الناصرة ـ ‘القدس العربي’ قبل عدة سنوات قام نائب الرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن، بزيارة رسمية إلى الدولة العبرية، وخلال الاجتماعات التي عقدها مع أقطاب دولة الاحتلال، تمت مناقشة موضوع البناء الإسرائيلي في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية المحتلة، ولكن بايدن فوجئ خلال الزيارة أن وزارة الداخلية الإسرائيلية أعلنت عن مناقصات للبناء في القدس المحتلة وهو في أوج زيارته واجتماعه مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الأمر الذي أدى إلى أزمة في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، ولكن إسرائيل المارقة بامتياز والمعربدة مع علامة الجودة لم تتورع عن إعادة نفس السيناريو مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الذي يعمل بدون كللٍ أوْ مللٍ من أجل تجديد ما يُطلق عليها العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فقد أفاد أمس موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنت (YNET) أنه في الوقت الذي كانت تجتمع فيه الوزيرة تسيبي لفني مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، في العاصمة الإيطالية روما، لبحث استئناف عملية السلام، كان وزير الأمن الإسرائيلي، الجنرال في الاحتياط، موشيه يعالون، يقوم بالتوقيع على بناء 296 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة (بيت ايل) في الضفة الغربية المحتلة، وأشار الموقع إلى أن يعالون صادق بصفته وزيرًا للأمن على المخطط الاستيطاني الذي تم إيداعه لاستكمال الخطوات التخطيطية، وهو المخطط الذي تم الاتفاق عليه بين حكومة نتنياهو السابقة وبين مستوطني (أولبانه) وتسنى بموجبه إخلاء المستوطنين من الشقق التي أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية بإخلائها في حينه. ولفتت المصادر في تل أبيب، بحسب الموقع، إلى أن إقرار المخطط المذكور يجيء وسط الحديث الذي تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، عن تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للوزير الأمريكي كيري بكبح جماح البناء في المستوطنات حتى أواسط حزيران (يونيو) القادم، وهو ما أثار زعماء المستوطنين ضد نتنياهو. وتابع الموقع الإخباري الإسرائيلي قائلاً إن الوزير يعالون، الذي التقى زعماء المستوطنين أمس الأول، أوضح لهم بشكل مرضٍ، أن تعاون الحكومة معهم سيتواصل ولا مجال للقلق. من جهتهم، أعرب زعماء المستوطنين عن أملهم بأن تكون هذه الخطوة بداية لموجة مصادقات على مخططات استيطانية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية والقدس. وكانت وزيرة القضاء الإسرائيلية، تسيبي لفني التي التقت كيري قد قالت أنه قادر على جلب الأمل في السلام.
جدير بالذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان قد قرر منع نشر أي عطاءات، لبناء وحدات سكنية جديدة، في مستوطنات الضفة الغربية والقدس المحتلة، قبل انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الدولة العبرية، بحسب ما أفادت صحيفة (معاريف) العبرية. وبحسبها قال قال نتانياهو للمسؤولين المعنيين إن هذا التعليق ليس تجميدًا للبناء في المستوطنات، وأن الهدف منه فقط عدم إحراج القادة السياسيين أثناء زيارة أوباما. وفي آذار(مارس) 2010 أثار إعلان إسرائيل عن مشروع بناء وحدات سكنية جديدة، في حي استيطاني بالقدس المحتلة، أثناء زيارة جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي لإسرائيل، أزمة حادة بين البلدين.
وساقت الصحيفة العبرية قائلةً إنه بناءً على التعليمات التي أصدرها ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي للمسؤولين المعنيين، في وزارتي الأمن والإسكان، لن ينشر أي استدراج عروض جديد للبناء في هذه المناطق (شرق القدس المحتلة والضفة الغربية) في الأسابيع القادمة، وأضافت أنه سيتم أيضا تأجيل كل الإجراءات الإدارية المتعلقة باستدراج العروض. ولم يعلق ديوان نتانياهو على هذه المعلومات. واستنادًا إلى القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، فإن المفاوض الذي كلفه نتانياهو إجراء المشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، كان قد أكد لحلفاء محتملين، على أن نتانياهو سيُعلن بعد تشكيل هذه الحكومة، تجميدا لكل مشاريع البناء خارج الكتل الاستيطانية الرئيسية. من جهته أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن زيارة رابعة سيقوم بها إلى المنطقة هذا العام، سيلتقي خلالها برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وذلك في 21 أو 22 من الشهر الجاري، وقال إن واشنطن تحاول إحياء محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية خلال فترة قصيرة. ومن المتوقع أن يلتقي كيري الذي أجرى محادثات مؤخرا مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وعرب بكل من نتنياهو وعباس بشكل منفصل. وقال كيري للصحافيين أعتقد أن من الإنصاف القول إننا نعمل لإنجاز القضايا الأولية وأننا نفعل ذلك بجدية أعتقد أن الوزيرة ليفني ستتفق معي في أنها لم تكن موجودة لفترة. وبالإضافة إلى محادثاته مع الفلسطينيين والإسرائيليين عمل كيري على حشد الدعم العربي للوقوف وراء عباس في أي تنازل قد يضطر لتقديمه وفي الوقت نفسه لمنح إسرائيل إمكانية عقد سلام أوسع مع العالم العربي. وحقق كيري انتصارًا دبلوماسيًا الأسبوع الماضي عندما أقرت الجامعة العربية إمكانية تبادل الإسرائيليين والفلسطينيين للأرض في أي اتفاق سلام بين الجانبين، الأمر الذي أثار حفيظة العديد من الفصائل الفلسطينية، خصوصًا وأن الإعلان تم في واشنطن بحضور وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي. من ناحيتها قالت الوزيرة ليفني قبل الاجتماع مع الوزير كيري في روما إننا موجودون حاليًا في خضم حالة من الجمود السياسي، لكن الجهود التي يبذلها الوزير كيري من شأنها أن تغير الواقع، وأن تجلب الأمل بإحلال السلام، على حد قولها، ورحبت ليفني مرة أُخرى بإعلان وفد الجامعة العربية في إثر اجتماعه بوزير الخارجية الأمريكية في واشنطن الثلاثاء الفائت، أن هذه الجامعة مستعدة للموافقة على إجراء تعديلات حدودية طفيفة على خطوط 1967 من خلال تبادل أراضٍ متفق عليها بين إسرائيل والفلسطينيين، وأكدت أنه ينطوي على أهمية كبيرة لأنه يدل على وجود تأييد لعملية السلام في العالم العربي. معربةً عن أملها بأن توفر الدول العربية الدعم المطلوب لعباس من أجل استئناف المفاوضات مع إسرائيل، مشيرة إلى أن دعماً كهذا سيشكل بالنسبة إلى إسرائيل دليلاً على أن السلام بينها وبين الفلسطينيين هو سلام مع العالم العربي كله، على حد تعبيرها.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية بشدة الموافقة الاسرائيلية على بناء وحدات استيطانية جديد حيث اعتبر المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، في تصريح صحافي القرار الاسرائيلي بأنه تخريب لعملية السلام وجهود الإدارة الأمريكية، خاصة جهود الرئيس أوباما وكيري الذي يتحرك بشكل مكثف بالمنطقة.
وأوضح ابو ردينة أن الرئاسة الفلسطينية تقرأ هذا القرار بأنه رسالة للإدارة الأمريكية وضرب لعملية السلام ضمن مخطط كان أبرز معالمه اقتحام المستوطنين الأربعاء للمسجد الأقصى المبارك.
وبين أبو ردينة أن الحكومة الإسرائيلية تهدف من وراء هذه القرارات جر المنطقة إلى العنف بدل السلام والاستقرار، وهذا يدلل على أن حكومة نتنياهو غير معنية نهائيا بإحلال السلام في المنطقة.
ومن جهته صرح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الخميس ان المصادقة على بناء وحدات سكنية استيطانية جديدة في مستوطنة بيت ايل هي محاولة ‘لتخريب’ جهود السلام الامريكية.
وقال عريقات في تصريح صحافي’ندين بشدة هذا القرار الاستيطاني الجديد وهذا دليل على رغبة الحكومة الاسرائيلية في تخريب وتدمير الجهود الامريكية لاحياء عملية السلام’، متابعا ‘هذه رسالة للادارة الامريكية وضرب لعملية السلام’، مضيفا ‘كل هذا قصده جر المنطقة الى العنف بدلا من السلام والاستقرار’.
ولكن تلك المواقف الفلسطينية يبدو بانها ليست في حسبان وزير الدفاع الاسرائيلي موشي يعلون الذي اعلن بان هناك خطة استيطانية ستنفذ في القدس الشرقية والضفة الغربية في المرحلة القادمة، وذلك على الرغم من نشر وسائل اعلام ومنظمة غير حكومية اسرائيلية مؤخرا انباء تفيد ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علق طلبات استدراج العروض لمساكن جديدة في المستوطنات من اجل اعطاء فرصة للولايات المتحدة لاطلاق المفاوضات مع الفلسطينيين المتوقفة منذ ايلول/سبتمبر 2010.