الناصرة- “القدس العربي”:
رفضت محكمة إسرائيلية استئناف الهيئة الإسلامية المنتخبة في يافا ومؤسسة ميزان لحقوق الإنسان داخل أراضي 48، وسمحت باستمرار أعمال النبش والتدنيس والبناء في أرض مقبرة الإسعاف الإسلامية في المدينة.
وبذلك صادقت المحكمة المركزية في تل أبيب على مشروع بلدية تل أبيب لبناء مركز تجاري ومبنى آخر خاص بإيواء المشردين على جماجم المسلمين في هذه المقبرة الفلسطينية التاريخية.
ليس هذا فحسب، بل فرضت المحكمة الإسرائيلية غرامة مالية بقيمة 4000 دولار على الهيئة الإسلامية المنتخبة، نصفها سيتم دفعه للبلدية والنصف الآخر لما تسمى “سلطة التطوير”.
وبهذا يتم إلغاء أمر وقف أعمال البناء الاحترازي الذي أصدرته المحكمة سابقا، وسيكون الآن بوسع بلدية تل أبيب مواصلة أعمال البناء داخل المقبرة وانتهاك قدسيتها، وهذا ما رفضه فلسطينيو الداخل وأهالي يافا وتظاهروا منذ شهر ونيف احتجاجا على تدنيس حرماتهم.
وعقّب المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس اليوم لدى زيارته لمدينة يافا يوم الثلاثاء، مع وفد من رجال الدين المسيحيين على قرار المحكمة الإسرائيلية بتأكيد رفضه رفضا قاطعا نبش مقبرة الإسعاف الإسلامية.
وقال حنا إن “هذا التصرف إنما هو عمل غير مسؤول ويعتبر استفزازا خطيرا لكافة مكونات شعبنا الفلسطيني لا سيما أن أولئك الذين يعملون على نبش مقبرة الإسعاف هم ذاتهم الذين نبشوا في الماضي مقابر مسيحية في مدينة يافا”.
وأعرب عن شجبه واستنكاره لما يخطط لمقبرة الإسعاف، وعبّر عن تضامنه مع مسؤولي الأوقاف الإسلامية في يافا، ووقوفه إلى “جانب إخوتنا وأبناء شعبنا في مدينة يافا والذين يتصدون لهذه السياسة العنصرية غير المقبولة وغير المبررة “.
وأكد أن استهداف مقبرة الإسعاف في يافا إنما يندرج في إطار ما يتعرض له الشعب الفلسطيني. وتابع: “كما يستهدف الأحياء يستهدف الأموات، ويبقى التهديد الأكبر والتحدي الأهم هو ما يحدث في مدينة القدس التي تتعرض لهجمة احتلالية شرسة غير مسبوقة بهدف طمس معالمها وتزوير تاريخها والنيل من هويتها. وكما يستهدف المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية، تستهدف أيضا أوقافنا المسيحية لا سيما في باب الخليل والتي يخطط المستوطنون للاستيلاء عليها عنوة عبر سماسرتهم وعملائهم ومرتزقتهم”.
يافا ” قد التحدّي”… ولن تنصفنا إلا سواعدنا
ونوه النائب عن “القائمة المشتركة” سامي أبو شحادة، أن “بلدية تل أبيب تريد أن تبني مكان المقبرة مأوى لمشردي الشوارع في يافا، وهذا رغم توفر آلاف الدونمات التابعة للبلدية، إلا أنها اختارت أوقافنا ونبش عظام موتانا لأجل ذلك”.
وداخل خيمة الاحتجاج المقامة بمحاذاة المقبرة، خاطب أبو شحادة المعتصمين: “بعدما استطاعت اللجنة الشعبية للدفاع عن مقبرة الإسعاف انتزاع قرار بوقف عمليات الجرف في المقبرة من خلال المحكمة المركزية، إلا أنها اليوم عادت لتتيح استمرار الجرف ونبش القبور واستمرار أعمال البناء، وهذا ما يؤكد أن المحاكم الإسرائيلية لا يعوّل عليها ولن تنصفنا وستستمر بإعطاء الشرعية للاحتلال والممارسات العنصرية”.
وأكد أبو شحادة مجددا أنه لا بديل عن الحراك الشعبي كونه الأساس في كل نضال يخوضه فلسطينيو الداخل. وأضاف: “لن ينصفنا أحد إن لم نتحرّك نحن لنحافظ على مقدساتنا ونحمي إرثنا التاريخي والوطني والديني في أرضنا. يافا موحدة دفاعا على الأوقاف والمقدسات، ولن نلين حتى وقف نبش مقبرة الإسعاف”.
وقال إن المقدسات وعقارات الأوقاف واللاجئين لم تنج من المخطط الإسرائيلي لتصفية الوجود الفلسطيني بعد النكبة، واستذكر قيام إسرائيل عام 1952 بوضع اليد على ممتلكات وعقارات المجلس الإسلامي الأعلى في فلسطين التاريخية.
يشار إلى أن الوقف الإسلامي الذي يتضمن آلاف العقارات ومئات آلاف الدونمات وعشرات المقابر والمساجد، نُقل إلى ما يسمى “حارس أملاك الغائبين”، وتتعرض غالبيته للتدنيس والانتهاك.
وطيلة سبعة عقود ونيف، حُرم الفلسطينيون في الداخل من التواصل مع تلك الممتلكات وصيانتها أو ترميمها، وعلى مر تلك عقود تمت المتاجرة بتلك العقارات والأملاك وبيعها بالمزاد العلني لشركات الاستثمار اليهودية.
وقبيل قرار المحكمة، أكد إمام مسجد حسن بيك في يافا، أن لبلدية تل أبيب سجلا حافلا في تدنيس المقابر ونبش القبور وبيع المقابر الفلسطينية لشركات استثمارية إسرائيلية، إذ دمرت مقبرة قرية الجماسين المهجرّة لتوسيع حي سكني لليهود بدعم من سلطة الآثار الإسرائيلية، كما بنت إدارة جامعة تل أبيب مساكن للطلبة فوق مقبرة قرية الشيخ مؤنس المهجرة، وكذا مقبرة عبد النبي التي سمحت البلدية ببناء فندق على أنقاضها، وما زالت القبور متناثرة من حوله ضمن ما تبقى من المقبرة.