تبذل دولة إسرائيل، بكل أذرعها، جهوداً كبيرة في تشجيع استيطان المستوطنين اليهود في قلب الأحياء الفلسطينية في شرقي القدس. تعدّ دائرة الوصي العام في وزارة العدل إحدى السلطات الإبداعية وعديمة الحدود في هذا الجهد المتداخل. الوصي، المكلف بإدارة أملاك وأموال مالكين خاصين ليسوا معروفين من هم أو لا يمكنهم أن يديروا عقاراتهم بأنفسهم، أصبح ذراعاً تنفيذية لمنظمات المستوطنين.
منذ الثمانينيات والوصي العام يساعد المستوطنين في الاستيلاء على المنازل في سلوان، والشيخ جراح وفي أماكن أخرى. في 2018 كشفت “هآرتس” النقاب عن أن ملف شرقي القدس يديره حنانئيل غورفنكال، الناشط اليميني الذي أقام جمعية لتهويد القدس. بإدارته، شدد الوصي العام مساعي إخلاء عائلات فلسطينية ومساعدة منظمات المستوطنين. وكشف النقاب في الأسبوع الماضي عن نية الوصي العام إقامة حي “جفعات هشكيد”، وهو حي يضم 470 شقة، بمحاذاة حي بيت صفافا الفلسطيني.
في بيت صفافا ضائقة سكن عسيرة ونقص أراض للتطوير. ومع ذلك، يخطط لأن تكون “جفعات هشكيد” حياً يهودياً “منقطعاً عن أحياء قائمة”، كما كتب في وثائق التخطيط. وكشف نير حسون أول أمس في “هآرتس” بأنه فضلاً عن “جفعات هشكيد”، يعمل الوصي العام على بناء خمسة مجالات سكن لليهود داخل أحياء فلسطينية في شرقي المدينة أو بمحاذاتها – اثنان منها في بؤر الاحتكاك في شرقي القدس: في الشيخ جراح وقرب باب العامود. ويخطط للأخرى في بيت حنينا، وصور باهر ومجال واحد آخر في بيت صفافا، وكلها أحياء فلسطينية مكتظة تتوق إلى مجال مفتوح وشقق جديدة.
أدرج في الخطة أيضاً إخلاء العائلات الفلسطينية التي تسكن في الشيخ جراح منذ عشرات السنين. هذا العمل المبادر إليه شاذ في جملة أعمال الوصي العام في باقي مناطق البلاد، وهو ينضم إلى مساعدة جمة أخرى تقدمها الدائرة للمنظمات العاملة على تهويد شرقي القدس. يتربع على هذا العمل قانون تمييزي يسمح لليهود فقط بالمطالبة بممتلكاتهم التي تركت في 1948.
إن الهدف الأساس لحركة الاستيطان في شرقي القدس هو منع كل احتمال لاتفاق سياسي مستقبلي مع الفلسطينيين. وتشكل المستوطنات في هذه الأثناء أداة أخرى لقمع وإذلال الفلسطينيين سكان المدينة؛ فهي تمس بنسيج العلاقات التي بين السكان الفلسطينيين والدولة، وتزيد التوتر، وتسهم في رفع مستوى العنف.
على الوصي أن يتوقف عن أعمال البناء اليهودي في شرقي القدس، ويبحث كيف يمكن للممتلكات التي تحت إدارته أن تستخدم للتخطيط السليم وللتخفيف من حياة الفلسطينيين من سكان المدينة. وعلى وزير العدل جدعون ساعر، أن يأمر دائرة الوصي العام بالتركيز على الصلاحيات التي تقررت لها في القانون، وألا يشكل ذراعاً لمنظمات المستوطنين.
بقلم: أسرة التحرير
هآرتس 15/12/2021