطاً، عليك بالقول إنك «تبنيته»! وتطالع في مجلة «مياوو» مثلاً أو «(عوعووو) الخاصة بالكلاب عن منتجع اسمه كانيبو من أجل العناية بصحة كلبك وقطك، كما يذهب بعض الميسورين للاستشفاء في المنتجعات!. وثمة إعلانات أيضاً للذين يرغبون في العمل «كأساتذة للكلاب» بحيث يدرسون أزماتهم النفسية ويعلّمون أصحابهم على طريقة معاملتهم!.. فالكلب الذي تخلى عنه أصحابه مرة يصير (معقداً) ولا بد من العلاج النفسي له!
إنها دنيا كنت أجهلها أنا التي لم تقتن (عفواً: تتبنى كلباً) في أي يوم. وثمة أيضاً شركات للتأمين على حياة كلبك الحبيب أو قطتك، (في فرنسا تقيم 13 مليون قطة!) وعن قضايا ميراثهم لثروتك وتأمينك لمستقبلهم بعدك، وثمة مخزن خاص بأطعمتهم في مدينة تولوز الفرنسية وأطعمة (بيو) لهم، أي تخلو من المبيدات، ومخازن خاصة بأزيائهم في الشتاء وأناقتهم، والدمى التي يلذ لهم عضها، ومطاعم تستقبلك معهم.. ثمة أيضاً عشرات الكتب لتوسيع (مداركها) مثل كتاب: «كيف أستطيع التحبب إلى قطتي» تأليف أيزابيل كولان. وحتى مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» الشهيرة، فقد أصدرت عدداً بعنوان «داخل رؤوس الحيوانات» وعلى غلافها صورة لقطة وكلب!
كعرب، نادينا من زمان بالرفق بالحيوان، وبقي تأسيس جمعية الرفق بالإنسان العربي، وأنا أتذكر حاله في بعض السجون الإسرائيلية والعربية لمجرد أنه صاح بصدقه كذلك الديك الفرنسي. (ومعذرة ثانية من القارئ فقد وعدته اليوم بعدم نبش الجرح العربي… ولكن)..
جريمة «عاطفية» والحبيب كلب!
الأمريكي ألكسندر دوانوتي قتل شرطياً بلدياً لأنه صادر منه كلبه لشروط صحية لم يحترمها عاشق الكلب، وشاهدت صورة القاتل والكلب المحبوب في المجلات الفرنسية، والطريف أن محامي القاتل يقول إنها (جريمة عاطفية) ـ وعقابها ليس الإعدام، بل الأسباب المخففة للحكم، وقال القاتل إن الكلب كان محور حياته ولم يعد لديه ما يخسره، ما جرح شعور أسرته وأولاده الثلاثة!..
أنا –كعربية- لا أنظر بسخرية إلى مظاهر حب القطط والكلاب التي لا تحصى، ولكنني لا أحب المبالغة..
كانت لدينا في البيت في الشام قطة دائماً تأكل (الشخت) المجاني من اللحام، ولم نقتن يوماً كلباً، فقد كانت جدتي تجده (نجساً) يوسخ أماكن الصلاة. ولكنني ارتبطت بعلاقة عاطفية مع كلب الجارة في باريس حين أقعدها المرض عن تنزيهه اليومي، وعلاقتنا لم تصل إلى حد القبلات، بل ظلت في حقل الرأفة بالحيوان!
مقبرة الكلاب الباريسية وموتى بلا قبور!
زرت «مقبرة الكلاب» الفخمة في باريس بدافع الفضول مرات، وكتبت عنها بلا مودة. لكنني اليوم أتفهم شعور الذين أنفقوا الكثير من مالهم وقلوبهم هناك. فالإنسان الوحيد في الغرب، الذي قد لا يزوره أولاده حتى مجرد زيارة ولو تحت شعار «اتصل هاتفياً بأمك»، يتحدث مع كلبه الذي يتصرف بوفاء، وينتقم صاحبه من أولاده بالإنفاق على قبر الكلب تماثيله الثمينة وكلام الحب له، والنقوش على شاهدة القبر.
موتى من العرب في مقابر جماعية!
وعدت القارئ بإجازة من الهم، بألا أتطرق اليوم إلى كلمة توقظ أحزاننا العربية، وأعترف بفشلي!
ففي مقبرة الكلاب الباريسية الجميلة فنياً، تذكرت مئات المقابر الجماعية العربية ومقابر الأحياء في السجون وبالذات السجون الإسرائيلية.. وتذكرت ذلك الطفل الذي لم يتجاوز أربعة أعوام من العمر، ولكن الشرطة الإسرائيلية اعتقلته بتهمة رمي الحجارة على سيارة إسرائيلية. وأعتقد أنني سأقوم بترشيحه للدخول في «غينيس بوك» للأرقام القياسية بصفته «أصغر طفل معتقل في العالم».. طفل عمره أربعة أعوام يتم اعتقاله؟.. في عالم يدلل أهل «المياو والعوعو» ألا يصرخ صوت ضد هذه الهمجية الإسرائيلية؟
ومعذرة من القارئ، ولكن أفلت الأمر من زمام قلبي..
أشكر المحرر على تتبعه. ..
المحرر حبيب الله
والله والله انك اديت الرساله وبلغت الامانه ونصرت المظلوم وعندما سمع الظالم بالخبر ف هذا يكفيني
المحرر الحبيب يعجبني هذا التوازن الاستراتيجي منكم ف عندما تم حذف البيان الاول احضرتم بيان صادق المشرقي فشكرا جزيلا و ايضا نشرتم مكان المحذوف أمس بيان رصد المؤيد ف بارك الله فيكم كثيرا كثيرا كثيرا كثيرا كثيرا
اصافحك بحرارة عزيزي المحرر عزيزتي المحررة
اسعدت قلبي
الكلاب الفرنسية…القطط الفرنسية…شيء معروف: ترف و غنج و دلال…ما هو غير معروف لدى الكثير هو الكلاب العربية…ملايين الكلاب العربية: في المدن العربية، و في الفيافي العربية، و في السجون العربية، و في المخيمات العربية؛ لكن المشكلة هو أنها كلاب تلقى معاملة تخص فقط الكلاب العربية، و من كلاب عربية.
?صورة من حياة الصالحين?
يقول الإمام ابن النحوي رحمه الله :
حضرت مجلس سيدي إبن عطاء الله السكندري ذات يوم وهو يومئذ كبير الصوفية فى عصره ، فنظرت إليه متعجبا من علومه ،
فقلت فى نفسي :
ياترى الشيخ فى أي مقام من المقامات هو⁉
فنظر إلي الشيخ
و قطع حديثه .
وقال :
فى مقام المذنبين العاصين يا بن النحوي .
فعجبت من ذلك ، ولزمت الصمت من هيبته ثم سلمت عليه وانصرفت”
فرأيت فى تلك الليلة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مرتبة عالية ، والصحابة الكرام حوله والناس مجتمعون”
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أين تاج الدين بن عطاء الله❓❓
فقال :
نعم يا رسول الله”
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
تكلم فإن الله يحب كلامك
فتكلم والنبي ينصت إليه”
فإستيقظت” فجئت لسيدي ابن عطاء الله رضى الله عنه”
فسمعته يتكلم بما سمعته في الرؤيا أمام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم” فقلت فى نفسي والله هذا هو المقام”
فنظر إلي سيدي ابن عطاء الله السكندري”.
وقـال :
وما خفى عنك أعظم يا بن النحوي⁉‼